23 ديسمبر، 2024 12:08 ص

مجلس حسيني ـــــ اهمية ليلة القدر

مجلس حسيني ـــــ اهمية ليلة القدر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ(1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5).

 

لنعيش هذه الليلة في ظلال القران .. لان كلّ مسلم ملتزم بدينه يُقدّس القرآن ويحترمه ،ومن مظاهر التقديس والاحترام , اننا نقبّل غلافه وصفحاته لعلمنا انه كتاب الله , وانه نزل به الوحي جبرائيل على قلب سيدنا محمد (ص) هذا يدفعنا ان نتبرك به ونجعله في مكان نظيف سواء في البيت او السيارة والمحل وغيره. ونعتقد بأنّه شفاء من كل داء ..

وفي القران ادلة فيه تبين فضله وعظمته (ونفعه للناس) وقد أخذوا بما فيه وبآياته أنه شفاء من كل سقم, حينما نقول:” كل” لان القران يعالج فيه الناس ابدانهم ونفوسهم .. حين يضطرب القلب , عليك بالقران , الا بذكر الله تطمئن القلوب) اما في الشفاء بالقران فقد اخبرنا تعالى في كلامه الكريم وتكرر في ثلاثة مواضع منها قوله تعالى (قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ).. تكررت كلمة شفاء لما في الصدور ثلاث مرات .. ماذا تعني هذه المعاني الالهية ..؟

الاية المباركة جاءت للناس جميعًا؛ لأن الحق سبحانه حين يخاطب المؤمنين بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ} هذا خطاب لمن آمن بمنهج القران .الحق سبحانه يخاطب الناس كافّةً بأصول العقائد، مثل قول الحق سبحانه: {يا أيها الناس اتقوا رَبَّكُمُ}هذا خطاب للجميع المؤمن والملحد .

أما المؤمنون فخطابهم يختلف مثل قوله تعالى{يا أيها الذين آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصيام}وقوله {يا أيها الذين آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ القصاص فِي القتلى} هذه قوانين وعبادات يخاطب بها من امن برسالة السماء .أما في الأصول والعقائد والإيمان بالتوحيد والقران وكتب السماء ..هذه الكلمات موجهة للناس كافة. مثل قوله تعالى: {يا أيها الناس قَدْ جَاءَتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ من ربكم وشفاء ما في الصدور}.هنا أراد الله (أن يعطى للموعظة واقع وحركة تؤثِّر في القلب وتبعث على الإيمان).

فما هي الموعظة ..؟ الموعظة (هي كل كلمة فيها خير وبعد عن الشر) وتكون عادة بلَفْظٍ مؤثِّر، ويقال: فلان واعظ متميز، أي: أن كلامه وأسلوبه مؤثر وجميل فتكون موقعها من قلوب المستمعين”!، والموعوظ دائمًا تكون نفسه أضعف من الواعظ، فتكون مواقفه وقناعاته ثقيلة،لا تتجاوب مع كلام الواعظ بسرعة ولا يتقبلها مباشرة . لا تتقبل الموعظة بيسر إلا ممن يجيد التأثير بجمال الكلمة وصدق الأداء؛ لأن الموعوظ قد يقول في نفسه: لقد رأيتني في محل دونك وتريد أن ترفعني، ولذا نجد دائما النصح ثقيل, واذا تحول النصح الى جدل ضاعت اهداف الموعظة.

هناك حكمة تقول: النصح ثقيل، فلا تجعلوه جَدَلًا، ولا ترسلوه جَبَلًا، استعينوا عليه بخفة البيان؛ لتستميل أذن السامع إليك فتأتي له بالأسلوب الجميلَ المقنع الممتع الذي يعجبه، وتلمس في نفسه ما يرغب أن يصل إليه. ولذا قيل: “لكل مقام مقال”، ومن لم يحسن هذا المثل يخسر موعظته ويخسر الناس , وربما يفسر كلامه هجوما او استخفافا لمن يسمعه .

