23 ديسمبر، 2024 10:38 ص

محمد صالح بحر العلوم .. شاعر الشعب ..

محمد صالح بحر العلوم .. شاعر الشعب ..

عصامي .. متواضع .. صادق .. ونزيه .. من عائلة نجفية عريقة معروفة.. تربى على مقت الاستعمار وحب الوطن.. ذو فكر ديمقراطي تقدمي.. لم يخنع لسلطان.. كان أجرأ شعراء عصره.. وأعمقهم حساً.. وأوسعهم إيماناً ووطنيةً.. عاش في وسط الجماهير.. ولم تفوته تظاهرة جماهيريه.. إلا وكانت الجماهير تحمله على الأعناق.. وهو ينشد الشعر الثوري .. قضى سنين في معتقلات وسجون العراق سياسياً مناضلاً.. مات وهو ينشد: أين حقي ؟.. وحقه هو حق العراق والعراقيين ..
نبذة عن حياته :
ـ ولد محمد صالح بحر العلوم في مدينة النجف الاشرف.. في اليوم الأول من عيد الأضحى المبارك المصادف 3 كانون الثاني العام 1909..
ـ أسم أبيه مهدي محسن بحر العلوم: أحد أعلام اللغة العربية وآدابها ..
ـ وأمه : ُ كريمة السيد هادي بحر العلوم.. امرأة فاضلةُ تحب شعبها وتمقتٌ الاستعمار.. وتنظم الشعر بالفصحى والعامية..
ـ مات أبوه وهو في السابعة من عمره.. فتكلفته أمهُ .. ورعاه خاله (علي بحر العلوم)..
ـ فتربى في محيط ثقافي وعلمي قلً مثيله.. ولهذا نجده ينظم الشعر .. وهو في العاشرة من عمره ..
ـ أكمل دراسته الابتدائية والثانوية في النجف وبتفوق.. كما درس قواعد اللغة العربية وآدابها وعلومها في النجف الاشرف على يد أساتذة معروفين..
ـ في خريف العام 1933 تزوج من كريمة خاله (السيد جعفر السيد محمد بحر العلوم) ..
ـ وهي كانت تعيش معه منذ الطفولة في بيت واحد ..
ـ في العام 1937 انتقل الى بغداد واشتغل في معمل للسكاير الأهلية.. ليضمن قوت عياله..
ـ ويواصل نشاطه الوطني.. وفي نفس العام دخل كلية الحقوق .. ونجح في السنتين الأولى والثانية بتفوق.. لكنه ترك كلية الحقوق.. بسبب أوضاعه الاقتصادية والمعاشية..
ـ وخلال هذه الفترة كتب الكثير من المقالات في الصحف البغدادية عن: حقوق المرأة.. والمطالبة بمساواة المرأة بالرجل ..
ـ أجاد اللغة الفارسية حتى انه خلال ثلاثينيات القرن الماضي.. فترجم رباعيات الخيام.. ولحافظ إبراهيم الى اللغة الفارسية ..
(شعره) :
ـ واكب محمد صالح بحر العلوم الحركة الوطنية منذ أوائل العشرينيات من القرن الماضي..
ـ فنجده ينظم القصائد الوطنية .. وهو في الثانية عشرة من عمره .. فيقول في قصيدته وطني :
وطني أريجُ صباكَ طيًبني … ففاح في صبايً طيباً
وتعلقتُ فيكً تعلقَ النفسِ … التي اختبرت حبيباً
فرأتهُ يحوي من جميع … محاسنُ الدنيا نصيباً
هذا صبايً … وليدُ حبكً باقٍ لن يشيبا ..
ـ وفي قصيدة ثانية لوطنه قالها في نفس العام (1921) بعنوان :
( لك أشدو مع الطيور) :
وطني أنت بين عيني نورٌ … وبثغري للمجرمين نذيرُ
وبرأسي كرامةُ وإباءٌ … وبصدري عقيدةٌ وضميرُ
لك أشدو مع الطيور بشعري… وبشوقي على الزهور أطيرُ
ـ وفي الثالثة عشر من عمره يستمر في نظم القصائد) ..
