العديد من الأفكار والعادات التي نسبغ عليها أوصافا إيجابية ويحترمها المجتمع وتحث عليها الأديان ربما تكون حاطئة تماما إذا أحضعناها الى معايير العقل والقيم الأخلاقية على سبيل المثال : محبة العائلة والأقرباء والأصدقاء التي تعد من سمات البر والوفاء والواجب الأخلاقي .. هذه المحبة وفق معايير العدالة هي سلوك عنصري خلاف العدالة المطلوبة في التعامل مع جميع البشر !
بما ان محبتنا للعائلة والأقرباء والأصدقاء تفوق محبتنا للغرباء ونعاملهم بشكل مختلف .. هنا نسقط في السلوك العنصري ونتصرف عكس العدالة والمساواة دون ان ننتبه الى طريقة التفكير والسلوك المتوارث بسبب عدم فحص مايصدر عنا وفق معايير منطقية وأخلاقية صارمة ، ونترك أنفسنا تتصرف بعشوائية !
الشرعية التي تمحنها الأديان لحب العائلة وجعلها محبة مقدسة في حياتنا ، وكذلك حث الأديان على محبة ورعاية الأقرباء والأصدقاء والوفاء لهم .. هذه الشرعية مغلوطة وتتعارض مع العدالة والمساواة ، والأديان هي أحد المحرضات على العنصرية والكراهية بسبب تشجيعها على هكذا نوع من التمييز والتفضيلات التي لاتقبل النقاش بينما هي في حقيقتها مجرد صناعة بشرية ليست لها علاقة بالسماء مثلما تدعي.
مامعنى أخلاقيا ان نضحي في سبيل أفراد عائلتنا وأقربائنا وأصدقائنا .. ونقدم لهم العطايا والمساعدة والإنحياز المطلق لمصالهم .. بينما يوجد غيرهم من الغرباء الضعفاء والفقراء لانشعر نحوهم بمسؤوليتنا الأخلاقية ونهملهم ونحن في راحة ضمير وعدم الشعور بالذنب والتقصير ، وإذا ساعدناهم تكون بنسبة بسيطة وحسب المزاج ، ونعجز عن التعامل معهم وفق مبدأ العدالة والمساواة ؟!
لكن حتى لو شخصنا هذا الخلل في تصرفاتنا .. من الناحية الواقعية حقيقة الإنسان مهما كان متعلما ومثقفا فهو كائن أناني شرير مليء بالعيوب .. والتعامل العادل مع الجميع هو سلوك مستحيل فوق طاقة البشر ، بدليل إخفاق البشرية طوال تاريخها في إيجاد نظام عادل شامل للأرض يدير شؤونها ويوزع ثرواتها بالتساوي على كافة سكان الأرض ، ولعل هذه عيوب تدلل على ان الإنسان خُلق بطريقة عشوائية فوضوية وتدرج في النمو والتحضر وهو ليس مخلوقا إلهياً ، إذ كيف يكون خُلق من قبل الله – إن وجد – ويرتكب جرائم الظلم والقتل ؟!