اما كلام القران فهو من المعاجز القرانية ان هذا الكلام العظيم لا يمس أي فئة بسوء ولا يهين انسانا ولا يتكبر عن طريق الكلام . وهذا الاسلوب الاعجازي للقران في مخاطبة الناس . فهو هدى وحكمة وموعظة.

والحق سبحانه يقول هنا: {قَدْ جَاءَتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ} الموعظة فلا بد أن تسمعها وتفكر بها لأنها موعظة قادمة: {مِّن رَّبِّكُمْ} فلابد من الالتفات لها وحين يرسل اليك الله الى بريدك رسالة فيها موعظة لا بد فيها مصلحة للناس والموعظة التي تذكرها ايات القران ,تنقسم الى قسمين:

القسم الأول :هي مقوِّمات الحياة التي تتعلق بتعاملنا وارزاقنا وعلاقاتنا الاجتماعية .سواء في الاسرة الواحدة او علاقاتنا الاجتماعية والمعاشية من قُوت ورزق ونشاط عملي وعلمي (هذه المقومات للمؤمن والكافر).

القسم الثاني: فهي رسائل خاصة يرسلها الله تعالى للمؤمن فقط , ترسم له منهاج تربوي وعبادي , وحين يلاقي في حياته مشاكل ومنغصات عليه الرجوع للقران ..هذه للمؤمن فقط. حين تختلط عليه المواقف. ومن صفات الموعظة القرآنية, انها نازلة ممن يُعطي ولا ينتظر منك شيئًا، فهو سبحانه مُنزَّه عن الغرض؛ لأنه لن ينال شَيئًا منك فأنت لا تقدر على شيء مع قدرته سبحانه .واخيرا ((الموعظة الالهية بالقران الكريم (تخصُّ العقلاء الراشدين؛ لأن العاقل الراشد تمر الكلمات على عقله فيختار بين البدائل، أما عقلية المتكبر التافه فهي غير مرتَّبة ولا منسَّقة، ولا تمر على عقله؛ لأن عقله مختل الإدراك وفاقد للقدرة على الاختيار بين البدائل. ولذلك قال الحق سبحانه: {وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصدور وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ}.هنا جاءت كلمة شفاء لتبيِّن أن الهداية بالقران الى الطريق المستقيم تقتضي أن تُخْرِج ما في قلبك من أهواء، وتبحث عن المنهج المستقيم.

** بعد هذا التوضيح عن المواعظ واهمية التفكر بالقران نعود للآية المباركة. إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ*لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) تكررت كلمة ليلة القدر ثلاث مرات في هذه السورة لمباركة.. لنقف عند كلمتين مهمتين في عموم القران يمكن لمن يحيط من خلالهما معرفة بعض الافكار العقائدية للسور القران المباركة .الكلمتان هما .. “وما ادراك ” فما معنى ما ادراك. والكلمة الثانية ” ليلة القدر”. ورد في القران الكريم هاتان الكلمتان “وما يدرك”. “ومأ أدراك”. ثلاث عشر مرة ,كما في قوله “وما يدريك لعل الساعة قريب” وقوله “وما يدريك لعله يزكى”. ..

القسم الثاني قوله “وما أدراك” كما جاء في سورة الحاقة ما الحاقة” وقوله “وما أدراك ما يوم الفصل” ثم قوله “وما أدراك ما ليلة القدر” في كتاب تاج العروس ذَكَرَ الرَّاغِبُ الاصفهاني أَنَّ كلَّ شيءٍ ذَكَرَه الّلهُ بقوله تعالى ــ وما أَدْرَاكَ “فَسَّره” وكلَّ ما ذَكَرَه بقوْلهِ وما يُدْرِيك تَرَكَه مُبْهماً لم يوضحه.. مثل قوله ( وما أَدْرَاكَ ما سِجِّين ) وكذا في قوْلِه عزَّ وجلَّ ? وما أَدْرَاكَ ما عليون ) اهـ تاج العروس 35/170-171 .

