18 ديسمبر، 2024 9:38 م

مجلس حسيني ـــ مرض الحسد وموقف القران

مجلس حسيني ـــ مرض الحسد وموقف القران

بسم الله الرحمن الرحيم

{أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا} ( النساء 54)

تبين هذه الآية قول الفصل فى موضوع النعم الإلهية التي هي فضل وعطاء من الله تعالى لا دخل للإنسان فيها سوى أن يكدح فى طلبها .غير ان بعض الناس مصابون بمرض خطير وهو الحسد .!! حقيقة الحسد (هو مرض نفسي يصيب الانسان الذي يكون ايمانه ضعيفا) , ومن علامات هذا المرض انه يشعر دائما بتمني زوال النعمة الغير ،يصرف جل وقته ويحسب حسابات ليس له فيها مصلحة, تتحدد مصلحته ان ينزل الكارثة على من هو اشرف منه وافضل منه ايمانا وشرفا. والحسد لا ينحصر بالمال فقط , بل يتوسع الى الموقع الاجتماعي والوظيفي ويمتد على الابناء والعافية والصحة ويصبح قلب الحاسد مرجل يريد حرق الناس.

وصاحب النعمة غافل عن نعمته حتى يدله الحاسد عليهما، لانه الصديق فى ثياب العدو والمحسن فى ثياب المسىء، وإني لأعجب من حاسد نقم على محسوده نعم الله عليه فتمنى زوالها وهو لا يدرى أنه بتلك الأمنية قد أضاف إلى محسوده نعمة هى أفضل من كل ما فى يديه ألا وهي الإحساس بجميل عطاء الله وعظيم نعمه، حتى لهج اللسان لها شكرًا، وسجدت الأركان لواهبها اعترافا وفضلاً.

بالمقابل :جعل الله تعالى لكل ذنب عقوبة خاصة بها ,فشارب الخمر يتألم عند زوال صحته، والمقامر يتألم يوم فقد ماله ,والقاتل يتألم وقت القصاص منه، أما الحاسد فعقوبته حاضرة دائمة لا تفارقه ساعة من ليل أو نهار، إنه يتألم دائما من منظر النعمة كلما تراءت لناظريه، والنعمة من الموجودات التي تتنقل من مظهر إلى مظهر وتتحول من موقف إلى موقف، فهيهات أن يفنى ألمه أو ينقضي عذابه، بهذا يكون الحسد من أمراض القلب الفتاكة، ولكل داء دواء، ودواء الحسد أن سبيل المحسود.

ليس للحاسد دواء مطلقا الا القبر والعذاب . هو امامه طرق كثير ليبلغ ما بلغه الناس ,إن حسده على مال فلينظر أى طريق مشروع ليحصل على مال, وإن كان حسده على علم فليتعلم ووسائل العلم مفتوحة وموفرة، أو أدب فليتأدب ، او مركز اجتماعي فليتبع ما يتبعه الشخصيات الاجتماعية ليكون بعد مدة اسما ورقما بالمجتمع .لا ان ينام ويهمل الوقت ويريد ان يصبح عالما او يصبح غنيا, او ذو سمعه وشرف وهو فاقدها . قرأنا فى سورة يوسف(ع) حسد إخوته لما حباه ربه به، وهم ارادوا عكس ارادة الله , كل الحسد والمؤامرات دفعها الله بقميص يرتديه …

الأولى: كان سبباً للحزن “وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ” فضح الله الحاسدين بالدم الكذب واصبحوا مثلا في الخداع .

الثانية: كان دليلاً للبراءة : “فَلَمَّا رَأَىٰ قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ ۖ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ” هنا يوسف المحسود ينقذه تمزق القميص.

الثالثة: كان بشارة فرح “اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَٰذَا فَأَلْقُوهُ عَلَىٰ وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا”….. وتبقى العبرة: اعلم ان الحاسد يموت كل يوم وكل ساعة بغيضه والذي ينجيك هو الله ..نعم قد يحزنك الحاسد يوماً ..ولكن هو سبب فى سرورك غداً، ويكفى من فعل الحاسد أن يذكرك بنعم الله عليك، موقنًا أن من ساق نعمه إليك هو خير حافظا وهو أرحم الراحمين.

عن الصادق (ع):قال:” إذا تهيأ أحدكم بهيئة تعجبه فليقرأ حين يخرج من بيته المعوذتين، فإنه لا يضره شئ بإذن الله تعالى. اما لو رايت شيئا يعجبك .. جاء عن الشيخ الطوسي . ان النبي(ص) قال:من رأى شيئا يعجبه فقال: ” الله الله ما شاء الله، لا قوة إلا بالله ” لم يضره شئ.

