7 أبريل، 2024 6:12 م
Search
Close this search box.

مجلس حسيني – كيف بدأ الخلق والسماوات والأرض

Facebook
Twitter
LinkedIn

بسم الله الرحمن الرحيم
{يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً} ( النساء 1 )
قبل الشروع في بحث الآية المباركة لا بد من معرفة { النفس ) هذه الكلمة تحمل معاني عديدة .منها إن النَّفْسُ تعني مجموعة الأعمال التي يقوم بها الإنسان في حياته .. وهي المكلفة فقط ولا علاقة للروح بالحساب والعقاب , لان نفس الإنسان هي تصرفاته حين تكون روحه النفحة الإلهية في جسده , لذلك حين يموت نقول خرجت روحه .. وتوقف نفسه .. لذلك بعض المفسرين يقعون في خطأ كبير حين يمزجون بين الروح والنفس … اقرب لك المعنى .. يقول تعالى : {يسألونك عن الروح , قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم الا قليلا } بينما النفس عليها إشارات كثيرة وقد صنفها المفسرون بالنفس المطمئنة واللوامة والمرضية والخبيثة وغيرها … وهذه بمجموعها تعني ان النفس هي الأعمال التي يقوم بها الإنسان .. أما نفس كبيرة مطمئنة .. أو متقلب بأعماله تكون خبيثة .. أو, بين وبين فيسميها النفس اللوامة,نعم هناك آيات تعتبر توقف هذه الحركة عند الموت بسبب خروج الروح . كقوله تعالى : { يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية }الكلام موجه إلى الأعمال الطيبة الكريمة وليس إلى الروح مثال آخر :{ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ }طاوعته عليه ان يقتل زيَّنته وشجَّعَتْهُ عليه { ونَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} أما قوله : {كل نفس ذائقة الموت } كل نفس لا بدَّ أن تذوق الموت، وبهذا يرجع جميع الخلق إلى ربهم ..

**** أقوال المفسرين في الاية :اختلف المفسرون في تفسير الآية على قولين مشهورين، وهما:

القول الأول: قوله تعالى: ﴿مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ النفس الواحدة: هي آدم، وخلق من هذه النفس زوجها، هي حواء، فإنّها أخرجت من آدم، أي من ضلعه، كما يقتضيه ظاهر الآية في كلمة ﴿مِنْهَا﴾. وهذا القول هو قول جمهور المفسرين …قال الطبري: أي خَلَق من هذه النفس الزوج الثاني حواء..

القول الثاني :..المراد في قوله تعالى: ﴿مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ يعني المخلوق الأول آدم، هو أول خلقة ..ثم خلق من جنس هذه النفس زوجها، أي أن حواء لم تخلق من ضلع ادم ,بل من نفس أخرى {هي من جنس نفس آدم} ، معنى الفكرة حواء ليست مخلوقة من آدم -عليهما السلام-. من أين أذن .؟

***** عن الصادق{ع} أن الله خلق آدم من الماء والتراب فصار طينُ , وخلق حواء من آدم النساء بالرجال … أي من طين أديم الأرض الذي خصصه الله تعالى للأنثى ..في كتاب {الفقيه والعلل} عنه {ع} أنه سئل عن خلق حواء .. قيل له أن أناساً عندنا يقولون إن الله خلق حواء من ضلع آدم ….قال سبحان الله تعالى عن ذلك علواً كبيراً، يقول من يقولون هذا .. إن الله تبارك وتعالى لم يكن له من القدرة ما يخلق لآدم زوجة من غير ضلعه… كي يجعل للمتكلم من أهل التشنيع سبيلاً إلى الكلام يقول إن آدم كان ينكح بعضه بعضاً إذا كانت من ضلعه ..!. ما لهؤلاء حكم الله بيننا وبينهم ثم قال ان الله تبارك وتعالى لما خلق آدم من طين وأمر الملائكة فسجدوا له ألقى عليه السبات.. ثم اخلق له حواء فجعلها في موضع قريب منه لكي تكون المرأة تبعاً للرجل فأقبلت تتحرك فانتبه لتحركها.. فلما انتبه نوديت أن تنحي عنه .. فابتعدت قليلا .. فلما نظر إليها نظر إلى خلق حسن يشبه صورته غير أنها أنثى.. كلمها فكلمته بلغته فقال لها من أنت.؟ فقالت خلق خلقني الله كما ترى.. فقال آدم {ع} : يا رب من هذا الخلق الحسن الذي آنسني به .؟ فقال الله يا آدم هذه أمتي حواء, أتحب أن تكون معك فتؤنسك وتحدثك وتأتمر لأمرك.؟ فقال: نعم يا رب ولك عليّ بذلك الشكر والحمد ما بقيت …

