23 ديسمبر، 2024 6:12 ص

مجلس حسيني ــــ الذل الاجتماعي وأسبابه

مجلس حسيني ــــ الذل الاجتماعي وأسبابه

بسم الله الرحمن الرحيم

(قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ۖ وَكَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ ) ﴿٣٤ النمل ﴾
نتصفح نبذة من قصص داود و سليمان (عل) لنأخذ منها عبرة , وشيء من عجائب سليمان بما آتاه الله من الملك.حيث يبين القران قوله تعالى: «و لقد آتينا داود و سليمان علما» ذكر العلم إشارة إلى تفخيم الأمر،لان السلطان والحاكم إذا حاز العلم فانه يرتقي إلى مصاف الفقهاء .. بعكس من يحكم معتمدا على شهادته فقط , او يعتمد في حكمه على أي جهة كانت سببا في وصوله للسلطة ..

وقد أشار القران الى العلوم التي يحتاجها من يحكم الناس .. من أهم العلوم التي ينجح فيها الحاكم هي الحكمة وفصل الخطاب .. ما معنى الحكمة وفصل الخطاب ..؟ ***الحكمة تعني . معرفة حقائق الأشياء, ولكن هناك كثير من الناس يعرفون حقائق الأشياء فهل يجوز ان نطلق عليهم حكماء ..؟ . الجواب كلا لان الحكمة هي معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم،.تعرف اصطلاحاً أيضاً بأنّها القدرة على معرفة ما هو صحيح وما هو غير صحيح، كما أنّها تمثّل الفطنة والبصيرة عند الإنسان .

أما فصل الخطاب : في الآية (وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الخِطَابِ) فصلُ الخِطاب هو الحُكْمُ بالبَيِّنَةِ ، أَو اليمين ،أَو الفقه في القضاء ،وهذا فصل بين الحقِّ والباطل ،والخطاب هو ألا يكون فيه اختصار مُخِلٌّ ، ولا إسهاب مُمِلّ .هذا خطاب ..

لذلك أشير إلى علم داود(ع)قوله تعالى «و آتيناه الحكمة و فصل الخطاب»: وأشير إلى علم سليمان قوله: «ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما و علما»: «و قالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين» المراد بالتفضيل إما التفضيل بالعلم او التفضيل بمطلق ما خصهما الله به من المواهب كتسخير الجبال و الطير وتليين الحديد وتسخير الجن والوحش و الطير و كذا الريح لسليمان و تعليمه منطق الطير..

وقوله تعالى: «وورث سليمان داود» أي ورثه ماله و ملكه، و أما قول بعضهم: المراد به (وراثة النبوة والعلم فان أن النبوة لا تقبل الوراثة لعدم قبولها الانتقال)،أما العلم هل يمكن ان يورث ..؟

الجواب : لو لاحظت مواهب الأنبياء فإنها تختلف عن مواهب الحكام والملوك , فجميع الأنبياء ما جلسوا بين يدي أستاذ .. والعلم ينقسم الى قسمين ..

“الأول اكتسابي ان تجلس بين يدي استاذ وتكتسب علومك منه ..

“والثاني العلم أللدني .. من لدن الله , هو نوع من الكرامة . والعلم الذي يختص به الأنبياء و الرسل كرامة من الله لهم … والدليل هو قوله: « يا أيها الناس علمنا منطق الطير» ظاهر السياق أنه (ع) يبين عن نفسه و أبيه عن نعمة الله ..

المنطق و النطق على ما تعرفه هو الصوت الدال بالوضع على معان مقصودة للناطق المسماة كلاما ,هو دلالة الشيء على معنى مقصود في نفسه، قال تعالى: «و قالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء»: .

وكيف ما كان فمنطق الطير هو ما تدل به الطير على مقاصدها، ومنطق الطير هو أن لكل صنف ونوع أصوات خاصة لها حسب تنوع نسيجها كحال الهياج للسفاد و حال الغلبة والفزع والتضرع والاستغاثة إلى غير ذلك ..

