سألني صديق عزيز عندما نشرت في قناة العربية أن أسرة المرحوم محمد مصبح الوائلي المحافظ الأسبق للبصرة تقدمت بشكوى للقضاء واتهمت رئيس الوزراء نوري المالكي باغتياله: هل تعتقد أن القضاء العراقي سيحاكم الماكي أم أنه سيلفلف القضية ولايبالي؟.
أجبت : لا أستطيع التكهن بموقف القضاء فهو متهم من قبل الكثيرين بأنه فاسد لكن ما أتوقعه من المالكي هو أن يطلب هو من القضاء النظر في القضية ليوجه من خلالها رسالة الى العالم خصوصاً العراقيين أنه منحاز للقانون، مادام هو يرأس إئتلافاً باسم ” دولة القانون ” . وأنه قبل كل شيء بريء من التهمة.
إن إغتيال ” محمد مصبح الوائلي” في 27 سبتمبر أيلول المنصرم ، لم يكن مجرد إغتيال عادي ، يحصل مثله كل يوم في العراق الذي تعود القتل وفوضى الدماء وبات قدره. كما أنه أيضاً ليس إغتيالاً سياسياً تكرر في السابق في حوادث بدت متشابهة وسجلت ضد فلول البعث والقاعدة، لأنه هذه المرة إغتيال بنكهة جديدة ومثيرة حيث وُجّهت فيه اتهامات مباشرة من أولياء الدم الى رئيس ” دولة القانون ” ، وحزبه الذي تُعرّفه نشرة ” صوت الدعوة ” منذ تأسيسه نهاية الخمسينيات من القرن الماضي بأنه ” تيار أفكار ومواكب ابطال “.
إذاً … كان على القضاء أن يسارع الى استدعاء المالكي كأي مواطن آخر توجه له تهمة القتل العمد ويحقق معه ويعلن ذلك على الملأ، بل ويحاكمه أمام الجميع وبعيداً عن مجاملات ” دولة رئيس الوزراء” لكي ينفي التهم عنه بأنه تحول الى حربة بيد المالكي يحارب بها خصومه ومنافسيه السياسيين، ويثبت ” عدالته ” المشكوك بها حتى من قبل باقي المقاولين السياسيين المشاركين في نظام ” تفاسم الحصص” بالعراق الجديد.
وكان على المالكي أيضاً أن يبادر هو الى الى المثول أمام محكمة البصرة حيث سجل إثنان من أشقاء المرحوم الوائلي، شكوى رسمية ضده واثنين ممن هم محسوبين عليه في حزب الدعوة، بدعوى التواطؤ على قتله بطريقة ” الاعدام “، وبالتالي .. يمكن تكون هذه المحاكمة ، سابقة تحسب للمالكي وللقضاء ، إذا جرت مستقلة عادلة نزيهة..
لقد حاكم القضاء العراقي نائب الرئيس السابق طارق الهاشمي، ولكن بعد السماح له بمغادرة العراق. وحاكم القضاء ” مقاولين سياسيين ” آخرين فروا خارج العراق لست بصدد ذكر أسمائهم، فيما تجنب محاكمة آخرين ، بما يثير الكثير من التساؤلات عن عدالته ونزاهته خصوصاً بعد الحملة الأخيرة لبعض رموز التيار الصدري على رئيس القضاء مدحت المحمود وأنه كان بعثياً شارك رئيس النظام السابق صدام جرائمه التي أوصلته الى المشنقة ، واحدة منها فقط ، وهي ” حادثة الدجيل” .
فلماذا السكوت عن فتح ملف ” الوائلي ” الذي لم يمض عليه الكثير وبالامكان التحقيق فيه للوصول الى الحقيقة ، على الرغم من أن الكثير من الأدلة التي يسوقها أولياء الدم في إتهام المالكي وأفراد من حزب الدعوة، تم التلاعب بها ، أو أنها ماعادت موجودة؟!.
ولماذا لم نجد واحداً من التيار الصدري الذين يصرخون ليل نهار متهمين المالكي والقضاء بالفساد، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً في مايزعمونه من تحقيق في نزاهة هذا أو ذاك، يطالب بمحاكمة المالكي في قضية اتهامه باغتيال الوائلي، أم أن الامور تجري في العراق ، انتقائية و” كلمن يحود النار لكرصته “؟!
عندما تشاهد المالكي أو أي واحد من التيار الصدري وهو يتحدث عن تطبيق القانون والنزاهة تراه “يسوي الشط مرك والزور خواشيك” . ولكن عندما يمس نقد أو إتهام ” ذاته المقدسة ” ، تجده ينفجر انتقاماً ، ويبدأ بفتح ملفات ليس لها صلة بالواقع.وكأنه ” يشوف البكه ويعوف الجمل”!!.
ياجماعة :والله حيرة …تتحدثون عن النزاهة ومكافحة الفساد ولكنكم تكونون كلكم خارج نطاق التغطية عندما يتعلق الأمر بالعدالة الحقيقية لو بس حرامي الهوش يعرف حرامي الدواب؟!
إيه…
” دخانكم عماني وطبيخكم ما اجاني” .
مسمار:
تنازع علي بن أبي طالب وهو أمير المؤمنين مع يهودي على درع، فاحتكما إلى القاضي شريح، الذي قال: «يا أمير المؤمنين هل من بينة؟» قال: «نعم الحسن ابني يشهد أن الدرع درعي»، قال شريح: «يا أمير المؤمنين شهادة الابن لا تجوز»، فقال علي: «سبحان الله رجل من أهل الجنة لا تجوز شهادته؟» فقال «يا أمير المؤمنين ذلك في الآخرة، أمّا في الدنيا فلا تجوز شهادة الإبن لأبيه».