23 ديسمبر، 2024 7:23 م

محافظة “مول المنصور”

محافظة “مول المنصور”

بكامل هيبتهما وبشوارب غليظة مصبوغة بعناية ودموع الفرح تكاد تنهمر من عينيهما قدم وزيران تهانيهما لقضائين مظلومين من اقضية الوطن بمناسبة تحويلهما الى محافظتين. ولان حبل الدعاية الانتخابية هو الاخر مثل حبل الكذب قصير فقد تجددت الاشتباكات في محافظة الأنبار,وهددت محافظة بغداد بدخول اعداد كبيرة من داعش لغزوها بينما بغداد محافظة بستة اقضية .. لا قضاء ولا قضائين. ديالى التي ترقى الى درجة ان تكون محافظة منكوبة باقضيتها ونواحيها وقراها لم تسلم من كل انواع القصور الامني والخدمي والتهجير القسري والمفخخات والاغتيالات بينما يحكمها ثلاثة محافظين .. لا واحد ولا اثنين. ليلة الهرير التي وزع فيها مجلس الوزراء مكارمه السخية على بعض اقضية الوطن المبتلاة بالمفخخات وقلة الخدمات وكثرة السيطرات لانها ليست محافظات حدث ما هو حادث يوميا في محافظة بوزن بغداد. ليلة داعشية نام فيها نصف البغداديين بالعراء لخشية الاجهزة الامنية من هروب الاحداث من  “سجن الطوبجي”.
اذن ما عدا مما بدا.. وهل بالامكان افضل مما كان؟ فاذا كانت المصائب والويلات والنقص في الامن والخدمات من حصة المحافظات فلماذا الهرولة نحو محافظات جديدة سوف ترهق الميزانية وتحتاج الى طواقم ادارية من محافظين ومعاونيين وسكرتايات وحمايات واموال طائلة على التاثيث والتاهيل. هذه الهرولة تشبه هرولة سابقة باتجاه الاقاليم؟ هرولات لا معنى لها ولا تعبر لا عن حكمة ولا دارية ولا دراسة جدوى ولا “جعب بريك” .
المصيبة ان بعض فقهاء القانون وصفوا بعض قرارات مجلس الوزراء بانها كمن “يخوط بصف الاستكان”. ومما يقوله هؤلاء الفقهاء ان تحويل قضاء الى محافظة مرهون بقانون مجالس المحافظات رقم 21 لسنة 2008. والامر مرهون بمشروع قانون يحال الى البرلمان ووراءه “حصبة وجدري” لا قرار “من حيث المبدأ” مثلما اعلن مجلس الوزراء.
الاهم من كل ذلك ان الوقت لم يعد كافيا لتشريعات من الوزن الثقيل. وبالتالي فان    لهاث البعض في تحويل اقضية الى محافظات او رفض تحويلها في مقابل التهديد بالاقاليم هو ليس اكثر من لعب باعصاب الناخبين قبيل فترة عسيرة  من موعد الانتخابات. فالجميع يريد ان تكون له بصمة حتى لو كان الامر مرهون بهرولة يجيدها البعض في المواسم الانتخابية فقط. ولو كنت انا احد سكان الاقضية التي طالب بها ممثلوها في ان تتحول الى محافظات الان وعلى طريقة  “على حس الطبل” لعاقبتهم في الانتخابات المقبلة لانهم اما نائمون وارجلهم بالشمس او لا يعلمون “الجك من البك” الا بعد ان ينبههم احد او انهم مزايدون من الدرجة الاولى. ولان الموسم الانتخابي حافل بالمزايدات من كل الانواع فانه وبسبب توفر البنية التحتية والشهرة والاقبال الشديد من قبل الناس والمقومات المالية فما الضير في ان يتحول “مول المنصور” الى .. محافظة؟