( 1 )
في عملي في كتاب “رواية الفتيان” الذي أنجزته مؤخراً وآمل أن يصدر خلال الأشهر الأولى من العام 2013، برزت أمامي أسماء كتّاب وجدت أنها لم تأخذ حقها من الاهتمام والدراسة. فإذا كان معظمهم- ويجب أن نعترف بهذا- قد احتلّ مساحات ضمن دراساتبٍ وكتبٍ عن أدب الأطفال، ولاسيما كتب د. جعفر صادق محمد ود. طاهرة داخل وآخرين( )، بينما دُرسوا هم وآخرون بوصفهم قاصين وروائيين وشعراء للكبار( )، فإن دراسات خاصة عنهم، بوصفهم كتّابَ أدبِ أطفالٍ وفتيان تحديداً، لم تُنجز لهم باستثناء القليل من المقالات والدراسات القصيرة، كما فعلت الشاعرة الدكتور سهام جبار، مثلاً، في دراستها القيمة عن أدب الرحلات عند محمد شمسي( ). وتعلقاً بما عُنيت به دراستنا، نعني روايات الفتيان وإلى حد ما قصصهم، وجدنا أن أهم كتّاب الأطفال والفتيان الذين يستحقون دراسات أكاديمية ونقدية تُعنى بكل واحد بهم على حدة، مما لم بتحقق ولو مرة واحدة، بحدود اطلاعنا، هم: محمد شمسي، وجعفر صادق محمد، وعبد الستار ناصر، وعبد الرزاق المطلبي، وميسلون هادي، إضافة إلى خالد رحيم، وطالب ناهي الخفاجي، ومحمد شاكر السبع، وآخرين. وانطلاقاً من الرغبة في التنبيه إلى هذا الأمر والدعوة إلى الاهتمام بأدباء الأطفال والفتيان وفي تأشير ما نرى أننا بحاجة إليه في هذا الإطار، يأتي مقالنا هذا عن أحد أبرز هؤلاء نعني الأديب الفذ الراحل محمد شمسي، خصوصاً وأن ذكرى ميلاده السبعينيه قادمة العام القادم. وقبل الدخول في الفقرات التي نتناول فيها هذا الكاتب الظاهرة، لنلقي نظرة على المرحلة والبيئة اللتين برز فيهما.
( 2 )
نعتقد أن العصر الذهبي لأدب الأطفال في العراق يمتد من منتصف السبعينيات- مع وجود التمهيدات المهمة خلال السنوات السابقة على ذلك- إلى بداية التسعينيات – ولكن مرة أخرى مع امتداد جزئي له في السنوات القليلة التالية لها. وقد كان الدعم الذي أولته الدولة لدار ثقافة الأطفال خلال النصف الأول من ذلك العصر الذهبي- بين منتصف السبعينيات ومنتصف الثمانينيات- أحد العوامل الأساسية التي حققت بها الدار وأدب الأطفال عموماً الإنجازات الكبيرة. وقد تمثل ذلك خصوصاً في الكتب، وضمنها روايات الأطفال والفتيان، التي ربما لم يشهد العراق من قبل، ولا من بعد، ولا غالبية البلدان العربية، مثيلاً لها. وإذا لم يكن هذا غريباً بل طبيعياً، فإن المفارقة تأتي حين يكون انحسار هذا الدعم، ولو جزئياً، في النصف الثاني من المرحلة وما تلاها- من منتصف الثمانينيات إلى سقوط بغداد عام 2003- وبسبب الحرب العراقية الإيرانية والحصار القاسي الذي فُرض على العراق، عاملاً في نشاط آخر يصب في مسيرة أدب الأطفال والفتيان عموماً والقصصي خصوصاً. فقد قللت الحرب حبر المطابع كما ينشّفه الحصار القاسي كما نشّف دماء العراقيين، وجعل الورق، مثلاً، أحد المواد التي يُمنع إخراجها من العراق، إلى جانب الذهب والقطع الأثرية والأعمال الفنية والغذاء. وكان هذا عاملاً في نشوء ظاهرة جديدة، أو لنكن دقيقين فنقول في اتساع ظاهرة كانت موجودة أصلاً، على تواضعها، دعمت هذا الأدب ولاسيما القصصي والروائي. تتمثل هذه الظاهرة