بين قلقٍ واضطراب وتردد واختلاف توزع مشروع القانون الجعفري محاولةً وأده في مهده مُدى الخوف والجهل والانتقام بقصد وبغير قصد حتى بات خفي الملامح عن اقرب اهلهِ ومن تبنته أقلامهم وضمته أوراقهم فلا ندري من المخطئ ومن المصيب…
فهل الذي طرحه في هذا الظرف اخطأ الهدف في طرحه حيث المجتمع اليوم يشهد انحلالا من بعد احتلال تميّعه إيحاءات الفساد فيسير بخطىً ثابتةٍ نحو الضلال وتزعزعه مغريات التحرر والانفلات فينجر عن لا وعيٍ نحو التمزق والاضمحلال، ولا ثمة قانون يوفر له ابسط قواعد الرشد بعد ان غابت أقمار الهداية عن مدار النصح وفلك البصيرة، وجفت منابع الفضيلة والصلاح، ام أصاب الهدف مستدلا بمبادئ الدستور الذي انتدبت له رعاة الحق ابنائها يوماً ما للتصويت عليه وهو الذي ضمن مبدأ الحرية في الطرح والتبني وإن دين الدولة الرسمي هو دين الاسلام مع رعاية حقوق الطوائف الاخرى طبعاً، ومعتصما بحبل الله في طرحه مشروعاً مؤيدا بكلمة الله نابعاً من شريعة الله لا شريعة البشر ومستثمرا في الوقت نفسه فرصة قوة الدولة العادلة التي ادعت انها بنت نفسها على انقاظ الدولة الظالمة.
وهل أصاب من رفضه بدعوى انه يمزق وحدة النسيج العراقي ويحضن مبدأ الطائفية المقيت وأننا اليوم أحوج ما نكون الى قانون او قوانين تسن الخدمات والمساواة والأخوة بين الجميع، ام أخطأ في حساباته حين رفضه حيث لم يفطن الى مشاكل عدة إفرزها ويفرزها تطبيق القانون الحالي وانه هو من يمزق وحدة المكون الواحد فضلا عن المجتمع الواحد بتشريعاتٍ غريبةٍ عن عاداتنا وتقاليدنا فضلا عن ابسط أدبيات ديننا ولدت مشاكل ضجت بها أروقة محاكم الدولة وناء بثقلها الغافلون
وبعيدا عن كل هذا وذاك :
ألحَّ عليَّ نداءُ الضميرْ
بما ليس عن ردِّهِ مهربُ
ألـلهِ ربِّ الثرى والفضاءْ
وجودٌ له المنتهى يُنسبُ؟
أيخلقُ خلقاً بلا شرعةٍ؟
إذن كيف يأمر او يطلبُ
أليست قوانينهُ حيةً؟
أليس لتعطيلها يغضبُ؟
وهل دينكم غير فرض الصلا..
.. ة والصوم ما سنَّ أو يُنجبُ؟
هل الدين شيخٌ يؤمُّ الصفوفْ
وشيخٌ على منبرٍ يخطبُ؟
أمن أجلِ هذا أتى الأنبياءْ؟
ودونهما ليس يُحتسبُ
فمنذ ابتلى آدماً ربُهُ
ولادين عن بدعةٍ يشجبُ
وانت الذي قلت ان الحياة
يُسيِّرُها الدينُ والمذهبُ
وحتى مجيء الكنيفِ لهُ
نصيبٌ من الدينِ لا يُحجبُ
وأنَّ يدَ الدّين سنَّت لكلِّ
يدٍ كيف تأكل او تشربُ
وقد خاض في صُغرياتِ المحيضْ
ولم يُترَكْ المحدِثُ المجنبُ
فما بالهُ ساكتٌ عن أمورْ
يقول بها العقلُ والكتبُ
أشلّ التطورُ أحكامه؟
هل الدينُ يُعدمُ او ينضِبُ؟
فثمَّت منازعةٌ في الحقوقْ
وثمَّت حقوقٌ هنا تُسلبُ
وثمَّ زواجٌ وثمَّ طلاقْ
وإرثٌ وفي إثرهِ نسبُ
فأين هو الدينُ من كل ذا؟
فهل بحثوا فيه او نقَّبوا؟
وهل غمط الدينُ حقَّ النساءْ؟
كمن ظلموهنَّ او عذَّبوا
أيفرضُ تزويجَهُ القاصراتْ؟
أمْ انَّهُ سنَّ وما يوجبُ
أيظلمُ من أوجبَ الرِّفقَ بالـ
ـقواريرِ وهو الشفيقُ الأبُ
أحقَّاً يُمزِّقُ صفَّ الشعوبْ
ويصدعُ شملاً ولا يرأبُ؟
وقصةُ شيخِ النصارى إذن…
أزيفٌ وتأريخكمْ يكذِبُ؟
وأغربُ من كلِّ هذا وذا..
