لقد فرحنا كثيرا عند تكليف السيد حيدرالعبادي لرئاسة الوزراء لكي نتخلص من الحاكم السابق الذي حاول دون جدوى ان يكون دكتاتورا بديلا للدكتاتور السابق وبنسخة مشوهه . وفرحنا مرة ثانية عندما علمنا بان السيد العبادي قد استجاب لمطالب المرجعية الرشيدة ومطالب الشعب الذي نزل الى الشارع لتوفير الحد الادنى من الخدمات اللائقة بكرامة الانسان . ولكن فرحنا هذا لم يدم طويلاحيث لم نجد اي تغيير حقيقي بالحكم ، ناهيك عن اي تغيير فعلي بعد طرحه الاصلاحات الاولى ثم الاصلاحات الثانية والتي يظهر منها رغبة العبادي بتسويف مطالب المتظاهرين عن طريق الايحاء لهم بانه قد استجاب لمطالبهم . هذا من جهة . ومن جهة اخرى فانه اراد ان يدعم حكم حزب الدعوة ليكون الحزب الحاكم الوحيد والوريث غير الشرعي لحزب البعث في العراق . فبدلا من ان يستقيل من حزب الدعوة ليكون رئيسا للعراقيين كافة كما جاء في مطالب المتظاهرين فانه عزز وجوده في حزب الدعوة وانفراده بزعامة الحزب عن طريق اقالة المالكي واقالة خصومه وخصوم حزب الدعوة التقليديين . اضافة الى تقليصه للكابينة الوزارية دون تعيين وزراء اكفاء او تكنو قراط بدلا من الموجودين حاليا والذين يمثلون الحيتان الكبيرة لافة الفساد في العراق . كما انه لم يجرؤ بمحاسبة الفاسدين رغم انه حاول ان يعطي الانطباع بذلك عندما اشار الى احالة ملفات بعض الفاسدين الى هيئة النزاهة التي هي الاخرى بحاجة للاصلاح والتطوير .
هذا هوالمحور الاول الفاشل من محاور الاصلاحات المزعومة اما المحور الثاني فذاك الذي يتعلق بالقضاء الذي نخر الفساد بعض مفاصله وعلى رأسه مجلس القضاء الاعلى الذي كان يفترض به ان يكون من انزه المؤسسات لكونه يضم رؤساء محاكم وادعاء عام . ولكننا وجدناه ويالخيبة الامل متمسكا بمومياء القضاء الذي افسد القضاء في العهد المقبور بالتعاون مع وزير العدل انذاك . ثم افسد القضاء ثانية بالتعاون مع سئ الصيت السفير بريمر بعد الاحتلال .ثم اقدم وبكل وقاحة على تسييس القضاء بالتنسيق مع رئيس الوزراء السابق . فاقدم على تنحية القضاة النزيهين والمعروفين بسلوكهم النظيف والعادل ، وتهديد الباقين بالاقالة او النقل حتى اصبح القضاء عندنا مضرب الامثال في كونه اليد الضاربة للسلطة الادارية . على عكس القضاء المصري الذي ضرب لنا المثل الرائع في استقلاليته وعدم انصياعه لمطالب واوامر الرئيس المصري المعزول محمد مرسي . والذي اصبح القوة الفاعلة للثورة الثانية في مصر . وانني لاستغرب على السيد رئيس مجلس القضاء الاعلى تمسكه بالمنصب رغم كبر سنه ورغم توجيه الاهانات له من قبل المتظاهرين حتى اصبح شخصا يفتقر الى الحد الادنى من الكرامة الانسانية . وواسفاه على رئيس القضاة هذا الذي حل محل المرحوم محمود القشطيني او غيره من القضاة المرموقين في العراق . وواسفاه على القضاء في العراق عندما يرأسه مثل هذا الشخص الذي يأبى القلم النزيه ان يتلطخ بأسمه . وسيكون نموذجا للانحطاط والوضاعة والتسول على ابواب المسؤولين والذي سيبقى وجهه الكالح عالقا بذاكرة كل عراقي لاجيال عديدة قادمة .
والمحور الثالث الذي اود ان اذكر به السيد رئيس الوزراء والاحزاب او الكتل الحاكمة معه ان هذه هي الفرصة الاخيرة لانقاذ ما تبقى من السلطة لهم على ارض ومقدرات الشعب العراقي . واذا بقيت الاوضاع كما هي الان ومن دون اصلاح حقيقي وفعال لتعديل المسار المنحرف للحكومة .واذا لم يتم اقرار مبدأ توزيع السلطة والثروه توزيعا عادلا بين فئات وطبقات الشعب فان الشعب سوف يلفضهم نهائيا . لانه لا يمكن خداعه بعد الان فقد انكشفت الاوراق واصبح اللعب على مقدرات الشعب كاللعب بالنار . لان سلاح ادعاء الدين لم يعد صالحا بعد الان وان التفرقة الطائفية والعنصرية بين ابناء الشعب الواحد لم تعد مجدية في الاستمرار بالحكم والتلاعب باموال الشعب . فعودوا لرشدكم وانصاعوا لمطالب المتظاهرين فانها مطالب عادلة ومنصفة وكفاكم نهب وسلب وتغرير بالبسطاء من عامة الناس لان هؤلاء هم الذين سيكونون وقود الثورة القادمة . واذا قمعت المظاهرات بالقوة فانتظروا ثورة الجياع وعندئذ فان موسى الثورة ستقطع كل الرؤوس الفاسدة والمتسلطة على رقاب الشعب . وهذا درس من دروس التاريخ الذي لا يقبل الخطأ . فاحذروا ثورة الجياع ان كنتم تعقلون .