22 ديسمبر، 2024 2:20 م

محمد مهدي صالح الراوي.. لم يسرق.. لم يقتل.. ديمقراطية امريكا بالعراق تسجنه 10 سنوات مليئة بالقهر والاضطهاد والاستجوابات

محمد مهدي صالح الراوي.. لم يسرق.. لم يقتل.. ديمقراطية امريكا بالعراق تسجنه 10 سنوات مليئة بالقهر والاضطهاد والاستجوابات

ـ هادئ.. متزن.. ذكي.. متميزا منذ شبابه.. دماثة الخلق.. التواضع.. نزيه.. كان مهذبا.. ومؤدبا.. صادقاً.. اميناً.. ومحترماً.

ـ يحب عمله ويبذل جهودا كبيره من اجل انجاز ما مكلف به محترم!!

السيرة والتكوين:

ـ محمد مهدي صالح الراوي.. من عشيرة السواهيك.. ولد في مدينة راوه.. في 26 حزيران / يونيو / العام 1947

ـ أكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة والثانوية فيها.

ـ درس قسم الجغرافية بكلية التربية.. جامعة بغداد / العام / 1964.

ـ حصل على شهادة البكالوريوس في الجغرافية 1967.

ـ مارس التعليم.. فعمل مدرساً في ثانوية الكفل.. بمحافظة بابل العام 1971.. وفِي ثانوية المسيب في العامين 1972 و1973.

ـ العام 1973 التحق بالدراسات العليا في مركز التخطيط الحضري والاقليمي.. بجامعة بغداد وحصل على شهادة الماجستير العام /1974.

ـ حصل على الدكتوراه من جامعة مانشستر العام 1978 ببريطانيا.

ـ مديرا عاماً في وزارة التخطيط.. العام 1980.

ـ استاذاً زائراً في جامعة قطر / العام 1980. كخبير في التخطيط.

ـ العام 1980 حصل الدكتور محمد مهدي صالح.. على لقب زميل معهد التنمية الاقتصادية بالبنك الدولي بعد مشاركته في دورة متخصصة عن التنمية الزراعية والتطوير الريفي.

ـ استاذا في معهد التخطيط القومي ببغداد / للعامين 1980 و1981 .

ـ العام 1981 إلى العام 1985 تولى تدريس طلبة الماجستير في التخطيط الحضري والإقليمي بجامعة بغداد.

ـ العام 1981عمل في ديوان رئاسة الجمهورية مستشارا للشؤون الاقتصادية.

ـ العام 1982 عين رئيساً للدائرة الاقتصادية في ديوان الرئاسة.. حتى العام / 1987

ـ تولى مهمة رئاسة الجانب العراقي في اللجان المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري والفني مع الولايات المتحدة الأمريكية.. بريطانيا.. الاتحاد السوفيتي (ثم روسيا الاتحادية)، الصين.. اليابان.. البرازيل.. الارجنتين.. زامبيا.. إيطاليا.. فيتنام.. إندونيسيا.. الباكستان.. إيران.. ومعظم الدول العربية: الأردن.. مصر.. السعودية.. قطر.. الامارات.. المغرب.. تونس.. وسورية.

ـ العام 1986 ترأس لجنة لمعالجة استيعاب الوجبة الأولى من موجة التعليم الإلزامي.

ـ وتم إقرار إنشاء خمس جامعات مع تهيئة تنفيذها في العام نفسه.. هي جامعات: الكوفة.. بابل.. القادسية.. الانبار.. وتكريت.

ـ ممثل العراق في المجلس الاقتصادي والاجتماعي للجامعة العربية.. وفي مجلس الوحدة الاقتصادية العربية.. للمدة من العام 1987 إلى العام 2003

ـ أسندت إليه وزارة المالية.. منتصف العام 1989 حتى 1991.. إضافة إلى وظيفته وزيراً للتجارة ليتولى إدارة وزارتين في آن واحد.

ـ أصبح عضواً في مجلس إدارة صندوق النقد الدولي.. للمدة التي شغلها وزيراً للمالية.

ازمة معجون الطماطة:

ـ عاش العراق ازمة مستديمة لمعجون الطماطم.. فالعراق على طول السنة لا ينتج الطماطة.. بل زراعتها موسمية.

ـ كما ان استيراد الطماطة قليلاً جداً.. وتشتريه العوائل الغنية.. فالغالبية العظمى تتحول لصناعة معجون الطماطم في البيوت على الطريقة البدائية.. خلال موسم الطماطم لرخص اسعارها.