فقال الله تعالى: فاحطبها إليّ فأنها أمتي وهي تصلح لك أيضاً زوجة ..وألقى الله عليهما الشهوة .. فقال يا رب فاني أخطبها إليك فما رضاك لذلك ..؟ فقال رضائي أن تعلمها معالم ديني..! فقال ذلك لها يا رب علي اعلمها ذلك.. فقال قد زوجتها إليك فقال لها آدم إليّ فاقبلي فقالت له لا بل أنت اقبل..ّ فأمر الله تعالى آدم أن يقوم إليها فقام أليها وأصبحت زوجا له في الجنة …

*** العياشي عن الباقر{ع} أنه سئل من أي شيء خلق الله حواء فقال أي شيء يقولون هذا الخلق قلت يقولون ان الله خلقها من ضلع من أضلاع آدم.. فقال كذبوا كان الله يعجز ان بخلقها من غير ضلعه ثم قال اخبرني أبي عن آبائه{ع} قال قال رسول الله {ص} ان الله تبارك وتعالى قبض قبضة من طين فخلطها بيمينه وكلتا يديه يمين.. فخلق منها آدم وفضل فضلة من الطين فخلق منها حواء…

وفي اغلب كتب الشيعة عن الباقر {ع} خلق الله عز وجل آدم من طين ومن فضلته وبقيته خلقت حواء، ..قال في الفقيه : وهو قول الله عز وجل { يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها } ، والخبر الذي روي أن حواء خلقت من ضلع آدم الأيسر صحيح ومعناه من الطينة التي فضلت من ضلعه الأيسر فلذلك صارت أضلاع الرجال أنقص من أضلاع النساء بضلع….

**** في علل الشرائع : عن الصادق{ع} أنه سئل عن بدء النسل من ذرية آدم{ع} قيل له أي جماعة يقولون … إن أناساً يقولون ان الله تعالى أوحى إلى آدم أن يزوج بناته من بنيه وأن هذا الخلق أصله كله من الأخوة والأخوات .. فقال سبحان الله وتعالى عن ذلك علواً كبيراً .. هذا يعني ان الله تعالى جعل أصل صفوة خلقه وأحبائه وأنبيائه ورسله والمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات من حرام…!!

ولم يكن له قدرة ان يخلقهم من الحلال وقد أخذ ميثاقهم على الحلال والطهر الطاهر الطيب , والله لقد نبئت ان بعض البهائم تنكرت له أخته فلما نزل عليها وكشف له عنها وعلم أنها أخته أخرج عزموله ثم قبض عليه بأسنانه ثم قلعه وخر ميتاً، وفي رواية أخرى عنه {ع} ما يقرب منه مع تأكيد بليغ في تحريم الأخوات على الأخوة وانه لم يزل كان كذلك في الكتب الأربعة المنزلة المشهورة يعني بها القران والزبور والتوراة والإنجيل ..

*****: إذن من أين جاءت إن أبناء ادم تزوج بعضهم بعضا ..؟ الجواب من الإمام الصادق {ع} يقول : ان جيلاً من الكتاب المنحرفين عن علم اهل البيت {ع} لم يرغبوا ان ينقلوا للناس راي اهل البيت {ع} فأخذوا من حيث لم يؤمروا بأخذه .. فصاروا إلى ما قد ترون من الضلال والجهل ….وفي آخرها قال : هذا راي المجوس نقلوه إلى كتبهم .. وهي من أقوى الشبهات وما هي إلا تقوية حجج المجوس..

**** ثم قال : ان آدم ولد له سبعون بطناً , في كل بطن غلام وجارية إلى أن قتل قابيل أخاه هابيل .فجزع آدم على هابيل جزعاً قطعه عن إتيان النساء.. فبقي لا يستطيع أن يغشى حواء خمسمائة عام ثم تجلى ما به من الجزع فغشي حواء فوهب الله له شيئاً وحده وليس معه ثان واسم شيث هبة الله ..وهو أول وصي أوصى إليه من الآدميين في الأرض ثم ولد له من بعد شيث يافث ليس معه ثان فلما أدركا وأراد الله عز وجل أن يبلغ بالنسل ما ترون وأن يكون ما قد جرى به القلم من تحريم ما حرم الله عز وجل من الأخوات على الأخوة أنزل بعد العصر في يوم الخميس حوراء من الجنة اسمها نزلة , فأمر الله عز وجل آدم أن يزوجها من شيث فزوجها منه ثم أنزل بعد العصر من الغد حوراء من الجنة اسمها منزلة , فأمر الله عز وجل آدم أن يزوجها من يافث فزوجها منه فولد لشيث غلام وولد ليافث جارية فأمر الله تعالى آدم حين أدركا أن يزوج ابنه يافث من ابن شيث ففعل وولد الصفوة من النبيين والمرسلين من نسلهما ومعاذ الله أن يكون ذلك على ما قالوا من أمر الأخوة والأخوات…..!!