..كَ أنَّهُ من أهلِهِ يُشجَبُ
أدينٌ ويرفضهُ العقلاءْ؟
إذن قُل مشرِّعُهُ مُذنبُ
أللدينِ ظرفٌ يُناسِبُهُ
وظرفٌ لتعطيلهِ أنسبُ؟
فهل بان عجزُهُ إذ جرَّبوهْ؟
أَمْ العجزُ فيهم فما جرَّبوا؟
نعم كل هذه تساؤلات انطوت عليها صفحة النفس فلم يطق الضمير احتباسها فبادر بها مستفزا نقاء الشعور متسائلاً وهو ينظر من أمرنا عجبا اللدين ظرف يناسب تطبيقه وظرف لا يناسبه وكيف يظلم من العدل أصل فيه…
ثم هل ان القانون الجعفري جاء ليهدم دستور الدولة وكل القوانين المعمول بها ام جاء ليحل رديفاً لقانون الأحوال الشخصية فقط، مخيرا في ذات الوقت بينه وبين رديفه المحتكم في التطبيق.
وثم اية فريةٍ أدهى وأمر من فرية تزويج القاصرات وهو الذي سن ولم يوجب بل يمنع من ذلك هو نفسه إن رأى المصلحة تقتضي المنع، وكلنا يعلم ان امر تزويج البنت بيد الأب ان شاء زوج او شاء منع ولا دخل للدين في فرض التزويج على الاثنين.
فعلى المتقولين ان يخافوا الله في دينه وعلى أولياء الأمور ان ينصفوا الله من أنفسهم ولا تذهب بهم المذاهب مزالق الطرق، وليعلموا ان الله بالغ أمره.
أقول مقالتي هذه تاركا الحكم لكل حرٍ لا زالت فيه بقيةٌ من ضمير مختتما بخطبة الامير علي عليه السلام اذ يقول:
إِنَّ الْوَفَاءَ تَوْأَمُ الصِّدْقِ، وَلاَ أَعْلَمُ جُنَّةً أوْقَى مِنْهُ، وَمَا يَغْدِرُ مَنْ عَلِمَ كَيْفَ الْمَرْجِعُ، وَلَقَدْ أَصْبَحْنا في زَمَان اتَّخَذَ أَكْثَرُ أَهْلِهِ الْغَدْرَ كَيْساً،وَنَسَبَهُمْ أَهْلُ الْجَهْلِ فِيهِ إِلى حُسْنِ الْحِيلَةِ، مَا لَهُمْ! قَاتَلَهُمُ اللهُ! قَدْ يَرَى الْحُوَّلُ الْقُلَّبُوَجْهَ الْحِيلَةِ وَدُونَهَا مَانِعٌ مِنْ أَمْرِ اللهِ وَنَهْيِهِ، فَيَدَعُهَا رَأْيَ عَيْن بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا، وَيَنْتَهِزُ فُرْصَتَهَا مَنْ لاَ حَرِيجَةَ لَهُ فِي الدِّينِ.