يعرف البغداديون محافظة ديالى حق المعرفة ليس بسبب قرب موقعها الجغرافي فحسب بل لان لها مواقف مشرفة معهم , أثناء حرب الخليج 1990 وأمريكا وحلفائها تصب حمم غضبها وسخطها على العراق عموما وعلى بغداد خصوصا وطائرات الغزو لم تترك شبرا في بغداد لم تقصفه , لم يجد البغداديون ملاذا أمنا لهم سوى ديالى وما كان من ديالى إلا أن تفتح لهم مصاريع أبوابها وتفرش لهم العيون قبل الأرض وان تضيفهم أفضل ضيافة , يذكرني هذه الموقف بموقف الأنصار للمهاجرين (رضي الله عنهم جميعا) أبان الهجرة من مكة إلى المدينة المنورة عندما تشارك الأنصار والمهاجرين في المسكن والمأكل ونفس الشيء حصل في ديالى فقد تشاركوا مع البغداديين المسكن والمأكل ولا عجب في ذلك على أهل ديالى فهم أناس طيبون متحابون مسالمون أصحاب غيرة وشرف وحمية ما خاب من لاذ بهم .
بعد حرب الخليج 1990 وعندما اضطربت كل محافظات العراق ظلت محافظة ديالى هادئة أمنة مطمئنة , ومع بداية حرب أمريكا الثانية في 2003 أعاد البغداديون الكرة ونزحوا إلى ديالى هربا من القصف الأمريكي واستقبلوا بنفس الحفاوة ونفس الكرم , وحتى بعد سقوط النظام بقت ديالى أمنة وهادئة ومستقرة فقد شكل أبناءها لجان شعبية في كل منطقة تحسبا لأي طارئ .
ظلت ديالى مثالا يقتدي به لم تعرف أي تميز طائفي إطلاقا فقد عاش أبناءها سنة وشيعة متحابين متصاهرين أعماما وأخوالا إلى نهاية أل 2005 عندما قامت إيران ( غضب الله وسخطه عليها) بإشعال فتيل الحرب الطائفية , فأدخلت القاعدة ومدتهم بالمال والسلاح كي يحسبوا على السنة والسنة منهم براء وأدخلت فيلق القدس ومدتهم بالمال والسلاح كي يحسبوا على الشيعة والشيعة منهم براء , وبدأت القاعدة تقتل من الشيعة البسطاء وتتهم السنة بأنها من قامت بالقتل والسنة براء وفيلق القدس يقتل من السنة البسطاء وتتهم الشيعة بأنها من قامت بالقتل والشيعة براء , وصارت الحرب الطائفية على أشدها في عام 2006 حتى أصبحت الجثث والرؤوس المقطوعة تملأ الشوارع وحكومة بغداد لم تحرك ساكنا أو ربما هذا ما كانت تريده أن يحصل ,في انتخابات أل 2006 وزعت القاعدة منشوراتها بأن كل من يذهب ليدلي بصوته سوف يقتل ( طبعا مناطق سيطرة القاعدة هي المناطق السنية ) وامتثل الناس وقاطعوا الانتخابات خوفا من القتل , على عكس المناطق تحت سيطرة فيلق القدس ( المناطق الشيعية ) فقد شجعت المواطن أن يدلي بصوته وبذلك جاء مجلس محافظة لا أقول انه شيعيا بل صفويا , وقد كانت الأربع سنوات من 2006 حتى 2010 أسوء سنوات عاشتها المحافظة كانت الاعتقالات فضيعة والتعذيب افضع أما الإقصاء فحدث ولا حرج فقد أقصي كل ضباط الجيش والشرطة السنة وأقعدوهم منازلهم بأحسن حال إن لم يعتقلوهم وبذلك أصبحت الأجهزة الأمنية شيعية تماما ,أنا يؤلمني أن أتحدث هكذا سنة وشيعة لكن هذه هو واقع الحال علما إن عدد السنة في ديالى يقدر ب85% والشيعة 15% ,المهم مرت الدورة الأولى من الانتخابات وجاءت انتخابات ال2010 وكان المواطن يستبشر خيرا لان كل أهالي ديالى قرروا أن يدلوا بأصواتهم لكي يتخلصوا من الحكومة الصفوية التي تحكمهم وبرغم كل التزوير الذي حصل في الانتخابات جاءت النتيجة 24 مقعدا للقائمة العراقية والكردستانية (السنة) و5 مقاعد لدولة القانون والائتلاف ( الشيعة) لكن المضحك المبكي انه لم يتغير شيء في وضع المحافظة لان الأجهزة الأمنية الصفوية المدعومة من حكومة بغداد لم تتغير حتى إن الاعتقالات طالت أعضاء من مجلس المحافظة ( الأعضاء السنة طبعا ) .
أخيرا استجمع أعضاء مجلس محافظة ديالى قوتهم وقرروا أن يرفعوا صوتهم عاليا مطالبين بإقليم يخلصهم من حكومة بغداد وبالتالي يتخلصون من الأجهزة الأمنية التابعة لها لكي ينعم المواطن في ديالى بالأمن وينام باطمئنان , كان واضح غياب الأعضاء الخمسة من دولة القانون والائتلاف عن الوقوف مع أعضاء مجلس محافظة ديالى أثناء إعلانهم المحافظة إقليما مما يدل على رفضهم لهذا الطرح وهم أحرار في ذلك ولا يؤثر موقفهم هذا على مشروع المطالبة بالإقليم .
الأجهزة الأمنية الصفوية ( أنا دائما اكرر كلمة صفوية طبعا لا اقصد بها إن الشخص إيراني المولد أو الجنسية بل اقصد انه صفوي الولاء ) قامت بقتل المتظاهرين المؤيدين للإقليم في المقدادية والسماح لمظاهرة ترفض الإقليم أن تمر أمام مبنى المحافظة.
أنا أتصور إن سبب تخوف أخوتنا الشيعة من الإقليم إنهم يتصورون انه ستحصل انتقامات وما شابه وهذا قطعا لن يحصل لان أبناء ديالى أوعى وأذكى من ذلك لأنهم أن اقتصوا فسيقتصون من القتلة والسفاحين الصفويين فقط .
موضع إقليم ديالى سيجابه بالرفض قطعا من حكومة المالكي , أنا أدعو أهالي ديالى أن يستمروا في موضوع الإقليم وان ينفذوا الأطر القانونية وان يستفتوا مواطني المحافظة وهنا الطامة الكبرى للحكومة وكل من يسير في ركبها لان اغلب أهالي المحافظة تريد الإقليم .
محافظات الشمال العراقي ومنذ سنوات شكلت إقليما ومحافظة صلاح والانبار ونينوى والبصرة وديالى ومحافظات جنوبية أخرى تريد أن تصبح إقليما ولو تم ذلك لبقى المالكي يحكم نفسه فقط .