يظن البعض أن التصرف بعشوائية واندفاع غير مدروس يوفر له نجاحاً في العمل الاداري الذي يتولاه من خلال سلم التسلسل الوظيفي، او من خلال الانتخاب المباشر او غير المباشر، فيما يكاد يجمع كل علماء الادارة والستراتيجيات على أن العمل الاداري الناجح والفعال هو ذلك الذي ينتج نتيجة تخطيط علمي مبني وفق تصورات واقعية، تأخذ كل الظروف والعوامل في رسم مسارات النجاح، وان العشوائية في العمل وعدم وجود تصورات مسبقة عن الوضع العام هي واحدة من اخطر المطبات التي تعيق عملية التنمية وبناء الانظمة الناجحة.
في تجربة ذي قار الاخيرة والتي يمكن ان نقول عنها أن انهت اول ربع من دورة اربع اعوام، يمكننا القول وبثقة أن هذا الربع استوفى حقه في عملية التخطيط والمنهجة لرسم مستقبل المدينة، عبر البحث الحقيقي عن عوامل نجاح واقعية لا مجرد بهرجة اعلامية زائفة، سرعان ما تكشفها عيوب جوهرية كما حدث في الاعوام والتجارب السابقة.
ولذا فأن عملية التخطيط وتهيئة عوامل النجاح قد اكتملت، وبقي لنا الاشواط الاصعب في مسيرة العمل الذي سيغير ملامح ذي قار الى غد افضل، وواقع خدمي وعمراني منشود، لكن تبقى حكومة ذي قار المحلية، بحاجة حقيقية الى المزيد من الدعم في مجال خبرات البناء والاعمار، كذلك ينبغي الحث بشكل مستمر في تطبيق القوانين اللا مركزية التي ستتيح الفرص امام ادارة المحافظة لتحديد الاولويات ورسم مسارات العمل الخدمي والأمني والاقتصادي.
كما لا يفوتني الاشارة الى أن للمواطن في المحافظة بالغ الاثر في انجاح اي عملية بناء واعمار، عبر التفاعل الخلاق مع السلطة المحلية، عبر الاقتراحات والمتابعات والشكاوى والنقد البناء، لا الوقوف كمتفرج تلك العادة التي لم تجلب سوى التعطيل والتأخر للمحافظة وللعراق بشكل عام.
ايضاً انتهز هذه الفرصة لدعوة السيد المحافظ وكل اعضاء الحكومة المحلية للاعلان عن انشاء مركز دراسات الاعمار والذي يعنى بتقديم الروئ والمقترحات والمشورات للقائمين على عملية الاعمار.
وختاماً أمل ان تكون عملية التأخر في اطلاق موازنة هذا العام، قد وفرت فرصة للمحافظة في سبيل مراجعة وتقييم الخطط واعادة تقويمها بما يخدم المحافظة، وهذا ما لاحظته من خلال سلسلة الاعلانات عن تعديل خطط الاعمار المتتالية في المحافظة، فقد يكون هذا التأخر المؤلم للموازنة، نافعاً كمصداق لقوله تعالى وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم . والسلام .