في قيام دور نشر أهلية عديدة، بل دور نشر جديدة أيضاً شبه متخصصة بهذا النشر، وغالباً من أجل تحقيق الربح، بمد السوق الفقير والمتلهّف لمثل هكذا مطبوعات. ومع أن العراق لم يكن شهد مثل هذه الظاهرة من قبل، فإن بداياتها الحقيقية، في الواقع، كانت بداية الثمانينيات وربما قبل ذلك بقليل. ولعل إحدى أهم هذه الدور، دار القادسية للطباعة، التي يمكن للقارئ أن يلحظ دورها في قائمة كتب الأطفال والفتيان المودعة في دار الكتب ببغداد، لاسيما من خلال إشراف الأديب محمد شمسي على بعض سلاسلها القصصية والروائية. فعلى تواضع المنشور من حيث نوعية الطباعة، إن لم نقل رداءته في بعض الأحيان، ومرة أخرى بسبب ظروف الحرب والحصار والوضع الاقتصادي للبلد، فإن هذه الدار والأديب محمد شمسي قدّما الكثير إلى سوق هذه الكتابات. والواقع أننا نكاد نسمي هذا النشاط مشروعَ محمد شمسي في الكتابة والتأليف والنشر له ولغيره. وتعلقاً بهذا المشروع، نقول إذا كانت الغاية التجارية واضحة عليه من شكل النشر والطباعة والإخراج الفني وتواضع المواد المستخدمة، فإن الغايات الأخرى النبيلة والذاتية موجودة بالتأكيد، خصوصاً وأن هذا الكاتب الظاهرة كان كاتباً ثراً في مجال ثقافة الأطفل، وتحديداً في القصة والرواية وأدب المغامرات والرحلات، الأمر الذي أفرز عطاءً لا يُستهان به ضمن الكل الذي يسود فيه التجاري والهابط. فمن هو محمد شمسي هذا؟
( 3 )
لأن الحصول على سيرة كاملة وموثوق فيها لهذا الكاتب يحتاج إلى جهد لا نستطيع توفيره حالياً، لأسباب خاص، فإننا نكتفي هنا بالمتوفر بين أيدينا، عسى أن يقوم بهذه المهمة من يتصدى لدراسة هذا الأديب. وبداية أن اسمه الحقيقي هو محمد حسين المطلبي، ولا نعرف، في الواقع، لماذا دعا نفسه بمحمد شمسي ليشيع هذا الاسم ويختفي أو يكاد يختفي اسمه الحقيقي؟. ولد في مدينة العمارة جنوب العراق عام 1943. عمل في الصحافة كاتباً وصحفياً ومحرراً، وفي إدارة بعض الدوريات والصفحات الثقافية والمؤسسات الإعلامية. مارس الكتابة الصحفية والنقدية والقصصية والروائية وأدب الرحلات، ونظم الشعر، وكتب في ثقافة الأطفال وأدبهم، وظهرت نتاجاته في دوريات وكتب. من أهم مؤلفاته:
• في الشعر: ديوان “طوفان الشمس في الكلمات”- 1968- وديوان “دم الشجر الساحلي”- 1976.
• في الدراسة والنقد: “سارق النار.. رحلة في حياة الشاعر عبد الوهاب البياتي”- 1985.
• في القصة والرواية: الرواية القصيرة “كوميديا الزواحف”- 1979.
• في أدب الرحلات: “ألف ميل بين الغابات”-1973 – و”من غرائب الأسفار”- 1984- و”ذكريات المدن”-1984.
• في أدب الأطفال: “القصر المسحور”- 1993- و”العصفور الذهبي”- و”الكهف والوحش”- 1993.
• في رواية الفتيان: وهو عندنا أحد أهم حقلين أو ربما جاز التعامل معها على أنها ثلاثة حقول كتب فيهما شمسي، وهي بظننا تكوّن هويته الأدبية. فإلى جانب (أدب الرحلات)، يبرز (أدب الأطفال) الذي قد نستطيع أن نفرد منه حقلاً شبه مستقل هو (رواية الفتيان). بل أزعم أن روايات الفتيان تكاد وحدها تكوّن منه علَماً فريداً، ورائداً لها في العراق.
توفي الأديب الراحل ببغداد عام 1996.
