23 ديسمبر، 2024 7:22 م

محاكم التفتيش تظهر في العراق

محاكم التفتيش تظهر في العراق

أقدمت محاكم التفتيش في العراق الجديد على ارتكاب جريمة نكراء تعيد إلى الذاكرة ما كانت تفعله محاكم التفتيش ومن خلفها الكنيسة الكاثوليكية بحق كل من يخالف تلك الكنيسة الفكر أو العقيدة التي تؤمن بها، حيث أقدمت (محاكم التفتيش) على إعدام اثنين من الشباب المسلم المؤمن (علي عبد حسين وحسن عبد حسين) وهما أخوان من أهل الجنوب، وسبب إعدامهم أنهم آمنوا بداعي الله اليماني أحمد الحسن وصي ورسول الإمام المهدي(ص)!!

لعل محاكم التفتيش سيئة الصيت التي صنعتها الكنيسة الكاثوليكية في عصور الظلام قد تجد لها تبريرا وهو أن الجهل كان يغطي مساحة واسعة من الأرض، ولم يكن هناك صوت يعلو على الصوت الأسطوري للمؤسسة الدينية، وتهمة من يعلو صوته فوق صوت المؤسسة الدينية جاهزة (مهرطق) وهذه التهمة كفيلة بتصفيته جسديا بعد تسقيط شخصيته، أما أن نصحو اليوم في زمن يدعي أهله أنه زمن الحضارة والتطور، ونجد أهل هذا الزمن يعملون بذات العقلية التي أنتجت محاكم التفتيش سيئة الصيت فهذه هي المفارقة العجيبة الغريبة؟؟!!

في بلد مثل العراق يدعي الحاكمون فيه اليوم أنهم كتبوا دستورا يكفل للناس حرية الاعتقاد والفكر، ويؤمن بالتعددية نجد أن هؤلاء الحاكمين بنفس اليد التي كتبوا فيها ذلك الدستور يوقعون على إعدام اثنين من الشباب الأخوة لا لذنب ارتكبوه أو دم سفكوه أو جرم اقترفوه سوى أنهم آمنوا بعقيدة وجدوا عليها عشرات الأدلة إن لم نقل مئات الأدلة الموجودة في الكتب السماوية، والموجودة في الكتب الروائية لعامة المسلمين، فإذا يستحق من يؤمن بعقيدة عليها عشرات الأدلة النصية إن لم نقل المئات بلا مبالغة (الإعدام والقتل والتصفية) فمن الأحرى لهذه الحكومة أن تحكم بإعدام الكتب السماوية والروائية أيضا لأنها هي التي دلت الناس الذين آمنوا بهذه العقيدة على أحقيتها!!!!

ولعل من العجب أنك اليوم إذا آمنت بفكر لا ترضاه حكومة العراق ومن خلفها المؤسسة الدينية الحاكمة ولا ينسجم مع طروحاتها فتهمتك جاهزة (إرهابي) وتطبق عليك المادة (4) إرهاب ولا يمكن لأحد أن يسمع منك أو حتى يصغي لمظلوميتك!!! فهل هذه العدالة التي وعدتم الناس بها، وهل هذا هو القانون الذي تزعمون أنكم تقيمونه لقيادة الحياة؟؟!! ما الفرق بين ما تفعلونه اليوم بإعدام من يؤمن بعقيدة تخالفكم وبين محاكم التفتيش التي أعدمت جردانو برونو الفيلسوف الايطالي الذي عاش بين (1548-1600م) وقام بنشر نظرية كوبرنيكوس حول دوران الأرض، فسجنه رجال الدين المسيحي الكنسي ثم قطعوا لسانه وقتلوه بعد تعذيبه، لأنه قال: إن الأرض تدور حول الشمس! في حين أن رجال الكنيسة كانوا يعتقدون أن الشمس والكواكب هي التي تدور حول الأرض؟؟؟!!!! (ينظر وهم الالحاد للكاتب أحمد الحسن: ص20)، وأنتم اليوم فعلتم نفس الفعل مع هذين الشابين المظلومين المغدورين، ولهم أخوة لهم على نفس الاعتقاد ينتظرون على ذات طريق المظلومية.

إن حكم محاكم التفتيش وحكمكم واحد، والتهمة واحدة، وصانع التهمة واحد وهو المؤسسة الدينية التي تعلم أن سلطتها وجاهها ستتعرض للكشف وبيان الحقيقة إذا ما انتشرت عقيدة تبين حقيقة الدين وكونه القادر على تحقيق العدالة وإقامة القانون الإلهي الحامي للدماء، والضامن للكرامة، الدين الإلهي الذي كان متمثلا بعلي بن أبي طالب(ص) الخليفة الإلهي الذي يقول لأحد المعارضين له شاهرا ظاهرا في مسجد الكوفة: أنت مني في حل ما لم تؤذ صالح المسلمين!!