وفي الفقيه عن الصادق {ع} إن آدم ولد له غلام اسمه شيث … وسموه هبة الله وهو أول وصي أوصى إليه من الآدميين وساق الحديث إلى آخر ما ذكره.

**** رواية أخرى في الكافي عن الإمام الباقر :{ع} ذكر له المجوس وأنهم يقولون نكاح كنكاح ولد آدم وأنهم يحاجوننا بذلك فقال أما أنتم فلا يحاجونكم … وذكر الحديث :.. لما أدرك هبة الله. قال آدم {ع} يا رب زوج هبة الله فاهبط الله حوراء فولدت له أربعة غلمة ثم رفعها الله فلما أدرك ولد هبة الله قال يا رب زوج ولد هبة الله فأوحى الله عز وجل إليه أن يخطب إلى رجل من الجن وكان مسلماً أربع بنات له على ولد هبة الله فزوجهن فما كان له من جمال وحلم فمن قبل الحوراء والنبوة للانتهاء إلى آدم عليه السلام وما كان من سفه أو حدة فمن الجن.

**** العياشي عن الصادق {ع} قال ان آدم له أربعة ذكور .. فاهبط الله إليه أربعة من الحور فزوج كل واحد منهم واحدة فتوالدوا ثم إن الله رفعهن وزوج هؤلاء الأربعة أربعة من الجن فصار النسل فيهم فما كان من حلم فمن آدم وما كان من جمال فمن قبل الحور العين وما كان من قبح أو سوء خلق فمن الجن.

هذا الموضوع فيه اختلاف كبير بين الكتاب .. رغم نقده في مكان الا انه يأتي في مكان آخر يقره ..

في رواية مسنده للإمام الرضا {ع} : حملت حواء هابيل وأختاً له في بطن ثم حملت في البطن الثاني قابيل وأختاً في بطن فتزوج هابيل التي مع قابيل وتزوج قابيل التي مع هابيل ثم حدث التحريم بعد ذلك.

وفي المجمع عن الباقر عليه السلام أن حواء امرأة آدم كانت تلد في كل بطن غلاماً وجارية فولدت في أول بطن قابيل وقيل قابين وتوأمته إقليما بنت آدم والبطن الثاني هابيل وتوأمته لوزاء فلما أدركوا جميعاً أمر الله آدم أن ينكح قابيل أخت هابيل وهابيل أخت قابيل فرضي هابيل وأبى قابيل لأن أخته كانت أحسنهما وقال ما أمر الله بهذا ولكن هذا من رأيك فأمرهما أن يقربا قرباناً فرضيا بذلك “الحديث” ويأتي تمامه في سورة المائدة عند تفسير {واتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابنَي آدَمَ}.

وفي الاحتجاج عن السجاد عليه السلام يحدث رجلاً من قريش قال لما تاب الله على آدم ,واقع حواء ولم يكن غشيها منذ خلق وخلقت إلا في الأرض وذلك بعدما تاب الله عليه قال وكان يعظم البيت وما حوله من حرمة البيت فكان إذا أراد أن يغشى حواء خرج من الحرم وأخرجها معه فإذا جاء الحرم غشيها في الحل ثم يغتسلان إعظاما منه للحرم ثم يرجع إلى فناء البيت قال فولد لآدم من حواء عشرون ذكراً وعشرون أنثى يولد له في كل بطن ذكر وأنثى فأول بطن ولدت حواء هابيل ومعه جارية يقال لها إقليما قال وولدت في البطن الثاني قابيل ومعه جارية يقال لها لوزاء وكانت لوزاء أجمل بنات آدم قال فلما أدركوا خاف عليهم آدم الفتنة فدعاهم إليه وقال أريد أن أنكحك يا هابيل لوزاء وأنكحك يا قابيل إقليما قال قابيل ما أرضى بهذا أتنكحني أخت هابيل القبيحة وتنكح هابيل أختي الجميلة قال فأنا أقرع بينكما فإن خرج سهمك يا قابيل على لوزاء أو خرج سهمك يا هابيل على اقليما زوجت كل واحدة منكما التي خرج سهمه عليها قال فرضيا بذلك فاقرعا قال فخرج سهم قابيل على إقليما أخت هابيل وخرج سهم هابيل على لوزاء أخت قابيل قال فزوجهما على ما خرج لهما من عند الله قال ثم حرم الله تعالى نكاح الأخوات بعد ذلك ..

قال فقال له القرشي فأولادهما قال نعم فقال له القرشي فهذا فعل المجوس اليوم قال فقال {ع}ان المجوس فعلوا ذلك بعد التحريم من الله ثم قال {ع} له لا تنكر هذا إنما هي شرائع الله جرت… أليس الله خلق زوجة آدم منه ثم أحلها له ..كان ذلك شريعة من شرائعهم ثم أنزل الله التحريم بعد ذلك،….