وإذا ما كان للأديب في ما سبق ما يميزه، لاسيما في الكتابة للأطفال التي حصل فيها على جائزة أفضل كتاب عربي للأطفال في مسابقة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم عام 1981، وفي أدب الرحلات، فإنه في كتابة رواية الفتيان يكاد يكون ظاهرة، على الأقل في العراق. فهو في الميدان الأول واحد من عشرات الكتّاب المتميزين الذين أفرزتْهم غالباً منشورات (دار ثقافة الأطفال)، وفي الميدان الثاني أحد بضعة كتّاب رحالة عراقيين لا نستطيع أن نزعم أن شمسي تصدرهم، وربما فعل ذلك. أما التخصص الذي أظهره في الكتابة في مجال رواية الفتيان فيجعل منه، عندنا، رائداً بل ظاهرة، كما قلنا، الأمر الذي نجد من المهم التوقف عندها لتكون محور مقالنا.
القسم الثاني
( 4 )
بدايةً قدم محمد شمسي سبع روايات للفتيان وثامنة، هي (الحمار الذكي)- 1984-، قد تتوزع ما بين الفتيان والأطفال. أما السبع الأخرى فهي:
• لصوص البحر، 1981.
• القرصان، 1981.
• كمين في الأدغال، 1982.
• السفينة الغامضة، 1983.
• أشباح الليل، 1984.
• البطل الصغير، 1985. وأعاد نشرها سنة 1988 بعنوان “البطل الصغير عنتر بن شداد”.
• وادي النمور، 1990.
وقد نضيف إليها (تل الشيطان) التي أضافها الكاتب إلى طبعة جديدة من روايته “لصوص البحر” باعتبارها رواية مستقلة من ثنائية، أو جزءاً ثانياً للرواية الأولى.
وإذا كان من الممكن توزيع روايات الكاتب، كما روايات أو أعمال أي أديب أو فنان آخر، على أنواع أو أنماط، وفق موضوعاتها أو توجّهاتها مثلاً، فإنها تكاد تجتمع في محددات أو خصائص معينة لا يخرج منها إلا واحدة أو اثنتان وجزئياً. فأنواعاً تتوزع الروايات من حيث الموضوع إلى المجموعات الآتية:
• روايات المغامرات ذات البيئة الغريبة، وهي: “لصوص البحر”، و”القرصان”، و”كمين في الأدغال”، و”السفينة الغامضة”، وكلها تدور أحداثها في أفريقيا أو في البحار.
• روايات السيرة أو القائمة على السيرة، وهي: “البطل الصغير” القائمة على سيرة عنترة، و”وادي النمور” القائمة على سيرة الشاعر العربي الصعلوك “تأبط شراً”. ومن الواضح أن كلا الروايتين قائمتان على سيرتين متخيّلتين غالباً للبطلين فتيين أكثر منها عليهما حقيقيتين.
• تبقى، خارج هاتين المجموعتين، روايتان: الأولى “أشباح الليل” التي تدور حول مغامرات فتيان يُحبِطون محاولة أجانب لسرقة آثار من أهوار جنوب العراق. وإذا كانت هذه الرواية تشترك مع الآخريات في أنها رواية مغامرات، فإن الرواية الثانية وهي “الحمار الذكي” تخرج كلياً عن الجميع في كونها رواية حيوانات.
( 5 )
أما أهم خصائص روايات محمد شمسي الموضوعية والفنية فهي تكفي لتكون موضوع دراسة مستفيضة، ولكن يمكن إجمال أهمها وباختصار بالآتي:
• بينما تقوم اثنتان من الروايات على السيرة، تكاد غالبية الأخرى شيئاً من هذا، شكلاً أو مضموناً. عدا ذلك هي عموماً روايات مغامرات، وكثيراً ما تشتمل المغامرات على ثيمة دفاع عن وطن، أو قضية، أو مبدأ. ضمن ذلك هناك دائماً، تلاؤماً مع روايات وقصص الفتيان والأطفال عموماً، بطل متميز وقد يكون غير عادي، ولكن مع مكانة معينة لبطولة جماعية، بظننا تجعل من البطولة الفردية، المهيمنة المثيرة والمهمة للأطفال والفتيان، مقنعة.
