23 ديسمبر، 2024 3:15 م

محمد  باقر الصدر فيلسوف القرن العشرين

محمد  باقر الصدر فيلسوف القرن العشرين

تمر ذكرى أستشهاد المرجع العراقي والمفكر العالمي السيد الشهيد محمد باقر الصدر والعراق يعيش محنا يصنعها الفساد وألارهاب التكفيري الذي يسعى جاهدا لطمس معالم الثقافة القرأنية المتمثلة في كل من :-
1-ثقافة ألاصطفاء ” أن الله أصطفى أدم ونوحا وأل أبراهيم وأل عمران على العالمين “
2-ثقاافة الذرية ” ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم “
3-ثقافة العصمة ” ماينطق عن الهوى أن هو ألا وحي يوحى “
4-ثقافة ألامامة ” وأذ أبتلى أبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال أني جاعلك للناس أماما قال ومن ذريتي قال لاينال عهدي الظالمين “
5-ثقافة التقية ” ألا أن تتقوا منهم تقات “
6-ثقافة الشفاعة ” من ذا الذي يشفع عنده ألا بأذنه “
7-ثقافة الغيب ” أن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم مافي ألارحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وماتدري نفس بأي أرض تموت ” “الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون “
8-ثقافة البداء ” يمحو الله مايشاء ويثبت وعنده أم الكتاب “
9-ثقافة النسخ ” ماننسخ من أية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيئ قدير “
10-  ثقافة الزوجية ” نساء ألانبياء ” ضرب الله مثلا للذين كفروا أمرأة نوح وأمرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما “
11- ثقافة القوامة ” الرجال قوامون على النساء بمافضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله والاتي تخافون نشوزهن فعضوهن وأهجروهن في المضاجع وأضربوهن فأن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا أن الله كان عليا كبيرا “
12-  ثقافة القصاص ” ولكم في القصاص حياة ياأولي ألالباب لعلكم تتقون “
13-  ثقافة البيعة ” أن الذين يبايعونك أنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فأنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما ” ” لقد رضي الله عن المؤمنين أذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم مافي قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا “
14-  ثقافة الولاء والمودة  ” لاتجد قوما يؤمنون بالله واليوم ألاخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا أباءهم أو أبناءهم أو أخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم ألايمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها ألانهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا أن حزب الله هم المفلحون “
15-   ثقافة الوسطية ” وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا …”
16-  ثقافة الحضور والتأثير  ” تلك أمة قد خلت لها ماكسبت ولكم ماكسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون “
17-  ثقافة السلام ” يا أيها الذين أمنوا أدخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان أنه لكم عدو مبين “
18-  ثقافة خطبة النساء ” ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم علم الله أنكم ستذكرونهن ولكن لاتواعدوهن سرا ألا أن تقولوا قولا معروفا ولاتعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله وأعلموا أن الله يعلم مافي أنفسكم فأحذروه وأعلموا أن الله غفور حليم “
19-  ثقافة البر ” لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وماتنفقوا من شيئ فأن الله به عليم “
20-  ثقافة الجهاد ” وجاهدوا في الله حق جهاده هو أجتباكم وماجعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم أبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وأتوا الزكاة وأعتصموا بالله هو مولكم فنعم المولى ونعم النصير ” – 78 – الحج –
تكاد هذه الثقافات غير مفهومة لدى غالبية المسلمين , وسبب غياب هذه الثقافات من السلوك اليومي للمجتمع ألاسلامي هو قيام البعض بأنتحال صفة ألافتاء دون جدارة , والسيد الشهيد محمد باقر الصدر تصدى لمعالجة هذا الخلل الذي أستفحل وطغى على الكثير من ثقافات القرأن , ومحاولته لآعادة كتابة منهج الفكر ألاسلامي من خلال مؤلفاته المميزة وهي :-
