23 ديسمبر، 2024 12:41 ص

محاربة الارهاب لايعني السكوت عن المطالبة بالحقوق

محاربة الارهاب لايعني السكوت عن المطالبة بالحقوق

منذ بدايات عام 2011 وجماهير الشعب العراقي تخوض معركة سلمية، للمطالبة بالحقوق، مواقعها شوارع بغداد وبقية المحافظات العراقية. عند انطلاق التظاهرات السلمية التي ضمت مئات الالاف من العراقيين والعراقيات، في شباط من ذلك العام، جن جنون السيد المالكي الذي كان في وقتها رئيسا لمجلس الوزراء، فخرج يهدد ويتوعد المتظاهرين بالويل والثبور، ويتهم تلك الجموع الغاضبة على سياساته الفاشلة، على انهم بعثيون وارهابيون، في الوقت ذاته طلب من الشعب العراقي اعطائه مهلة مئة يوم لاصلاح الاوضاع المزرية التي كان يرزح تحتها الشعب، اضافة لوعده بأن مشكلة الكهرباء ستحل خلال ثمانية اشهر! بذلك اعترف السيد المالكي ضمنا ان التظاهرات حدثت للمطالبة بالحقوق، وليس من تدبير البعثيين. انقضت الاشهر والسنين، لم  يلمس العراقيون خلالها بصيص أمل يلوح في الافق، بل زادت الامور سوءا، سواء على نطاق الخدمات او  الفساد الذي زادت وتيرته في مفاصل الدولة او الانهيار الامني.ذهب المالكي تاركا خلفه تركة ثقيلة من المشاكل، دولة شبه مفلسة، وانعدام شبه كامل للخدمات الاساسية وفوق ذلك كله هو سقوط اربعة محافظات عراقية  بيد عصابات داعش الارهابية، دون صد او مقاومة تذكر، ولم يتخذ اي اجراء حقيقي تجاه الذين سببوا تلك النكبة التي يعاني منها ملايين العراقيين لحد اليوم.لقد استلم السيد العبادي التركة الثقيلة التي خلفه له المالكي، فبدأ الرجل يلوح بالعصا الغليظة على من اوصل العراق الى هذا المنحدر، مهددا الفاسدين بالضرب بيد من حديد! طالبا من الشعب تفويضه لأجراء الاصلاحات التي يطالبون بها، فتوسم العراقيون خيرا بتلك الوعود، لكن شيئا لم يحدث على ارض الواقع سوى وعود تلو الوعود، حينها ادركت جماهير الشعب، ان تلك الوعود ما هي الآ امتصاص لغضبهم وكسبا للوقت ليس الآ، لكن الشعب الناقم على اوضاعه التي وصلت حدا لاتطاق، عاد مرة اخرى للنزول الى الشوارع بتظاهرات سلمية مليونية شملت معظم المحافظات العراقية تطالب الحكومة بتنفيذ وعودها، فكانت التظاهرة الكبرى التي اخترق المتظاهرون فيها حواجز المنطقة الخضراء، حيث انها كانت ردة فعل عفوية حسب اعتقادي على اعضاء مجلس النواب، المشغولين بصراعاتهم بعيدا عن هموم الشعب، وحدث ما حدث،(بالرغم من انني لست من المؤيدين لاقتحام المجلس بتلك الطريقة).مضت الايام والاوضاع السيئة تراوح مكانها، فلا اصلاح حدث ولا مفسد وجد خلف القضبان لينال جزاء سرقاته من امول الشعب، ولا فاشل حقيقي ازيح من على كرسيه، بعد كل هذا ماذا كان ينتظر السيد العبادي من الشعب؟ هل ينتظر، ومناطق بغداد الشعبية التي جل سكانها من الفقراء والمعدمين، تحصد بأبنائهم مفخخات الارهابيين يوميا، وتوقع مئات الضحايا والجرحى؟ ولا يجدون اجراءا حقيقيا لحمايتهم، وهل يطلب السيد العبادي من المواطنين المفجوعين بأبنائهم، والمدمرة ممتلكاتهم البسيطة التي هي مصدر عيشهم الوحيد، ان يسكت هؤلاء عن الاهوال التي تحل بهم، ولايجدون حلا من الحكومة لحمايتهم؟.انطلقت مرة اخرى تظاهرات عارمة يوم الجمعة المصادف 20 من أيار، كان معظم المشاركين فيه من سكان المناطق المنكوبة التي عصفت بها مفخخات الارهابيين القتلة والحكومة عاجزة عن حمايتهم، وللمرة الثانية اقتحم فريق من هؤلاء المتظاهرين المنطقة الخضراء، التي يتحصن فيها المسؤولين وعوائلهم، مسخًرين قوات النخبة الامنية لحمايتهم، غير مبالين بمصير ملايين المواطنين المكشوفة ظهورهم للارهاب. واستخدمت القوة المفرطة تجاه المتظاهرين، سقط عدد منهم جرحى مع الاسف الشديد برصاص اخوانهم في السلاح، وجرح عدد اخر من القوات الامنية بسبب الاحتكاكات التي حدثت على ما اعتقد وهو أمر يؤسف له. سوف يحاسب عاجلا ام اجلا امام القانون من اصدر الامر بأطلاق الرصاص على ابناء الشعب، المطالب بحقوقه.أما أن يخرج علينا السيد العبادي الذي عجز عن ادارة دفة الحكم بصورة تحقق المطالب المشروعة لشعبه ببيان، يتهم تلك الجموع الغاضبة بأنهم دواعش وبعثيون، ويقول في بيانه (في الوقت الذي تخوض القوات الامنية معارك ضد الدواعش تنطلق تظاهرات..) كال للمشاركين فيها شتى التهم الباطلة. يتساءل المواطنون، هل ان محاربة الارهاب يعني السكوت عن المظالم وعدم المطالبة بالحقوق المشروعة؟  اليس هذا أمر يدعو للاسغراب والغضب، فهل يجوز لحاكم ان يطلق على شعبه المطالب بحقوقه  تلكم التهم؟ اذا كان الامر كذلك، فما فرقكم عن جرائم النظام الصدامي الذي كان يطلق نفس النعوت التي تطلقونها على شعبكم اليوم، بأنهم فوضويون وغوغاء، وتحت تلك الذريعة حصدت الاف الارواح؟ يا لها من مفارقات عجيبة، فالذي كان بالامس يتاجر بدماء ومأسي العراقيين نجده اليوم يستخدم ذات الاسلوب لأسكات الشعب المطالب بحقوقه، فلماذا كان ذلك بالامس ممنوعا واليوم اصبح مسوغا يا السيد العبادي؟. اليس اطلاقكم نعوت البعثيين على هؤلاء الناس البسطاء، معظمهم لا يتجاوزون العقد الثاني من عمرهم، أي انهم كانوا صغارا في السن عند سقوط النظام الدكتاتوري؟ أقول اليس معنى ذلك انكم تضخمون من الحجم الحقيقي للبعثيين وهذا ما يسرهم، هؤلاء البعثيون الذين لفظهم الشعب وسقطوا في مزبلة التاريخ الذي ينتظر من يسير على نهجهم؟  ان ذلك اليوم ليس ببعيد.يقول لك العراقيون بصراحة يا سيد العبادي، انك فشلت فشلا ذريعا في مختلفف المجالات، فلا حققت الامن للناس، ولا عاقبت المفسدين ولم تتحسن الخدمات، وبقت جموع العاطلين تزداد يوما بعد يوم والفساد جار على قدم وساق،  تنحى طوعا، افضل من ان يأي يوم تحاسب على ما يحدث للشعب العراقي من محن وكوارث، أبان حكمك، فالحكام زائلون والشعب باق، كما علمنا التاريخ، انها نصيحة خالصة لوجه الله قبل فوات الأوان.