18 ديسمبر، 2024 9:19 م

محللو ( أبو عبدو) إرحموا روسيا!

محللو ( أبو عبدو) إرحموا روسيا!

– إيران تملك رؤوسا نووية سوفيتية!

‎- المخابرات الروسية تكشف عن كيف وصل الموساد إلى حسن نصر الله!..

– بوتين يأمر بإرسال حاملة طائرات قبالة الساحل اللبناني!

‎هذه بعض العناوين المنتشرة مثل جوائح الجراد على مواقع التواصل وفي يوتيوب، تحصل على ملايين المشاهدات واستطرادا آلاف الدولارات.
‎وفي وقت تفرض شبكات التواصل ويوتيوب الأميركية، ولحقتها توك توك الصينية، حظرا شاملا على المواقع الإعلامية الروسية بما فيها الناطقة بالعربية؛روسيا اليوم وسبوتنيك وغيرهما، فان الضابط الأميركي” لحرية التعبير”يسمح بأريحية غير مسبوقة لمواقع تروج لاخبار وتقارير كاذبة، تجد لها جمهورا وسط المتلقي العربي المحبط، و تنشر ما تقول إنها ” معلومات تكشف لأول مرة”.
منها مثلا ما يتحدث به ” محلل مقهى ابو عبدو” بأن آخر ممثل لجهاز الكي جي بي السوفيتي في إيران سلم زعيم كوريا الشمالية ملفا كاملا عن تصنيع الأسلحة النووية. ثم يقول إن رؤوسا نووية وصلت إيران من الاتحاد السوفيتي بعد الانهيار، ليؤكد بان الجمهورية الإسلامية وصلت الى نسبة تخصيب اليورانيوم بنسبة 90 بالمئة. وانه بعد نصف ساعة من فتوى المرشد بالغاء تحريم السلاح النووي سيركبون الرؤوس النووية ويهجمون.
‎الطريف ان ” فتوى ” محلل مقهى “أبو عبدو” تأتي على اسم معروف في الحياة الروسية السوفيتية، المرحوم ( أوليغ شينين) وكان أحد أربعة طاروا إلى ميخائيل غورباتشوف في الثاني من آب/ اغسطس 1991في منتجع فوروس بجنوب روسيا لارغامه على التنحي حفاظا على الاتحاد السوفيتي الآخذ بالتفكك. 
كان أوليغ شينين، سكرتيرا للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي(1990-1991)؛ منصب حزبي يعادل درجة مساعد الأمين العام للحزب، ولا صلة له بالاستخبارات وأودت تلك المحاولة الفاشلة الى التعجيل بانهيار الاتحاد السوفيتي. 
توفي شينين العام2009 عن 72 عاما في شقته بموسكو بعد معاناة مع المرض. وكان اعتزل عمليا الحياة السياسية بسبب تتالي الخيبات في ما تبقى من الحزب الشيوعي السوفيتي والانشقاقات في صفوفه وهيمنة الحزب الشيوعي الروسي بزعامة غينادي زيوغانوف على الحركة الشيوعية الرسمية الممثلة في مجلس الدوما( البرلمان). 
حافظ أوليغ شينين الذي يزعم محلل “أبو عبدو ” ان المخابرات الأميركية قتلته! على مواقفه الراديكالية المناوئة لنظام ما بعد الحقبة السوفيتية ولم يتصالح معه حتى بعد وصول فلاديمير بوتين الى رئاسة الدولة الوريثة للدولة السوفيتية البائدة. 
محللو المقهى المذكور ، خبراء في تأليف القصص والحكايات على غرار الف ليلة وليلة دون ان يسكتوا عن الكلام المباح حتى الصباح. 
وتجد قنوات اليوتيوب الباحثة عن الإثارة في هؤلاء عونا لتحقيق أكبر نسبة مشاهدات ومعها الأرباح الخيالية. 
يمتد الخيال ببعضهم ليتحدث عن مقابلات وهمية مع ضباط جهاز الأمن الفدرالي الروسي لموقع ” سبوتنيك” عن ان الموساد زرع عن طريق جاسوس مقرب من السيد نصر الله في طعامه جهازا بحجم” حبة الرز” قادت الموساد الى مخبأه! 
حبة الرز العجيبة لازمت السيد حتى الممات خلافا لكل نظام الدورة الدموية والمعوية! 
وبلا أدنى حياء تنسب المعلومة لضابط مخابرات روسي بزعم انه تحدث الى ” سبوتنيك”. 
ليس في تقاليد الصحافة الروسية منذ الحقبة السوفيتية عبارة ” مصدر طلب عدم الكشف عن اسمه” في المخابرات. 
عدا عن ذلك فان سبوتنيك لم تنشر مثل هذا التقرير بالمطلق!
وعلى هذا السياق تتداول مواقع التواصل تقريرا مزعوما للمخابرات الروسية مؤرخا بتاريخ 30/9/2024(هكذا!) يزعم ان سي اي ايه والموساد توصلا الى موقع السيد نصر الله عن طريق إختراق موبايل محمد شياع السوداني رئيس وزراء العراق حين كان يتفاوض في نيويورك بصفته وسيطا بين إيران والولايات المتحدة!
كل الرواية تستند الى أكاذيب، ليس السوداني وسيطا وليس لنصر الله مساعد يحمل هاتفا متنقلا يتحدث من خلاله.
والسؤال لماذا روسيا؟
يستثمر محللو مقهى أبو عبدو الموقف الروسي المتميز بين الأعضاء الخمسة لمجلس الأمن الدولي الرافض للعدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان، والشعبية الواسعة للرئيس بوتين وسط الجماهير العربية المعادية للولايات المتحدة ودولة العدوان ويستخدمون روسيا حائطا يعلقون عليه نشراتهم المضحكة المضرة. 
يلعب هؤلاء” المخللون” بالخاء على جراح المتلقي العربي وتعطشه للنصر على العدو فيقدمون له وجبة دسمة من الاكاذيب مستغلين عدم الانتشار الواسع لوسائل الإعلام الروسية الموجهة الى الخارج بفعل الحصار، والجهل باللغة الروسية محدودة الانتشار أيضا لدى الناطقين بالعربية حتى بين أوساط المتعلمين.
‎المؤسف ان متعلمين ومثقفين في الفضاء العربي يصدقون ويروجون تلك الخزعبلات ويزيدون عليها خردلة من التعليقات والإشارات التي تنم عن حال الشلل الذي يضرب أجزاء ليست قليلة من مساحة الوعي العربي. 
محللو مقهى أبو عبدو جروا نفسا عميقا من الارجيلة قبل ان تمعنوا في الزجل والدجل! 
.