إن قيل كيف التوفيق بين هذه الأخبار والأخبار الأولى قلنا الأخبار الأولى هي الصحيحة المعتمد عليها وإنما الأخيرة فإنما وردت موافقة للعامة فلا اعتماد عليها مع جواز تأويلها بما توافق الأولية {وَاتّقُوا اللهَ الّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ } أي يسأل بعضكم بعضاً فيقول أسالك بالله واصله تتساءلون عن أرحامكم واتقوا الأرحام ان تقطعوها. فكان الباقر{ع} يوضح ذلك :قولكم { أسألك بالله والرحم أن تفعل كذا أو أنشدك الله والرحم يعني كما أنكم تعظمون الله بأقوالكم فعظموه بطاعتكم إياه وإيصال الرحم ..لذلك جعل الله أصلا للمسائلة يوم القيامة عن الأرحام ..يوم القيامة عن التقوى هل اتقيتم وعن الرحم هل وصلتموها. ان الله عز وجل أمر بصلتها وعظمها .. أنه جعلها معه.يعني قرنها باسمه في الأمر بالتقوى.

في الكافي عن امير المؤمنين {ع} قال : “صلوا أرحامكم ولو بالتسليم ثم تلا هذه الآية.”

وعن الرضا عليه السلام ان رحم آل محمد الأئمة صلوات الله وسلامه عليهم لمعلقة بالعرش تقول أللهم صل من وصلني واقطع من قطعني ثم هي جارية بعدها في أرحام المؤمنين ثم تلا هذه الآية. {وَاتّقُوا اللهَ الّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ } .. عن علي {ع} قال : قال رسول الله {ص} : لما أسري بي إلى السماء رأيت رحماً معلقا بالعرش تشكو إلى ربها .. فقلت لها كم بينك وبينها من أب ..؟ فقالت نلتقي في أربعين أباً {إنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} حفيظاً ..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ نظرية دارون في أصل خلقة الإنسان …

قبل الحديث عن هذه النظرية وموقف الإسلام منها نحب أن نعرف بصاحبها بإيجاز، فدارون هو: (تشارلس روبرت دارون) ولد سنة 1809م، وتوفي سنة 1882م. : هو عالم طبيعي إنجليزي درس الطب بأدنبرة… ثم تخصص في التاريخ الطبيعي، وقد وضع دارون في كتابه (أصل الأنواع) أسس نظريته والدلائل عليها بطريقة رائعة، وأول ما وضع عن أصل الشعاب المرجانية، فقبلها كثيرون باعتبار ان العلمانية لم تكن عندها نظرية في خلقة الأشياء , وحين جاءت نظرية داروين تلقفها العلمانيون ونشروها وايدوها .. فكتب أعماله الأخرى: (أصل الإنسان والانتخاب بالنسبة للجنس ) ثم كتب عن تطور النباتات والحيوانات .. وقامت نظرية دارون على عدة أمور منها:

أن الإنسان ما هو إلا حيوان من جملة الحيوانات، حادث بطريق النشوء والارتقاء،أي خلقته جديدة جاءت بعد الحيوانات فارتقى منها ,وأنه لمشابهته القرد، لا يمنع أن يكون قد اشتق هو وإياه من أصل واحد.

وقد شرح دارون عملية التطور، وكيف تمت، في عدة نقاط أهمها:

(الانتخاب الطبيعي) قال : تقوم عوامل الفناء بإهلاك الكائنات الضعيفة دائما ، والإبقاء على الكائنات القوية، وهذا يسمى قانون (البقاء للأصلح) فيبقى الكائن القوي السليم الذي يورث صفاته القوية لذريته، مع مرور الزمن تتكون صفة جديدة في الكائن، ويسمى (النشوء) الذي يجعل الكائن يرتقي بصفات نحو الأحسن .. وهكذا يستمر التطور وذلك هو (الارتقاء).

وقد رد كثير من العلماء هذه النظرية وفندوها: منهم الدكتور (سوريال) في كتابه “تصدع مذهب دارون”: والعالم الغربي عالم الطبيعة .. بنفس اختصاص داروين اسمه (دلاس) قال : (إن الارتقاء بالانتخاب للأقوى لا يصدق على الإنسان، ولابد من القول بخلقته رأسا) وعالم آخر اسمه (فرخو) قال: إنه يتبين لنا من الواقع أن بين الإنسان والقرد فرقاً بعيداً فلا يمكننا أن نحكم بأن الإنسان سلالة قرد أو غيره من البهائم، ولا يحسن أن نتفوه بذلك) …اذن نظرية داروين ردها العلماء الغربيين أنفسهم ..

