يسوّق فلاسفة الاطار التنسيقي فكرة ان الهدف الاستراتيجي للسوداني في المرحلة الحالية هو ” ايقاف الفساد ” تمهيداً لمحاربته في فترة لاحقة بعد ايقاف عجلته الجهنمية التي مازالت تسحق في طريقها الاخضر واليابس معاً !
وهو تسويق تراجعي ، فالبرنامج الحكومي يتحدث عن محاربة الفساد وليس ايقافه، وظهر السوداني مع اتلال من الدنانير العراقية المسترجعة من اموال منهبة العصر واعدا العراقيين بان تصفية ذيول القضية ستتم خلال اسبوعين فقط ، والذي حدث انه خلال الاسبوعين تم اطلاق سراح المتهم الرئيس ” الغطاء ” تبع الاطلاق قرار غير مفهوم المبررات برفع الحجز عن اموال وعقارات نور زهير والرجل مع هيثم الجبوري يتمتعان بحرية مطلقة تحت سقف القرار القضائي ، ولم يكلف السيد السوداني نفسه عناء التوجه للعراقيين بخطاب توضيح عن ضبابية ماجرى ، من باب الشفافية واحترام الجمهور والوعود معاً وكشف الحقائق !
ولو سألنا :
هل لدينا ستراتيجية واقعية لمحاربة الفساد المالي ، أم ان مانقوم به ، حتى في ايقاف وليس محاربة الفساد ، مجرد تخبطات عشوائية انتقائية تحت سطوة الضغوط السياسية لمسؤولين متواطئين أو حتى رؤوس في عملية الفساد الذي ينخر جسد البلاد ؟
واذا كانت موجودة حقا هل تدعمها وتساندها ارادة سياسية حقيقية ؟
واذا كان هذا متوفراً :
لماذا البرلمان والحكومة متقاعسان عن تشريع قانون ” من اين لك هذا؟ ” على سبيل المثال ؟!
لماذا لانشرّع القوانين التي تحمي الاعلام والاعلاميين ، بدل قانون معيب، يتقاتلون على اقراره، لتكميم الافواه التي تعمل على كشف الفساد والفاسدين في قمة الهرم الحكومي والبرلماني والسياسي ؟
لا أحد يجيب على هذه الاسئلة وغيرها من طبقة الفساد التي تحكم البلاد ، مكتفين بقرار هنا وقرار هناك لأحكام غيابية ، بعد أن يهرب الفاسد بالجمل بما حمل ، او احكام خجولة بالسجن رغم ان السرقات بالمليارات ؟!!
الفساد الذي استحكم كمنظومة متخادمة ومتواطئة سياسياً ومالياً في اجهزة الحكومة والدولة حتى في أدق التفاصيل ، لاتنفع محاربته بسياسات ترقيعية او منظومة قانونية متخلفة وارادة سياسية ضحلة تشتغل في مناطق التواطؤ لتحقيق المكاسب المالية غير المشروعة !!
دعوني اقول حقيقة كتبت عنها اكثر من مرّة ان هذه الطبقة السياسية الرثة عاجزة تماما عن حل أي من مشكلات البلاد وازماتها ، ومنها كارثة الفساد المالي والاداري ، الفساد الذي يمنع ويقتل أي حراك حقيقي لنمو اقتصادي او اجتماعي ويطيح بأي برنامج سياسي تطرحه أي قوى للتغيير حتى من داخل المنظومة السياسية نفسها !
ما الحل ؟
الحلول كثيرة ، لكن الارادة السياسية غائبة بحكم التخادم المصلحي بين الرؤوس ، ولو اخذنا التجربة السنغافورية في تحوّلها من أفسد بلد في العالم الى بلد من العشرة الاوائل في الشفافية والنزاهة ومحاربة الفساد وليس ايقافه او التغليس عليه ، لو اخذنا هذا البلد نموذجاً ، ربما نجد حلاً لعلّة الفساد عندنا !
ولكن من لديه الارادة في فعل ذلك ؟!!