أثار المتابعين تصريح غريب لخطيب أحد الجمع الذي يمثل جهة سياسية مشاركة في الحكومة الحالية عندما قال من على منبر الجمعة بالنص ( لو يجي الانبياء ما يصلحون وضع الحكومة ..) و الغرابة تكمن في كون من نطق بهذا الكلام هو خطيب أسلامي يرتدي الزي الديني ويقف على منبر الجمعة التي تمثل الناطق الرسمي الاسبوعي بقضايا الاسلام والمسلمين ويجلس تحته الاف المصلين المنصتين الذين يعتقدون بعدالته ودرايته وفهمه وأمامه عشرات القنوات الفضائية تنقل ما يقول للناس، والاشكال على هذا الكلام أن الانبياء هم رسل الله عز وجل للبشر معززين بالمعاجز الالهية وهم صفوة الناس والمصطفين الذين أختارهم الخالق ليكونوا مهديين ومصلحين للبشرية جمعاء أفيكون أناس بمثل هذه المواصفات وهذا التوفيق الالهي غير قادرين على حل مشكلة حكومتنا ؟! قد يكون هذا التصريح سياسي أكثر منه ديني غايته أسكات الاصوات المطالبة بالإصلاح وتغيير الواقع المزري الذي يعيشه البلد ويستبطن دعوة الى الاستسلام واليأس من أي أمكانية للإصلاح ويسد الباب في وجه اي محاولة لإيجاد الحلول للمشكلة، أما من زاوية أخرى لايراها هذا الخطيب السياسي الذي قضى أغلب عمره خارج العراق ولم يشهد حالة الانقلاب والتغيير الكبير الذي فجر فتيله وقاده السيد محمد صادق الصدر في واقع المجتمع العراقي في تسعينيات القرن الماضي عندما وصلت الاوضاع في العراق الى مستوى لايرى فيه أي أمل في التغيير فالمجتمع واقع بين مطرقة حكومة طاغوتية تعتبر الاكثر أجراماً في العالم وبين سندان سنوات القحط والفاقة والفقر والعوز الذي خلفه الحصار و أيامه السوداء حتى أكل الناس الجص خبزاً، واستشراء الفساد المجتمعي بكل الوانه من رشوة وغش وفقدان الثقة وأنتشار الخرافة والدجل والانشقاق وترك الدين وتمييع الوعي والثقافة والاغتراب عن المباديء والقيم الاصيلة وأستحلال الحرام وتحريم الحلال وترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها مما ألم بشعبنا من مآسي وأخلاقيات غريبة تفشت كالسرطان في جسد العراق حتى جاء المنقذ وأستنهض روح الايمان فينا وغسل الاوساخ والادران عن عقول الكثيرين ما أستطاع الى ذلك سبيلا ، وأيقظ الرجولة في الاجساد المشلولة فخافه الطغاة ، وحصل الانقلاب فرجع الناس الى ما تركوه من أخلاق حميدة وقيم إسلامية والتزام ديني حتى أني سمعت مدير شرطة الديوانية يقول في وقتها أن نسبة الجريمة أنعدمت تقريباً،فتحول المجتمع الى ما يشابه الحالة الملائكية، وأستيقظ الناس من غيبوبتهم وزاد مستوى الوعي حتى بات الناس يسألون عن كل شيء وأنتشر التدين بينهم وأزدهرت الدراسة الحوزوية وأنفتحت الحوزة على المجتمع ولامست همومهم وأجابت عن تساؤلاتهم ووجدوا فيها ما لفه الضياع من فقدان القائد الذي كان رجلاً معمماً ذو لحية بيضاء وعصاً يتكئ عليها ، أتهم بالخيانة والعمالة فقط لأن أوهامهم لم تتجرأ على تخيل وجود شجاعة أكبر من جبنهم وخوفهم ورعبهم ولم يثبت مصداق أدعائه الا بدمه المسفوك في قبور النجف الصامتة ، لم يكن محمد الصدر نبياً ولم يمتلك عصا موسى ولم يشق لنا البحر وأنما كشف لنا عن جواهر كان يعلوها الغبار فصدقه الناس وأتبعوه وأنتصر بمهمته التي لو قصصتها على (الصغير) والكبير قبل حصولها لما صدقها هذا ما أحدثه رجل عادي أمتلك العلم والاتباع والارادة ولو أمتلكتم انتم الارادة للتغيير لحصل ولكنكم لاتريدونه لان ما يحصل هو خير لكم وشر لنا وأملنا فيمن يحمل لواء الاصلاح ويؤمن في أزاحة الغبار والوحل ويجد الاتباع لينقذ ما تبقى من وطن .