**** لكن لا بد أن المراد بمنطق الطير معنى أوسع لأنه يتحدث عن أمر ليس في وسع الناس أن ينالوه إنما نواله عناية إلهية، هذا العلم منطق الطير لا يسع لأحد أن يطلع عليه و يعرفه… نعم يمكن معرفة بعض الأصوات ولكن يراد لها توافق بين الحيوان والإنسان .. ليس كل الناس .. هذا بينه الإمام علي(ع) في حديث معروف : قال : الناس ثلاثة :.. منها همج رعاع ينعقون مع كل ناعق!..

والنعيق للراعي حين يدعوا الخراف ..!!! يحكى إن هارون العباسي راى البهلول يأكل الطعام بالطريق في أسواق بغداد، فزجره وفال له أن الأكل أمام الناس وبالطرقات مذموم ومكروه شرعاً وعرفاً، فقال بهلول وأي ناس تقصد؟ فأجابه: هؤلاء المارة بالسوق، الا تراهم؟ فضحك بهلول ساخراً، وقال: لكن لا أرى أمامي إلا بقـرا ورعاع ينعقون مع كل ناعـق، همّهم علفهم، فقال هارون هؤلاء ناس محترمون، لماذا تستهزئ بهم، فقال له سأثبت ذلك لك فصعد مرتفعاً بالسوق، ونادى بأعلى صوته: إيها الناس! فاجتمعوا حوله كي يعرفوا أمره، فقال: لقد سمعت فلان عن فلان عن رسول الله (ص) يقول: من أوصل لسانه أرنبة أنفه دخل الجنة، فما أنتهى من كلامه ، وإذا بالناس تخرج ألسنتها وتريد إيصالها إلي أرنبة أنفوها، فضحك بهلول وضحك هارون ,فقال: هل رأيت، أهؤلاء الناس الذين أخبرتني عنهم، أم هم بقر وأضل سبيلاً، فقال هارون والله إنهم كذلك.. صدق سيد البلغاء الذي قال فيهم همج رعاع، وأتباع كل ناعـق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجئوا إلى ركن وثيق. القارئ الكريم..

الهدف من ذكر القصة الفت نظرك الى قضايا القذف والطعن والتشهير، بان ليس كل ما يذكر يُصدق وينقل، وليس كل ما تراه بالإعلام حقيقة، وخاصة بعصر الاتصالات الحديث، زمن الأقمار الصناعية، والكاميرات الذكية، والألوان الخداعة، ووجود أجهزة للتلاعب بالصوت والصورة، والعرض بفن وحبكة تخدع العقول!.

إذاً أنتبه وكن يقظاً قبل أن تنشر ما تتلقاه بأجهزتك الهاتفية أو الحاسوب، أو حتى ما تسمعه من أخبار المجالس أو المحادثات، فربما تكن أنت الببغاء التي تردد ما سمعت دون تريث ولم تتأكد من صحة ما تقول ..فلا تكن كالكرة التي تتلاقفها الأيدي..

**** المصيبة أحيانا الأكاذيب تدخل في التاريخ ..نتسلى بالمعلومة الكاذبة ونعلم إنها كاذبة , ولكن حشر مع الناس عيد . هذا الصنف ليس له (موقف.همج رعاع) .. ليس شرطا ان يكون الهمجي أميا او غير مثقف.. الان اغلب الهمج الرعاع صحفيين وإعلاميين وخطباء .وسياسيين , بل حتى رؤساء دول كبرى ..بالمقابل : هناك حقائق عن شخصيات لو قلتها وهي حقيقة لا يصدقونها لأنهم يميلون لذلك الشخص .