*** هناك أموراً تولد مع الإنسان لا دخل له فيها، مثل بعض الصفاتٌ يودعها في عباده دون تدخل منهم أو إرادة، كالإنسان الذي يولد متخلف عقلياً أو يولد أعمى أو أعرج .. الخ .كل ذلك ابتلاء من الله تعالى هو ابتلاء لنفس الشخص، وابتلاء لأسرته، وابتلاء لمن يعيش معه ،ليكون عبرة وآية للمجتمع ,فإن الله خلق هؤلاء بعوق ليتعظ بهم الأصحاء الذين أكرمهم الله بالكمال العقلي والبدني.في الحديث القدسي: “إن الحسود يشيح بوجهه عما قسمته بين العباد، وهو ساخط على نعمي”.

** ومن هذه الأشياء ما يعرف بالحسد، فالحسد ينقسم إلى قسمين:

الاول[ أ] : حسد يُولد مع الإنسان ,كأي طبع من الطباع ,شاء الله أن يولد بها وتعيش معه، احيانا يحاول أن يتخلص منها كونه رجل ويحس ان الحسد عادة سيئة ..اسوة بمن يعالج نفسه من المرض.. او ضعف نظر فيرتدي نظارة, المهم يحاول بكل طريقة ان يتخلص من عار الحسد . البعض ينجح بعلاج نفسه والبعض لا يتمكن ان يفلت من مرض الحسد، هذه مسألة عجز الطب عن حلها فتظل هكذا. النوع الأول من الحسد الفطري لا يجتهد صاحبه في هذا الأمر وإنما قد يكون شخصاً عادياً إلا أنه في وقت معين ينظر لشيء معين فتخرج العين منه -رغماً عنه- لتصيب هذا الشخص، وهذا معذور في ذلك، إلا أنه مطالب أن يدعو الله تبارك وتعالى أن يصرف عنه هذا البلاء وأن يقي الناس من شره، كما أنه مطالب أيضاً أن يبرِّك كلما رأى خيراً قال: (ما شاء الله تبارك الله) حتى لا يتضرر من ينظر إليه بهذه العين التي تخرج رغماً عنه

القسم [ب] هناك حسد في الإنسان ولكنه بنسبة أعلى، وهذا الحسد يتأذى منه صاحبه شخصيّاً لأنه لا يريد أن يسبب ضرراً لأحد ولا إحراجاً لنفسه، ولكنَّ عينه تسبقه، فيعيش بنفس لوامة ووخز الضمير. هذا الحسد الذي ذمَّه الله تعالى:(وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ)وقال عنه النبي(ص) (إن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب)ــ هذا تتحرك في داخله بعض الغدد تخرج طاقة فيه يتمكن ان يحرق من أمامه وتلحق الضرر به، وهذا هو الحسد المذموم الذي بينه الله تبارك وتعالى في الكتاب والسنة.

القسم [ج] هناك نوع من الحسد الخطير :اعراضه: تمني زوال نعمة الغير, بل ويسعى بيده ورجله ولسانه , بسبب اشتهاؤه من القلب. فهو انسان وضيع لا يعرف الله ولا الانسانية .وعلاماتهم انه يعيش صراعا في نفسه , لا يرى الا نعم فلان وفلان , ويقيس نفسه بالآخرين فيرى نفسه وضيعا .. فيزداد حقدا على الناس يقوم بكتابة تقارير وتبليغات كاذبة ضد من يحسده . هذا يخرج من صنف الانسانية , وربما ترفضه الحيوانات.

**///** هذا الحسد بهذه الصفة صاحبه عاصٍ لله تعالى، وهو الذي حذر منه النبي (ص) وبيَّن خطره في المجتمع وبيَّن أنه لن يفلح لا في الدنيا ولا في الآخرة، هذا هو الحسد المذموم، هذا النوع من الحسد سواء أكان النوع الأول أو الثاني لابد أن نتعامل معه بالرفق؛ لأن الرفق في كل شيء امر محمود، هذا النوع من المخلوقات , لا بد ان تتجنبها كونها وباء ولا نقول تستخدم معها العنف والشدة بالتالي تسبب لك مشاكل كثيرة، عندما تسمع عن إنسان به هذا الداء فاذهب إليه ناصحاً وقل له: قولا لينا .ليكف اذاه عن الناس ..

بهذه الكيفية سوف يقي الناس شره وتقي نفسك من شره؛ ذن قد أُلحق الضرر بنفسي كأن أنظر إلى المرآة فأجد نفسي ولله الحمد شكلي طيب وصحتي موفورة وأتمتع بنشاط وحيوية فتسبقني عيني فيلحق الضرر بي، وأقول حسدني فلان، وفي الواقع أنا الذي حسدت نفسي، فدائماً كلما رأيت شيئاً يعجبني في نفسي أو في ولدي أو في مالي أقول (ما شاء الله تبارك الله) واصلي على محمد وال محمد ,تنطفئ العين حتى وإن خرجت مني.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ اسباب النزول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذه الاية فيها امتيازات ولذلك اختلف المفسرون في ان يعطون لمن يميلون رايا فيها … ذكر الطبرسي في تفسيرها … { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ } اختلفوا في معنى (الناس) على أقوال ،قيل : أراد به النبي(ص) حسدوه { عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ }النبوة وإباحة تسع نسوة ، وقالوا : لو كان نبيا لشغلته النبوة عن الزواج ,فبين الله سبحانه أن النبوة ليست ببدع في آل إبراهيم(ع)فقال: {فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} يعني النبوة ، وآتينا داود علما وسليمان الملك ،كان لداود تسع وتسعون امرأة ، ولسليمان مائة امرأة . وقال بعضهم : كان لسليمان ألف امرأة : سبعمائة سرية .السُّرِّيَّةُ : الجاريةُ المملوكَةُ، وثلاثمائة امرأة .فلا معنى لحسدهم للنبي(ص) وهو من أولاد إبراهيم(ع) وهم أكثر تزويجا ولكن لما كان قوام الدين به ، صار حسدهم له كحسدهم لجميع الناس .

** ثانيها : المراد بالناس هم النبي واله (ع) عن الباقر(ع) المراد بالآية فيه النبوة . وفي آله الإمامة .في تفسير العياشي عن الصادق(ع) قال :… (نحن قوم فرض الله طاعتنا لنا الأنفال ولنا صفو المال ، ونحن الراسخون في العلم ، ونحن المحسودون الذين قال الله عنا في كتابه{ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ }ثم قال: المراد بالكتاب(النبوة والحكمة الفهم والقضاء ، وبالملك العظيم : افتراض الطاعة .

الراي الثالث :إن المراد بالناس( محمد وأصحابه) لأنه جرى ذكرهم في قوله {هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا }..

الراي الرابع: إن المراد بالناس : العرب . أي يحسدون العرب لما صارت النبوة فيهم ،وقيل بالكتاب: التوراة ، والإنجيل ، والزبور ، وبالحكمة(ما أوتوا من العلم) .لو تلاحظ هنا الحاسدون لا فرق عندهم ان يجسدوا الأنبياء وعامة الناس لانهم مرضى بوباء الحسد.

** ذكر الشيخ محمد جواد مغنيه في تفسيرالآية {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}ان الحسد صفة من صفات اليهود فتوجهوا بحسدهم الى شخص النبي محمد (ص) ومن معه من المؤمنين .

حسد اليهود بسبب ما أفاء اللَّه عليهم بالنظام الاقتصادي ( الفيْ) وهو المال والتمكين في الأرض .. ورد التمكين في القران بالآية التالية(وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا) هذه بشارة عظيمة ان الاسلام سيسود الارض ويحكمها رجل يحمل صفاة الانبياء..

** لما عرف اليهود هذه النعمة عند المسلمين. حسدوهم , تحالفوا ضدهم مع المشركين تجار مكة . بثوا الدعايات الكاذبة ضد النبي(ص) والاسلام ولا زالت ماكنتهم الاعلامية تشتغل بالحسد للإسلام والمسلمين .

كتب جميع المفسرين الشيعة, حصرا.. وبعض المفسرين السنة ان قوله تعالى: { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ } كلام موجه الى اليهود جوابا عن حسدهم وحياكة المؤامرات للقضاء على جذوة الدين , ولا زالت البيع اليهودية تعتبر أن الشرك والمشركين افضل من دين الاسلام .. هذا يبين بدون شك ان الاية نزلت بمحمد وال محمد (ص) وبدليل النص:( فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ)وآل إبراهيم هم الأنبياء الذين بعثوا من بعده من ذريته، ومنهم النبي محمد (ص).

*** نعود الى السؤال: ما معنى كلمة شيعة؟ وعلى من تعود الهاء؟ (شيعته) {وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإِبرَاهِيمَ } هل تعود على النبي نوح(ع) أم على أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ(ع).. لانه لو تبين ان الاية تشير الى مولانا امير المؤمنين(ع) يعني ان الحسد انتقل من اليهود الى العرب ضد ال بيت محمد(ص) حتى يومنا هذا .. كل هذا القتل والاقصاء توضحه الاية بانهم محسودون… احد الشعراء يخاطب الحسين(ع)

هذي دماك على فمي تتكلمُ .. ..ماذا يقول الشعرُ ان نطق الدمُ

هتفت وللأصفاد في اليدِ رنةً .. والسوطُ في ظهر الضعيفِ يحكمُ

قل للدماء وقد أريقت عنوةً ……. لاطابة بعدكِ مشرباً أو مطعمُ

الشعبُ شعبكَ يحسين وأن يكون …. فيهِ العتات الظالمون تحكمُ

يسائرين إلى الطفوف تطهروا …… وإذا وصلتم كربلاء فأحرمُ

طوفُوا بكعبتها لبُوا وأهتفُوا ……. هذا مقامك من سماها أعظمُ

فلأن سريتَ من الحطيم فأنما .. أنة نزلت هي الحطيمُ وزمزمُ

أأبا الهواشم لا عليك فانما …. ذقنا من الكاس التي لك قدموا

عجبا ولم ارى مثل يومك في الورى.. دم يسيل على فم يبتسم

الجواب: إختلفت آراء المفسرين إلى أقوال: منها: انه من شيعة نوح لأن الضمير يعود لمحمد (ص) وهو قول الفراء أي أن من شيعة علي لإبراهيم. قال صاحب الميزان: (الشيعة هم القوم المشايعون لغيرهم الذاهبون على أثرهم ,و كل من وافق غيره في طريقته فهو من شيعته تقدم أو تأخر .ظاهر السياق ان ضمير (شيعته) لنوح أي ان ابراهيم كان ممن يوافقه في دينه وهو التوحيد وقيل: الضمير لمحمد (ص).

في (تفسير الإمام العسكري):جاء رجل لعلي بن الحسين (ع) فقال: يا بن رسول الله أنا من شيعتكم الخلص فقال له: هل أنت كإبراهيم الخليل (ع) الذي قال الله فيه:(وان من شيعته لإبراهيم اذ جاء ربه بقلب سليم) فان كان قلبك سليما كقلبه فانت من شيعتنا وان لم يكن قلبك كقلبه , وهو طاهر من الغل فأنت من محبينا.وقد روي عن أهل البيت (ع) ان من شيعته علي لإبراهيم فيكون المعنى أنه على منهاجه وطريقته في اتباع الحق والعدول عن الباطل وكان إبراهيم وعلي (ع) بهذه المنزلة).

فيكون قوله تعالى : { فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ } إيئاس لهم في حسدهم ، وقطع لرجائهم زوال هذه النعمة ، وانقطاع هذا الفضل بأن الله قد أعطى آل إبراهيم من فضله ما أعطى ، وآتاهم من رحمته ما آتى فليموتوا بغيظهم فلن ينفعهم الحسد شيئا …َقَالَ (ع): أَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنِ اكْتِسَابِ الْإِخْوَانِ وَأَعْجَزُ مِنْهُ مَنْ ضَيَّعَ مَنْ ظَفِرَ بِهِ مِنْهُمْ).وَقَالَ:إِذَا وَصَلَتْ إِلَيْكُمْ أَطْرَافُ النِّعَمِ فَلَا تُنَفِّرُوا أَقْصَاهَا بِقِلَّةِ الشُّكْرِ.:يعنى إذا وقع في يدك طرف من النعمة فاجتهد في تحصيل الطرف الآخر بكثرة الشكر فان الشكر يبقى السابق ويجلب اللاحق، بدليل قوله تعالى(لئن شكرتم لأزيدنكم).

***(( عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (ع)، في حديث طويل، قال: فلما أسكن الله عز وجل آدم وزوجته الجنة قال لهما: ﴿ كُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ(شجرة الحنطة – فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ). فنظرا إلى منزلة محمد، وعلي، وفاطمة، وابناءهم (ع) بعدهم، فوجداها أشرف منازل أهل الجنة، فقالا: ربنا لمن هذه المنزلة؟!فقال الله جل جلاله: إرفعا رؤوسكما إلى ساق العرش. فرفعا رؤوسهما، فوجدا أسماء محمد، وعلي، وفاطمة، والحسن والحسين وابناءهم (ع) مكتوبة على ساق العرش بنور من نور الله تعالى فقالا: يا ربنا، ما أكرم أهل هذه المنزلة عليك، وما أحبهم إليك، وما أشرفهم لديك!! فقال الله جل جلاله: لولاهم ما خلقتكما. هؤلاء خزنة علمي، وأمنائي على سري، إياكما أن تنظرا إليهم بعين الحسد، وتمنيا منزلتهم ومحلهم من كرامتي، فتدخلان بذلك في نهيي ، فتكونا من الظالمين.. قالا: ربنا ومن الظالمون؟! قال: المدعون لمنزلتهم بغير حق.. إلى أن قال: يا آدم ويا حواء، لا تنظرا إلى أنواري وحججي بعين الحسد، فأهبطكما عن جواري،﴿فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا﴾. فنظرا إليهم بعين الحسد، فخذلا حتى أكلا من الشجرة الخ.

صفات مرض الحاسد ـــ خبث النفس وشحها بالخير لعباد الله. تجده يرتاح بابتلاء العباد بالبلايا والمحن، ويحزن من حسن حالهم

**يبدي بدون سبب العداوة والبغضاء. وهي أشهر امراض الحسد وأسبابه، أن يحب زوال النعمة عن المحسود وإن لم تنتقل إليه، وهذا اخبث المراتب وأشدها ذماً وذمها قوله تعالى:” ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعضٍ ” هذا تعرض له اهل البيت(ع)..ــــ*ــــــ*ــــــ

وقد بينت خطبة فاطمة الصغرى(ع)بالكوفة الحمد لله عدد الرمل والحصى وزنة العرش إلى الثرى أحمده وأؤمن به وأتوكل عليه واشهد ان لا آله الا الله وأن محمدا عبده ورسوله وان أولاده ذبحوا بشط الفرات بغير ذحل ولا ترات اللهم إني أعوذ بك ان افتري عليك الكذب أو ان أقول عليك خلاف ما أنزلت عليه من اخذ العهود لوصيه علي بن أبي طالب المسلوب حقه المقتول من غير ذنب كما قتل ولده بالأمس في بيت من بيوت الله. “اما بعد” يا أهل الكوفة يا أهل المكر والغدر والخيلاء فإنا أهل بيت ابتلانا الله بكم وابتلاكم بنا فجعل بلاءنا حسنا وجعل علمه عندنا وفهمه لدينا فنحن عيبة علمه ووعاء فهمه وحجته على الأرض في بلاده لعباده أكرمنا الله بكرامته وفضلنا بنبيه محمد(ص)على كثير ممن خلق تفضيلا بينا فكذبتمونا وكفرتمونا ورأيتم قتالنا حلالا وأموالنا نهبا كأنا أولاد ترك أو كابل كما قتلتم جدنا بالأمس وسيوفكم تقطر من دمائنا أهل البيت لحقد متقدم قرت لذلك عيونكم وفرحت قلوبكم افتراء على الله ومكرا مكرتم والله خير الماكرين.. وافتخر بذلك مفتخر من الظالمين فقال: نحن قتلنا عليا وبني علي * بسيوف هندية ورماح وسبينا نساء هم سبي ترك * ونطحناهم فأي نطاح.. فردت عليه بفيك أيها القائل الكثكث والأثلب افتخرت بقتل قوم زكاهم الله وطهرهم واذهب عنهم الرجس فاكظمواقع كما اقعى أبوك.. ويحكم حسدتمونا على ما فضلنا الله عليكم فما ذنبنا ان جاش دهرا بحورنا * وبحرك ساج ما يواري الدعا مصا ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ومن لم يجعل الله له نورا فما له. من نور (فارتفعت) الأصوات بالبكاء والنحيب وقالوا حسبك يا ابنة الطيبين فقد أحرقت قلوبنا وأنضجت نحورنا وأضرمت أجوافنا فسكتت.

اشمـال النـاس تتفـرج علينــا ….. اوعمت عينه اليصـد بالعين لينا

او يخس القال لن غايب ولينا ….. على راس الرمـح لينــا ايتفـكـر

ثم التفتت الى راس الحسين واستدارت الى راس العباس. تمنيت حيدر حي وجيله * وخبره شصار ابناته وسليله …. يعباس منته اللي جبتني * بيدك يخويه ركبتني طول الدرب ما فارگتني * بس ما رحت عني أو عفتني عگبك بني ميه ولتني * خذوني يسيره اولا شفقتني دگعد يخويه أو شوف متني * ترى اسياط زجر ورمتني..