23 ديسمبر، 2024 3:25 ص

محمد علي وعمليات بغداد / تحت سماء الجحيم-4

محمد علي وعمليات بغداد / تحت سماء الجحيم-4

“افضل مزايا القادة، برودة الاعصاب” نابليون بونابرت
(1)
محمد علي شاب جميل حنطي- اسمر طويل رشيق جدا بشوش – متانق دائما خفيض الصوت لايغضب بسهولة- ولايكف عن الكلام ويحتفظ بقصص مهمة مرت من زمان-  عمره الان 28 عاما, عمل جنديا في الجيش عام 2004 وكان عمره سبعة عشر عاما ( وتطوعه وسيرة حياته فيها الكثير من الطرف والماثر والبطولات(  وتنقل بين الفرقة 8 لواء 3- ثم فوج مغاوير –ثم الاستخبارات وحاول ان ينتقل لدورة لقوات مكافحة الارهاب هربا من المغاوير ولكنه ادرك لصعوبة الدورة التي لاتصدق – انه كان مثل المستجير بالنار من الرمضاء- وتمكن من التملص من تلك الدورة  وعاد للمغاوير واشترك في صولة الفرسان وجرح فيها وتمت ازاحته من التكريم بخيطين لصالح احد مراسلي القادة!!!- ,ومازال في الجيش صامدا صمود نخيل العراق وجباله- مهما مرت الازمات والملمات لن تجده غير بشوش باسم كل شيء عنده غير معقد.
يمتلك محمد علي سيارة تكسي سايبا اراد ان يبيعها  فتكاتب مع احد المشترين في مكتب خاص, وفي يوم 17/9/2014 اراد تصديق المكاتبة- كالعادة –عند مرور زيونة – فلما قراوا  اسمه محمد علي, كتبوا على المعاملة – مراجعة عمليات بغداد – لانه مشتبه به!!…
انقلبت اوضاع محمد علي راسا على عقب وراح يرتجف من شدة الخوف…وخشى ان يسجنوه في ظروف قاسية وحتى يتم اثبات براءته يكون قد ودع العافية…
اتجه –كعادة كل عراقي- الى اقرباءه وذهب الى عمه وهو ضابط كبير في احد الاجهزة الامنية ل(خطورة الموضوع!) وقال له عمه ساذهب معك الى عمليات بغداد.
في اليوم التالي يوم 18/9/2014 الخميس ذهب محمد علي الى بيت عمه ولم يجده فوجد ابن عمه وهو منتسب كذلك للقوات الامنية  واخذه معه وهو يرتجف خوفا- اتجه الى عمليات بغداد في نهاية شارع الكندي تحت الجسر في الحارثية  وهناك راى جمعا كبيرا من الناس…قدم للمسؤول ورقة العقد وملاحظة المرور فقال له ” وين تاييد السكن” قال لهم ماعندي قال “روح جيب التاييد” وهنا شعر بارتياح بسيط لانهم لم يعتقلوه!!.. ذهب بسرعة مع ابن عمه وجلب تاييد سكن (يعتمد استخراجه على بطاقة السكن)!!!… وعاد لهم فادخلوه وبدا التحقيق من قبل ملازم اول في استخبارات العمليات مع اخرين واستمر التحقيق حوالي الساعة –
دخل ومن شدة ذعره اخرج محمد هويته العسكرية عساها تنفع في اليوم الاسود,
نظروا له بازدراء وقالوا له هاي ضمهه (اخفيهه)  لاطلعهه علينا…..
انت الان متهم ولن تنفعك أي هوية
قال لهم بمزيج من المزاح والذعر وهو يضحك ” المتهم بريء حتى تثبت ادانته”
قالوا له  ببرود ” ذني سوالفك مو علينه شوف لك واحد غيرنه”… زاد ذلك من توتره….
وكل فترة قليلة  كان الضابط يكرر عليه شسمك –هل انت محمد علي –وكان محمد يضحك “لعد منو” وامك هيه فلانه الفلاني ” نعم” –قال الضابط “متاكد- قال  محمد ” والله ماادري يجوز ابوي جابني من وحدة ثانية”  -قال الضابط ” شنو تستهزا “.
سالوه عن ابيه وعشيرته من اين قال لهم  من العمارة وسالوه عن امه وعشيرتها قال لهم انها من الناصرية.
سالوه عن كل شاردة وواردة وجلبوا له استمارات كثيرة وكانت تملا بالمعلومات عنه…
واخيرا قالوا له اذهب وسنتصل بك خلال فترة من 12-15 يوم.
خرج وهو قلق مما سيحصل… تازمت حالته النفسية وبدات تخرج بثور في وجهه وقل اكله وكانت كوابيس مرعبه تاتبه ليلا ومنها انه حلم  ان المحققين اشبعوه ضربا وقالوا له –راح نطلعك اذا اعترفت انك من فجرت السيارات المفخخة!!- وكان يرد في حلمه ” شلون اطلعوني اذا اني فجرت السيارات” وكان يجلس من النوم مرعوبا مما تسبب في ذعر لزوجته واولاده وهم جميعا يسكنون غرفة ضيقة مع اهله في بيت ضيق مستاجر يدفع هو ايجاره…
مرت الايام ثقيلة على محمد علي وكل يوم يتصل او يذهب لاحد معارفه او اقرباءه وكلهم يوعدونه خيرا .. وفي الساعة الواحدة ليلا !! من بعد منتصف ليلة الاحد- الاثنين 29 ايلول 2014 وصلته رسالة بالموبايل  تطلب منه القدوم الى عمليات بغداد…
في الصباح توجه الى هناك واعطوه ورقته وهي مختومه وموقعه تثبت براءته وطار فرحا ولكنه قال للعميد “سيدي اخاف اروح بسيطرة لو اريد اسافر لو اطلع جواز ويسوون بيه مثلكم” نظر العميد له ببرود وبيده ملفات كثيرة وقال له “تعال لنا وسنعمل لك كتاب فيما بعد”….
خرج محمد علي من استخبارات عمليات بغداد وكان المئات موجودين هناك ممن اسمائهم محمد علي او علي حسين او حسين علي حيث انهم كلما طلبوا اسم شخص معين استدعوا كل الاسماء المشابهه!!!.
ارتاحت نفسية محمد علي وبدا يفكر في المستقبل القريب فقد باع سيارته ويريد ان يشتري اخرى-
قال انهم محقون فكيف يلقون القبض على المطلوبين؟!!!!
((بينما مثلا في سوريا لكل مواطن بطاقة الكترونية فيها معلوماته الكاملة ويطلب من الناس اظهارها في محطات القطار والشوارع او الاماكن الهامة ليتم ادخالها الى اجهزة كومبيوتر وبتلك الطريقة القوا القيض على عدد كبير من العناصر المطلوبة….))
سار محمد علي – في ذات اليوم- مع اصدقاءه ليمضي المساء في قهوة او حديقة فمرت سيارتهم التكسي من سيطرة ليلا فاوقفوهم وطلبوا هويات الاحوال الشخصية  وانتظروا  لدقائق واعادوها وربما ذهبوا بها الى سجل المطلوبين – وهذا يحصل لاول مرة معهم…
شعر محمد علي بالذعر من احتمال ان يكون مطلوبا من السيطرة ومرت الدقائق ثقيلة عليه حتى عاد احد افراد السيطرة بالجناسي وانتهى الامر…. قال محمد علي “همزين اني عبالي راح يوكفوني بالسيطرات!!!!”.
حكى محمد قصته لسائق التكسي فاقسم السائق باغلظ الايمان ان قريب له اسمه  علي حسين خميس الشمري سجن في زيونه لمدة 6 اشهر بسبب تشابه الاسماء وقد احضروا امراة ورجال للتعرف به ولم يكن هو المطلوب- وبعد تدخل وواسطات اطلقوا سراحه….
 