** وقوله: «وأوتينا من كل شيء» أي أعطينا من كل شيء ومعنى «كل شيء» هو علم شامل لجميع ما هو موجود في الدنيا , وهذا لا يمكن ان يعلم به غير الانبياء والأوصياء .. سلوني عن طرق السماء فاني ادرى بها من طرق الارض_ هذا دليل على انه من أوصياء الله ..( لأن مفهوم من كل شيء من أعم المفاهيم) ..لان المقام مقام الحديث بالنعمة ,, ليس كل نعمة إنما هي النعمة التي تتنعم بها الله علينا ( نعمتان مجهولتان الصحة والأمان )لا كل نعمة بل النعم التي يمكن أن يؤتاها الإنسان فيتنعم بها تقيد به معنى كل شيء «إن هذا لهو الفضل المبين».

*** صفات الملوك والأنبياء ( بعد هذه التوضيحات عن النعم نتكلم الان عن صفات الملوك , وبيان الفرق بين الملوك والأنبياء .. بداية هناك أخلاق عالية يعرفها جميع البشر , ليس شرطا ان تكون في الملوك , ولكنها شرطا ان تكون في الأنبياء .. وسأذكر لمحة تبين الفرق بين الملوك والأنبياء والرسل .

** منها ليس شرطا ان يكون الملك عالما او فاهما .. كثير من الملوك لبسوا التاج وهم أطفال مراهقين , او ربما اقل من فترة المراهقة كان رضيع حتى يصل وليا للعهد وهو في مرحلة التمييز والطفولة , فتكون أمه أو احد المقربين وصيا عليه .هؤلاء الملوك وضعوا نظاما عاما يصون منصبهم واستحواذهم على مرجعية القرار , وهو نوع من البروتوكولات السائدة اليوم .. جميع الملوك في التاريخ لم يدرسوا القوانين ولا يملكون علوما تميزهم ,ومن درس منهم لا يعطي الآخرين حق تفوقهم عليه في الحكم . فهو يرى نفسه أفضل الناس واعلم الناس ..

ليس بالضرورة ان يكون هناك قانون ما دام الحاكم والملك موجود ..فهو فوق القانون..ليس لهم حاجة في الغالب برجل قانون او رجل فقه .. نعم هناك جماعة يسمونهم حاشية :****توضيح معنى الحاشية : الحَاشِيةُ هي الجوانب والأطراف وفي الإِبل : تعني صغارُها التي تسير خلفها تسمى حاشية القطيع .. وحين تطلق على الإنسان (هم الأَهْل الخاصّة وفيهم الأصدقاء المقربون جدا للإسرار والأعمال الشخصية .وفي الكتاب الحَاشِيةُ : ما علّق وكتب على الكتاب من زيادات وإِيضاح .. وإذا أطلقت على الملوك فتعني الأعوان المقربون في كل المواقف .. غالبا يكون الحاشية اصحاب مصالح .. يعني (متلونون وليس شرطا ان يكونوا اصحاب خبرة ومهنية) .. في الغالب يطغي عليهم التلون.

هذه الصفات يحتاجها الملك وهي ضرورة ملحة عنده ليغطي على عيوبه , ويرمي جميع الإخفاقات عليهم في حال الفشل , وتكون له السمعة في حال النجاح ..

(يقال ان احد الملوك بنى جسرا كبيرا على نهر يقسم المدينة الى قسمين .. وفرح الناس بذلك الجسر ,, وتم نقل الحجر الثقيل في عربات تجرها الحمير من مناطق جبلية الى مكان البناء .. في يوم الافتتاح تجمع الناس والوزراء , وجاء الملك يفتتح الجسر , جاء في عربة تجرها خيول خاصة .. شاهد احد الخيول لافته كتب عليها . جسر الملك الفلاني .. فسال الحصان الذي بجانبه , انظر الى اللافتة كتبت باسم جسر الملك فلان .. قال نعم أراها .. قال له الحق ان يسمون الجسر بغير هذا الاسم , سأله ماذا يسمونه ومن له حق أكثر من الملك .. قال له يسمونه جسر الحمير , لأنهم هم بتعبهم وعرقهم تم بناء الجسر .. مثل المعارك تكتب باسم ضباط كبار أو رؤساء .. والقتلى والجرحى لا يذكرهم احد إلا بقراءة الفاتحة .