ومنها قصيدة (الوصية).. التي يدعو فيها الى التعلم والعلم ..
فقد نخرت العراق الأميةُ عظامهُ .. وبالعلم نبني الوطن ..
حيث يقول :
نوري يا معاهد العلم شعباً … نخرت في عظامه الأمية
نزهيه من كل نقص مشين … وأعيدي أيامه الذهبية
وذريه حراً فما السعد إلا … وهو معنى يرادف الحرية
ـ ووقف صلباً تجاه المعاهدة العراقية ـ البريطانية العام 1925
وانشد أكثر من قصيدة لفضحها .. حيث يقول في إحداها :
يا حاكمين .. بلاداً لا تميزكم …. عن البهائم إلا العناوين
أ للتقدم هذا الحزب يجمعكم ؟ …. أم للتأخر في شتى الميادين
ـ وفي العام 1926 نظم العديد من قصائده منها :
.. قصيدة (ذكريات) ..
.. وقصيدة عن ثورة العشرين بمناسبة ذكراها …. ورباعية : بعنوان
(حبس بدون تهمة) .. حيث ألقت شرطة النجف القبض عليه لنشاطه السياسي .. واضطر القاضي لإطلاق سراحه في نفس اليوم .. لعدم وجود جريمة يحبس من أجلها ..
ـ ويستمر شاعرنا في نظم القصائد الوطنية في المناسبات وخلال الأحداث والتظاهرات .. القصائد التي تلهب الجماهير وتدعو الى استقلال البلاد وتحريرها ..
ـ وكان شاعرنا في العام 1930 من الداعين لمقاطعة الانتخابات النيابية المزيفة .. بهدف تشكيل مجلس نيابي للمصادقة على المعاهدة العراقية ـ البريطانية لعام 1930 ..
ـ فيقول في قصيدة (عهد حزيران) :
“عهد حزيران” وكم ثائرُ … مثلي على عهد حزيران
فحمله بالبغي من لندن … ووضعه عندي ببغدان
نوائب الأمة .. في جانب … وأمانيها في الجانب الثاني
وحكم من تزني ـ وإن لم تكن… محصنةً ـ يجري على الزاني
ـ وخلال نفس العام (1930) انظم الى حزب الإخاء الوطني المعارض .. وتولى سكرتارية هذا الحزب في النجف ..
ـ وخلال العام 1930 أيضاً زار الملك فيصل الأول النجف ووقف أمام الملك فيصل الأول .. وقال له بصوت عال تسمعه الجماهير المحتشدة :
(ما كنا نعتقد.. إن الدم الذي يجري في عروقك يؤهلك لتصديق هذه المعاهدة.. وها نحن نصارحك بأن هذا الشعب العبيد يبرأ من الحكومة
التي تريد أن تفرض بأساليبها الاستعمارية..
نطالبك: بإسقاط هذه الحكومة.. وإلغاء هذه المعاهدة.. وحل المجلس النيابي.. القابع خوفاُ في بناية جامعة أل البيت.. وتشكيل حكومة وطنية مخلصة منبثقة من الحزبين المتآخيين ( الوطني العراقي الإخاء الوطني) ..
ـ وبعد عودة الملك فيصل الأول الى بغداد .. ألقت الشرطة القبض على محمد صالح بحر العلوم لعدة أيام ..
ـ استمر بحر العلوم غزيراَ في إنتاجه الشعري الوطني .. وابزر قصائده في العام 1933 قصيدته (يا شعب سجل).. بمناسبة افتتاح فرع للحزب الوطني العراقي في مدينة البصرة.. التي كانت سبباً لاعتقاله.. ووضعه تحت المراقبة لمدة سنة ..
ـ ومما جاء في قصيدته هذه :
يا شعب سجل فأحترم العهود … صفحة خزي برزت للوجود
سودها الزيغ فراحت سدى … بيض مساعيك وزاكي الجهود
ويضيف قائلاً :
ـ يا شعب سجل :
من دم فلاح العراق المراق … كؤوس أرباب الهوى تترعُ
زمن مآسيه التي لا يطاق تأثيرها…. أفراحها تشرعُ
زمن حشاه الدائم الاحتراق … أنوار مقصوراتها تسطعُ
يعذب الجمع بضيق الخناق … والفرد في نعمته يرتع
يا شعب سجل ..
