18 ديسمبر، 2024 9:10 م

 محنة الاسلام في فكر السيستاني وشيخ الازهر .. مقارنة موضوعية

 محنة الاسلام في فكر السيستاني وشيخ الازهر .. مقارنة موضوعية

ظهر علينا شيخ الازهر ” الدكتور” احمد الطيب بعد لقاءه برؤساء تحرير الصحف في القاهرة وبحضور نقيب الصحفيين المصريين ضياء رشوان بتصريح نشر في ( المصري اليوم ) وتناقلته بقية وسائل الاعلام مفاده ( ان الازهر لا يكفر الدواعش وانهم اهل قبلة ومن الناطقين بالشهادتين ).

ولم يُشر الى وجوب مكافحتهم لتخليص الاسلام منهم ومن تشويههم لسمعته. ربما لعدم رغبته لالحاق الاذى بالناس !، لهذا لقب بالطيب لانه ( طيب أوي ).

هذا هو رأي الازهر في الدواعش.

ومعلوم ان راي الامام السيد السيستاني مختلف تماماً، حيث افتى بوجوب محاربتهم وجوباً كفائياً الامر الذي لاقى تجاوباً كبيراً من قبل ابناء العراق الغيارى الذين هبوا للقضاء على هذا المرض الغريب.

ولسنا بحاجة الى محاججة السيستاني في رأيه هذا انما وجب على شيخ الازهر توضيح المستند الشرعي الذي استنبطه للوصول الى رأيه.

كما انني لا اعتقد بان الامر بحاجة الى متفقهين في الدين للرد على شيخ الازهر، فالاوليات الاساسية في الاسلم معروفة .

فمنها وعلى عجالة وباختصار، لايطاع الله من حيث يعصى. فاذا كان الدواعش يتوسلون بالولاء والبراء كما يدّعون فعليهم عدم نقض ولائهم بالبراءة من الاحكام الاسلامية المتفق عليها ومنها ما اكد عليه الاسلام بنصوصه المتفق عليها بما يهم التعامل مع الابوين ( ولا تقل لهما اف ) ( وبالوالدين احسانا ) ، وكذلك صون حرمات الناس وصون دم المسلم (من قتل نفس بغير نفس او فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعاً )، ( لا يجوز المثلة حتى في الكلب العقور ) .. وغيرها من الايات والاحاديث الشريفة.

وقد شاهد العالم اجمع كيفية مزاولة هذه العصابة لابشع انواع الجرائم التي لم تتعرف عليها البشرية من قبل كحرق الناس والتمثيل بهم احياء وتفخيخ الاطفال او طبخ لحمهم واكله في عملية خسيسة لم يشهد التاريخ لها نظيراً وترويع الملة الاسلامية دون تمييز بين سني وشيعي انما من خالفهم طريقتهم فهو عدو لهم وجب القضاء عليه. حتى وصل الامر بهم الى قتل ابائهم وامهاتهم هم دون رحمة او وازع من ضمير او مراعات لنص شرعي.

هذا ولم يراعوا باي حال السنة النبوية في حفاظها على اهل الذمة كما فعل (ص) بل تفننوا في تطهيرهم العرقي لهم وسبي نسائهم وبشكل ممتهن لا ينم الا عن تخلف على كل المستويات الاخلاقية والفكرية والاجتماعية فضلاً عن الاسلامية.

لهذا لا ينطبق أي وصف على هؤلاء الدواعش الا كونها عصابة من الوحوش التي لا تعرف لقوانين الارض ولا لاحكام السماء أي قيمة ولا همَّ لها الا اشباع رغباتها في سفك الدماء وانتهاك حرمات الناس والاستيلاء على الممتلكات والتلذذ بها وتحطيم بناء الدول والامعان في التخريب.

لقد كان المعول الاساسي لفضح هذه الحفنة المجرمة وتجريمها واخراجها من ملة الاسلام وبالتالي الدعوة للقضاء عليها قبل ان تقضي هي على كل الارث الاسلامي هم رجالات الدين. وهذا الامر يعد من اساسيات الواجب الديني الشرعي الملقى على عاتق هؤلاء حفاظاً على بيضة الاسلام وسمعته.

غير اننا نفاجاً برأي اكبر مؤسسة دينية سنية تدعم هذه العصابة وتقر بأسلاميتها، ولهذا ليس لنا بالتالي الا ان نصنف احمد الطيب كشخصية داعمة للارهاب بكل ما يترتب على ذلك من امور شرعية وقانونية واخلاقية.

هذا الحكم العقلي الموضوعي المستند على الادبيات القرآنية خصوصاً والاسلامية عموماً يعضده تماماً الاحكام القانونية التي صدرت وتصدر في كل البلدان المستقرة ومنها فقرة الارهاب في القانون العراقي المسمى ( 4 ) ارهاب، كون هذا القانون يشمل الارهابيين ومن يدعمهم ولا شك ان احمد الطيب هو من تشمله فقرة الاربعة ارهاب هنا كداعم اساسي لهم ومعترفاً بقيمتهم الاسلامية ومعضداً لهم مع الاسف الشديد.

