18 ديسمبر، 2024 8:19 م

محاولة في فهم مواقف الدول الغربيىة من أزمة الأستفتاء ونتائجه

محاولة في فهم مواقف الدول الغربيىة من أزمة الأستفتاء ونتائجه

بعيدا عن العواطف والكلمات المنمقة والأبتسامات,فإن مواقف الدول من الأحداث وخصوصا في الوقت الحاظر تحكمها أولا وأخيرا مصالحها بالرغم من تقاطعها أحيانا مع رغبات جانبية تفرزها لوبيات أو مصالح لدول صديقة.الذي يجري أمامنا اليوم فيما يتعلق بالأزمة التي نتجت عن الأستفتاء في أقليم شمال العراق وتبني مواقف معاكسة لما كان معهودا في السابق,وطيلة فترة لاتقل عن ربع قرن أي تحديدا منذ حرب الكويت وصولا لفترة ظهورما يسمى بدولة الخلافة وتمددها في العراق وسوريا والتدخل العسكري الأقليمي والدولي,مواقفا كانت فيها الدول الأوربية, الا ماندر,فرنسا مثالا, تتماهى وتتبنى بشكل عام الستراتيجيات المطروحة من الحليف الكبيرأمريكا التي تعتمد الرؤى الأسرائيلية للأمن الأقليمي وكيفية أدارته مع الحلفاء الغربيين.لقد أنتجت الأحداث الدراماتيكية في المنطقة محصلات لم تكن في الحسبان لقصر نظر صناع القرار فالحروب لها أثمانها.الحكاية بدأت منذ أن فرض الحصار على العراق ومن ثم التدخل العسكري الأمريكي وحلفائه في حرب الكويت وتحطيم البنى التحتية للعراق ومواصلة سياسة تجويعه ,ثم جائت أحداث ألحادي عشر من سبتمبر وأحتلال آفغانستان في سنة ألفين وواحد والتي أعقبها دورالعراق حيث شنت الولايات المتحدة سنة ألفين وثلاثة حرب إبادة على العراق بإستخدام أفتك الأسلحة وأنتهى الأمر بإحتلاله وتطبيق سياسة الفوضى الخلاقة والتي أدت بدورها إضافة لأضعاف العراق ونهبه مكافئة وتشجيع أمراء الطوائف في شمال العراق الذين تعاونوا مع الأحتلال بكل مايمكن من حماية ورعاية لتمكينهم من تكوين دويلة أنفصالية لتقسيم العراق وهي سياسات أمريكية متبعة في أغلب حروبها الخارجية,حيث تقوم بتقسيم الدول التي تحتلها وتساند الشطر المتعاون معها ضاربة بعرض الحائط كل المعاني والأعتبارات الوطنية والأنسانية لتلك البلاد, كما حدث في كوريا وفيتنام وألمانيا.ثم جائت أحداث الربيع العربي والثورات المضادة والتدخل العسكري الغربي في ليبيا وأعقبتها أحداث سوريا والتدخل الغربي العسكري وبالأخص الأمريكي .مجموع هذه التدخلات العسكرية والسياسات الغربية المتغطرسة في المنطقة أنتجت واقعا جديدا تمثل بتدخل أقليمي ودولي مناهض للرؤى الغربية والأسرائيلية وتطلعات حلفائهم الأقليميين وأيضا ظهور حركات أسلامية شديدة التطرف تجلت بولادة مايسمى بدولة الخلافة الأسلامية الذي توازى مع بداية نزوحات جماعية خارج الأوطان المتظررة وجهتها الرئيسية بلدان أوربا الغربية التي أصلا تعاني من مشاكل أقتصادية ,والأخطر من كل ذلك هو أن الأرهاب الذي ضرب دول الشرق الأوسط بدأ يضرب عواصم الغرب أيضا ويؤجج مشاعر كراهية الآخر وظهور قيادات متطرفة يمينية تستغل الأحداث وتحرض جماهيرها على العنف المضاد وتهديد أمن المهاجرين مما قد يشعل حروبا أهلية عنصرية تؤدي لخلخلة الأمن الداخلي وإضعاف مكانة الغرب في الشرق الأوسط والعالم الأسلامي.