يروى عن إبن عياض: أنه كان متعلقاً بأستار الكعبة، في موسم الحج، مستغيثاً بالباريء، داعياً لصلاح الرئيس، فقال واحد بجانبه: ألا يجدر بك أن تدعو للمؤمنين، والفقراء، والمحتاجين، والمساكين فأجابه قائلاً: ويحك ياهذا، إن صلح الرئيس صلحنا، وإن فسد فسدنا!
إبن عياض أحد العباد، والحكماء الزاهدين في الحياة الدنيا، يعيش على قناعة من أمره، لكنه يحتج عندما تشتد الأمور على فقراء المسلمين، مع سطوة الطغاة، وقد وجه رسائل إعتراض، لخلفاء بني العباس، الذين يرون أعمالهم السيئة فيصرون عليها أكثر، ذلك أنهم فاسدون وفاشلون على السواء، فتهدمت دولتهم في أسفل السافلين!
المرجعية الرشيدة، طالبت بالضرب بيد من حديد على أيدي الفاسدين، لأنها تدرك معنى أن يعيش الأنسان الفقير، داخل مجتمعه جسدياً، ومنفصل عنه فكرياً ومادياً، فالحكومة السابقة لم تشعر بالشعب، أو تحقق أبسط متطلباته الحياتية، فهي في واد والناس في واد أخر!
لم يأبه الساسة الفاسدون، لما تصرح به المرجعية الرشيدة، وكثرت عندهم العطايا الباطلة، وزاد حجم الفساد بأنواعه، فأغتروا بأنفسهم، وكانوا قاب قوسين أو أدنى، من بيع العراق بأكمله، لولا النداء الإلهي بوجوب الجهاد الكفائي، من أجل الأرض والعرض، فإنتفضت الجماهير!
العمل السياسي المتخبط في العراق، أنتج خطاباً تحريضياً ساعياً، الى الفساد المالي والإداري، الذي أفرزته حكومات الفشل، وعليه كان لابد من وقفة جادة، لتنحية هذا الأخطبوط الفاسد، فكانت الكلمة الفصل للجماهير، المتعلقة وجدانياً بتوصيات مرجعيتها الحكيمة، فأعلنوها هادرة حاكموا السراق!
هناك تواريخ أسطورية، غذتها ذاكرة الحق والحرية، كتبت حياة جديدة للعراقيين، كسقوط الطاغية، ونهاية الإستبداد، وولادة الديمقراطية، وعرس الانتخابات، وتغيير الوجوه الكالحة، وملحمة فتوى الجهاد، ومكافحة الفساد، وثورة الإصلاحات، التي طالبت بها المرجعية والجماهير، فكانت لوحة معطاء، ونخلة مثمرة للعراق الجديد!
إبن عياض يحتج على حكومة العبادي، ويطالبه بالإسراع بحملته الإصلاحية، تنفيذاً لمطالب الشعب، فقد حان الوقت، لإسفنجة الليل المثقلة بالفساد، أن تسحق وتقبع في هوامش التأريخ، مدونة عصراً جديداً للأحرار، لأن التسلسل الزمني في العراق أصبح قائماً، لخلق الأشياء الجميلة!