وهنا نسجل السؤال الكبير والعريض: ما هو صالح المؤمنين الذين آذوه أنصار الإمام المهدي(ص) الذين حبستموهم وعذبتموهم وحكمتم عليه بالإعدام وأقررتم حكمكم ونفذتموه باثنين من الشباب المسلم المؤمن، وهناك شباب مثلهم ينتظرون مقصلتكم لا لذنب ارتكبوه سوى أنهم قالوا صدقنا بما قاله رسول الله محمد(ص) لأمته قبل أن يرحل إلى بارئه سبحانه : إني مخلف فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فأولئك الشباب المظلومون المقتولون آمنوا بهذا الحديث الشريف وصدقوه وعملوا به، وفي سجونكم وأقبية تعذيبكم مؤمنون مثلهم أصدرتهم عليهم نفس الحكم الظالم الجائر؟؟؟!!! مع الالتفات من أن لا أحد منكم هو علي(ص) أو رجل من علي(ص).

لما أثرتم الزوبعة على أنصار اليماني في عام (2008م) وقتلتموهم وسجنتموهم وهدمتم مساجدهم، أنتم بأنفسكم ظهرتم على الفضائيات وبرأتم أولئك الفتية من تهم الارهاب التي روجت لها المؤسسة الدينية التي كانت وراء فتاوى تكفير أنصار اليماني واستباحة دمائهم، ومهاجمة مساجدهم ومداهمتها أكثر من مرة ولم تجدوا فيها غير نسخ من المصحف الشريف وكتب المسلمين الروائية، وها أنتم تجدون أنفسكم بمواجهة ما سطرت أيديكم في دستوركم الذي من فقراته احترام الفكر والعقيدة، وليس في قوانينكم مادة تصدر أحكاما بتجريم من له عقيدة تخالف عقيدتكم، فما بالكم بإصدار أحكام إعدام وقتل؟؟؟!! هل صار حالكم حال أهل الجاهلية عندما يصنعون آلهتهم من التمر وإذا جاعوا أكلوها؟؟!! وها أنتم اليوم تكتبون قوانين بأيديكم، وبنفس تلك اليد التي كتبت القوانين تقتلون وتذبحون، وتريقون الدماء ظلما وعدوانا.

أليس ما تمارسونه اليوم مع أنصار اليماني هو الإرهاب بعينه؟؟!! ما الفرق بين إرهابكم وإرهاب محاكم التفتيش، وإرهاب القاعدة الشيطانية التي تقتل وتذبح كل من يخالفها الاعتقاد؟؟!!

ليس عند أنصار اليماني غير الكلمة، وكلمة من؟! كلمة الله سبحانه التي سطرها في كتبه السماوية وعلى لسان خلفائه؛ الأنبياء والمرسلين والأوصياء(ع)، فإذا كان لديكم ما تواجهون به هذه الكلمة فواجهوها بالكلمة، واجهوها بالدليل، ونحن نسأل كل منصف لديه أدنى شعور بالإنسانية : ماذا تسمي من يواجه الكلمة بالقتل واستباحة الدم الحرام؟؟!! أليس هذا هو الإرهابي والمجرم؟؟

وأتوجه بالسؤال إلى من اتخذ قرار إعدام هؤلاء الفتية المؤمنين: ما هي جريمتهم وما هو ذنبهم الذي استبحتم به دماءهم؟؟!! انتبهوا هذا سؤال لكم غدا أمام الله سبحانه، قال تعالى{وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ}(الصافات/24)، وأنتم أنفسكم من يأوي الارهابيين الذباحين في سجون (خمس نجوم) مراعاة لحقوق الإنسان!! ترعون حقوق الذباحين القتلة، وتقتلون شبابا لا ذنب لهم ولم يسفكوا دما، ولا جريرة لهم سوى أنهم اعتقدوا بعقيدة لا ترضاها المؤسسة الدينية التي توفر لكم الغطاء الجماهيري في الانتخابات ليعاد انتخابكم!!!

ونحن نسأل: هل هذه الدماء البريئة لهذين الشابين المظلومين المؤمنين كانت عربونا تقدمونه للمؤسسة الدينية حتى ترضى عنكم وتوجه أتباعها لإعادة انتخابكم والتصويت لكم؟؟ هل هذه الدماء المظلومة جعلتموها ثمنا لشراء سلطة طالت أو قصرت فهي سلطة لا تختلف عن سلطة محاكم التفتيش التي ارتكبت أفحش الجرائم بحق العقول النيرة، والأفكار الفاضحة لهشاشة فكر المؤسسة الديني القائم على استجهال الناس واستغلال عواطفهم وتجييرها لإقامة سلطتهم وجبروتهم على الناس؟؟ ولكن بين أيديكم عبر ممن سبقكم، فهل ستعتبرون؟؟!! قال الإمام علي(ص): ما أكثر العبر وأقل المعتبرين.