بالتصرف
معانات الاطفال في العر اق قضية اجتماعية واقتصادية وأمنية خطيرة. ومن كلا الجنسين تراهم ينتشرون في الشوارع ويتسكعون فى الطرقات, إشكالهم متعبة أحوالهم مزرية وثيابهم رثة اتخذ البعض منهم الارصفة مناماً ومستقراً.
ويتصارعون مع الحرمان والنقص الكبير في الخدمات الصحية والتعليمية وسوء التغذية، نتيجة لتوالي الأزمات والحروب والصراعات الداخلية والفساد المستشري على نطاق واسع، والتي انعكست اثارها السلبية على براعم العراق وحولتهم إلى فريسة سهلة للإمراض أو التسول على قارعة الطرق، بينما عانى غيرهم من نقص التعليم والاستغلال والعمل ألقسري. حيث يقول احد الاطفال انه يحزن كثيراًعندما يشاهد مناظر الدمار في بغداد نتيجة التفجيرات، ويحمل السياسيين مسؤولية ما جرى في العراق نتيجة سياستهم الخاطئة التي اتبعوها في العراق. وتصف الكثير من المنظمات الدولية والمؤسسات الإنسانية وضع أطفال العراق بالمزرية حيث وصل عدد الأيتام بحسب آخر إحصاء حكومي إلى اكثر من مليونين ونصف المليون بينما تقول منظمة اليونيسف إن العدد ضعف ذلك، وحيث أن هؤلاء هم من ضحايا السياسة والحروب لا يرقى الاهتمام بهم ومتابعة أخبارهم إلى مستوى المشاكل التي يعانونها أو إلى اهتمام بها من قبل المسؤولين في الدولة وصانعي القرار،
ومما لاشك فيه ان شراسة الحروب زادت من دائرة المعانات بالذات منذ قرابة عام بجانب الازمات السياسية والامنية التي يعيشها العراق منذ عدة عقود من معاناة الاطفال في هذا البلد الذي يطفو على بحر من النفط والثروات الطبيعية، وكذلك الصراعات السياسية والطائفية والقبلية التي لا ينتج عنها تخريب مَعالم المدن فقط ، بل تتجلَّى بَشاعتها في تحطيم النفوس وتعكير المستقبل وإفساد أجيال لاحقةٍ برُمَّتها، والأطفال هم أكثرُ ضحايا تلك الماَسي ضياعاً وايذاً وتشتتاً ذلك لأنَّهم يَفقدون براءتهم الواقعيَّة، وتتشوَّه القيم الجماليَّة في أعينهم وهم يُشاهدون المناظر الرَّاعبة وهول المجازر الكارثيَّة،
اطفالنا اليوم يحلمون في العيش مثل اطفال العالم، كما يقول احدهم : (نريد ان نفرح ونلعب ونزور المتنزهات والحدائق العامة ودور السينما، ونريد ان نرقص ونغني) ، ومن حقهم أن يحلموا بوطن بحجم معاناتهم ، وطن يليق بدم الشهداء الذين سقطوا منذ ا الحروب الاولى إلى اليوم..
لذا ترى الكثير منهم يعيشون في ظل احلام كبيرة ينتظرون تحقيقها خلال السنوات الماضية ، وحرمته من العيش في ظروف طبيعية يعيشها اقرانه في دول العالم وخاصة بعد التغيير عام 2003 وما شاهدوه من مشاهد الحرب والعنف، في منازلهم أحيانا وفي شوارعهم أحيانا أخرى، فضلا عن انتشار امراض شائعة وغامضة نتيجة الاسلحة المحرمة التي استخدمت من تلك القوات في غزوها للبلاد وهذا لايعني انهم كانواحسن حظاً قبل التغيير ابداً ولكن الظروف اصبحت اكثر شراسةً. حيث يعاني الأطفال في العراق أكثر من غيرهم من تبعات الحرب ضد داعش التي فرضت نزوحا قسريا على مئات الآلاف منهم.
