ماصدر عن رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي اثناء كلمته بمناسبة ذكرى فتوى الجهاد الكفائي مسالة تحتاج الى وقفة. فعلى مدى السنوات الماضية قال السياسيون ورجال الدين وزعماء الاحزاب الكثير من الاراء والتصريحات عن هذه الفتوى التي كان لها الدور الابرز فيما تحقق من صمود ادى الى قهر تنظيم داعش الارهابي والجهات التي تقف خلفه. لكن عندما يقول الحلبوسي وهو من الاخوة السنة جملة واحدة معبرة هي “بضع كلمات من السيد السيستاني اتت بالنصر وطردت الشر والهمجية في العراق” فهذه لها دلالتها الكبيرة والمؤثرة والمهمة في نفس الوقت. الحق اقول ان هذا الشاب الذي يتحمل مسؤولية كبيرة وهي رئاسة اهم مؤسسة تشريعية رقابية بالعراق اصبح مثار اعجاب الجميع ولو اننا لانريد الكلام بلغة طائفية لكن نستطيع القول ان الشيعة ينظرون اليه بتقدير واكبار قبل السنة لانه يتصرف كعراقي بعيدا عن أي انتماء او هوية فرعية.
الحلبوسي اختصر بهذه الجملة البليغة فحوى الفتوى التي لم تكن بالفعل اكثر من بضع كلمات لكنها تعادل في مضامينها ومعانيها العميقة مجلدات ومجلدات.فالعبرةلاتكمن في الخطب والاحاديث الطويلة والمتشعبة بل بما قل ودل وهذا ماعودتنا عليه المرجعية الدينية الرشيدة التي تعتبر من وجهة نظر كل العراقيين صمام الامان الحقيقي لهذا البلد. بضع كلمات التي قالها الحلبوسي حين تصويت مجلس النواب على اعتبار يوم صدور الفتوى يوما وطنيا تعطي في الواقع معاني كثيرة اهمها ان الرجل مدرك بعمق حقيقة هذه الفتوى وما ادت اليه خصوصا على صعيد طرد داعش الارهابي من المحافظات الغربية العزيزة التي ينتمي اليها الحلبوسي والذي يمثل جيل جديد من القيادات السنية الوطنية التي يعبر خطابها عن نهج وطني عابر للقومية والمذهبية وهو مانحتاجه الان ونعول عليه في بناء الدولة على اسس صحيحة. الجميع يعرف ان الفتوى كانت كافية لصد الهجمة لان الجميع يعرف ان العراقيين سوف يلبون النداء لان الخطر الذي يتهددهم انما يتهدد حاضرهم ومستقبلهم.
والمرجعية من جانبها تدرك حجم هذا الخطر وبالتالي فانها ومن منطلق ثقلها في المجتمع العراقي قالت كلمتها الفصل التي غيرت وجه التاريخ,وهذه الكلمة الفصل التي جعلت العراقيين يقدمون الغالي والنفيس في سبيلها كانت بالفعل بضع كلمات ولكن لها قوة لاتقهر. شكرا للحلبوسي الذي كان من بين قلة ممن ادرك عمق هذه الكلمات التي غيرت واقع حال العراقيين وجعلتهم يحرزون النصر المؤزر.