بإختلاف الزمان والمكان والظروف والأساليب، لطالما أعاد التاريخ نفسه، مشدداً وملخصاً حقيقةً واحدةً، إن نهاية أشرف خلق الله تكون على يد أرذل خلقه. معادلة حسابية إلهية دقيقة، الغاية منها مكافأة الصالحين، الذين وصلوا درجة الكمال في حب الله، وحب الله لهم، حتى لايكون لقاتلهم طريقاً للتوبة بعدهم. فمن هو في معسكر الحسين عليه السلام، لاتليق به الشهادة، إلا أن تكون على يد من هم في معسكر يزيد لعنة الله عليه.
في مثل هذه الأيام، أمتدت يد الغدر والخيانة اليزيدية، لتنال من دين محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام، بقتلها سليل الدوحة الهاشمية، المرتشح بالهيبة والأنوار المحمدية، حامل لواء الثورة الحسينية، العالم الرباني والخليفة القرآني، سفير الحق الفدائي والقائد المُلهم الميداني، الصرح الشاهق والمفكر الإسلامي، شهيد المحراب أية الله العظمى، محمد باقر الحكيم (قدس سره)، ومعه كوكبة من المؤمنين، طيب الله ثراهم أجمعين.
في أصعب الأوقات وأحلك الظروف، تصدى العضد المفدى، القائد المجاهد أية الله العظمى، للعفالقة البعثيين، حتى أصبح ثقلاً يجثم على صدورهم، وصرخة حق تقض مضاجعهم. أيام كرس العفالقة البعثيين عملهم، لتصدير أساطير عن آل الحكيم وقائدهم، توضح فيها هول وعظيم خطرهم. ماأعظمك ياعضدنا، وماأعظم مازرعت في نفوسهم. أيام كُنا لانسمع للبعث أعداء غيرهم. ويرجع سبب ذلك لقلة إطلاعنا طبعاً، وهذا ما أتضح لنا بعد سقوط العفالقة ومقبورهم، حين ظهر لنا كم هائل من المقارعين لهم!.
ماأحلى أيامك وماأجمل ذكراك، ياقائدي ومُلهمي ومعلمي روحي فداك، لا والذي رفع السماء بغير عمدٍ بل روحي فداءٌ لثراك. هنيئاً لكل من سار على دربك، هنيئاً لكل من أثرى عطاءه عمره. عطاء لايغيبّه التاريخ، ولاتُنهكه هرولة السنين، ومالزمان إلا صفحات لايُخلد فيها إلا الثائرين المُصلِحين. سنين مضت، وسنين تمضي، وسنين ستمضي، كما أسلافنا ونحن وأحفادنا، في أرض عُمُرُها ملايين السنين، لاتُذكر فيها إلا سّير الثائرين. يكفيك فخراً ياسيدي إن يومك منها. ١رجب قصة تضحية وفداء وإيثار، أسمها محمد باقر الحكيم (قدس سره).
فصار هذا اليوم، يوم لإستذكار كل شهداء الوطن، بإختلاف مذاهبهم وقومياتهم وأديانهم، يوم لإستذكار الفخر والوفاء والتضحية والإيثار. يوم يقف الشعب متباهيًا مفتخراً بشهدائه، رافعاً رأسه للسماء بشموخ وعزٍ وإباء نعم ياشعوب الأرض، الشهيد هو الإنسان الكامل، الذي أسجد الله لَهُ الملائكة.
نعم يامفكرين، الشهيد هو الإنسان الأسمى، الذي حلم به فريدريك نيتشة. نعم يافلاسفة، قد ضَل أفلاطونكم، عن شهداء العراق، ولو صادفهم يوماً، لأسس بهم دولته الفاضلة العادلة.
في لحظة تسامي عن الغرائز العمياء، نقف لحظة فراق بدموع وبكاء، لحظة يودع فيها فقيدنا الهموم والكروب والبلاء، لحظة تسجد فيها له ملائكة السماء. مجرد لحظة تختصر التاريخ!.
يخرجون خلالها من عالم الأحياء، الى عالم الخلود الأبدي كشهداء.