هناك موقف اختلف عليه المسلمون وهو عبد الله ابن ام مكتوم : ذَكَرَ غيرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ السنة .. أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ص) كَانَ يَوْمًا يخاطبُ احد عُظَمَاءِ قُرَيْشٍ، وَقَدْ طَمع فِي إِسْلَامِهِ، فَبَيْنَمَا هُوَ يُخَاطِبُهُ إِذْ أَقْبَلَ ابنُ أُمِّ مَكْتُومٍ-وَكَانَ مِمَّنْ أَسْلَمَ قَدِيمًا-فَجَعَلَ يَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ عنْ شَيْءٍ وَيُلِحُّ عَلَيْهِ، وودَّ النَّبِيُّ لو يكَفَّ سَاعَتَهُ تِلْكَ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ مُخَاطَبَةِ ذَلِكَ الرَّجُلِ؛ طَمَعًا فِي هِدَايَتِهِ. وعَبَس فِي وَجْهِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ وَأَعْرَضَ عَنْهُ، وَأَقْبَلَ عَلَى الْآخَرِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الأعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى) ؟ أَيْ: يَحْصُلُ لَهُ زَكَاةٌ وَطَهَارَةٌ فِي نَفْسِهِ. (أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى) لان الموعظة لا بد ان يحصل منها الخوف عَنِ الْمَحَارِمِ،

(أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى) أَيْ :الْغَنِيُّ أَنْتَ تَتَعَرَّضُ لَهُ لَعَلَّهُ يَهْتَدِي، أَيْ:انت غير مطلوب منك إِذَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ زَكَاةٌ. هذه في راي الشيعة انها اتهام رسول الله (ص) في وظيفته في التبليغ . والنبي (ص) يعرف وظيفته التبليغية اكثر من المفسرين الذين اتهموه , وهو يعي قوله تعالى:﴿فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ، لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ، إِلاَّ مَن تَوَلَّى وَكَفَرَ، فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ) من تولى فإنك مسلط عليه بالجهاد، وهو الذي تعنيه الآية المباركة . يعذبه العذاب الأكبر عن طريق الجهاد.

هذه التهمة جاءت من احدى جهتين تبينان ان رجالهم شخصيات يهتم لهم رسول الله(ص) وان النبي عاتبه الله حين كان واقفا معهما واهمل دوره في التبليغ .. الشخصيتان هما عتبه بن ربيعه سيد من بني امية وقادتهم , والثاني العباس بن عبد المطلب الذي يعتبره العباسيون افضل من ابي طالب , وهو زعيم بني العباس , والثالث ابو جهل بن هشام .

هناك رواية مشهورة لعبد الله بن عمر بن الخطاب . يَقُولُ: “إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى تَسْمَعُوا أَذَانَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ”. وَهُوَ الْأَعْمَى الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ: (عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الأعْمَى) ثم يبن انه اعمى الْبَصَرِ، فَلَمْ يَكْ يُؤَذِّنُ حَتَّى يَقُولَ لَهُ النَّاسُ-حِينَ يَنْظُرُونَ إِلَى بُزُوغِ الْفَجْرِ-

** ما موقع هذه اللّيلة في الزّمن ..؟ لو دققت في الآيات التي تحدثت عن نزول القرآن، توحي بأنّ ليلة القدر من ليالي شهر رمضان، وذلك كما في قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}، وقوله تعالى: {إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ* فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ* الظاهر منها بالمقارنة مع سورة القدر تكون هي الليلة المقصودة.

ولكن اختلفت الأحاديث في تحديدها، لعلّ المشهور منها عند الأمامية، أنها ليلة ثلاث وعشرين، كما جاء الإمام الباقر (ع)، قال: ليلة ثلاث وعشرين هي ليلة الجهني، وحديثه أنّه قال لرسول الله(ص)، إنّ منزلي بعيد عن المدينة، فمرني بليلةٍ أدخل فيها، فأمره بليلة ثلاث وعشرين… وتسمى ليلة القدر عند المسلمين القدماء بليلة الجهني.. فما معناها .؟.

