رأيت صاحبي متألما . فقلت أي المواجع تؤلمك , قال ما أراه اليوم من طعنات طائفية التي أخشى أن تكون مقدمات لحرب أهلية . قلت لا شك انه موجع قاس . ولكن هذه الطعن .. آت ليست أهلية حتى تكون حربا بل هي من صنع الساسة الذين رأوا إن لا مقبولية شعبية لهم بعد أن كره الناس الأحزاب وما ذاقوا من ويلاتها ورأوا ان العاطفة الدينية قوية لدى هذا الشعب فراحوا يلعبون لعبة الطائفية إن الحرب الأهلية أو الطائفية فلن تكون , قال صاحبي وعلى أي شئ استندت في هذا قلت ، انظر إلى عمق التاريخ واعتبر.. هل تجد حربا أهلية أو حتى فواصل طائفية قال نظرت ، فوجدت إن مظاهر الطائفية تجاوزت وقست حتى سوي مرقد الإمام علي بن ابي طالب رضي الله عنه بالأرض وجامع أبي حنيفة رحمه الله والشيخ عبد القادر وأصبحا مربط خيل الغزاة , ولكني وجدت أن من فعل هذا آت من الشرق أو من الشمال الشرقي وليس من أبناء الوطن , فإذا زال احتلاله زالت مظاهره الطائفية وعاد الشعب موحدا واختفت تلك الروح البغيضة . قلت . لقد أجابك التاريخ وصدقك , وحدثك بما هو حقيقة ينبغي أن ننتبه إليها , وان نستخلص منها إن مظاهر الطائفية حين أطلت برأسها . أطلت من خلال الغرباء الغزاة وأطلت من خلال القادة السياسيين وليس من الشعب , ولا يفوتنا أن ننحى باللائمة على من ركب الموجة لتحقيق إغراض وصولية وليس لهم من التدين أو المذهب شئ وهذا ما حدث اليوم أيضا وما صدرت من تصريحات إعلامية من قبل المسؤولين في الوقف السني العراقي .. وعلى العاقل في هذا البلد أن يعي جيدا لما يحيط به وبما يراد به وان الوطن والمواطن اغلي من الدخلاء أصحاب الرايات الطائفية أو أصحاب الأغراض الوصولية لإرضاء الجارة إيران , قلت لصاحبي ، لا تقلق أن امحافظة الأنبار مدينة عراقية لا فارسية , ولا يمكن التفريط بها فلن تجذر الطائفية في عراقنا لان موانع قوية قال وما هي , قلت ، أبناء مدن الانبار يشاركون في الحفاظ عليها في الوقت الذي تنادي كل الأصوات الخيرة في هذا البلد من أبناء الشعب إلى وحدة العراق ونبذ الطائفية وتنادت أبناء العشائر العراقية العربية بوجه خاص إمام المد الإيراني في المناطق التي تجاور العراق من الحدود الشرقية وكذلك تدخل اللوبي الإيراني في مفاصل بعض محافظات الجنوب التي باتت تشكو الآن من الاحتلال الإيراني ، فقد ظهرت تصريحات غير مسوؤلة ومسبوقة من بعض أعضاء الحكومة الجديدة ! لكن ترفض غالبية سكان مدن محافظة الأنبار المحررة للتو من سيطرة تنظيم ( داعش ) الأفكار المتشددة والمتطرفة ، الدينية منها أو المذهبية ، وحتى بما يتعلق بالسياسة ، مع إفراز التجربة المريرة التي عاشها الأنباريون تحت حكم ( داعش ) ظواهر اجتماعية ، مثل إسكات المتحدثين بلهجة إقصاء الآخرين ، مهما كانت الحجة , ويظهر في مدن الأنبار رفض واضح للطرح المتشدد وتبدد آثار خلافة داعش بالإضافة إلى نبذ المتطرفين والتبليغ الأمني عمّن تقترب أفكاره إلى مرحلة التخطيط وتنفيذ أفعال إقصائية أو إرهابية.وعلى الرغم من أن التنظيم الإرهابي في العراق لم يدم إلا ثلاث سنوات ( 2014 – 2017 ) أنه استقطب عدداً من المراهقين والأطفال ، في محاولة لتجنيدهم وإقناعهم بما يُعرف بـ ( دولة الخلافة ) وهو ما أضفى على مهمة إعادة تأهيل هؤلاء المراهقين عبر مراكز نفسية ، ودورات اجتماعية توعوية، صعوبة واضحة ، بسبب قلة هذه الورش من جهة وكثرة أعداد الضحايا من جهة أخرى ، وإن أفكار داعش أخذت تنتهي في المناطق التي سيطر عليها التنظيم خلال السنوات الماضية، ورغم أن المدن تعرّضت لدمار كبير ، إلا أن الأهالي فيها يكافحون بطريقتين ، الأولى هي بناء مدينتهم ، والأخرى متمثلة بتنظيف المدينة من المتطرفين الذين يسعون إلى إقصاء الأديان الأخرى والمذاهب , و أن الأهالي تكفّلوا وحدهم بمنع امتداد التطرف الفكري ، وليس فقط على صعيد التدين ، إنما بمختلف مجالات الحياة , وهذا يدل على مدى فظاعة ما وقع عليهم خلال فترة حكم تنظيم داعش والبلاء الذي حلّ عليهم , و أن السكان في تلك المدن يتفاعلون مع قوات الأمن ويحاولون رصد أي متعاون سابق مع داعش أو أي شخص يتبنى أفكاره إن السلوك الذي انتهجه تنظيم داعش في مدينة الرمادي وباقي المناطق في مدن المحافظة التي سيطر عليها بالسلاح ، والتي انتهت بالدمار والخراب ، ولّد رد فعل لدى الأهالي برفض التطرف والأفكار المتشددة ، لا سيما وأن المدينة معروفة بأنها صاحبة علم ودين وأصول ، والتنظيم الإرهابي عمل خلال فترة وجوده فيها على تشويه هذه الصور التي تعبر عن احترام الآخرين والتنوع الثقافي , وأن على دائرة الأوقاف (( الوقف السني )) في المحافظة تعالج التطرف عبر خطب دينية موحدة تطلق عبر المنابر، وبالتنسيق مع علماء ، في سبيل أن يكون الخطاب الديني عقلانياً وبعيداً عن أي مظاهر التطرف والتأكيد على قضية السلم المجتمعي , وأن مجتمع الأنبار لم يسمح خلال السنوات الماضية لمن حمل الشعارات الطائفية من السياسيين والشخصيات العامة ، ولكن الأحداث توالت على المدينة بسبب تفاقم الدعوات الطائفية من شخصيات لم تكترث لمصائر الناس ، بل اهتمت لمصالحها الشخصية , وبعد عمليات التحرير التي قادتها القوات العراقية ضد تنظيم داعش ، تكاتف الأهالي مع الأجهزة الأمنية والحكومة المحلية والمجتمع الدولي ، من أجل القضاء على مخلفات التنظيم الحربية والفكرية, وإن الأنبار تُعدّ أكثر مدينة تعرضت لاحتلال داعش وتخلصت من آثاره، وهي الأسرع من ناحية التقدم بمراحل إعمار المناطق المحررة، وإن أغلب الذين تأثروا وانخرطوا مع صفوف داعش هم بالأصل بعيدون عن المجتمع الأنباري ، وأهل الأنبار يعرفون الذين انتموا للتنظيم ، فغالبيتهم كانوا قطاع طرق وسارقون ,