هذه المعطيات أجبرت الدول الغربية وبالأخص دول غرب أوربا أن تبدل مواقفها وثوابتها القديمة,فهذه الدول بدأت تتلمس مدى آثار الخسائرالأقتصادية والسياسية التي لحقت بها بتبنيها لمواقف ورؤى أمريكا وأسرائيل في المشرق العربي وبتسلل الغريمين الروسي والصيني تدريجيا أضافة لأيران وتركيا لأخذ تلك المكانة السياسية والأقتصادية خصوصا فيما سيتعلق ببناء مادمرته الحروب.المواقف الجديدة لأوربا تترجم اليوم بالتوجه نحو صيغ التفاهمات بأيجاد سبل ومعادلات سياسية لحل النزاعات بعد فشل سياسة الحروب وبروز النتائج السلبية لها المتمثلة خصوصا بالهجرة والأرهاب والخسائر الأقتصادية بفقدان الأسواق.هل بدأ هذا التصور ياخذ له حيزا ولو على مضض في السياسة الخارجية الأمريكية بحساب أن الأوربيين شركائهم ولايستطيعون العمل بعيدا عنهم ؟لانعتقد ذلك وما التطورالأخير بالتهديد بنقض المعاهدة النووية مع أيران الا مثالا صارخا بمواصلة نفس السياسة المبنية على الرؤى الستراتيجية الأسرائيلية .االسؤال المطروح لمذا تقف أمريكا إذن ضد الأستفتاء ونتائجه ؟ والجواب هو لتهيئة الأجواء المناسبة لشن العدوان المبيت على أيران بتحييد العراق وأستخدامه أرضا محروقة لشن ذلك العدوان بعيدا عن الخليج وإماراته الغنية وليذهب العراق فيما بعد للجحيم ولينفصل من ينفصل,ذلك أنه ليس من الممكن شن حربا على أيران بنفس الوقت الذي يتوقع فيه إمكانية إندلاع حربا أخرى في العراق بين المركز وحلفائه الأيرانيين والأتراك من جهة والأقليم وحلفائه وعلى رأسهم أسرائيل من جهة أخرى,أي بكلمة أوضح إن الموقف الأمريكي والأسرائيلي يقول علينا بأيران أولا وسندعم الأنفصال بعد ذلك فلا تستعجلنا يا مسعود فتضع العربة قبل الحصان.إن شن أي حرب جديدة في الشرق الأوسط وبالأصطفافات التي نرى أتساع مداها الأقليمي والدولي في المنطقة سوف تؤدي الى سلسلة أحداث لايمكن توقع حساباتها وتؤدي لخلخلة عظيمة في موازين القوى الدولية قد تجر لقيام حربا شاملة لأن أحتلال أيران ووضع اليد على مقدرات العراق سيحقق لأمريكا ما كان يحلم به بوش الأبن من الأمساك بمقبض صنبورالنفط العالمي وتجارته وطرق إمداده,فهل سترضخ روسيا والصين ودول العالم وحتى أوربا لهذا الأبتزاز الحيوي؟
بالرغم من تباعد وجهات النظر الأوربية والأمريكية في كيفية التعامل مع الملفات الساخنة في المنطقة والأولويات لكن مواقفهم تتناغم بخصوص وجوب إبطال أو على الأقل تأجيل نتائج الأستفتاء ,كل بحساباته, بالحث والألحاح على التريث وعدم أستخدام العنف واللجوء للتفاهم أولا وأخيرا وبأية صيغة حتى لو جائت بالضد من تطلعات ألطرف العراقي في حل المشكلة التي أججها مسعود بأستفتائه,ولايهم أن يتحقق الأنفصال أم لا فالمهم هو أن لاينتج عن ذلك ما يكدر أمنهم أو رفاهية أقتصادهم.أي كما يقال باللهجة العراقية (كلمن يحود النار لكرصته)أي كل واحد يسعى لتقريب النار لناحيته لشواء رغيفه أولا