• أسلوباً تأتي روايات شمسي مسبوكة بشكل غير عادي ينم عن عناية واهتمام غير عاديين من الكاتب بكتابته، بما في ذلك حرصه على لغة سليمة وجميلة ورائقة، وهو الأمر الذي افتقدته الكثير من كتابات الأطفال والفتيان في العراق والوطن العربي، إما استهالاً لكتابتها أو عدم تقدير كاف من كتّاب الأطفال لقرائهم. وتعلقاً بذلك، قد تقترب روايات الكاتب لغةً وأسلوباً ومعالجةً من روايات البالغين، باستثناء رواية (الحمار الذكي) كما أشرنا، وهو ما نعتقد أنه مما يميز روايات أو أدب كبار الأطفال (الفتيان) عموماً عن أب صغارهم.
• تتوزع بيئة الرويات ما بين: بيئة محلية ولكنها ليست من البيئات الأكثر هيمنة في حياتنا أو على الأقل حيوات أطفالنا وفتياننا، كما في رواية (أشباح الليل) التي تدور أحداثها في الأهوار، وبيئة غريبة هي غالباً أفريقية أو بحرية كما في رواية “لصوص البحر” و”القرصان”، وبيئة حيوانية وهي تحديداً في رواية “الحمار الذكي”.
• بخلاف جل روايات الفتيان العراقية، وليس كلها بالطبع، تمتلك روايات محمد شمسي ما نسميه الامتداد الحياتي والحدثي، ولكن بشكل أبسط وأقل تعقيداً مما يجب أن تتوفر عليه رواية الراشدين. وتعلقاً بذلك، هي تتّسم بالتفصيلية، ولكن غير المفرطة، التي هي من سمات رواية الكبار، والتي تفتقدها، مرة أخرى، غالبية روايات الفتيان عند الآخرين. وفي ذلك وفي التوفّر على الإطالة الضرورية والتكثيف الضرورةي، في الوقت نفسه، تتراوح أطوال معظم روايات الكاتب بين (8) آلاف و(12) ألف كلمة، وهي بظننا الأحجام المعقولة، ولا أقول المثالية لروايات الفتيان.
• غالباً ما تأتي كل شخصية لتعبر عن نفسها بملاءمة تامة وبشكل نظن أن الشخصية تلقى معه تعاطفاً واندماجاً من قارئها وفي النتيجة تبقى في ذهنه. ونحن نعرف أنه يجب أن تتميز كل شخصية في القصة من غيرها، بحيث يستطيع القارئ أن يميز بينها معيارياً، وأن لا تختلط مع بعضها في ذهنه، وأن يرى الفرق ما بين كل واحدة وأخرى، والأهم أنْ تعلَق كل من الرئيسات منها في ذهنه. ولعل هذا الشرط هو أصعب الشروط تحقيقاً حتى على كاتب الكبار. وهنا، نجح بعض الكتاب في هذا بشكل معقول أو متميز بل ربما مبهر أحياناً، كما هو حال محمد شمسي في “وادي النمور”، وإلى حد ما “لصوص البحر”، وميسلون هادي في “الخطأ القاتل” و”الخاتم العجيب”، وعبد الرزاق المطلبي في بعض أعماله. في مقابل ذلك، أخفق الكثير من الكتّاب الآخرين في ذلك، على الأقل في بعض أعمالهم، فما نكاد نفرق ما بين بعض شخصياتهم وبعضها الآخر في الرواية الواحدة، كما هو حال شخصيات روايات عبد الجبار ناصر، وخالد رحيم، وعبد الستار ناصر، وطالب الخفاجي، وعامر فتوحي، فنحن في رواية الأخير “التحول” لا يبدو لنا من فروق ما بين معظم شخصياتها التي كلها أساتذة وعلماء، ربما باستثناء بطلتها (مريم) حين منحها الكاتب أبعاداً غير ذلك.
• لا تكاد رواية من روايات محمد شمسي تفتقد الإثارة والشد الضرورين لقرائها الخاصين. وقد ساعد على ذلك في بعض الروايات على ما يثير الأطفال والفتيان عادة من ألغاز وتلغير، كما في روايات “أشباح الليل” و”السفينة الغامضة”. يتحقق هذا مع أن غالباً ما تحاول الروايات “أن تقول أشياءها بتلقائية وألفة”( )، على حد تعبير محسن ناصر الكناني الجميل.