ليلةُ الجُهَني من الليالي المباركة جاء ذكرها في عدد من الروايات أما سببُ تسميتها بالجُهني كما قال الشيخ الصدوق( قدَّس) فيعود إلى نسبتها إلى رجل من الصحابة يُسمى عبد الله بن أُنَيْسٍ الْأَنْصَارِي الْجُهَنِي أثرَ حديثٍ جرى بينه و بين الرسول ( ص) .هذا الرجل جاء الى مسجد رسول الله (ص) وقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي إِبِلًا وَ غَنَماً واعمال ,وَأُحِبُّ أَنْ تَأْمُرَنِي بِلَيْلَةٍ أَدْخُلُ فِيهَا للعبادة, فَأَشْهَدُ الصَّلَاةَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ .يعني يدخل المدينة ويتفرغ للعبادة تلك الليلة . فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ (ص) وَسَارَّهُ فِي أُذُنِهِ ، فَكَانَ الْجُهَنِيُّ إِذَا كَانَ لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ دَخَلَ المدينة بِإِبِلِهِ وغَنَمِهِ وَ أَهْلِهِ يأتي الى المسجد ويأخذ مَكَانِهِ يتعبد تلك الليلة.

*** وهناك رواية عن الصادقين (ع) يقول احد الصحابة سَأَلْتُهُ عَنِ اللَّيَالِي الَّتِي يُسْتَحَبُّ فِيهَا الْغُسْلُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ .فَقَالَ: ” لَيْلَةُ تِسْعَ عَشْرَةَ ،وإِحْدَى وَ عِشْرِينَ ، وَ لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ ” …

**عند بعض علماء المذاهب الاسلامية يذكرون رواية في «الدرّ المنثور» عن الامام مالك بهذا المعنى انها ليلة الثالث والعشرون من شهر رمضان، اما اغلب علماء السنّة، أنّها ليلة سبعٍ وعشرين.

** ما هي الحكمة من عدم التحديد الدقيق لليلة القدر؟ الواقع المراد منه ان تحصل قناعة لدى المتتبع للاحاديث التي تتحدث عن ليلة القدر بأن النبي ( ص) و الأئمة ( عليهم السلام ) امتنعوا عن التحديد الدقيق لليلة القدر لأسباب، منها ما هو مذكور في أحاديثهم ومنها ما لم تذكر لأسباب خافية علينا، و لعل من أهم تلك الاسباب هو غايتهم في حث الناس على اغتنام الفرصة الروحية , وعظمة وقدسية ايام شهر رمضان وخاصة العشر الاواخر منه .في شهر الرحمة و الغفران واحياء ليالي هذا الشهر بالعبادة و الذكر و الصلاة و الدعاء و التوجه الى الله بطلب الغفران ,عن عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصادق(ع) عليه السلام فَقَالَ لَهُ أَبُو بَصِيرٍ جُعِلْتُ فِدَاكَ اللَّيْلَةُ الَّتِي يُرْجَى فِيهَا مَا يُرْجَى‏ فَقَالَ: “فِي إِحْدَى وَ عِشْرِينَ أَوْ ثَلَاثٍ وعشرين”. قال: فَإِنْ لَمْ أَقْوَ عَلَى كِلْتَيْهِمَا؟

فَقَالَ: “مَا أَيْسَرَ لَيْلَتَيْنِ‏ فِيمَا تَطْلُبُ” ؟قُلْتُ: فَرُبَّمَا رَأَيْنَا الْهِلَالَ عِنْدَنَا وَ جَاءَنَا مَنْ يُخْبِرُنَا بِخِلَافِ ذَلِكَ مِنْ أَرْضٍ أُخْرَى؟ فَقَالَ: “مَا أَيْسَرَ أَرْبَعَ لَيَالٍ تَطْلُبُهَا فِيهَا”؟ قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ- لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةُ الْجُهَنِيِ‏ ؟قَالَ لِي: “يَا أَبَا مُحَمَّدٍ وَفْدُ الْحَاجِّ يُكْتَبُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَالْمَنَايَا وَالْبَلَايَا والْأَرْزَاقُ إِلَى مِثْلِهَا فِي قَابِلٍ، فَاطْلُبْهَا فِي لَيْلَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَثَلَاثٍ وَ عشْرِينَ، وَ صَلِّ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِائَةَ رَكْعَةٍ وَ أَحْيِهِمَا إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَى النُّورِ وَ اغْتَسِلْ فِيهِمَا”. قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَقْدِرْ عَلَى‏ ذَلِكَ وَ أَنَا قَائِمٌ؟ قَالَ: “فَصَلِّ وَ أَنْتَ جَالِسٌ”.

قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَسْتَطِعْ؟ قَالَ: “فَعَلَى فِرَاشِكَ، لَا عَلَيْكَ أَنْ تَكْتَحِلَ أَوَّلَ اللَّيْلِ بِشَيْ‏ءٍ مِنَ النَّوْمِ، إِنَّ أَبْوَابَ السَّمَاءِ تُفَتَّحُ فِي رَمَضَانَ، وَ تُصَفَّدُ الشَّيَاطِينُ‏، وَ تُقْبَلُ أَعْمَالُ الْمُؤْمِنِينَ، نِعْمَ الشَّهْرُ رَمَضَانُ،

**خلاصة القول:** أن التتبع يقوى في النفس أن ليلة القدر هي ليلة ثلاث و عشرين والليالي السابقة هي بمثابة مقدمة وترويض للنفس باستقبال او لها دور تحضيري لتتهيأ النفس, وتستعد للرقي في سلَّم الكمال الروحي مرحلة تلو أخرى فتصل الى ذروة كمالها في ليلة القدر، فقد رُوِيَ عن الامام جعفر بن محمد الصادق ع أنه قال: “التَّقْدِيرُ فِي لَيْلَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ، وَ الْإِبْرَامُ‏ فِي‏ لَيْلَةِ إِحْدى‏ وَ عِشْرِينَ، وَ الْإمْضَاءُ فِي لَيْلَةِ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ”.

** هل تدلّ الآية على نزول القرآن دفعةً واحدةً؟ {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}. هل نزل القرآن بأجمعه في ليلة القدر؟ وهل هناك ظهور في الآية وفي أمثالها أنّ القرآن أنزل جملةً واحدة غير نزوله التّدريجيّ في مدّة ثلاث وعشرين سنةً، كما ورد في قوله تعالى: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً،لان المشركين حين سمعوا بهذه الاية , لا بد ان يكون لهم راي امام ارادة الله فقالوا كما ورد في قوله تعلى:{ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْءَانُ جُمْلَةً وَحِدَةً)

ما هو القدر؟ وما هو المراد بالقدر؛ فهل هو بمعنى الشّرف والرّفعة في ما يمثّله ذلك من علوّ الدّرجة والمنزلة، لما لها من المنزلة الرّفيعة عند الله، أم أنّ المراد التقدير، فهي اللّيلة الّتي يقدّر الله فيها كلّ أحداث السنة، من حياةٍ وموتٍ، وبؤسٍ وشقاءٍ، وحربٍ وسلمٍ وغير ذلك، ولعلّ هذا هو الأقرب، بلحاظ قوله تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ* } وقوله في آخر السّورة: {تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ}.

سرّ من أسرار الله: تبقى كلمة {وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ}، فليس شأنها مما يمكن للإنسان أن يدركه بنفسه، لأنّ ذلك سرّ الله في الزّمان، كما هو سرّه في الاماكن وفي الأشخاص، فهو الخالق للوجود كلّه،

وماهو الدين؟ وما علاقة الحياة بالدين؟منذ ان كانت الحياة على الارض كان نبي وكان يحمل رسالة ربه ويمشي بتعاليمه، واستمرت الرسالات بعده حتى اختتمت بأفضل الرسالات وأفضل الرسل محمد (ص) الذي اعلن ان الدين كله يتمثل بمصدرين .. كتاب الله وعترتي ال بيتي .

