23 ديسمبر، 2024 3:30 م

محافظ الانبار ومهمة التفاوض الصعبة مع الحكومة الاتحادية

محافظ الانبار ومهمة التفاوض الصعبة مع الحكومة الاتحادية

تميزت حرب الثمان سنوات بين العراق وايران (القادسية ) بان هناك طرف يبادر لوقف الحرب وعقد اتفاقية سلام وهو العراق وطرف اخر يصر على استمرار الحرب رغم الدمار الشامل الذي  كانت تلحقه بكافة مفاصل الحياة في ايران والعراق والمنطقة ويتجاهل كل المبادرات لوقفها . يذكرنا هذا الموقف بما يحدث الان في ساحات الاعتصام , المعتصمون منذ بدء اعتصامهم يطلقون المبادرات لإنهاء الاعتصام ولا اذن صاغية من قبل المالكي بل انه يتجاهل تلك المبادرات ويستخف فيها في كثير من الاحوال .
اليوم يبادر المعتصمون ويخولون ابن الساحة محافظ الانبار لكي يفاوض او يحاور الحكومة الاتحادية . خطوة ليست بالجديدة ولا يتوقع لها ان تلقى القبول من الطرف الاخر في اسوء الاحوال . عملية التفاوض في مشاكل شائكة تحتاج وقت كبير لكي يتم التوصل الى تسويات او حلول , المطالب التي تتكون من 17 مطلب تعتبر مطالب مشروعه بالنسبة للمعتصمين وبالنسبة للمالكي تعتبر مطالب لا يمكن تحقيقها . اذن الطرفان يحتاجان الى خارطة طريق وجداول وجهات راعية ووسطاء لكي تكون هناك حلول مرضية للطرفين . ان تخويل المحافظ خطوة ليست بالجيدة وليست بالسيئة , نقاط الضعف تكمن في ان يقوم طرف بتخويل  محافظ لم يمضي على تسنمه  منصب المحافظ اشهر ويتوقع ان تكون هناك استجابة من قبل ألحكومة لكافة المطالب , كيف يتسنى له ان يقنع بقية المحافظات المنتفضة بالتفاوض بالنيابة عنهم ,بالإضافة الى انه لا يستطيع ان يؤثر ويضغط على الحكومة الاتحادية التي ينتمي اليها كموظف يحمل منصب محافظ . المبادرة كان ينبغي  كما خطط لها ان تشمل تخويل بقية محافظي المحافظات المعتصمة او رؤساء مجالسها  بالتفاوض , وفي هذه الحالة يكون موقفهم اكثر قوة وأكثر تمثيل لمحافظاتهم وهذا هو لب المبادرة التي كانت تشمل بطياتها عقد مؤتمر برعاية المحافظين الستة وينتج عنه خارطة طريق للتفاوض مع الحكومة الاتحادية تستمر لفترتين واحدة تسبق الانتخابات البرلمانية المزمع اجراءها وأخرى بعد الانتخابات للتفاوض مع الحكومة الاتحادية . لكن للأسف تم اختصار المبادرة بمحافظ واحد . الخطوة اعطت انطباعا مسبقا بان المبادرة غير كاملة , وان المعتصمين في موقف ضعيف وان الملل قد انتابهم وإنهم يبحثون عن حلول او تسويات ممكن ان تحفظ ماء الوجه والحقيقة غير ذلك بالنسبة للمعتصمين الحقيقين لكن بالنسبة للمحسوبين على ساحة الاعتصام قد يكون الامر صحيح .

اذا كان السيد احمد خلف محافظ الانبار  يريد النجاح للمبادرة وتحقيق السلم عليه ان يشرك بقية المحافظين الستة وهم علي التميمي محافظ بغداد واحمد عبدالله الجبوري محافظ صلاح الدين وعمر الحميري محافظ ديالى واثيل النجيفي محافظ نينوى ونجم الدين محافظ كركوك في التفاوض سويتا ضمن فريق تفاوضي يتكلم باسم جميع معتصمي المحافظات وهم يمثلون الطيف العراقي بكامل صوره الرئيسية تقريبا  , بالإضافة الى اشراك جهات دولية وأممية تكون راعية وشاهدة على توقيع الاتفاقات . قد تضع هذه التشكيلة  حداُ للمشككين والغير متأكدين من نوايا قادة المعتصمين , هناك هرج كبير وتشكيك اعلامي وشعبي من ان هناك من قبض الثمن او سيقبض لاحقا ثمنا لإنهاء الاعتصام .
سوف يصطدم المحافظ بعقبات كبيرة خلال طرح افكاره ومنها ان الحكومة نفذت معظم المطالب التي تقع ضمن مسؤوليتها وما تبقى يدخل ضمن سلطة البرلمان , وعلى البرلمان ان يشرع قوانين خاصة بالمخبر السري والعفو العام وغيرها من المطالب التي تتحجج الحكومة من انها خارج صلاحيتها . يقينا انها من اصعب المهمات والتنازل فيها له ثمن والتسوية غير مقبولة للطرفين , وقد تكون الاطراف الاقليمية المؤثرة هي صاحبة القرار في انهاء ملف الاعتصام في المحافظات الستة , لا اعتقد ان حكومة المالكي لديها الجرأة في الاستجابة لمطالب المعتصمين لان ايران تمنع من تحقيق اي تقدم في مجال  التقارب بين السنة والشيعة . ولذلك هناك من يقول ان حل مشكلة الاعتصام لا ينتهي إلا بالتفاوض مع ايران .