ان الفلاسفة و المفكرين لهم لمساتهم و بصماتهم تعكس آثارهم في مضمار الفكر الانساني من التشريعات و القوانين و سُنن العدالة التي اتصف بها حمورابي و غيره و النظريات الفلسفية في الاقتصاد و الافكار التي سطعت في مفاهيم الحُكم.
نحن نعرف ان الفلاسفة و المفكرين قد فرضوا هويتهم و تركوا خطوط مسارات فرضياتهم بين التطبيق و التنظير و ما تراكم عليها من إضافات و تعديلات و تصويبات و تغييرات على إمتداد حياة البشر بين الحديث و القديم و ما نتداوله اليوم من آراء الفلاسفة القدماء و المتأخرين في الفلسفة و الاجتماع و الاقتصاد يرقى الى الاعتداد به لما أسبغ من طابع واقعي عليه فذلك حمورابي و ذلك جان جاك روسو و كنت و ذلك افلاطون و ارسطو و سقراط و تلك تشريعات حمورابي و هذه دراسات علي الوردي.
ان ما توارد من كتابات أطلق عليها اسماء تنتحل مفاهيم في الفلسفة و الاقتصاد ما هي إلاّ قفزٌ على حقائق الفلسفة و الاقتصاد و الاجتماع و تشويه ما بين الاسطر لمجمل الفلسفات و تسابق متأرجح و محموم لانتزاع صفة لافكار هي من متبنيات الدين الاسلامي و لاتقوى على التنافس و فرض الواقع و لهذا نرى ان عماد الفلسفة و الاجتماع التي نهضت إبّان العهد الاسلامي في ابن رشد و ابن سيناء و ابن خلدون و أثبتت حضورها المتميز بين أروقة الفلاسفة و حُسِبت على ذلك العهد و تمترست خلف قناعاته.
ان الخواء في واقع السياسة من منظورها الاسلامي دفع محمد باقر الصدر الى التفكير ملياً مع رفاقه في سد الفراغ المزعج له و لنظرائه للتمكن من الوقوف و مجاراة التيارات الاخرى باطارها العلمي خصوصا المادية منها و الوجودية التي جرفت و اكتسحت الشارع فكان لابد من وضع العراقيل أمامها لعرقلة تمددها على أقل تقدير اذا لم يتمكن من وقف زحفها و لهذا انبرى بكل همته و طاقته فكان ما كان من كتابات لم تحقق اي قدر من التأثير الفعلي و أية جدوى على المدى القريب و البعيد حتى ذوى بريقها و تلاشت قيمتها و أُركنت جانبا رغم التضخيم المقصود و المبالغة فيها و التشويق اليها فهي تقف عاجزة أمام الدراسة المقارنة بينها و بين أساسات الفلسفة في علومها المختلفة ، و كانت النتيجة ان وقف محمد باقر الصدر عاجزا بين أهواء السياسة و تطلعات أحلامه في اللامعقول !