الفرق بين القران ونظرية داروين :…. يعتبر كلام (دارون) نظرية، وليست حقيقة أو قانوناً، فهي تحتمل التصديق والتكذيب، ومع ذلك فلا يؤيدها الواقع المشاهد إذ لو كانت حقاً لشاهدنا كثيراً من الحيوانات والناس تأتي إلى الوجود عن طريق التطور لا عن طريق التناسل تحديدا …

موقف الإسلام من هذه النظرية فنوضحه في نقاط:

1_ قولهم إن الطبيعة هي تخلق عشوائياً وإن الإنسان ليس له خالق مخالف للقرآن الكريم لقوله تعالى: (الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل) وقوله:(إنا كل شيء خلقناه بقدر) وغير ذلك من الآيات.

2_ ادعاؤهم معرفة كيفية نشأة الأحياء على الأرض يرده قوله تعالى: (ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم)لقد أخبرنا الله سبحانه أنه خلق الإنسان خلقاً مستقلاً مكتملاً، وقد أخبر ملائكته بشأن خلقه قبل أن يوجده فقال: (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة) .

3- هناك قاعدة عامة في القران تبين معى خاص لله وهو كلمة { خَلَق } وهذه اذا جاءت في القران لا يمكن لأي مخلوق ان يعرف المعنى الذي بعدها ..{ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ } وقوله تعالى : { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ}… هنا جاءت كلمتان هما { الخلق – الجعل } ما الفرق بينهما ..؟ … كلمة خلق سواء الخلق او السماوات والأرض أو الجبال والبحار ..معناها أوجدها من العدم … أوجدها بتقديره وحكمته سبحانه وتعالى..

أما كلمة (جعل) العلماء يقولون: لفظ عام في الأفعال الالهية بين المخلوقات وهذا المصطلح اعم يفعل ما يريد ويصنع كقوله { واصنع الفلك بأعيننا} هنا الجعل اشبه بالنظام الالهي بين المخلوقات .. أليك مثال على ذلك :{وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} ونظام الذي يكون في جميع المراحل في حياة الناس هو الجعل ..{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا} .. اذن الجعل ممكن ان نلمسه ونعرفه لأنه قانون … يقول العلمانيون في باب الطعن بالقران الكريم ان القران تحدى الناس في معرفة الغيبيات وهي: { إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ الَسَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدَاً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بَأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتْ } فهم يقولون السونار الآن يعرف ما في بطن المرأة ..أوضح ما يلي : قال تعالى:” وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ , ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ,ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ” طبعا أبعاد الإنسان لا تزيد على سنتمترات ,

أولا :… خلق ادم وحواء من التراب وهي عناصر الأرض …

ثانيا :.. لم يكن جميع جسم الإنسان من تراب , بل هناك مواد عضوية داخلة في التراب كالحديد والماء ..

ثالثا : فال تعالى :”( يا أيُّها النَّاسُ إن كنتم في ريبٍ منَ البعثِ فإنَّا خَلقْناكم من تُرابٍ…)التفسير العلمي :

أثبت العلم الحديث أن جسم الإنسان يحتوي ما تحتويه الأرض من عناصر؛ فهو يتكوَّن من الكربون، والأوكسجين، والهيدروجين، والفسفور، والكبريت، والآزوت، والكالسيوم، والبوتاسيوم، والصوديوم، والكلور، والمغنزيوم، والحديد، والمنغنيز، والنحاس، واليود، والفلورين، والكوبالت، والزنك، والسلكون، والألمنيوم، كلُّ هذه العناصر هي العناصر نفسها المكوِّنة للتراب أيضاً، وإن اختلفت نسبها بين الإنسان والتُّراب، ومن إنسان لآخر…… كذلك فإن نسبة الماء من جسم الإنسان ، تعادل نسبة البحار إلى اليابسة في الكرة الأرضية، وهذا ما يؤكد خلق آدم من تراب الأرض….

{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سلالة مِّن طِينٍ} فقد استخرج الله الإنسان من الطين بشكل مباشر عند خلق آدم (ع)، ولا علاقة للتطور الذي يتحدث به داروين .. وحين خلق البشر الذين كوّنتهم الأغذية التي تتوالد من الأرض والماء، هنا جاء العلم ليكتشف صحة قول القران من عدة نواحي منها إن الإنسان أصله من تراب وليس من خلال تطور الحيوان كما يقول العلمانيون .. وموضعه في الجعل{ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً في قَرَارٍ مَّكِينٍ} تحول الطين إلى نطفة استقرت في أصلاب الآباء من الأكل .. ثم انتقلت إلى أرحام الأمهات، قانون الجعل اكتشفه السونار لأنه جعل ولكن الخلق والمواد الذائبة في التربة لا يمكن للعلم أن يصل أليها , وكلنا نتذكر موضوع الاستنساخ البشري الذي هرج لأجله الإعلام ولكنه لم ينجح وانتهت الزوبعة .. فيبقى الله تعالى هو الخالق وهو الذي يهب الروح للإنسان والحيوان والزراعة …