وقد فجرت الحروب لدى الأطفال – أزمةَ هُوية حادة؛ فالطفل لا يعرف لمن ينتمي؟ ولماذا يتعرَّض لهذه الآلام؟ أما الأطفال الأكبر (الفتيان) فيَجدون أنفسهم وقد أصبَحوا في موقف يرثى لها ؛ عليهم الدفاع عن أنفسهم وذَويهم، ولو عرَّضهم ذلك للخطر، وحتى إذا لم يَفعل الأطفالُ ذلك فإنَّهم يجدون أنفُسَهم في حالة من التشرُّد والفقر تفوق قدرتَهم على الاستيعاب؛ وافتقارهم التعبير عن المشاعر والرغبات واستعمال القوة في تصرفاتهم ، مما يُغذِّي مشاعرَ دفينةً تَظهر في مراحلَ متقدمة من أعمارهم في صور عصبيَّة وانطواء وتخلُّف دراسي، وغيرها من الأعراض.
إن أخطر آثار الحروب على الأطفال ليس ما يَظهر منهم وقتَ الحرب، بل ما يظهر لاحقًا في اجيال قادمة ممَّن ينجَوا من الحرب، وهم يحمَلوا معهم مشكلات نفسية لا حصر لها، تتوقف خطورتها على قدرة الأهل على مساعدة أطفالهم في تجاوز مَشاهد الحرب واثارها.
( ويركِّز علماء النفس والتربويُّون على الصدمة؛ كأكثرِ الآثار السلبية للحروب انتشارًا بين الأطفال، فغالبًا ما يصاحب الصدمةَ الخوفٌ المُزمن (فوبيا) من الأحداث والأشخاص والأشياء التي تُرافق وجودها مع الحرب وما تستعمل من ادوات تولد الخوف والرعب في نفوس الجميع ولكن الاطفال اكثر ضرراً منها حيث تبقى تعيش في نفوسهم مدى العمروهو ما يشاهد اثارها على وجوههم اليوم ).
( كما أعلنَت منظَّمة اليونيسيف قبل فترة أنَّ سنة 2014 كانت سنة مليئة بالرُّعب والخوف واليأس لملايين الأطفال؛ حيث إن النزاعاتِ المتزايدةَ عرَّضَتهم للعنف الشديد والآثار المترتبة عليه، والتجنيد الإجباري، والاستهداف المتعمَّد من قِبَل المجموعات المتحاربة الطائفية والعنصرية)
ومن هنا لابد من وضع استراتيجية لحل مشاكلهم و تبنى على محاور مهمة عديدة منها :-
الوقاية، الاعتماد على تطوير أساليب وبرامج وسياسات فاعلة بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات الدولة مثل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والجمعيات الخيرية بهدف الحد من انتشار الظواهر الشاذة للاسرة الدور الاهم في المتابعة اولاً باول ، والتعامل المباشر مع أسبابها والعوامل المرتبطة بنموها وتطورها.
اما طرق العلاج، يمكن ذلك من خلال تطوير أساليب الاتصال المباشر بهم وتوفير فرص العمل لهم . وتقديم خدمات الرعاية العاجلة لأطفال الفقراء والمحتاجين في الشارع.وانقاذهم من عواقب اجتماعية واقتصادية وانسانية وخيمة جراء الظروف الصعبة التي يعيشونها ، وغلق الابواب التي في الامكان تجنيدهم للقيام باعمال ارهابية من خلالها او توجههم لتعاطي المخدرات وغير ذلك من الظواهر السلبية.
تطوير الابنية المدرسية ذلك لخلق بيئة جاذبة للطلاب وجعل جميع العوائل مسؤولة عن التجاوب مع قانون التعليم الإلزامي وتطبيق مفراداته. ومتابعة تسربهم من المدارس ولا يأتي ذلك إلا بتظافر جهود جميع فئات المجتمع من التربويين في المدرسة واختيارالمعلمين الاكفاء والحريصين والتعاون مع المنظمات الإنسانية.