ـ المعروف ان الدولة استطاعت حتى اواسط السبعينيات.. من اعادة المفصولين.. وتعين غالبية البعثيين.. والخريجين.

ـ ومع تأميم النفط .. وفورة اسعار النفط.. والكثير من النساء عينوا في الوظائف العامة (موظفات وعاملات).. فالماكنة الصناعية في العراق توسعت ونشطت.

ـ وهكذا لم تعد غالبية الاسر العراقية من عمل معجون الطماطم في البيوت.

ـ توسعت ازمة معجون الطماطة بشكل كبير.. حتى انني (د .هادي حسن عليوي ـ كاتب هذه المقالة).. كنتُ في العام 1980 المستشار الصحفي العراق في روما تفاجأتُ وانا اودع اللجنة الاقتصادية في مجلس الوزراء.. في مطار فيوميتشينو في العاصمة الايطالية روما.. بعد زيارة عمل لإيطاليا.. ان اشاهد رئيس اللجنة الاقتصادية هذه (لميس قاسم حمودي).. ومعها صندوقين طماطم طازجة اشترتها من الاسواق في روما.. لتأخذها الى بغداد.. تصوروا (گبر الازمة)!

ـ كانت الاسرة العراقية حتى منتصف السبعينيات دخلها محدود.. مما يحد من شرائها اليومي للطماطم.. او معجونا المستورد الغالي السعر.. كما ان الحكومة المسيطرة على الاستيراد تستورد قليلا.. او حتى لم تستورد.

ـ وعندما نجح الصديق عبد الوهاب محمود الصباغ في بناء بيوت زجاجية وانتجت الطماطم.. استؤزر على اثرها وزيراً للري.. العام 1977.

محمد الراوي .. ومعجون الطماطم:

ـ نشر الدكتور محمد الراوي مقالة في جريدة الجمهورية.. يوكد فيها ان حل مشكلة معجون الطماطم.. هي في عودة العائلة العراقية لصناعة المعجون كالسابق في البيوت.. وبعد ايام ظهر في برنامج تلفزيون.. اكد نفس هذه الفكرة.. ودعا الامهات عمل معجون الطماطم في البيوت.. وكرر على الامهات عمل معجون الطماطم في البيوت.. كما كانت امهاتنا تصنعه.. وبالتالي سيكون هناك اكتفاء ذاتي لكل عائلة.. وتنتهي الازمة.. (انتهى كلام الدكتور محمد مهدي صالح)!!

ـ واصبحت دعوة الراوي نكتة الموسم.. واي شاب يلتقي صديقه.. يسأله: “ها امك سوت معجون طماطم”.. ويبدأ الضحك.

ـ بالمقابل استحسن الرئيس صدام حسين الفكرة.. وفوراً صدر في 4 اب / اغسطس / العام 1987 قراراً بتعين محمد الراوي وزيرا للتجارة !!

ـ ومضت الشهور.. لكن ازمة معجون الطماطم استمرت ولم تتوقف.. ولم تستجيب الاسر لدعوته.. فالزمن تغير.. والمرأة لم يعد لها الوقت لعمل معجون الطماطم.

ـ وربً ضارة نافعة.. فقد فرض الحصار الاقتصادي على العراق العام 1991 .. وتحملت وزارة التجارة توفير الطعام للشعب من خلال البطاقة التموينية.

وهنا نجح الراوي في توفير الحصة التموينية بمواعيدها في احلك الظروف.. وفي مواعيدها المحددة كل شهر.. دون تأخير !! ولا ننسى فيها معجون طماطة.

ـ وهكذا استمر في منصبه حتى الاحتلال الاميركي للعراق في 9 نيسان 2003.

ـ صحيح ان البطاقة التموينية في عهده ذات موادا عديدة تصل الى 15 مادة.. من حليب الاطفال.. الى الرز.. والطحين.. والسم.. والسكر.. والشاي.. والبقوليات.

ـ حتى ان كثرة من الاسر والعوائل كانت تبيع الفائض عن حاجتها لتنتفع من ايراداتها في مجالات اخرى.

ـ ويتذكر المواطنون.. عند ذهابهم الى الاسواق المركزية.. يجدون البائعات النسوة يفترشن الارض.. امام ابواب الاسواق المركزية.. يبيعن مواد الحصة التموينية!!

ـ بقي أن نقول: ان البعض لأغراض المديح.. او دون دراية.. يحاول تسويقها بالقول.. كانت الحصة التموينية.. من اجود انواع المواد الغذائية!!

ـ الحقيقة: بالمقابل كانت مواد من الدرجة الثانية.. لكنها تؤكل.. فلا يوجد غيرها.