ان الاحكام الاسلامية لا تجزأ، وان القاعدة الاسلامية الكبرى في الحكم متفق عليها وهي ( من يعلم يكن علمه حجةً عليه ) وهي اساس قانوني متبع حتى في القوانين الوضعية . فمعرفة الانسان بامر معين يكون حجة عليه باعتبارة عالم به مما يُجّوز هذا العلم بالشئ محاسبة المعني بالامر. ولكن من لا يعلم بامر معين فلا حجة عليه. هذه القاعدة هي اساس انبثاق القاعدة القانونية التي مفادها ( الاعتراف سيد الادلة ).

ولم يمر الاسلام طيلة الاربعة عشر قرناً من تاريخه بمحنة كمحنة الدواعش هذه وما خلفته من آثار ليس على البنية الفكرية للاسلام بل ستمتد في ظلالها لتنخر في مستقبل الجسد الاسلامي وسمعته بين الامم على المدى العقائدي والفكري والاجتماعي والسياسي والنفسي بل وحتى الاقتصادي.

ان موضوع الدواعش وظهوره في القرن الواحد والعشرين وفي عصر التطور العلمي وظهور الكثير من الامور الفكرية المتقدمة كنظرية صراع الحضارات وانبثاق الكثير من المنظمات الاقليمية والدولية المعنية بالافكار كمنظمة المؤتمر الاسلامي وجمعيات ما يسمى بعلماء الاسلام واتساع اشاعة التوجيه والتبليغ الديني مع اتساع وسائل الاعلام وسهولة التواصل لامر لايبعث الا على الاسى وشدة التعجب لوصول الامور الى هذا الحد المنحط الذي لم يكن في الحسبان قبل ظهوره على ارض الواقع وبهذه السرعة المفاجئة.

كان على ذوي الحل والعقد في الواقع الاسلامي وعلى راسهم رجالات الدين ان لا يهدأ لهم بال حتى يبحثوا في كل ما من شأنه ان يؤدي الى فهم وادراك نشوء هذه الظاهرة او بروزها بشكل غير مسبوق ومحاولة تلمس الاسباب الكامنة وراء قوتها وصولاً الى اعطاء تصورات ناجعة تحد من تفاقمها ومن شرورها ان لم تقضي عليها نهائياً حفاضاً لبيضة الاسلام ان كان لدينا كوادر اسلامية ترتقي الى هذا المستوى من المسؤولية الربانية فعلاً.

غير ان ما لاحظناه على نحو ما مر اعلاه مخيب للآمال بكل المقاييس ان لم يكن ضد التوقعات وعكس ما يتطلبه الموقف.

ولان الدواعش هم من الطائفة السنية حيث لم يثبت لحد الان ان شيعياً انتمى لهذه العصابة المنحرفة، كان المعول على رجال الدين السنة القيام بهذا العبء بتحرك تاريخي يعكس ثقلاً حقيقياً بناءً يستطيع الوقوف بوجه هكذا ظواهر مخجلة ومدمرة.

ومع استمرار هذه العصابة بتنفيذ اجندتها المرسومة لها نرى رجال الدين المعول عليهم هؤلاء ينزلقون في الدفاع عن هذه العصابة بشكل صريح كما يفعل القرضاوي وبشكل مبطن وشيخ الازهر ” الدكتور” احمد الطيب وامثاله.

لكن من الواضح لدى الجميع ان الاسباب الكامنة وراء ظهور هذه العصابة المجرمة هي القوى المستفيدة منها بشكل مباشر بعد ان شعرت بتهديد وجودها بعد نمو القوة الايرانية التي تراها المتحدي الاكبر والخطر الحقيقي كما تتصور هي المهدد لوجودها وهي بالخصوص دول الخليج وعلى راسهم بنو سعود كونهم حكومات عائلية بالوراثة لا تستند على قوة ديمقراطية راسخة منبثقة من ارادة الشعب بشكل قانوني متين يستند على ما نصت عليه كل قوانين حقوق الانسان وكذلك الكيان الصهيوني بالتاكيد ويتضامن معهم الاترك والامريكان الداعم الاساسي لهم فهم المستفيدون من المخططات التخريبية في الشرق الاوسط لاسباب لا يجهلها العارف باحوال وتاريخ المنطقة وكذلك الكيان الاردني الذي يسهّل لهم هذه الامور حفاظاً على مصالحه وبقاءه آمناً الى جنب الكيان الصهيوني لذا نلحظ قوة الدينار الاردني رغم فقر موارد هذا البلد وعدم تدهوره كما هو الحال بالنسبة للعملة الايرانية نتيجة المؤامرة الاقتصادية التي تواجهها ايران كفاتورة تدفعها ثمناً لمواقفها .

والله تعالى من وراء القصد.