** موجز عن العلاقة بين الملوك وفقهاء البلاط..!!((,لأبين لك كيف يكون الذل حين يصل الذليل العبد الى الحكم)) …… مرت فترة على المسلمين وصل الى الحكم جماعة يسمونهم مماليك .. وهم العبيد البيض..لان الأسود يسمى عبد .هؤلاء ورثوا من الايونين جماعة صلاح الدين الأيوبي,

صلاح الدين الأيوبي والشيعة وتاريخ مصر ..

التاريخ بحاجة إلى كتابة جديدة.لان أحداثه في حاجة إلى أن نجردها من السياسة التي علقت بها. تاريخنا يمثل أهواء المؤرخين وميولهم .هناك كثير من الحوادث والشخصيات بحاجة إلى قراءة جديدة .. منهم شخصية صلاح الدين بحاجة إلى قراءة جديدة. لان هناك شخصيات تاريخية بحاجة إلى إعادة قراءة.

منهم شخصيات غطت السياسة على مساوئهم.وشخصيات غطى التعصب على منجزاتهم .وشخصيات غطت السيوف على انحرافاتهم مثلا.. من أشهر السفاحين صلاح الدين الأيوبي واحد من أولئك الذين غطت السيوف على انحرافاتهم وحجبت عنا جرائمه وغمرت الدماء التي أسالتها جسد الحقيقة…… إن السيوف لم تشهر في التاريخ كل حين ابتغاء وجه الله. بل أكثر السيوف التي شهرت في الإسلام كانت في سبيل السياسة. والقليل منها شهر في سبيل الله.

والتاريخ يحدثنا عن قادة كبار وصحابة شهروا سيوفهم وأبلوا بلاء حسنا من أجل الحصول على مغنم أو حكم و لاية وخراج.نحن في حاجة إلى التحرر من أوهام حولها التاريخ إلى حقائق. حاجتنا إلى الوعي بأحداث عومتها السياسة وظللتها السيوف.لقد قامت دول بالحق على حساب دول قامت بالباطل. و قامت دول بالباطل على حساب دول قامت بالحق.و بين قيام الدول وسقوطها تضيع حقائق وتبرز أباطيل و تموت عقائد وتحيا مذاهب ويذهب فقهاء ويأتي أدعياء.

لما سقط الفاطميون وجاء الأيوبيون غابت حقائق وضاعت عقائد وارتفعت رايات وطويت رايات.ودخلت مصر مرحلة جديدة في ظل عقيدة جديدة ونظام حكم جديد فرض عليها فرضا.منذ ذلك الحين استبدلت عقيدة الشيعة بعقيدة السنة.واستبدلت الأسرة الفاطمية بالأسرة الأيوبية.واستبدل الجامع الأزهر من المذهب الشيعي بالمدارس الشافعية والمالكية والأشعرية.

السؤال هل تم ذلك في هدوء ودراسات ونقاش وتحقق التحول المذهبي ؟ الجواب كلا دخل صلاح الدين مصر واستولى على الحكم وكانت هناك مآس ودماء.

*** كيف جاء الذل بعد العز .. يروي المقريزي: فوض العاضد الوزارة لصلاح الدين يوسف بن أيوب فساس الأمور ودبر لنفسه فبذل الأموال وأضعف العاضد بما عنده من المال. فزاد امره قوة وأمر العاضد في نقصان. اول عمل قام به انه وزع الاراضي الزراعية الشاسعة على أصحابه في اهم مناطق البلاد. وأبعد أهل مصر الحقيقين وأضعفهم. ثم منعهم من التصرف ..استبد بالأمور حتى تبين للناس ما يريده من إزالة الدولة. ثم تتبع كبار قادة الجيش عند الفاطميين وأقصاهم ووهب الرتب العليا . و بعث إلى أبيه وإخوته. وأهله فقدموا من الشام عليه.وتوسعت قوته بالجسش والسلاح والاراضي والاقتصاد.