ـ كما ان العراقيين.. في ظروف الازمات استلموا حصصاً غير قابلة للاستهلاك الادمي.. فالزر مخلوط معه (نوى التمر) المطحون.. والطحين مخلوط معه براز الدجاج (ذروك الدجاج ).. مطحون.

ـ وزيت الراعي.. الاصفر القاني.. ذو الرائحة الزكية.. تحول لونه من اصفر الى اسمر.. ورائحته زفرة.

ـ المهم: بعد التوقيع على برنامج الغذاء والدواء مقابل النفط العام.. الذي بدأ تنفيذ برنامج النفط مقابل الغذاء بنهاية العام 1996.. تحسنت نوعية الحصة التموينية.

ـ بقي أن نقول.. ان الجوع الذي ضرب بالشعب العراقي.. جعل البعض يجازف في حياته.. فالكثير من الأسماء كانت مكررة ومزورة.. والجميع لديهم بطاقة الحصة التموينية..

ـ وعندما سألته ذات مرة.. هذه الأسماء مكررة؟ نظر إليّ نظرة عميقة.. وقال: “وعلى افتراض أن أوراقهم صحيحة.. كيف نحرمهم من الغذاء؟.. ولربما كانت هناك التباسات في صحة أوراقهم؟.

ـ تمايز المواطنين في الحصة التموينية:

ـ لم يكن العراقيون متساوون في الحصة التموينية.. من حيث: مفرداتها.. ونوعيتها.. وعددها.

ـ وعدم المساواة بقرارات عليا.. فالقيادات الحزبية حصتها التموينية تختلف تماماً عن حصة المواطن.. كما ان الوزراء لهم حصة تموينية خاصة.. كذلك قيادة الدولة.

ـ أما الكمية فتمنح القيادات العليا كميات لا تصدق.. فعلى سبيل المثال لا الحصر يستلم عزة الدوري (400) حصة تموينية.

الله!!

ـ أعتقد أنه يوزعها لمريديه.. كبقية القيادة!!

ـ دراساته ومؤلفاته:

ـ له دراسات وبحوث عديدة في مجالات: الاقتصاد.. والتجارة.. والتنمية ..من هذه الدراسات دراسة بعنوان:

ـ (حول أهمية التنمية المكانية الشاملة والمتوازنة في الوطن العربي.. صدرت ببغداد / العام 1981.

ـ كثيرا ما كان ولايزال يحضر المؤتمرات العلمية.. ومن المؤتمرات الاخيرة التي حضرها وحاضر فيها كعضو ضيف وبدعوة خاصة عن (أهمية الشرق الأوسط كمنطقة حيوية في مستقبل الصناعات الحديثة).

ـ أصبح عميداً لوزراء الاقتصاد والتجارة العرب في العام 2001 بعد تقاعد وزير الاقتصاد السوري الدكتور محمد العمادي.. الذي احتفظ باللقب مدة طويلة بصفته أقدم وزير في المجلسين المذكورين.

محمد مهدي صالح.. بعد 2003

ـ قبل احتلال العراق.. كان الدكتور محمد مهدي صالح من بين أركان النظام العراقي.. الذين استهدفتهم وزارة الدفاع الأمريكية.. إذ أدرجت اسمه ضمن قائمة الـ 55 المطلوبين إليها بتهمة أسلحة الدمار الشامل.. حيث كان تسلسله 35 في قائمة بطاقات لعب العراقيين الأكثر طلبا.

ـ اعتقلته القوات الأمريكية في 23 نيسان / أبريل / العام 2003.

ـ حقق الامريكان معه في كل شيء.. فلم يجدوا شيئا يسجلوه عليه.

ـ كان أول سؤال معه:

ـ كانت دهشة الامريكان في 9 نيسان 2003.. عندما وجدوا مخازن وزارة التجارة في منطقتي الدباش وابو غريب مليئة بالمواد الغذائية.. التي كانت تكفي العراق لستة اشهر قادمة.

ـ فسأله المحققون الامريكيون كيف صنعت ذلك؟ فرد عليهم بالعزيمة والايثار والتضحية.. وقال لهم أيضاً: ان العراقيين شعباً.. وموظفين.. ووكلاء توزيع.. تعاونوا مع أجهزة وزارته.. وكانت النتيجة خيراً.. عمً الجميع وأرضى الجميع!!

ـ بقيً في المعتقل حتى 19 اذار / مارس / العام / 2012 حين اطلق سراحه.. بدون أن تسجل عليه أية شائبة.

ـ يعتبر صالح أول شخصية يرفع الحظر عنها.

