23 ديسمبر، 2024 12:55 ص

محنة الإمام الحسن مع الرموز والنخب

محنة الإمام الحسن مع الرموز والنخب

القيادة ابتلاء للقائد، فقد يبتلي القائد بأتباع لا يتفاعلون معه، ولكن أشد ما يُبتلى به القائد والمصلح هما الرموز والنخب، وهذا الابتلاء وهذه المحنة أكثر ما ظهرت مع شخص وعانى منها هو الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام).
فقد كان سبب محنة الإمام الحسن (عليه السلام) وسبب صلحه مع معاوية هما الرموز والنخب بالدرجة الأولى، وكان دورهما السلبي يتنوع ما بين الخيانة بسبب الواجهة والمنصب والمال والخوف وما بين عدم الفهم لخطوات القائد وأهدافه وعدم استيعاب حركته.
والشواهد على ذلك سردها لنا التاريخ فخيانة الرموز يدلل عليها موقف عبيد الله بن عباس قائد الجيش، حيث اتصل به معاوية وأخبره أن الإمام الحسن راسله وأنه سيسلم له الأمر ومناه بألف ألف من الدراهم فالتحق بجيش معاوية ويا ليته ذهب لوحده بل أخذ معه ثمانية آلاف من الجند فأصبح الجيش بلا قيادة.
ومنها أيضاً إعلان زياد بن أبيه ولاءه لمعاوية بعد أن ادعى معاوية أن زياداً أخوه من أبي سفيان، وهذا يُظهر لنا خيانة القيادات العسكرية.
وأيضاً موقف زعيم ربيعة والذي طلب منه الإمام ومن همدان أن يدفعوا الناس عنه فإذا به يخون هو وعشيرته ويبايعون معاوية ويتركون جيش الإمام الحسن (عليه السلام).
وكذلك موقف أحدهم الذي طلب من عمه أن يُسلم الإمام الحسن (عليه السلام) إلى معاوية بن أبي سفيان.
أما موقف النخب فيظهر لنا جلياً بعدم إدراكهم لأهداف الإمام الحسن (عليه السلام) من خلال تلك الحوادث التي يرويها لنا الرواة ومنها ما وصف بها أحد المقربين الإمام الحسن بأنه مُذل الشيعة.
وهكذا نرى أن المواقف نفسها تتكرر مع كل المصلحين عند قيادتهم للناس أو خروجهم للإصلاح، وهذا يعود إلى أن حقيقة هذه المواقف تمثل ذلك الصراع القديم الحديث المستمر منذ بدء الخليقة بين الشر والخير وبين الحق والباطل وكما أشار أحد العلماء عند تناوله صلح الإمام الحسن (عليه السلام) بقوله: (فلو راجعنا صفحات التاريخ لوجدنا نفس الصراع والعداء لكن بأساليب تتناسب مع العصر والوسائل الموفرة في ذلك الزمان، فعلينا أن نكيف أنفسنا مع كل ظرف ووسيلة وقدوتنا في ذلك أئمتنا (عليهم السلام) حيث نراهم جابهوا وتصدوا للكفر بأساليب مختلفة كل حسب ظرفه وعصره ولكن جهادهم يصب في هدف واحد هو رقي الإنسانية والوصول بها إلى الحياة الحرة الكريمة والأخلاق السامية والفوز بالجنان والحياة السعيدة في الآخرة بعد رضوان الله تعالى).
فعلينا أن نركز على معرفة الحق لنعلن مواقفنا بعيداً عن موقف هذا الرمز أو ذاك، وبعيداً عن العاطفة امتثالاً لقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) (اعرف الحق تعرف أهله واعرف الباطل تعرف أهله … إنّ الحق لا يُعرف بالرجال‏ وإنّما يُعرف الرجال بالحقّ