ثم هدم المدارس الشيعية وعمر المدارس الشافعية. و أنشأ مدرسة أخرى للمالكية. وعزل قضاة مصر الشيعة وقلد القضاء لقضاة المذهب الشافعي.

فتظاهر الناس بمذهب مالك والشافعي. واختفى مذهب الشيعة إلى أن نسي من مصر. ثم قبض على سائر من بقي من أمراء الدولة و أنزل أصحابه في دورهم في ليلة واحدة. فأصبح البلد من العويل والبكاء ما يذهل. وبدأت الذلة في مصر..

ـــــــ”إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ۖ وَكَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ” وجاءت فترة حكم المماليك على أنقاض الدولة الفاطمية , ورث المماليك من الأيوبيين مذهب الأشعري عقيدة لهم , وتبدل المذهب الشيعي بالمذهب الشافعي في الفقه والعبادات والمعاملات .. الذي فرضها صلاح الدين على المصريين بعد تصفية الوجود الشيعي فيها تماما . وهنا تفرقت الامة .. وظهر الفقهاء كل يدعي انه الاعلم من غيره .. وأصبح للمسلمين 25 خمسة وعشرين فقيها وحزبا .. الى ان اصدر الملك الظاهر بيبرس مرسوما بقصر التعامل في مجال الفتوى على أحد المذاهب الأربعة وفي مجال العقيدة على مذهب الأشعري . لما كان حكام المماليك أصولهم من الرقيق كانت حاجتهم إلى الشرعية مهمة جدا لذلك احتضنوا الفقهاء وقربوهم وأنعموا عليهم بالمناصب والعطاء فأصبحوا ظلهم الدائم لا يقطعوا أمرا دونهم . . وكان فقهاء الشافعية هم الأقراب دوما من السلطان وأكثر المتولين لمناصب القضاء على مستوى مصر والشام .. هكذا انتشرت المذاهب في حكم المماليك . ..

((لأشاعرة هو المذهب الذي يتبعه اغلب السنة في هذا الزمان. مؤسس المذهب الأشعري أبو الحسن الأشعري، أصله من مذهب الاعتزال، وفي أواخر عمره ترك الاعتزال وأسس مذهبا جديداً سمي باسمه .. سلك الأشعري في هذا المذهب طريقاً وسطاً بين الفكر الإعتزالي الذي يميل الى العقل ميلا مفرطا ومذهب أهل الحديث الذين لم يعطوا للعقل أي أهمية..ثم رأى أن أراء أهل الحديث تحتاج الى الاستدلال العقلي، فقدم أدلة تدعم أرائهم وإن خالفهم في بعض الآراء. إلا أنه إتبع منهجهم في الوصول الى المعرفة من خلال الإعتماد على النص وتقديمه على العقل..

طال هذا الظلم والتعسف الفقهاء أنفسهم . ويذكر أن هناك حالة صدام وقعت بين فقيه واحد الحكام هو الشيخ العز بن عبد السلام وتصديه للرسوم المالية التي كان يفرضها المماليك على الناس كما طالب ببيع المماليك في الأسواق ثم تحريرهم . وهناك مشكلة اخرى معه بخصوص الأرض ..وضاعت الاراضي على الناس .

*** أقسام الذل …ينقسم الذُّل إلى محمود ومذموم:****

الذُّل المذموم: وهو الخنوع لغير الله مهما كان السبب .. لان الذل ياتي نتيجة من الضعف في الموقف او قول الحق فتحدث في النفس انكسار وذلة. والذلة المذمومة لا بد ان تكون لغاية دنيوية , وهي نقيض العزِّ،يقول تعالى “( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ)..

