22 نوفمبر، 2024 11:11 م
Search
Close this search box.

محمد عمارة ..فداحة الخسارة !

محمد عمارة ..فداحة الخسارة !

قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يُبْقِ عالمًا اتَّخذ الناس رؤوسًا جهالاً، فسُئِلوا فأفتوا بغير علم؛ فضلوا وأضلوا))؛ متفق عليه.
قبض اليوم رجل من هؤلاء ،رجل لايعرف حجم خسارته الا من تتبع اثاره وماثوراته ،،رجل متزن الفكر رصين التفكير دائم التفكر ..تلحظ ذلك سريعا من مؤلفاته ومحاضراته وحواراته ومايقول ..رجل عميق الايمان رابط الجنان ،صبور في مقارعة الاقران ..تلحظ ذلك مما يرد ولما تعقل مايقوله خصومه الموغلين في التخريب لدين الله واحكامه وكيف يرد عليهم بصبر لايكاد يطيقه من فهم سطح الدين وقشر العقيدة فكيف برجل تشرب العقيدة المعتدلة تشربا وتمسك بالايمان السليم تمسكا وتبع اثار السلف الصالح ومنهج عقلاء المسلمين وجمهورهم الذي مااجتمع على خطأ..
هذا رجل من بقية قليلة من الرجال من طرازه ، فقده المسلمون اليوم ،المسلمون الذين يغارون على دينهم , ويبرون في يمينهم , ولايترددون في يقينهم. المسلمون الذين اكتفوا به مدافعا يصد الهجمات , ويرد الادعاءات ويلجم الببغاوات.
الدكتور محمد عمارة،يقين عميق وفكر دقيق ولسان طليق ..اقرا ماكتب وستعرف شانه وشأوه..ستعلم انك امام ركن من اركان الذود والصد والعلم والحجة الدامغة افتقر لها عصرنا وقل ان يجود بها دهرنا .الف وصنف وجادل وناظر , واورد واصدر وأُبعِد وتصدر واحكم علمه من كل مشرب ومصدر.
كان عمارة عمارةٌ في مقابل الهدم ، ومنارة ٌفي دياجي العتم ،عصر كان “القابض على دينه كالقابض على جمرة من النار” فكان القابض عليه والممسك به بكلتي يديه ، حتى افنى شبابه وغزا البياض عارضيه.
الرجل ألجمَ بعلمه المتنطعين والمارقين من الدين كما وضع حدا لمناظريه من الملحدين والمنكرين ..كتبه تشهد بذلك ومحاضراته ، وندواته ومؤتمراته ،وحواراته ومناضراته. اذا اردت ان تستقي علما شرعيا عقديا لكاتب ومفكر معاصر يداني في منزلته وعلمه علماء العصور واعلام الدهور ..تفهم منه صحيح الدين وواضح اليقين فعليك بمحمد عمارة.
الرجل الذي اسعدني الحظ بعد ان نزلت بمصر بقليل من مجالسته ومذاكرته وبكثير من متابعته ومعاصرته ،ولم يسعفني بطويل مخالطته والنيل من عظيم نتاج قلمه وحافظته .فكنا في اروقة الازهر اذ نعي وطاف صوت الناعي على مسامعنا في كل المنابر وتوقف الاساتذة والشيوخ عن الدرس حزنا واجلالا لقامته ، فكنت حزينا عندما اكرمني الله بحضور جنازته . جعلك الله في سفر الخالدين وفي جنة النبيين فقد قبض من العلم اليوم ركن متين.
——————
كتبت ونشرت في مصر السبت 29شباط وكان توفي الفقيد في الجمعة قبله بعد مرض قصير جدا ،وشيعت جنازته من مسجد الحمد في التجمع الخامس ،الى مثواه الاخير في قريته في كفر الشيخ بعد ان اوصى باكمال مشاريعه الفكرية وقال لاولاده واحفاده انا احبكم وراض عنكم .اللهم ارض عنه وتقبله.

أحدث المقالات