الرواي.. أين الان؟

ـ استاذ في الجامعة الاردنية:

ـ يقيم حالياً في الأردن.. ويعمل أستاذا في الجامعة الأردنية، في كلية الأمير الحسين بن عبد الله الثاني للدراسات الدولية.

ـ ويشغل منصب ممثل قسم التنمية الدولية في مجلس الكلية.. علما أنه بدرجة أستاذ مساعد

ـ كما شارك في مؤتمرات دولية عدة ممثلاً عن الجامعة الأردنية في بحوث أعدها وقبلتها المؤتمرات.. التي شارك فيها.. منها:

ـ المؤتمر الدولي للصناعات الحديثة ٢٠١٩ ..الذي انعقد في مدينة تشانكشا في الصين للفترة ١٣-١٦ أيار 2019 والذي شارك فيه قرابة (400) شخصية من مخلف دول العالم منهم عدد من رؤوساء الوزراء السابقين كالفرنسي والياباني والاسترالي.. وعدد من كبار المسؤولين في الحكومة الصينة. وعدد من رؤوساء الجامعات المرموقة دوليا وعدد من الاقتصاديين المرموقين دوليا وعدد من رؤوساء الشركات الصناعية الكبرى.

ـ بمناسبة اطلاق سراحه..

ـ كتب عنه الصحفي العراقي الراحل صبري الربيعي.. بمناسبة إطلاق سراحه من معتقله.. يقول:

“هذا الرجل عرفته عن قرب.. يوم كان وزيراً مالئا لكرسيه الوزاري.

ـ كان يمضي في مخازن (البطاقة التموينية) أكثر مما يمضي في مكتب الوزير.. ولطالما شاهدته في تلك المخازن يتغبر بالأتربة.. ويستريح جالساً على الأكياس المليئة بالحبوب.

ـ كان يعرف كم هو وزن (تنكة) الدهن.. وأي عدد من المواطنين تكفي؟.

ـ هذا الرجل الذي شكل خلية من الموظفين المسؤولين عن (البطاقة التموينية).. الذين قلت في نفسي وأنا أتابع عملهم.. ذات مرة: (إن الله يحب العراقيين إذ قيض لهم مثل هؤلاء الموظفين).. ومسؤولهم المرحوم علي موسى.. الذي شاهدته ليل أحد الأيام ينام على أريكة في مكتبه من أجل متابعة وصول مواد أساسية في البطاقة التموينية”.

ارادة الاعداء:

ـ يتابع: “محمد مهدي صالح.. حمى العراقيين من جوع أراده أعداء العراق للعراقيين من خلال جريمة الحصار الاقتصادي.. لقد جال دول العالم.. وانتزع من الكثير من الشركات المستغلة لمثل ظروف العراق.. آنذاك..

ـ لقمة الشعب العراقي.. هنيئة مريئة.. الا من بعض الالتواءات في توفير مواد ثانوية محدودة.

ويقول الربيعي: “هذا الرجل كان وزيراً في عهد صدام حسين، الذي كانت فيه للدولة مهابة.. لكنه لم يتعال أو يحاول إظهار نفسه بما لا يليق برجل كريم المحتد والأصول.. لقد كان بإمكان وزير التجارة أن يذهب إلى المستوصف الرئاسي.. الا أني شاهدته.. ذات مرة.. في المستوصف الحكومي في (حي الجامعة) يعالج أسنانه! وعندما أكرس هذه السطور للاحتفاء بحرية د. محمد مهدي صالح.. فأني أحتفي بتأريخ رجل له من النظافة الشيء الكثير.. نظافة اليد واللسان وعفة السلوك والأفق الفكري البعيد!”

نزاهته:

ـ كبقية وزراء العهد السابق.. كان غالبيتهم العظمى.. نزيهون.

– فلم تسجل بحقه اية اتهامات كونه تقاضى: رشاوى.. او عمولات.

ـ لم يثبت تملكه قصوراً.. او منتجعات.. او شركات داخل او خارج العراق.

ـ لم يتمتع بالجنسية البريطانية.

ـ مجلس الامن الدولي يرفع العقوبات عن محمد مهدي صالح

ـ وافقت لجنة مجلس الأمن الخاصة بالعراق في الامم المتحدة.. في 12 كانون الاول / ديسمبر / العام 2020 على حذف اسم وزير التجارة العراقي الاسبق محمد مهدي صالح.. من قائمة العقوبات.

ـ رفع الحظر عن اموال وممتلكات الوزير العراقي المقيم في الأردن محمد مهدي صالح.. اعتباراً من يوم الجمعة ١١ كانون الأول / ديسمبر / العام ٢٠٢٠ .