“إستاذ… كيف حال الببغاء التي ارسلتها لك؟” سأل الشاب… فقال المسؤول او البرلماني: “شكلها حلو… بس طعم لحمها مر”.. ذلك الشاب الخريج اهدى الطير الذي يحبه الى احد المسعورين لاجل الحصول على وظيفة… اضطر ذلك الشاب ان يعطي الببغاء التي يحبها، بعنوان رشوة للمسؤول.. عسى ان يحصل على فرصة عمل… ولم يحصل على جواب ، فاضطر ان يتصل بالمسعور، ليفتح الحديث معه –اولا- عن حال الببغاء ام لسان طويل… لكن الشاب تفاجيء ان المسعور قد اكل الببغاء، لانه لا يعرف الا الاكل و .. (اللفط)…
هذه لطيفة (نكتة) يتداولها العراقيون، قد تفيد في تقريب ما يدور في ذهني، فكرة او مقدمة مضمونها “ربط الدين بالموت” … فذلك المسؤول لم يكتشف في الببغاء الا لحمها… واغلبنا لم يفهم الدين الا من زاوية الموت والقبور… لذلك نرى المدن الدينية هي مستودعات للموتى، وساحات لتوديع الجنائز.. وكأن الدين هو لاجل الموت وليس لاجل الحياة… قال تعالى: ” يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ……(الانفال-24)
اعتقد ان الدين (الاسلام) هو لحياتنا..وحياتنا الاخرى ايضا… ولا اعتراض على التدين في اية مرحلة من العمر… لكن اعتراضي على ان يقدم الدين على انه وصفة للموتى…! ذلك ينتج عنه: ان الشباب ينفر من الدين… ويتجه اليه بعد ان ينحني الظهر… اوبعد ان يحال الفرد الى التقاعد… وهذه ليست هي المشكلة، الكبرى… بل الكارثة ان عدد من هؤلاء المتقاعدين.. وبعد اشهر قليلة من القراءة او متابعة الفيديو.. يتحول الى مفتي او شيخ… ينشر وينظر… اوتلك السيدة ، التي شعرت بدنو موتها، فتحجبت لتغطي شعرها الابيض، ثم تصبح عالمة او ملاية… تنشر اكتشافاتها ليلا ونهارا..
المهم… زبدة الكلام… اثار حفيظتي، هذه الايام، ظهور مهندس متقاعد، مثلا.. ينشر نظرياته المخرفة… باليوتيوب… احدى نظرياته السفسطائية: ان القران كافي… والنبي خلص وقته…! انظر هامش رقم1 رجاءا. وان جنابه (المخرف) يقول نكتفي بالقران ولا نحتاج سيرة النبي وما ورد عنه…! انظر هامش رقم2 رجاءا.
واذا نظرنا بموضوعية، نفهم ان هنالك علاقة وملازمة بين القران ومن اتى به.. اي العلاقة بين الرسول والرسالة.. ان النبي معلما ومرشدا للقران … بقوله وفعله، ولا يكون من الحكمة الالهي انزال القران على النبي، دون ضرورة لما يقدمه الرسول الاكرم من قول وفعل، ذات علاقة بالقران. وللحديث بقية.
الهوامش:
الهامش1: االسفسطة، هي خلاف المنطق او عكسه. مجرد كلام، فيه تمويه للحقائق، مع صرف الذهن أعن الحقائق. وهي ظاهرة انتشرت قبل ظهور ارسطو وتصديه لمحاربتها. أهمل السفسطائيون الرياضيات والطبيعيات لقلة معرفتهم بها. ثم حرصوا على تعليم الفنون التي يجوز فيها الجدل. ونقصد هنا تلك الاستنتاجات والنظريات التي يطرحها من لم يتمكن من المنطق وعلم الاصول. وخاصة في مجال الدين.
الهامش2: من يدعي ذلك، يبرر قوله بقلة ثقته بمصادر الحديث، او غير ذلك. الا ان الواقع يثبت وجود ادلة وشواهد تثبت القول والفعل النبوي، لوجود اساليب علمية وتواتر يضمن صحة البيان الشرعي الصادر من النبي عليه افضل الصلوات.