(سجنه) :
ـ عانى بحر العلوم كثيرا من مراقبة الشرطة العام 1934 ..
ـ فألقى قصيدة بعنوان ( دولة العلم .. وزر الجرس).. في مدينة الكوفة
ـ فألقي القبض عليه وحكمته محكمة النجف بالحبس لمدة شهرين ..
ـ أرسل على أثرها لسجن الحلة.. وبعد 18 يوماً نقضت محكمة استئناف الحلة هذا الحكم.. بفضل دفاعه عن نفسه.. بالإضافة الى تطوع 40 محامياً للدفاع عنه ..
ـ وانطلاق التظاهرات الجماهيرية في مدينة الحلة استنكاراً للحكم عليه. والمطالبة بإطلاق سرحه ..
(محاربته للطائفية ) :
كان بحر العلوم ضد الطائفية منذ نعومة أظافرها ..
ـ وألقى قصائد ضدها ودعا الى محاربتها ..
ـ وألقى قصيدة في تشرين الأول العام جدد حربه على الطائفية بقصيدة عنوانها ( الطائفية حية رقطاء 1934 ) جاء فيها ..
إن المذاهب كالزهور تنوعت …. ولكل نوع نفحةٌ وزهاءٌ
مهما تعددت الفروع بشكلها … فالحق فردٌ والأصول سواءُ
إن سقطنا في الحضيض..فهل لنا .. بعد السقوط تَرفعُ وعلاءُ
ثم يقول :
سر للأمام فكل حرٍ عارفٍ … إن الشدائد بعدهنً رخاءُ
واعمل على ضوء الحقيقة والتزم .. دين الوئام فشرعه وضاءُ
واترك شعور الطائفية جنباً … فالطائفية حيةُ رقطاءُ
(في طليعة العطاء الوطني) :
ـ ويستمر عطاء بحر العلوم شعراً ونثراً وخطباً .. ونشاطاً متعدد الجوانب ..
ـ وفي خريف العام 1934 يتولى رئاسة تحرير (مجلة الصباح) وصاحب امتيازها في النجف ..
ـ كما أسس فرعاً ل ( جمعية تشجيع المنتجات الوطنية في النجف ) وانتخب معتمداً لها ..
ـ وكان على رأس وفد النجف وفي طليعة الوفود التي قصدت بغداد العام 1935 ولسانها الجريْ ..
ـ فقد صارح الملك غازي وأقطاب حكومة ياسين الهاشمي المشكلة تواً ..
قائلاً : (نحن لم نأتي الى هنا لنهنئ أو نبارك .. فإن لهذه المهمة أشخاص غيرنا .. بل جئنا لنطالبكم بوجوب معالجة الأوضاع الفاسدة التي لم يعد الشعب أن يطيقها .. إن الشعب لا يريد إسقاط حكومة وتشكيل أخرى لا تختلف عن سابقتها .. إنما يريد :
ـ تحقيق الأهداف الوطنية ..
ـ ووضع حد للاستهتار بمصالحة ..
ـ ولن يؤيد أية حكومة .. قبل أن يلمس منها شيْ من حقوقه ومطالبه ..
ـ وكان جزاؤه أن ألقت وزارة ياسين الهاشمي القبض عليه لعدم تحملها جرأته الوطنية .. وأبقته حبيساً في موقعي خانقين وحلبجة ..
ـ ثم قدمته الى المجلس العفي في الناصرية في محاكمة غريبة حكم عليه بالإعدام ليستبدل الى الأشغال المؤيدة لينقل خلال خمسة أشهر (خانقين .. حلبجة .. الفاو .. الناصرية.. بغداد .. الموصل) حرب جسدية ونفسية لا تصدق في ذلك الزمان ..