وهناك ملاحظة لا يخوض فيها العلمانيون لأنهم لا يملكون دليل الا من خلال القران .. ثم خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً} الطريقة الدقيقة التي ركب الله فيها أعضاء الإنسان ونوّعها وجعل لكل منها دوراً وخصائص، {ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ} متكاملاً في شكله وصورته وفي اتصال أعضائه وتناسقها، {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ } فمهما صنع الناس من الأشياء البديعة المتقنة، فإنهم لا يبلغون إبداع الله وإتقانه في الخلق، ودقّة التكوين، وعظمة القدرة،

**** وهناك كلمة لها علاقة بالخلق والجعل هي ” الإنشاء ” ماذا تعني كلمة الإنشاء .؟ عند الأُدباء ) : فن يُعْلم يعبر به حسن تعبير عباراتٍ أَدبيّة بليغة … وإذا جاءت في الهندسة مواد إنشائية والهندسة الإنشائيّة وهي نوع من هندسة البناء .. إِنْشاءُ الْمَبانِي : تَشْيِيدُها بجمالية ,نقول فلان أَشْرَفَ على الإِنْشاءاتِ الجَديدَةِ أي : تَجْهيزاتٍ وَمُؤَسَّساتٍ وَمُنْشَآتٍ ثَقافِيَّةٍ اقْتِصادِيَّةٍ وَاجْتِماعِيَّةٍ … لذلك من يكتب إن شاء الله بهـذا الشكل ( إنشاء الله ) فمن هذا لو كتبنا ( إنشاء الله ) يعني:إننا نقول إننا أوجدنا الله. انشاناه . وهذا غير صحيح كما عرفنا… ومنه قوله تعالى ( إنا أنشأنهن إنشاءً..) أي أوجدناها إيجادا… أما لو أفردنا إن شاء الله :.. كلمة ان أداة الشرط (إن)، وفعل الشرط (شاء). والثاني منهما كلمة واحدة.

البحث عن كلمة { الإنشاء .. قَالَ الْأَخْفَش فِي قَوْله تَعَالَى” إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ ” أَضْمَرْهُنَّ وهي إشارة للمرأة المؤمنة في الجنة شديدة الجمال ..قال عنها مرة ” وَحُور عِين كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤ الْمَكْنُون ” فَقَوْله تَعَالَى ” إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ ” أَيْ أَعَدْنَاهُنَّ فِي شابات في قمة الجمال بَعْدَمَا كُنَّ عَجَائِز كبار صِرْنَ أَبْكَارًا عُرُبًا أَيْ بَعْد الثُّيُوبَة عُدْنَ أَبْكَارًا عُرُبًا محببات إِلَى أَزْوَاجهنَّ بِالْحَلَاوَةِ وَالظَّرَافَة وَالْمَلَاحَة … وقوله تعالى { قل يحيها الذي أنشاها أول مرة } لأنه خلق الإنسان في أحسن تقويم ..

**** في الوقت الذي يحاول علماء الفلك أن يفسرا الكثير من المشاهدات، يتصور بعض العلماء أنه يمكنهم الإجابة عن بعض التساؤلات من أين جاء الكون؟ متى بدأ وكيف ؟ماذا كان قبل بدء الكون؟ إنها مجموعه من الأسئلة لا تزال مدار البحث لدى العلماء … هذه الأمور تصطدم بقوله تعالى { الضمير عائد على إبليس وذريته ; أي لم أشاورهم في خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم ، بل خلقتهم على ما أردت . وقيل : ما أشهدت إبليس وذريته خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم أي أنفس المشركين فكيف اتخذوهم أولياء من دوني ؟ . وقيل : الكناية في قوله : { مَّا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا}..ما أشهدتهم تعود إلى المشركين ، وإلى الناس بالجملة ، وترد على طوائف المنجمين وأهل السحر والشعوذة وسواهم من كل من ينخرط في هذه الأشياء ..

ويقول تعالى:( ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيُّه السماوات والأرض) وينبيْ عن علمه بقوله تعالى : ( ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض)…. إذن هناك حاجة إلى لجان علمية تضم حقول المعرفة كافّة حتى تفهم بعض أجزاء القرآن الكريم، وتستطيع أن تدرك معاني آياته ( ونزّلنا عليك الكتاب تبياناً لكلّ شيءٍ وهدى ورحمة) فهو كتاب هداية، ويعالج موضوعات كثيرة في فروع العلم؛ ممّا يؤكد الحاجة إلى جهود أصحاب هذه المعارف حتّى يتعمق إدراكنا وفهمنا لآيات القرآن… كما وأن أصحاب هذه العلوم بحاجة لدراسة القرآن كي ينطلقوا من الحقيقة القرآنيّة. وقبل الشُّروع في البحث، أرجو أن لا يغيب عن أذهاننا أن البحث تعبيّر عن فهم الباحث. هذا وإن القرآن الكريم وما جاء من كلام الرّسول{ص} هما الحقُّ، وهو الحق المطلق …أليك الآراء …