1-فلسفتنا
2-أقتصادنا
3-البنك الاربوي في ألاسلام
4-غاية الفكر في علم أصول الفقه
5-فدك في التاريخ
6-الولاية ” ألامام المهدي المنتظر “
7-المدرسة ألاسلامية
8-التفسير الموضوعي للقرأن الكريم
9- دروس في علم ألاصول ” الحلقات “
10- بحوث فقهية في العروة الوثقى
11-   الفتاوى الواضحة
12-  ألاسس المنطقية للآستقراء
وفي كتاب ألاسس المنطقية للآستقراء قدم السيد منهجا جديدا ومبتكرا للمعرفة البشرية تمثلت في نظرية ” التوالد الذاتي ” والتي أصبحت بديلا عن نظرية المفكر أرسطو المعروفة ” نظرية التوالد الموضوعي ” والتي كان أرسطو من خلالها هو ألاب المفسر للمعرفة البشرية , فأصبح السيد الشهيد محمد باقر الصدر هو ألاب المجدد لتفسير المعرفة البشرية حيث يقول :” ونريد بالمذهب الذاتي للمعرفة : أتجاها جديدا في نظرية المعرفة , يختلف عن كل من ألاتجاهين التقليدين اللذين يتمثلان في المذهب العقلي والمذهب التجريبي ” – ألاسس المنطقية للآستقراء – ص 123-
ثم يقول السيد الشهيد محمد باقر الصدر : فالمذهب العقلي لايعترف عادة ألا بطريقة واحدة لنمو المعرفة , وهي طريقة التوالد الموضوعي , بينما يرى المذهب الذاتي : أن في الفكر طريقتين لنمو المعرفة , أحدهما : التوالد الموضوعي , وألاخرى : التوالد الذاتي , ويعتقد المذهب الذاتي بأن الجزء ألاكبر من معرفتنا بألامكان تفسيره على أسااس التوالد الذاتي , والسيد الشهيد الصدر يعتبر ألادراك هو الجانب الذاتي من المعرفة , والقضية التي أدركناها ولها واقع ثابت بصورة مستقلة عن ألادراك , وهذا هو الجانب الموضوعي من المعرفة ” – ألاسس – ص 124-
وبعد أن يستنتج السيد الصدر أن أراء ” هيوم ” لاتصلح لتفسير الدليل ألاستقرائي , لآن الدليل ألاستقرائي لايزودنا فقط بقضايا فعلية , بل يزودنا أيضا بقضايا شرطية – ألاسس – ص 112 –
وفي تفسير فلسفة ألاعتقاد القائمة على : الحيوية وألانطباع يقول الشهيد الصدر : والتعميمات ألاستقرائية كلها تمر بمرحلتين : ألاولى هي مرحلة التوالد الموضوعي حيث يتخذ الدليل ألاستقرائي مناهج ألاستنباط العقلي , وينمي بأستمرار درجة أحتمال القضية ألاستقرائية على أساس موضوعي , وفي المرحلة الثانية يتخلى الدليل ألاستقرائي عن منهجه ألاستنباطي وطريقة التوالد الموضوعي , ويصطنع طريقة التوالد الذاتي لتصعيد المعرفة ألاستقرائية الى درجة اليقين – ألاسس – ص 131-
ثم قام السيد الصدر بأكتشاف ألارتباط المنطقي الذي أكد عليه القرأن الكريم وهو دليل ” القصد والحكمة ” بوصفه المنهج الحقيقي للاستدلال العلمي القائم على الملاحظة والتجربة , وهي نفس ألادلة التي يقوم عليها أثبات الصانع المدبر لهذا العالم , وهكذا برهن السيد الصدر على أن العلم وألايمان مرتبطان في أساسهما المنطقي ألاستقرائي , ولا يمكن الفصل بينهما – ألاسس –ص 469-  ومن هنا يمكن بحق القول بأن السيد الشهيد الصدر هو فيلسوف القرن العشرين , لآنه سبق ألاخرين في سد الذرائع على التوجهات التكفيرية التي تناثرت شطحاتها عبر تاريخ طويل من النأي عن ثقافة ” ألاصطفاء , والذرية , والعصمة , وألامامة , والتقية كحالة حياتية ضرورية يمارسها جميع الناس لذلك من المعيب أن تتهم بها من أدركت تلك الضرورة , ويعكس هذه المعاناة الشاعر الكميت عندما قال :-
وطائفة قد كفروني بحبهم … وطائفة قالوا مسيئ ومذنب ؟
وألارهاب التكفيري الذي ينبش القبور ويهدم ألاضرحة ويذبح من يختلف معه بالرأي كما يقوم المطوعة في الحرمين الشريفين بأتهام الزوار والحجاج بالشرك عندما يهمون بألاقتراب من ضريح النبي “ص” , كل ذلك يحدث نتيجة ألافكار الظلامية التي عشعشت في رؤوس البعض من الذين ضيعوا المنهج الصحيح في الفهم , ولهذا قام الشهيد الصدر بتصحيح طريقة الفهم وألاعتقاد بعيدا عن السجالات الطائفية , فعمد الى دراسة أسس المعرفة البشرية وأكتشف نظريتها وفسرها أحسن تفسير فأصبح مؤسسها ورائدها , واليوم عندما تمر ذكرى أستشهاده والعراق والمنطقة تغرق بجرائم التكفير وألارهاب , فما أحوجنا الى أستعادة قراءة فكر محمد باقر الصدر الذي كان يقول : أنا معك يا أخي السني ويا أخي الشيعي بمقدار ما أنت مع ألاسلام .
*رئيس مركز الدراسات وألابحاث الوطنية
[email protected]