هناك أوقات وأماكن معينة أضفى الإسلام عليها قدسية وحُرمة خاصة، فعلى المؤمن ان يتضرع إلى الله بذكرهِ وتحميدِه وتكبيرهِ “الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ” فهناك أوقات محددة قد خصها الله تعالى ببركات ونفحات إيمانية خاصة وفريدة مرتبطة بها دون غيره من العبادات. وعلى الوجه الاخص هذه الليلة , فما هي اعمال هذه الليلة عند ائمة اهل البيت (ع) . لان في النفس شوق للوصول الى استحصال المغفرة من خلال ليلة القدر. فرصة مباركة للتقرب إلى الله،

يقول القرآن “يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ” ويقول النبي(ص)”لا يرد القدر إلا الدعاء”. مع ذلك، فإن دعاء المرء في ليلة القدر قد يؤدي إلى تغيير سجلاته مع الملائكة، قبل أن تغلق تلك السجلات على مصير المرء حتى العام المقبل. هناك ميزة كبيرة عظيمة للدعاء في هذه الليلة في تغيير القدر، لذا فإنها ليلة القدْر وليلة البركة .

وقد وردت روايات كثيرة في فضلها، منها عن النبي (ص): “شهر رمضان سيد الشهور، وليلة القدر سيدة الليالي”، وأن الملائكة تهبط إلى الأرض، وأن الله یغفر ذنوب عباده في هذه الليلة. وورد عن الإمام الصادق (ع) في تفسير ﴿إنا أنزلناه في ليلة القدر﴾: …اللَّيْلَةُ فَاطِمَةُ وَالْقَدْرُ اللَّهُ فَمَنْ عَرَفَ فَاطِمَةَ حَقَّ مَعْرِفَتِهَا فَقَدْ أَدْرَكَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ . هذا حديث يدلنا على عظمة هذه المراة العظيمة .

ومن اعمالها : الغسل: وصلاة ركعتين يقرأ في كلّ ركعة بعد الحمد التّوحيد سبع مرّات، ويقول بعد الفراغ سبعين مرة: “أستغفر الله وأتوب إليه” ثم احياءها بالعبادة صلاة مائة ركعة، في كلّ ركعتين بالتشهد والسلامقراءة دعاء: الجوشن الكبير.. ورفع المصحف على الراس , وزيارة الإمام الحسين (ع) ا ذَا كَانَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ ، ﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ نَادَى مُنَادٍ تِلْكَ اللَّيْلَةَ مِنْ بُطْنَانِ الْعَرْشِ ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لِمَنْ زَارَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ ( ع) فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ ” …

.الليلة مع اهمية ليلة القدر وعظمتها يدلنا اهل البيت على عظيم الثواب وهو زيارة الحسين (ع) وما أصدق وأروع ما قاله الشاعر:يا ابن النبي المصطفى ووصيّه**وأخا الزكي ابن البتول الزكيه**تبكيك عيني لا لأجل مثوبة **لكنما عيني لأجلك باكيه **تبتلّ منكم كربلا بدمٍ ولا** تبتلُّ مني بالدموع الجارية..

يلي تناشدني عليمن تهمل العين** كل البكا والنوح والحسره على حسين*حبّه بقلبي وتظهره بصبه دموعي*مجبور في حبّه ولا اشوفه ابْطوعي*يا ريت قبل ضلوعه انرضّت ظلوعي*ومن قبل خدّه اتعفّرت مني الخديّن*ابكي على مصابه بكل صبح ومسيّه*أبكي وأساعد عالبكا الزهرا الزكيه*مازال تندب يا ذبيح الغاضريه*يحسين يبني يا حبيبي وقرّة العين*

لوتشوفوني يشيعة علترب طايح جريح.. خدي متوسد ترايب والدما مني يسيح , كم عضيد وكم ولد ليه طظى كبلي ذبيح** ذاك يبقى على الشريعة* وهذا احمل جثته ..

شيعتي واللي كسر ظهري ونحل مني الكوى** وحدتي من طاح يم النهر شيال اللوى .. رحت يمه ولن مخه ودمومه سوه .