جاء في صحيح مسلم .. (كتَبَ اللهُ مقاديرَ الخلائقِ قبل أن يخلقَ السَّماواتِ والأرضَ بخمسينَ ألفَ سنةٍ . وكان عرشُه على الماءِ .. قال مجاهد: (وكان عرشه على الماء) قبل أن يخلق شيئاً، “بدء الخلق بالعرش والماء والهواء، وخلقت الأرض من الماء” (وكان عرشه على الماء) … قال الطّيّبي: أشار بقوله (وكان عرشه على الماء) يعني أنّ الماء والعرش كانا مبدأ هذا العالم لكونهما خلقا قبل خلق السّماوات والأرض لانه لم يكن تحت العرش وقتها إلاّ الماء ..قال ابن عبّاس إنّما سمّي العرش عرشاً لارتفاعه .. . لعلّ قول القرطبي في تفسير العبارة (وكان عرشه على الماء) يشير إلى الماء كان تحت العرش فينزلُ إليه أمرُ التّدبير والتّكوين , والماء هو أصل جميع الأحياء (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ) .. ولا أتوسع في الحديث عن الكرسي ان له قوائم ثمانية أو أربعة وهو مكان الجلوس وان العرش اكبر لأنه يحيط بالسماوات والأرض .. هذه كلها مجرد اجتهادات في تفسير النصوص عند علماء المسلمين ..

***** العرش عند الشيعة :…

يقول علماء الشيعة : العرش عندنا مخلوق محدود ، وليس كما يتصور المشبهون أنّه مكان يجلس عليه الله تعالى ! …. بل هو مكان منه يدار الكون بأمر الله تعالى ، فهو أشبه بـ (غرفة حركات ) الكون . وهذه بعض الأحاديث الشريفة التي تبين عقيدتنا في العرش : روى الشيخ الصدوق(قدسره)، قصة قدوم جاثليق إلى المدينة مع مائة من النصارى بعد قبض رسول الله{ص} ، وسؤاله أبا بكر عن مسائل لم يجبه عنها ، ثمّ أرشد إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب{ع} فسأله عنها فأجابه ، وكان في ما سأله أن قال له : « أخبرني عن الرب أين هو وأين كان ؟

فقال علي{ع} :« لا يوصف الرب بمكان ، هو كما كان ، وكان كما هو ، لم يكن في مكان ، ولم يزل من مكان إلى مكان ، ولا أحاط به مكان ، بلا حد ولا كيف » ، قال : صدقت ، فأخبرني عن الرب أفي الدنيا هو أو في الآخرة ؟ قال الإمام {ع} :« لم يزل ربنا قبل الدنيا ، ولا يزال أبداً ، هو مدبّر الدنيا ، وعالم بالآخرة ، فأمّا أن يحيط به الدنيا والآخرة فلا ، ولكن يعلم ما في الدنيا والآخرة » . قال : صدقت يرحمك الله ، ثمّ قال : أخبرني عن ربك أيَحمل أو يُحمل ؟فقال علي{ع}: « إن ربنا يَحمل ولا يُحمل » . قال النصراني : فكيف ذاك ونحن نجد في القرآن: { وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ}

فقال علي{ع} : « إنّ الملائكة تحمل العرش ، وليس العرش كما تظن كهيئة السرير ، ولكنه شيء مخلوق مدبّر ، وربك مالكه ، لا أنّه هو عليه ككون الشيء على الشيء ، وأمر الملائكة بحمله ، فهم يحملون العرش بما أقدرهم عليه » . قال النصراني : صدقت رحمك الله … إلى آخر الحديث».

**: عن الإمام الصادق{ع} أنّه سئل عن قوله تعالى {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}فقال : « استوى في كل شيء ، فليس شيء أقرب إليه من شيء . وقال : من زعم أنّ الله من شيء ، أو في شيء ، أو على شيء فقد كفر ، قلت : فسّر لي ، قال : أعني يحوي كل شيْ أو بإمساك له » .