ـ وأخيراً نظم هذه الرباعية تصف حاله :
كيف تحلو ليً الحياة ؟ وعمري … قد تقضى مابين نفيٍ وحبس
أ أنا المخلص الوحيد لأبقى … هدفاٍ يتشفى به كل حبس ؟
تُذبل العاصفات زهرة عيشي … وتبيح الأهواء إزهاق روحي
وتصدُ الميول عني عيوناً … لم تشأ أن يرى شعوري وحسي
ـ وخلال الحرب العالمية الثانية نشط في الدعوة ..
.. ليكون العراق على الحياد ..
.. ولا يكون ساحة للحرب لا ناقة لنا ولا جمل ..
.. ولا يكون طعم للمستعمرين ..
ـ وعندما قامت حركة مايس 1941 كان مساهماً قوياً للثورة ..
ـ وأخذ يلهب حماس الجماهير للقضاء على النفوذ الاستعماري ..
ـ ومن قصائده في هذا المجال رباعيته (أيها التاريخ سجل)
ـ أطلقها من دار الإذاعة العراقية .. وأخذ الصغار والكبار يرددها..
أيها التاريخ سجل ….. كيف ثار المخلصون
ومن الحاضر خلد ….. موقف الجيش الحبيب
موقف العزة ….. والقوة والحزم المصيب
موقف المجد …. وما المجد.. علينا بغريب
ـ وعندما احتلت القوات البريطانية بغداد ثانية وفشلت حركة مايس 1941 زج بحر العلوم في السجن كبقية الوطنيين ..
ـ ظل معتقلاً ثلاث سنوات.. أطلق سراحه في منصف العام 1944.. وعاد الى عمله في معمل السكاير..
ـ وفي العام 1945 انتخب رئيساً للهيئة الإدارية لنقابة عمال السكاير في
العراق ..
ـ وفي الحفلة أربعينية التي أقيمت للمرحوم محمد جعفر أبو ألتمن.. التي أقيمت في أوائل العام 1946 ألقى محمد صالح بحر العلوم قصيدة دفعت نوري السعيد أن يخرج من الحفل غاضباً ..
ـ ويطلب من رئيس الوزراء حمدي الباجه جي على إصدار أمر بتوقيفه وتقديمه الى المجلس العرفي ..
ـ لكن بحر العلوم اختفى .. والسلطات تفتش عليه ..
ـ وعندما سقطت حكومة الباجه جي .. وشكلت وزارة جديدة كان المرحوم سعد صالح وزيراً للداخلية .. فبادر الى رفع الحيف عن بحر العلوم ..
(نشاطاته بعد الحرب العالمية الثانية) ..
ـ أعيدت الحياة الحزبية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ..
ـ وساهم بحر العلوم بتأسيس حزب الاتحاد الوطني في نيسان 1946.. وبقيً عضواً في لجنته المركزية .. ورئيساً للجنة الإدارة والتنظيم فيه حتى خريف العام 1947 .. حيث أغلقته الحكومة ..
ـ وفي العام 1947 أعاد إصدار مجلة ( الصباح ) كمجلة أدبية نصف شهرية ..
ـ وفي أوائل العام 1948 شارك بقوة في التظاهرات الجماهيرية ضد معاهدة بورتسموث .. وألهب حماس الجماهير في بغداد .. في أشعاره ..
ـ القيً القبض عليه في 22 كانون الأول 1948 بعد قصائده في التظاهرات .. دعا فيها الى إسقاط النظام الرجعي .. عمل حتى حزيران 1949 ..
ـ وقد عذب تعذيباً كاد يقضي عليه .. وبقيً مريضاً لا يقوى على العمل ..
ـ حتى أجاز له الأطباء بالعودة الى عمله في معمل السكاير ..
ـ وقد سخر بحر العلوم هذا التعذيب في قصيدة .. يقول فيها :
لو قطعوني ألف تقطيعه … وأحرقوني شر ً إحراق
ما حدتُ عن شعبٍ له الفضلُ … في خلقي وفي تكوين أخلاقي
ميثاقُ إخلاصي له ضامنٌ … وفاء إخلاصي لميثاقي
فلا سقيت العيش إن لم يكن … على اسمه الوطن الساقي ـ وفي رباعية أخرى .. يقول :
أنا لا أملك من دنياي .. كهفاً في حياتي
وإذا متُ فلا أحتاج .. قبراً لرفاتي
فرفاتي كحياتي .. لوحوشٍ ناهشاتي
بعضها في مدن النورِ .. وبعضها في الفلاةِ
( فلسطين في شعره ) ..
