قلت في مقالي الاول عن طوفان الأقصى ” ان عالم ما قبل السابع من اكتوبر سوف لن يكن مشابها لعالم ما بعد السابع من اكتوبر ” قلتها.. مع علمي ان هناك من سيضحك على سذاجتي ولا الومهم والله لإننا نعيش الضعف في اتعس حالاته ، وشبعنا من الاحتلالات وحالات النفوذ والتبعية ولولا الطوفان لكانت الاشهر المنصرمة قد جعلت البعض يقطعون شوطا لا بأس به لاستكمال مشروع التطبيع مع حكومة الاحتلال والذي هو ليس الا صورة عما حصل من أسوأ حالات دفن الزعماء العرب لرؤوسهم في الرمال في وقت تجري فيه اقذر جريمة ابادة جماعية في التأريخ المعاصر ، وكان خيرهم من يجرأ على التوسل لإدخال المساعدات الى غزة ، او ان يؤكد خلال قرار مجرم الحرب نتنياهو بمهاجمة رفح على ان مصر ملتزمة باتفاقية كامب ديفيد .
عودة العدل ا لدولية
الدعوى الاولى التي اقامتها جنوب افريقيا كانت تتعلق بخرق حكومة الاحتلال لإتفاقية منع الابادة الجماعية وضمنا قررت المحكمة ادانتها من خلال اوامر اصدرتها وطلبت فيها تدابير ينبغي اتخاذها وعليها تقديم تقرير للمحكمة خلال شهر عن ما فعلته لتنفيذ اوامر المحكمة ويصادف ذلك يوم 27 من الشهر الجاري. وقرارها يعد ملزما وغير قابل للنقض او التفسير .
اما انعقاد المحكمة اعلاه اليوم فهو بسبب ان الجمعية العامة للامم المتحدة طلبت من المحكمة رسميا بيان الرأي القانوني الذي يقرر هل ان اسرائيل تحتل جزء من فلسطين ام لا ، وما الذي تحتله لحد الآن ، وتجدر الاشارة الى ان قرارات مجلس الامن بعد حرب حزيران 1967 ستؤخذ بنظر الاعتبار تماما ، ولعل حتى الطفل يعرف ان رأي المحكمة سيجعل كل شبر تم احتلاله بعد التأريخ اعلاه حالة استعمار وستتغير تسميىة المستوطنات الى مستعمرات والمستوطنين الى مستعمرين .
درجة الإلزام في الحالتين
الدعوى الاولى قرارها سيكون ملزما ، اما الثانية فهي بيان رأي غير ملزم طرحته الجمعية العامة للامم المتحدة عام 2022 لا ان العالم كله والذي نسى شيئا اسمه فلسطين سيعرف انها دولة لها ارض مغتصبة من لدن كيان صار دولة تتشدق بالديمقراطية والقوة الشاملة .
ماذا بعد الرأي
هذا الرأي لن يتمكن الرأي العام الدولي من تجاوزه او القفز عليه ، والأهم من ذلك هو ان اي احتلال هو مطالب بإعادة الارض التي احتلها وتعويض اهلها عن كل ما حصل لهم من ذل وهوان وتضحيات بالارواح والممتلكات ، ولن تكن هناك شرعية للقدس الا لأهلها وليس للمحتل . . وهذا الرأي سيكون قاعدة قانونية للمحكمة ويمكن لفلسطين وغيرها ان تترافع امام المحكمة ضد المحتل ، وستكون هناك قرارات كثيرة ضد دولة الاحتلال ستسقط هيبتها واحترام دول كثيرة لها ويشمل ذلك حتى دول اوربا والتي طالبت 26 دولة منها بالوقف الفوري لإطلاق النار .
الدرس المستنبط
الجرائم الدولية لا تزول بالتقادم ولا ينطبق عليها قانون تسليم المجرمين ويمكن ان توفرت النية لآي بلد تم احتلاله وخصوصا من اسمته الامم المتحدة ( احتلال) كالاحتلال الامريكي البريطاني للعراق ان يتقدم للقضاء الدولي بالتقسيط المريح فمثلا يتم اولا طرح الابادة الجماعية في ملجأ الجادرية وبعدها حل الجيش العراقي وبعدها جرائم الابادة الجماعية التي ارتكبها الطيران الامريكي في الموصل وجرائم الاختفاء القسري ومجازر حديثة والاسحاقي وجرائم سجن ابو غريب الشهيرة ، وغيرها وغيرها مما تشيب له الأجنة في الارحام
اما الدرس الاهم فهو ان الشعوب عندما تمتلك الارادة الحرة يمكنها فعل الكثير، وهذا ما جعله شعبنا الفلسطيني حقيقة قائمة .
الاستنتاج
مهما تصرف نتنياهو وفريقه فأن السابع من اكتوبر جعل موضوع حل الدولتين اقرب مما نتصور وسيكون الحل الاكثر ملائمة خصوصا عندما تعلن العدل الدولية رأيها في موضوع الاحتلال ، وتجدر الاشارة الى ان مجلس الامن الدولي قد اتخذ قرارا بهذا الخصوص ليس بالأمس بل في العام 1947
اخيرا ينبغي ان نعي بأن ” اسرائيل” مشهورة بعدم احترام القرارات الدولية منذ تشكيلها مستندة الى بريطانيا سابقا والولايات المتحدة والرأي العام الدولي واليوم وصل الأمر الى انها باتت تتعامل مع الولايا ت المتحدة بشكل قاس مستغلة ضعف ادارة بايدن ولكن اي مراقب حصيف يعرف ان نتنياهو سوف لن يسقط لوحده بل سيجر معه بايدن خصوصا وأن استطلاعات الرأي داخل امريكا تقول ان 65% من الشعب الامريكي يريد وقف اطلاق نار فوري رغم معرفته ان ذلك يعني خسارة ابنتهم المدللة للحرب كما يردد نتنياهو دائما والملفت للنظر هو ان عدد لا بأس به من اليهود الامريكان يشاركون بالاحتجاجات على الحرب .