أرسل رسول الله(ص)جيشا بآمرة الإمام علي (ع) إلى طي ،ففزع زعيمهم عدي بن حاتم وهرب إلى الشام ، وأخذ الجند الغنائم والخيل والنساء أسروهم ، وعادوا بهم إلى المدينة من حائل .. كان من بين الأسرى سفانة بنت حاتم الطائي ،وقفت بين يدي الرسول وقالت : يا محمد لقد هلك الوالد ، وغاب الوافد ، فإن رأيت أن تخلي عني ، ولا تشمت بس أحياء العرب . كان أبي سيد قومه ، يفك العاني ، ويقتل الجاني ، ويحفظ الجار ، ويطعم الطعام ، ويفرج عن المكروب ، ويفشي السلام ، ويعين الناس على نوائب الدهر ، وما أتاه أحد ، ورده خائبا قط ، أنا بنت حاتم الطائي .

فقال رسول الله (ص) والله هذه أخلاق المسلمين ، لو كان أبوك مسلمًا لترحمنا عليه ، ثم قال اتركوها ، فإن أبيها كان يحب مكارم الأخلاق ، وفك أسرها ومن معها ، إكراما لأبيها ، وقال:( ارحموا عزيزا ذل ، وغنيا افتقر ، وعالم ضاع بين جهال) ، فلما سمعت بذلك ، دعت له ، وعادت إلى أخيها عدي بن حاتم الطائي ، وأخبرته عن كرم الرسول وعفوه .فعرف ان نبي الاسلام اشرف الناس خصالًا ، يحب الفقير ، ويفك الأسير ، ويرحم الصغير ، ويعرف قدر الكبير ، وليس هناك أجود منه ، ولا أكرم ، فلما سمع بذلك عدي ،قدم إلى الرسول(ص) ومعه أخته سفانة ، وأسلما فكانت رحمة النبي بهم ، هي السبيل لهديهم ..

وهناك صبر يسمى جميل .. هو الصبر بغير شكوى .. ولا بد ان يكون الصبر متصلا لله تعالى .”( وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ ۚ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ)” ومن الذل لله تعالى وهو اشرف ذل محمود بعد التذلل بين يدي الله .. هو الذل للوالدين : ” وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ” ُ…

**** الذُّل المحمود:قال الراغب الأصفهاني: (الذُّل متى كان من جهة الإنسان نفسه لنفسه فمحمود، نحو قوله تعالى: “أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين”..تفسيرهذه الأية، لها حالات منها أذلة اي محبتهم لهم، يقول الامام علي (ع) لمالك الاشتر ( لا تكن سبعا ضاريا عليهم ) ونصحهم والرحمة بهم ومواصلتهم بالحق .. وتهيئة الشيء الذي يريدون . ولا تطلب منهم ما لا يتمكنون .. من اراد ان يكون محبوبا عند الله .. عليه ان يعمل بهذه الصفات ..جاءت هذه الصفات في المؤمنين الذين يحبهم الله ويحبونه.. ولكننا للأسف في بعض الأحيان نرى عكس هذا المعنى تماما من المسلمين بينهم وبين بعض، فنرى الغلظة والسوء في التعامل بينهم وبين بعض قد تصل في بعض الأحيان إلى المشاحنات في داخل المسجد، او في العمل او الاسواق وبين الجيران .. وهو أمر ترفضه رفضا تاما الشريعة الإسلامية، يأمرنا ديننا أن نكون هينين لينين سمحين مع الجميع، فما بالك مع إخواننا المسلمين، فمن حسن الأخوة أن يحسن الإنسان لأخيه، فنتمنى أن يكون لهذه الآية انعكاس في حياتنا وتعاملاتنا مع إخواننا المسلمين.

***ويأتي الجزء الثاني من الآية “أعزة على الكافرين”، لا أتعمق كثيرا في هذه الآيات؛ ما تحتويه من معان جليلة، سأتحدث عن الاعتزاز بالدين فقط وعدم التنازل عن أي مبدأ ,وليكن أي شخص ومهما كان الثمن،على حساب ديني , فيجب على المسلم ألا يتنازل عن أي مبدأ من مبادئ الدين أو تعاليمه بحجة عدم مضايقة فلان .. او بسبب شعارات الحرية .. كما ان له حرية انا املك حرية ايظا.