• تحقق الروايات غالباً ما تفتقده الكثير من روايات الكتاب الآخرين، بل ما قد لا يفكر فيه هؤلاء الآخرون، من إقناع هو أحد أهم الأمور التي يجب أن تؤخذ بنظر الاعتبار في كتابات الفتيان. ونحن نعرف أن فئة الفتيان أو الناشئة او المراهقين هي أكثر الفئات صعوبة في الإقناع.
• بقي إذا كان مما قد نأخذه على روايات محمد شمسي، ولكن مما لا يصيب أيّاً منها مقتلاً ولا يقترب من هذا، فإننا نجمله بالآتي:
– لعل أبرز هذه المآخذ هو طبيعة الحوارات التي كثيراً ما لا تأتي مناسبة أو ملائمة للمتكلمين بها، مستوىً ولغةً وأفكاراً، خصوصاً حين يكون هؤلاء المتكلمين من الفتيان.
– هناك القليل من الأفعال والمغامرات غير المتلائمة مع اصحابها، وتحديداً، مرة أخرى، حين يكونون من الفتيان.
– قد يشتمل بعضه على الوصف الزائد عن الحاجة، ولكنه، أبداً لم يكن على حساب الحدث وتطوره. وعلى علاقة بهذا هناك أحياناً شيء التطويل في بعض المشاهد مما لا يتناسب مع القارئ الصغير.
( 6 )
خروجاً من الكلام عن روايات محمد شمسي، وعودةً إليه بشكل عام، من المفيد إن نشير إلى أن ممن كتبوا عن الأديب الراحل: أحمد خلف، وعبد الستار ناصر، وعبد الرحمن مجيد الربيعي، وعيسى حسن الياسري، وماجد السامرائي، ويوسف الصائغ، وسهام جبار. كما كتب الشاعر عبد الوهاب البياتي مرثية لمناسبة وفاة محمد شمسي ببغداد عام 1996 قال فيها:
أضاءكَ برقٌ ولم تكن بغير وميض البرق في الليل تحتمي
خريفٌ عراقيٌ به النفس أصبحت تقايض من يغتالها الخبز بالدمِ
رأيتكَ في هذا الخريف محصناً بعفة من عانى وطيبة معدم
مغني الفجر أجهش باكياً وأطفأ في نهر المجرّة أنجميِ
كتبنا مراثينا في ميعة الصبا وعرفنا عذال الحرف بعد توهم
منازل أرخى الحزن فيها سدوله صرختُ بها بعد الفراق: ألا اسلمي
نمارسُ طقس الموت فيها ولا نرى سوى جثث الأموات في كل موسم
أقولُ لشمسي وهو يرقدُ صامتاً أعن مثل هذا تطفأ الشمس بالدمِ؟
بقي أننا أمام هكذا أديب نرى أنه لم يأخذ حقه من الاهتمام والدراسة كاملاً، نختم وقفتنا القصيرة هذه عنده، ندعو الجهات المعنية، من دولة ومؤسسات ثقافية رسمية وغير رسمية ومؤسسات أكاديمية ودارسين، إلى الالتفات إليه. وتعلقاً بهذا، نقترح من جانبنا الآتي:
– الاحتفال بالذكرى السبعينية لميلاده العام القادم، وتكريمه من خلال أحد أفراد عائلته، وطبع مؤلفاته الكاملة.
– إعلانه رائداً لرواية الفتيان في العراق، وتخصيص جائزة باسمه لأدب الأطفال، أو قصة ورواية الأطفال أو الفتيان.
– إدخال بعض نتاجاته ضمن مناهج بعض الأقسام العلمية، وعقد مؤتمر نقدي أو علمي أو أكاديمي عنه.
– إيلاء دار ثقافة الأطفال الاهتمام به وبنتاجاته وإعادة طبع بعضها على الأقل، وتخصيص قاعة في الدار باسمه.
– اقتراحه موضوعاً لرسالة أو أطروحة أكاديمية أو أكثر، ودعوة الدارسين عموماً لدراسته والكتابة عنه وعن منجزاته، وعسى أن تكون هذه المقالة المتواضعة فاتحة هذه الكتابة.
أستاذ النقد والأدب المقارن والحديث
كلية الآداب – جامعة بغداد