ـ منذ وقت مبكر نظم بحر العلوم قصائد لفلسطين .. وحذر من الصهيونية والاستعمار .. وانتقد مواقف الحكام العرب والجامعة العربية المتخاذلة تجاه فلسطين : حيث يقول في إحدى قصائده:
فلسطين ثارت وقد شخصت … طريقاً لعالمها الأرحبُ
وكم غلط سائد في الوجود … سيشطب بالمنطق الأصوب
ـ وتلها بقصيدة أخرى بعنوان ( فلسطين المعذبة ) وقصائد أخرى ..
حيث يقول :
رأت فلسطين البلاء الشديد … فانتشقت منه حلول العطب
وفكر الشام بدور جديد … فاصطنعت لندن تاج العرب
فربطنا بالغرب ربط العبيد … جامعة فيها اشتمال النوائب
( بحر العلوم وثورة تموز 1958 ) ..
بعد ثورة 14 تموز تمتع الشاعر بحرية ..
ـ وبارك الثورة .. وغنى لها بكثير من قصائده ..
ـ وساهم في تأسيس اتحاد الأدباء العراقيين .. وأصبح عضواَ في أول هيئة إدارية للاتحاد ..
ـ ومثل العراق في مؤتمرات الأدباء العالمية العديدة ..
ـ وتقديراً لخدماته الجليلة منح راتباً تقاعديا شهرياً مقطوعاً 60 دينار ..
بصفته خبير فني في وزارة المعارف ..
(بحر العلوم .. وانقلاب شباط 1963) ..
ـ اعتقل بحر العلوم بعد انقلاب شباط 1963 وعذب تعذيباً شديداً .. ونقل الى سجن نقرة السلمان.. وأطلق سراحه بعد تسلم عبد الرحمن عارف رئاسة الجمهورية.. الذي أطلق سراح كل المعتقلين السياسيين ..
( بحر العلوم بعد انقلاب 17 تموز 1968 ) ..
ـ اعتزل بحر العلوم العمل الأدبي بحجة كبر سنه ..
ـ لكن الحقيقة هو لم يرد التورط بما لا يحمد عقباه ..
( نهاية المطاف ) ..
ـ منذ أوائل التسعينيات أنهكه التعب والمرض .. والوضع الاقتصادي.. ولم يعد يكفيه الراتب التقاعدي ..
ـ وقد التقيتُ (أنا كاتب هذه الدراسة) نجله ( ناظم) أوائل التسعينيات في شارع المتنبي.. فشعرتُ بوضعه البائس اقتصادياٌ جداً.. وعائلته تعيش شظف العيش .. في هذه الظروف الصعبة..
( بقيً إن نقول : إن روح شاعرنا تطالبنا اليوم بالقول : ( أين حقي) ..
رحتُ أستفسر من عقلي .. وهل يدرك عقلي
محنة الكون التي استعصت .. على العالم قبلي
أل لأجل الكون أسعى أنا .. أم يسعى لأجلى
وإذا كان لكل من فيه حقُ : أين حقي؟!
(2)
فأجاب العقل في لهجة.. شكاك محاذر
أنا في رأسك محفوف .. بأنواع المخاطر
تطلب العدل وقانون.. بنى جنسك جائر
إن يكن عدلاً فسله عن لساني : أين حقي؟!
(3)
أنا ضيعتُ .. كما ضيعتُ جهداً في هباء
باحثاً عن فكرة العدل .. بكد وعناء
وإذا بالناس ترجو العدل .. من حكم السماء
وسماء الناس كالناس تنادي : أين حقي ؟!
(4)
أتراني أرتئي .. ما يرتئيه الناسكونا
وأجارى منطقاً .. يعتبر الشك يقينا
وأقر الوهم فيما .. يدعيه الوهم دين
أف سيعود العلم يدعوني بحق : أين حقي ؟!