ولكن الإنسان يكون ذليلا لأعداء الدين وأعداءه غايته كسب مودتهم , هذا هو الذل بعينه، فالمسلم عزيز بدينه وهو أغلى ما يملك، ولو تنازل عن دينه بأي حجة فيجب عليه مراجعة نفسه ومراجعة محبته للدين، فقد يصل الحال بالبعض الى أنه يخجل من النطق براي الدين مقابل من يهاجم دينه ..

الكثير يتعامل مع الدين مثل العادات والتقاليد فقط ، وإذا تعرض دينه لهجوم من فلان .. او سافر خارج بلدته .. خرج من دينه كانه يخلع قميصا .. هذا الذل بعينه ان تترك دينك اكراما لكافر حتى لو كان يحمل صفة مسلم ..

على أي شخص ألا يسمح لأي كان أن يمس دينه وعقيدته، عليه أن يكون معتزا بدينه، فهو أساسك، ويجب ألا تغتر بأي شيء وصل إليه الغرب على حساب دينك، قد تستفيد من الغرب في العلم وغيره وفي العديد من الأمور، ولكن ليس على حساب دينك ومبادئك، فنحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإن أبتغينا العزة بغيره أذلنا الله” فيجب على المسلم ألا يبحث عن العزة بالابتعاد عن الدين، فنحن الآن نرى نتيجة التعامل بالعزة والتفاخر بيننا ونتعامل بالذل مع الكافرين، فأصبحنا ذليلين عليهم، ) .

ـــــــــــ ***حين يعلمنا القران هذا النوع من التربية لانها تمثل عنوان قمة عنوان العز والشرف والنصر في الدنيا والآخرة. هناك قصة عن البرامكة لما غضب هارون العباسي عليهم، نكل بهم، وسجنهم، وقتل أولادهم، وصادر كل أموالهم، ورماهم في السجن فسأل خالد بن يحيى البرمكي والده: يا أبت بعد العز صرنا في القيد والحبس، وقتل اخواننا ويتمت الاطفال ورملت النساء .. فقال والده: يا بني هذه بسبب دعوة مظلوم سرت بليل، غفلنا عنها، ولم يغفل الله عنها .. فاستجاب للمظلوم من الظالم .

وموقف الحسين طرز الانسانية بمعاني الشرف .. وشعاراته والركب الحسيني اصبحت بلسما للثوار .. حين قال : الا وان الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة ..

لم أنسه إذ قام فيهم خاطبا **فإذا همُ لا يملكون خطابا **يدعو ألستُ أنا ابن بنت نبيّكم**وملاذكم إن صرف دهر نابا**هل جئت في دين النبيّ ببدعة **أم كنت في أحكامه مرتابا**أم لم يوصِّ بنا النبيُّ وأودع الـ**

ـثقلين فيكم عترة وكتابا**إن لم تدينوا بالمعاد فراجعوا**أحسابكـم إن كنتم أعرابا**فغدوا حيارى لا يرون لو عظه**إلاّ الاسنَّـة والسهام جوابا

_( قصة ركوب السبايا صبيحة يوم الحادي عشر والحوار بين زينب وسكينة )

التفتت نحو المشرعة ونادي اخي ابا الفضل انت الذي اخرجتني من منزلي وانت الذي اركبتني في محملي .. قم الآن وركب اختك …. يـعـباس مـنـته الـلـي جـبـتني وبــيـدك يـخـويّـه ركّـبـتـني** بـسـمّا رحــت عـني او عـفتني**عـﮔبـــك بـنـي مـيـه ولـتـني ** دﮔـعــد يـخـويه او شـوف مـتني**تره اسياط زجر الولمتني

لسان الحال: جاوبها يا زينب شبيدي … اخوج الحرب تدرين عيدي … لوني تنوش السيف ايدي … ما جان ضل وحده عضيدي ….