(2)
في اب 2004 طلبوا متطوعين للجيش على شرط ان يكون العمر اكبر من 18سنة… كان محمد علي قد ولد في نهاية عام 1986 أي اقل من المطلوب بعدة اشهر… ذهب الى شارع مريدي وزور جنسية ب الف وربع دينار ليصبح عمره اكثر من 18 عاما…
اتى للمقابلة وكان المسؤول هو العقيد زياد طارق.. نظر العقيد الى الجنسية ونظر الى وجهه الصافي الطفولي والى ذقنه وشاربه الذي لم يكن يحتوي على الشعر بعد, وقال له هاي مزورة.
قال محمد علي بابتسامة طفولية : أي انها مزورة
فتح العقيد فاهه شنو واردف محمد باسما:
“اني ابي متوفي وانا مسؤول عن العائلة ونحن نسكن بالايجار ولايوجد لدينا مال واني اتقدم للتطوع في الجيش وانت بكيفك.
قال له العقيد: والله انت شكد سبع,  ساقبلك- ولكن لاتتحدث لاحد عن مواليدك.
كان هناك اكثر من الف متطوع وهم يريدون 200 قال العقيد سنجري قرعة بينكم ووضعوا الاسماء في كيس واستخرجوا 200 اسم كان من بينهم محمد علي…
قال العقيد سناخذ اليوم 150 فقط والباقين ياتون غدا وسنجري القرعة على ال150 …. اجروا القرعة وكان محمد علي من بينهم… انتبه العقيد وقال له ” انت غير حظ عندك”.
راح العقيد ينظم الكتب للوحدات … قال لمحمد علي, في بغداد لايحتاجون الى جنود الان ولكن ستذهب الى مكان جيد .. ستذهب الى الديوانية حيث الفرقة الثامنة… واخذ محمد  كتابه ومضى…
في الديوانية – في المدينة حيث مقر الفرقة 8 نظر اليه مدير الادارة وقال له انت صغير…لدينا اربع الوية في النجف وكربلاء والحلة والكوت – وانت بيتكم في بغداد واخشى عليك من طريق بغداد الى اللطيفية لذا ستذهب الى اللواء الثالث في الكوت, فقط امامك مشكلة الصويرة وهي سهلة فياسا باللطيفية….
اخذ محمد كتابه واتجه الى مدينة الكوت حيث مقر اللواء 3 فرقة 8 – كان امر اللواء هو العميد محمد جواد هويدي الذي اصبح فيما بعد قائدا لعمليات البصرة… قدموه له فنظر اليه وكان رجلا هادئا وقال  له ستكون في حمايتي…. خرج واصعدوه  على ظهر سيارة بيكم  من سيارات الحماية…ثم  خرج العميد في جولة, وراه على ظهر السيارة فقال لافراد الحماية  “وين مخلين هذا فوك لايروح يوكع, خلوه جوة…”
 
يتبع في وقت ما….