وفي رواية اخرى قال : « من زعم أنّ الله من شيء فقد جعله محدثا ، ومن زعم أنّه في شيء فقد جعله محصوراً ، ومن زعم أنّه على شيء فقد جعله محمولا … في رواية داود الرقي ، قال : « سألت الصادق {ع} عن قوله تعالى : {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ}فقال لي : « ما يقولون في ذلك ؟ » . قلت : يقولون إنّ العرش كان على الماء والرب فوقه ، فقال : « كذبوا ، من زعم هذا فقد صير الله محمولاً ، ووصفه بصفة المخلوقين ، ولزمه أنّ الشيء الذي يحمله أقوى منه » . قلت : بيّن لي جعلت فداك ، فقال : « إنّ الله عز وجل حمل علمه ودينه الماء قبل أن تكون أرض أو سماء أو جن أو إنس أو شمس أو قمر ، فلما أراد أن يخلق الخلق نثرهم بين يديه فقال لهم : من ربكم ؟ ! فكان أوّل من نطق رسول الله{ص} وأمير المؤمنين {ع} والأئمة صلوات الله عليهم ، فقالوا : أنت ربنا ، فحَملًّهم العلم والدين ، ثمّ قال للملائكة : هؤلاء حملة علمي وديني وأمنائي في خلقي وهم المسؤولون . ثمّ قيل لبني آدم : أقروا لله بالربوبية ولهؤلاء النفر بالطاعة ، فقالوا : نعم ربنا أقررنا ، فقال للملائكة : اشهدوا . فقالت الملائكة شهدنا على أن لا يقولوا إنا كنا عن هذا غافلين أو يقولوا إنّما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون ، يا داود ! ولايتنا مؤكدة عليهم في الميثاق » ….

عن الهروي قال : « سأل المأمون الامام الرضا {ع} عن قول الله عز وجل:{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} فقال : إنّ الله تبارك وتعالى خلق العرش والماء والملائكة قبل خلق السماوات والأرض ، وكانت الملائكة تستدل بأنفسها وبالعرش والماء على الله عز وجل { عُرّف الاستدلال بـ إقامة الدليل لإثبات المطلوب ).، ثمّ جعل عرشه على الماء ليظهر بذلك قدرته للملائكة فيعلموا أنّه على كل شيء قدير ، ثمّ رفع العرش بقدرته ونقله فجعله فوق السماوات السبع وخلق السماوات والأرض في ستة أيام ، وهو على عرشه ، وكان قادراً على أن يخلقها في طرفة عين ، ولكنه عز وجل خلقها في ستة أيام ليظهر للملائكة ما يخلقه منها شيئاً بعد شيء ، وتستدل بحدوث انه لم يخلق العرش لحاجة به إليه ؛ لأنّه غني عن العرش وعن جميع ما خلق ، لا يوصف بالكون على العرش ؛ لأنّه ليس بجسم ، تعالى الله عن صفة خلقه علواً كبيراً ». وفي التوحيد للصدوق معنى قول الله عز وجل: { وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ}(البقرة/255). عن حفص بن غياث ، قال : « سألت أبا عبد الله {ع} عن قول الله عز وجل : { وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ}(البقرة/255). قال : علمه » .

****** الحساب يوم القيامة :…. من الأهوال التي تحدث يوم القيامة تنخلع لها القلوب تطاير الصحف وذهاب كل صحيفة لصاحبها؛ فآخذ كتابه باليمين؛ وآخر بشماله، ويبقى الناس في حيرة وخوف ووجل؛ حتى تستقر كل صحيفة بيد صاحبها؛ فيستبشر المؤمنون عندما تستقر صحفهم بأيمانهم؛ بينما يزداد الكافرون والمنافقون غمًّا إلى غمهم حينما تستقر صحفهم بشمائلهم قال تعالى: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ * ويقول تعالى عنه : فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ *فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ *وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ *يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ *مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ *هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ).

قال الحافظ ابن كثير في تفسيره : قال رسول الله {ص} يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات، عرضتان منهما جدالٌ ومعاذيرُ، وأما الثالثة فعند تطاير الصحف في الأيدي…

*** رأي الشيعة :.. عن جابر الجعفي ، قال : قال الباقر{ع} : يا جابر لا تستعن بعدونا في حاجة ولا تستطعمه ولا تسأله شربة ماء ، إنه ليمر به المؤمن في النار فيقول : يا مؤمن ألست فعلت بك كذا وكذا ؟ – فيستحيي منه فيستنقذه من النار ، وإنما سمى المؤمن مؤمنا لأنه يؤمن عند الله فيؤمن أمانه …وعن الباقر {ع} قال : كان النبي ( ص) في بيت أم سلمه ( رض ) ، فقال لها : لا يدخل علي أحد . فجاء الحسين ( ع ) وهو طفل ، فما ملكت معه شيئا حتى دخل على النبي {ص} فدخلت أم سلمة على أثره ، فإذا الحسين على صدر النبي والنبي {ص} يبكي ، وفي يده شئ يقلبه ، فقال النبي ( ص ) : يا أم سلمه ، إن هذا جبرائيل يخبرني أن ولدي هذا مقتول ، وهذه التربة التي يقتل عليها ، فضعيها عندك ، فإذا صارت دما فقد قتل حبيبي ، فقالت أم سلمه : يا رسول الله ، سل الله أن يدفع ذلك عنه . قال : قد فعلت ، فأوحى الله عز وجل إلي : أن له درجة لا ينالها أحد من المخلوقين ، وأن له شيعة يشفعون فيشفعون ، وأن المهدي من ولده ، فطوبى لمن كان من أولياء الحسين ، وخدامه هم والله الفائزون يوم القيامة …

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب