22 نوفمبر، 2024 5:35 م
Search
Close this search box.

مجلس حسيني ـــ فترة عذاب القبر وحالاته والشفاعة

مجلس حسيني ـــ فترة عذاب القبر وحالاته والشفاعة

بسم الله الرحمن الرحيم
((النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَاب”( غافر 46 )

تعريف الغدو والاصال: هي فترتي صلاة الفجر وصلاة العصر . الغدو يعني أول النهار من الفجر. الى آبعد الزوال { العصر} يسمى الغدوّ اما الآصال هو ما يسمى أصيل: ووقته بين العصر إلى المغرب. ولذا يقال لمعنى مفردات الآية ” ” أي: الوقت من أخر العصر إلى المغرب ، فيقال لآخر العصر للمغرب كلمة اصيل : قال تعالى:﴿وسبحوه بكرة وأصيلا﴾ .اي ادو الصلاة في وقتها بكروا في الصلاة: في أول وقتها.

** اذن تتحدد الفترة في قوله:(النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ)انهم يعرضون على النار . وهذا في عالم البرزخ المسمى عذابُ القبر الذي يقع بين النشأتين الدنيا والآخرة{برزخ} وقد أشار القرآنُ الكريم بعدة ايات إلى وقوع العذاب في تلك الفترة. .فيكون بمقتضى الآية المباركة ال فرعون يُعرَضونَ على النار صباحَ مساء .. وفي يوم القيامة يُؤمرُ بهم فيدخلون الى عذابٍ أشد، في جهنَّم، فالعذابُ الذي يتلقَّاه المذنبون من آلُ فرعون صباحَا مساءا قبل قيام الساعة .وهذا يقع في الفترة المعبَّرُ عنها بعذاب القبر او عذاب البرزخ.

*** تقول الآية : (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا} الكافر يعرض على النار في البرزخ و لا يدخلها إلا يوم القيامة فما الفرق بين العرض على النار والدخول فيها ؟وما الذي يقصده أهل البيت{ع} بقولهم “نحن نخاف عليكم البرزخ”؟.. هناك روايتان عن الامام الصادق{ع} اذكرهما في هذا المجال وهما يمثلان راي المذهب الشيعي..الرواية الاولى من الكافي:ج3/235 ، عن الإمام الصادق (ع) قال:إنما يسأل في قبره من محض الايمان محضاً والكفر محضاً ، وأما ما سوى ذلك فيلهى عنهم ). ما معنى المحض..؟

المحض لو اطلقت على اللبن يعني بدون ماء مطلقا يسمى لبنا محضا , اما لو اطلقت على عقيدة الناس.. فتكون “من عُرِفَ بِالأَمَانَةِ وِالاسْتِقَامَةِ، وِالصِّدْقِ , والعمل بما عرف من القران والسنة .. يسمونه مؤمن محض.

هذا يجد ما قدم لاخرته .. يقابله القسم الاخر من الناس هو الكافر المحض ومعنى الكفر من ترك القانون الاسلامي ولم يلتزم باي نص من قوانينه ولا يعير اهمية للدين يسمى كافر محض بل يلحد في اغلب الرؤى والافكار الغيبية.تقول الرواية عنه .كما في الكافي:3ج/239 : عن الصادق(ع)قال: (إن المؤمن إذا أخرج من بيته شيعته الملائكة إلى قبره يزدحمون عليه حتى إذا انتهى به إلى قبره{{ قالت له الأرض : مرحباً بك أهلاً وسهلا ، أما والله لقد كنت أحب أن يمشي عليَّ مثلك . لترينَّ ما أصنع بك ، فتوسع له مد بصره ، ويدخل عليه في قبره ملكا القبر وهما قعيدا القبر منكر ونكير ، فيلقيان فيه الروح فيقعدانه ويسألانه: من ربك ؟ فيقول: الله ، فيقولان : ما دينك ؟ فيقول : الاسلام ،فيقولان : ومن نبيك فيقول : محمد{ص} فيقولان ومن إمامك ؟ فيقول : فلان ، قال : فينادي مناد من السماء : صدق عبدي أفرشوا له في قبره من الجنة ، وافتحوا له في قبره باباً إلى الجنة ، وألبسوه من ثياب الجنة حتى يأتينا ، وما عندنا خير له ، ثم يقال له : نم نومة قرير العين ، نم نومة لا حلم فيها .

**قال : و إن كان كافراً خرجت الملائكة تشيعه إلى قبره يلعنونه ، حتى إذا انتهى به إلى قبره قالت له الارض: لا اهلا ولا مرحباً بك ، أما والله لقد كنت أبغض من يمشي عليَّ ظهري! لا جرم لترينَّ ما أصنع بك اليوم فتضيق عليه حتى تلتقي جوانحه !والجوانح هي العظام الصغيرة مما يلي عظام الصدر.قال : ثم يدخل عليه ملكا القبر وهما قعيدا القبر منكر ونكير .قال أبو بصير : جعلت فداك يدخلان على المؤمن والكافر في صورة واحدة قال: لا: بل يقعدانه ويلقيان فيه الروح إلى حقويه وهي منطقة البطن تسمى حقويه ..! فيقولان له : من ربك ؟ فيتلجلج ويقول : قد سمعت الناس يقولون ، فيقولان له : لا دريت !ويقولان له : ما دينك ؟ فيتلجلج ، فيقولان له : لا دريت .ويقولان له : من نبيك ؟ فيقول : قد سمعت الناس يقولون .فيقولان له : لا دريت .ويسأل عن إمام زمانه ، قال : فينادي مناد من السماء : كذب عبدي ! أفرشوا له في قبره من النار وألبسوه من ثياب النار ، وافتحوا له باباً إلى النار حتى يأتينا وما عندنا شر له ،

*((* ما معنى فيفرش له قبره فراشا من النار؟..راي الشيخ ابنُ عثيمينَ قَالَ نقل عن جابر بن عبد الله الانصاري عن النبي{ص}أنه قال: «مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد نارًا»، أراد بهذا المثل أن يبين حاله مع أمته فذكر أنه كحال رجل في برية، أوقد نارًا، فجعل الجنادب والفراش يقعن فيها. والجنادب: نوعٌ من الجراد، أما الفراش فمعروف .«يقعن فيها»؛ لأن هذه هي عادة الفراش والجنادب والحشرات الصغيرة، إذا أوقد إنسان نارًا في البر؛ فإنها تأوي إلى هذا الضوء.!! ثم قال: «وأنا آخذٌ بحُجَزكم» يعني لأمنعكم من الوقوع فيها، ولكنكم تفلَّتون من يدي… انتهى.

ــــــ اذن الآيةُ تصلحُ شاهداً على وقوع عذاب القبر،أما ما يثبت ذلك بما هو أكثرُ وضوحاً يأتينا عن طريق الاحاديث النبوية التي أكَّدت أنَّ العذابَ في القبر وعالم البرزخ {واقعٌ لا محالة على أقوامٍ وآخرين يحظونَ بالنعيم، هذا المقدار لا يسعُ المؤمن إنكاره، فإنَّ الروايات الواردة من طرقنا عن الرسول (ص) وأهل بيته (ع) في هذا الشأن تتجاوزُ حدَّ التواتر فإذا ضممنا إليها ما ورد عن الرسول الكريم (ص) من طُرقِ المذاهب الاسلامية فإنَّها بذلك تفوقُ حدَّ التواتر بمراتب.

(***) التفاصيل ونوعية العذاب : اختلف علماء المسلمين في تحديد نوع وجنس العذاب في القبر. واغلب الروايات التي تنقل العذاب بالأفاعي والعقارب والمطارق من الحديد وغيرها جاءت من علماء المذاهب الاسلامية واسندوها للنبي(ص). كالرواية التي نقلت في البخاري عن ابي هريرة ان الميت يضرب بمطرقة على ام راسه فيصرخ صرخة يسمعها ما بين الثقلين. وما عندنا ان النبي {ص} قال في حديث صحيح { القبر اما روضة من رياض الجنة او حفرة من حفر النار} وسآتي لبحث هذا الحديث الشريف.

يقول علماء التفسير من المذاهب الاسلامية في قوله تعالى-:(وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ) العذاب الأدنى هو عذاب القبر عند جمهور المفسرين كما تحدثنا عنه . يقابله قوله تعالى-: (يُثَبِّتُ اللَّـهُ الَّذينَ آمَنوا بِالقَولِ الثّابِتِ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ} قالوا ان معنى قوله(وفي الآخرة) أنّ القبر أوّل منازل الآخرة ..يكون التثبيت فيها عند سؤال الملكين للإنسان عن ربّه في القبر؛ فيقول ربّي الله، وعن نبيه؛ فيقول نبيّي محمد{ص}وإذا سُئل عن دينه فيقول: ديني الإسلام .ما ثبت عن ابن عباس في الصحيحين: (أن النبي{ص} مر بقبرين فقال: إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير).

**أنواع عذاب القبر ورد في عذاب القبر أنواع منها: تسليط الحيّات جاء حديث أبي هريرة: عن النبي (ص)قالوا فيمن أنزِلَت هذه الآيةُ: (فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) ومعنى المعيشةُ الضَّنكةُ؟ قالوا: اللهُ ورسولُه أعلَمُ قال: عذابُ الكافرِ والَّذي نفسي بيدِه إنَّه يُسلَّطُ عليه تسعةٌ وتسعونَ تِنِّينًا أتدرون ما التِّنِّينُ سبعونَ حيَّةً لكلِّ حيَّةٍ سبعُ رؤوسٍ يلسَعونَه ويخدِشونَه إلى يومِ القيامةِ). هذه رواية ابي هريرة .

انواع العقوبات .ضرب الرأس بحجر وشقّ الفم جاءت أحاديث كثيرة تدل على هذا المعنى نذكر منها حديثاً واحداً مختصراً،قال النبي{ص}:(رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أتَيانِي، فانْطَلَقْنا حتَّى أتَيْنا علَى نَهَرٍ مِن دَمٍ فيه رَجُلٌ قائِمٌ علَى وسَطِ النَّهَرِ رَجُلٌ بيْنَ يَدَيْهِ حِجارَةٌ، إذا أرادَ الرَّجُلُ أنْ يَخْرُجَ رَماه بحَجَرٍ في فِيهِ، فَقُلتُ ما هذا؟ فقالَ: الذي رَأَيْتَهُ في النَّهَرِ آكِلُ الرِّبا). تضييق القبر على الميت صحّ عن النبي{ص}أنه قال: (إنَّ للقبرِ ضغطةً لو كان أحدٌ ناجيًا منها نجا سعدُ بنُ معاذٍ). روى هانئ مولى عثمان بن عفان، قال: كان عثمان إذا وقف على قبر بكى،فقيل له: تذكر الجنة والنار فلا تبكي، وتبكي من القبر؟ فقال: إنّ رسول الله{ص}قال: إنَّ القبر أول منزل من منازل الآخرة، فإن نجا منه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه، هذه الآراء كلها للمذاهب الاسلامية ..

راي الشيعة :.. جاء في قوله تعالى 🙁 ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون يقولون فترة البرزخ ، تقع في مراحل :المرحلة الأولى : في إثباته . نقول : {إنه اتفقت الأمة على ذلك } نعم هناك ممن لا يعترف بوجود عالم برزخ وهو الوجوديون والتنويريون وامثالهم. .وهناك حجج فارغة واهية للملحدين لادعاء عدم وجود الله، وهذه نراها كثيرا في مواقعهم الإلكترونية ومن خلالها يروجون لأفكارهم ومعتقداتهم:- مثلا ..

* لو كان الله موجوداً فلماذا لا نراه؟.. لماذا لا يقبل الله الدعاء فى لحظة طلب الدعاء. ويكررون سياتي اليوم الذى نكتشف فيه أن الإله الذي تؤمن به مجرد أسطورة، كما كان يعتقد القدماء في آلهتهم. ولم يذكروا سقوط دولة الالحاد بعد تعبئة لسبعين عاما في الاتحاد السوفيتي . ويقولون إذا كان الله عادلاً، فلماذا تنتشر الأمراض، ويسمح بوجود الظلم بين الناس. ولماذا يسكت على كل هذا الشر الموجود على الأرض. ثم يحاربون بكل قوة الغيبيات يقولون مجرد أوهام لا حقيقة لها.فهم والغيبيات طرفي نقيض .. فليس هناك شيء اسمه الله ولا جنة ولا نار ولا نبوة .. الخ ومن الاشياء التي ينكرونها .. حساب البرزخ ويوم القيامة .رد الدكتور مصطفى محمود على هذه الحجج من خلال مقالات عديدة جاء فيها :-عادة ما تجد الملحد يتمتع بعدد من الصفات، أبرزها:-العيش فى الحياة بلا هدف، فهو يؤمن ويدعى بعدم وجود جنة ونار. وليس لديه محظورات أو محرمات. *سمتهم العناد والتناقض، فهو يدعى الحرية لكنه لا يسمح لك بمناقشته، ويظن أنه صاحب العلم دون الاخرين . وعندهم مكابرة وعناد ضد أي راي يدعو الى التوحيد . اعود الى راي الشيعة في العذاب البرزخي. ورد عن الصادق (ع)قوله:أما الآيات : منها : قوله تعالى 🙁 النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب) .

وجه الاستدلال بالآية : أنه قرن عذاب القيامة بالعذاب الذي ذكر في الاية انه يعرض على النار صباحا ومساءا ، فيكون هذا العذاب البرزخي قبل قيام الساعة ، فهو في القبر .ومنها : قوله تعالى ( أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين) ووجه الاستدلال بالآية : أنه ذكر موتتين : إحداهما في الدنيا ، والأخرى في القبر ، وذكر إحياءين :أحدهما في الدنيا ، والآخر في القبر ، ولم يذكر الثالث ، لأنه معلوم يوم القيامة…وأوضح دلالة هو قوله تعالى : * ( كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون )ذكر تعالى الرجوع – وهو المعاد يوم القيامة – بعد إحياءين وإنما يكون بإحياء ثالث للقيامة. هناك اية احتج المنكرون بها بقوله تعالى:( لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى} قالوا :أن الأموات لو أحيوا في القبر لذاقوا موتتين .أجاب المثبتون عن هذه الآية : أن هذه الآية وصف لأهل الجنة، يعني : لا يذوق أهل الجنة في الجنة الموت، فلا ينقطع نعيمهم كما انقطع نعيم أهل الدنيا بالموت، ثم احياءهم قبل دخول الجنة .

أجاب المنكرون بأن هذه ظواهر لفظية وهي مخالفة للمعقول: هو أننا نرى شخصا يصلب, يبقى مصلوبا إلى أن تذهب أجزاؤه ، ولا نشاهد فيه إحياءا ولا مسألة، وهذا أكلته السباع والطيور والاسماك وتفرقت أجزاؤه في بطونها وحواصلها ،ومن احرق وصار رمادا . فإننا نعلم عدم إحيائه وعذابه ومساءلته بالضرورة .

أجاب المثبتون عن هذه الاشكالات :.اتفق الفريقان عليه ،ان قوله ( ص) : ” القبر اما روضة من رياض الجنة ، أو حفرة من حفر النيران ” وروي أنه ( ص)انه مر بقبرين فقال : ” إنهما يعذبان (وما يعذبان عن كبيرة) بل لأن أحدهما كان لا يستنزه عن البول ، والثاني فكان يمشي بالنميمة ” .ــــــــ الراي الثاني : لبيان من هو المعذب في البرزخ ، هل هو الروح في بدنها أو الروح في بدن آخر، أو الروح مستقلة ؟ وفما هي كيفيته ؟.

ذهب فريق من المفسرين إلى أن المعذب هو الروح في بدنها في ذلك ، بأن الروح تعود إلى الميت عند القبر إلى حقويه يعني بطنه.!!، وقول بأن الروح كلها تعود له ،دليلهم : أن الميت يسأل في قبره عن أشياء ولا يسأل إلا الحي ، فلا بد من عود الروح ، وأن الروح لم تفارقه بموته ولكنها لا تاتي بالحركة فهو كالحي في بعض من الشؤون .وهناك دليل يذكره جميع المسلمين ..هذا ما ورد عن النبي (ص) أنه وقف على قليب بدر مخاطبا المقتولين ذلك اليوم :قال : بئس الجيران كنتم لرسول الله {ص}أخرجتموه وطردتموه ، ثم اجتمعتم عليه وحاربتموه ، فقد وجدت ما وعدني ربي حقا ، فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا ؟ فقال له عمر : وما خطابك يا رسول الله لهام قد صدئت ؟فقال له: يا بن الخطاب ، فوالله ما أنت بأسمع منهم ، وما بينك وبين أن تأخذهم الملائكة بمقامع من حديد إلا أن أعرض بوجهي عنهم.. وعن أمير المؤمنين ( ع) يوم البصرة ، أنه ركب بعد انفصال الحرب فصار يتخلل الصفوف حتى مر على كعب بن سور وكان قاضي البصرة ، ولاه عمر بن الخطاب الى عثمان ، فلما وقعت الفتنة في البصرة علق في عنقه مصحفا وخرج بأهله وولده يقاتل أمير المؤمنين{ع} فقتلوا بأجمعهم ، فوقف أمير المؤمنين عليه وهو صريع بين القتلى – ، فقال : أجلسوا كعب بن سور ، فاجلس بين شخصين فقال(ع): يا كعب بن سور ، قد وجدت ما وعدني ربي حقا فهل وجدت ما وعدك ربك حقا ؟ ثم قال : أضجعوا كعبا .وسار قليلا فمر بطلحة بن عبد الله صريعا ، فقال : أجلسوا طلحة ، فأجلسوه ، فقال : يا طلحة ،وقال ما قاله لكعب ، ثم قال: أضجعوا طلحة .فقال له رجل من أصحابه : يا أمير المؤمنين ، ما كلامك لقتيلين لا يسمعان منك ؟فقال للرجل : والله لقد سمعوا كلامي كما سمع أهل القليب كلام رسول الله ( ص).

هذا مذهب من يقول بتعذيب الروح في بدنها ، وأما من يقول بأن المعذب هو الروح في بدن آخر وذلك المعبر عنه بالبدن الاثيري – ومعناه صورة أخرى شفافة لطيفة الجسد البرزخي كما يراه النائم .. فهو النفس وأقسامها .. نفسُ الإنسان هي الجزء الّذي خاطبه القرآن الكريم والمكلّف دائماً في الأمور، هي (النّفس هي الذّات)، هي الأساس في الإنسان، وهي المكلفة بالعبادة ودليل ذلك ما جاء في كتابه تعالى: (الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ) اذن الحساب يقع على النفس. والنفس هي جميع تصرفات واعمال الانسان … وفي القران جملة من الايات تبين ان النفس مسؤولة عن تصرفات الانسان .. والتي تحاسب هي النفس وليس الروح . لان الروح نفحة الهية ,فقوله( يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية ) قال ابن اسحق: النفس في كلام العرب يجري على ضربين: أحدهما : قولك: خرجت نفس فلان أي روحه, وقوله :{ الله يتوفى الانفس حين موتها }في نفس فلان أن يفعل كذا وكذا .

** الامر الآخر: معناه{ حقيقة الشيء}, تقول : قتل فلان نفسه او أهلك نفسه, وفلان فدى بنفسه دون عقيدته . الاية ” فسولت له نفسه قتل اخيه ” ونفس وما سواها فالهمها فجورها وتقواها منها حقيقة الشيء هو كشف الحجب للإنسان – عند حضور أجله، وكذلك يوم القيامة – ومشاهدة الحقائق بينهما – يشير أمير المؤمنين(ع) بقول شهير: { لو كُشِفَ ليَ الغطاء ما أزددت يقيناً}. أمّا الإشكال الثاني هو: كيف يحضرون عند كل مَن يموت في الشرق والغرب؟ وقد يموت الألوف أو الملايين من الناس في آنٍ واحدٍ في أمكنة متعددة في شرق الأرض وغربها؟

نقول: ان الإشكال يكون صحيحاً فيما إذا كان حضورهم حضوراً بأجسادهم المادية من لحمٍ وعظمٍ، والحال ان حضورهم روحياً إمّا في قوالب مثالية لأِجسادهم الطاهرة . حينئذٍ ينحل الإشكال، لأن الأرواح لها قابلية التنقل في الشرق والغرب في الدنيا والآخرة، ومن جهةٍ أخرى يمكن أن يكون المراد ان صورهم المثالية لهياكلهم المقدسة تتجلى – طبق الأصل تماماً – لكل محتضرٍ مؤمنٍ وكافر نفس الشكل والصورة ..

** مفهوم ضغطة القبر واختلاف درجاتها:إنَّ ضغطة القبر تعني التَّضييق على الميِّت، حسب طبيعة الأعمال التي تحدّد شدّة وضِّيق وأذى في عالم البرزخ، وقد تستمر هذه الضَّغطة وهي ربما شعوراً وأذى روحياً مؤقّتاً يزول بعد حين، حين يرى الميت ما اعده الله للمؤمنين فتتألم نفسه وتضيق بما فرط في حياته , قد تستمر أمداً طويلاً، تبقى إلى يوم النشور يوم القيامة .. فليس من الصحيح ما يتصوّره بعض النَّاس من أن ضغطة القبر تحصل في بداية دخول الإنسان في عالم البرزخ وتنتهي؛ فالمستفاد من النصوص الشريفة أنّها قد تستمر، وقد تنقطع، ثمّ تعود نتيجة لأعمال النَّاس في الدُّنيا، وهي عواملَ خارجيةٍ تطرأ عليه، كاستغفار ابنٍ لأبيه، او امه فترفع عنه ضغطة القبر ويتوسع له في الرحمة , فكل عمل نعمله للميت تنعكس على الإنسان وهو في عالم البرزخ.

اذن اعمالنا في الدنيا هي رصيدنا في البرزخ ويوم القيامة.. ورد في الكافي:3ج /245 : عن الصادق (ع)قال : (إن أرواح الكفار في نار جهنم يعرضون ؟ يقولون : ربنا لا تقم لنا الساعة ولا تنجز لنا ما وعدتنا ولا تلحق آخرنا بأولنا ). لان وراء خروجهم عذاب اليم .

قصة الرجل القروي والشيخ الوائلي رحمه الله: يقول في يوم صيفي بعد صلاة الظهر دخلت تحت قبة الحسين اصلي, فجاء رجل قروي ثيابه ملطخه بالطين وجلس مادا رجليه نحو جهة الراس, فاردت ان اوبخه على جسارته في جلوسه . فتقدمت اليه سمعته يقول : يا ابا عبد الله انا جئتك ماشيا من بيتي وليس في وقت زيارة وتحملت ما تحملت من بروده وامطار. وانا ما مضيع شيء في كربلاء . قصدي انت. الان اريد ان تعاهدني انك لا تنساني في قبري ولا في يوم القيامة بكثرة الناس .

عن الإمام الباقر {ع} قال لأبي بصير: “لقنوا موتاكم عند الموت شهادة أن لا إله إلا الله والولاية.” أجل.. ولاية محمد وآل محمد صلوات الله عليهم، ومنهم الإمام أبوعبد الله الحسين، يشهد له المحتضر بالإمامة ويقر بالولاية حتى النفس الأخير، وهو يسمي أئمة الحق والهدى سلام الله عليهم واحداً واحداً، ففي ذلك النجاة والفوز معاً، يقول الشاعر مهدي الحلي ….

أراكَ بحيرة ملأتك دوما … وشتَّتكَ الهوى بينا فبينا // فطب نفسا وقرْ باللهِ عينا … //إذا شئت النجاة فزر حسينا لكي تلقى الإله قرير عينِا.. إذا علم الملائكُ منك عزماً تروم مزاره كتبوك رسما..// وحُرِّمت الجحيمُ عليك حتما (فإنَّ النار لا تمسُّ جسما ..// عليها غبار زوار الحسينِ..

واشهر من تمنى الموت من اجل الحسين ابو الفضل العباس {ع}

يعباس يا ليث الضعينة .. يمغوار يا ليث العرينه

طلع للمعركة يلمع جبينه … سبعين الف متواتبينه

رموه بسهم وانبت بعينه … ويسراه مكطوعة ويمينه

وراسه بعمدهم فاضخينه ..

توجهت لصوب المدينة وهلت العين .. ونادت عظم الله اجرج يا ام البنين

شيال بيرغنه وكع مكطوع الايدين

عـبّاس تـسمعُ ما تقولُ سكينةٌ // عـمّاه يـومَ الأسرِ مَنْ يحميني

أحدث المقالات