8 مارس، 2024 7:19 ص
Search
Close this search box.

مجلس حسيني ــــــ حدود الله وما الحكمة منها ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

بسم الله الرحمن الرحيم

{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[البقرة :229].
أتحدث في هذا المجلس المبارك عن الحدود .. ما معناها , وكم مرة نزلت في القران , وما هي النتائج التي تترتب على من يترك حدود الله تعالى ..

أولا .. ما معنى الحدود ..؟ كلمة حدود : جمع حد ،والحد يعني المنع ، وهو كل ما يحجز بين الشيئين يسمى حد.واشهرها كلمة حدود لفظ يطلق على محارم الله تعالى، قال الله تعالى :تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا .. وحدود الله هي مجموعة التشريع الذي اراده الله كقانون للبشر .. تسمى الحدود الشرعية .. منها قانون الزواج من نساء اربعة .. وحرمة الزنا .. بالفروج واللسان والعين وغيره . والمواريث، والزواج من الأربع ونحو ذلك، وتطلق على مجموعة قوانين العقوبات المقدَّرة، لان العقوبة تمنع عن المعاودة لنفس الذنب .. وهي الصيغة المقدَّرة من الشارع الإسلامي .

والحد شرعاً:يكون مرة عقوبة بدنية .. ومرة مالية .. وأخرى عقوبة زمنية كالصوم شهرين متتابعين .. الخ .. والحدود في الإسلام تختلف باختلاف الجريمة .. فإذا كانت لله تسمى حدود, وأحيانا تكون للبشر فتسمى قصاص ..

*** ما معنى القصاص .؟ وهل يختلف عن الحدود ..؟ القصاص هي عقوبة خاصة فيها حق للادمي , وان كان القانون من الله .. ولكن القصاص تركه الله للناس . واذا كانت .الحكمة من إقامة الحدود لان فيها وزواجر ,تمنع من الوقوع في الجريمة،

وانتشار الفساد وشيوع الجرائم،( لان الجريمة اذا لم تردع بقانون مساوي لها لا تتوقف عند حد معين ) فتستعر الجرائم ويفقد الأمن في البلاد.ويعم ظلم الاخرين ..

***لاذكر لعض الحدود التي تشدد فيها الاسلام .. قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وأولئك هُمُ الْفَاسِقُونَ *( النور 4-5). …..

****التعزير: هي العقوبة المشروعة بغرض التأديب على معصية أو جناية لا حد فيها ولا كفارة، أو فيها حد، لكن لم تتوفر شروط تنفيذه، كالقذف بغير الزنا، وكالمباشرة في غير الفرج، وغير ذلك، فلا يقوم بتعزير المذنب إلا الحاكم أو السيد الذي يعزر رقيقه، أو الزوج الذي يعزر زوجته، والمعلم في تأديب الصبيان، والأب في تأديب ولده الصغير.

معناها : التعزير : وهو التأديب على ذنوب لم تشرع فيها الحدود .ويمكن ان تكون العقوبة في التعزيز القتل .. فإذا ارتكب أحد مخالفة شرعية,ولم يرد الشرع بتقدير عقوبة خاصة بها ، وهي من الخطورة تستحق العقوبة الكبيرة ، فإن للحاكم الشرعي أن يعاقب المتعدي بما يراه مناسبا لجرمه وذنبه ، وهذا ما يسميه الفقهاء بـ ” التعزير “، وله أحكام وتفصيلات كثيرة مذكورة في مطولات الفقه .

راي الشيعة : يقولون التعزير : هو العقوبة التي يفرضها الحاكم على المذنب لتأديبه بما يراه مناسباً من الضرب مما دون الحدّ الشرعي المقرر ،(هو عقوبة غير محدّدة صاحب القرار فيها هو الحاكم الشرعي ــ القاضي ) المنصوب من قِبَل الفقيه الجامع للشروط .رُوِيَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ : قُلْتُ للصادق(ع) كَمِ التَّعْزِيرُ ؟َقَالَ : ” دُونَ الْحَدِّ ” .وبعد كلام قال : ” عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى الْوَالِي مِنْ ذَنْبِ الرَّجُلِ وَ قُوَّةِ بَدَنِهِ ”

** ما هو القذف ..؟. فسر الفقهاء كلمة (القذف) بالرمي بالفاحشة، وحددت ب: الزنا أو اللواط، كمن يقول لغيره:أنت منكوح أو أنت لائط، أو أي كلمة ما يؤدّي هذا المعنى، من دون بينة الرمي هو نفس القذف لغة في لفظ القرآن الكريم .ولفظ الكلام البذيْ على الناس ينهي العفة بينهم .. والسمعة السيئة , وتعتبر تهمة بالانساب .

خاصة لما يكون الحديث عن النساء العفيفات من دون احترام لهن. وهذا التعبير مثال بارز (لإكرام المتطهرين، ونموذج لاحترام الآدب والعفة في الكلام).

جاء في تفسير الأمثل – ج ١١ – الصفحة ٢٣.ما معنى الإحصان؟ الجواب : الإحصان هو المنع، ومنه الحصن المنيع الحصين يقال: أحصنت المرأة إذا عفت فحفظت نفسها وامتنعت عن الفجور، قال تعالى: التي أحصنت فرجها: أي عفت. **عن النبي (ص) في كتاب وسائل الشيعة ج 28، قال: ومن رمى محصنا أو محصنة أحبط الله عمله، وجلده يوم القيامة سبعون ألف ملك من بين يديه ومن خلفه وتنهش لحمه حيات وعقارب.)، ثم يؤمر به إلى النار..* عن الصادق(ع) أنه نهى قذف من ليس على الإسلام إلا أن يطلع على ذلك منهم، وقال: أيسر ما يكون أن يكون قد كذب. وسائل .. وللامام الرضا(ع) حديث يقول فيه:” حرم الله قذف المحصنات، لما فيه من إفساد الأنساب ونفي الولد وإبطال المواريث وترك التربية وذهاب المعارف، وما فيه من المساوئ والعلل التي تؤدي إلى فساد الخلق. .. هنا يتشدد الإسلام برمي المحصنات.لماذا أربعة شهود؟

… من المعلوم أن شاهدين عادلين يكفيان في الشريعة الإسلامية – لإثبات حق، أوعلى ذنب اقترفه شخص ما، حتى وإن قتل النفس. أما في إثبات الزنا اشترط الله أربعة شهود.ما السبب ..؟

هذا الكلام جرت بين الامام الصادق(ع) وأبي حنيفة قال: قلت لأبي عبد الله (ع) أيهما أشد الزنا أم القتل؟ قال: فقال (ع): القتل: قال: فقلت: فما بال القتل جاز فيه شاهدان، ولا يجوز في الزنا إلا أربعة؟ .

فقال :ما عندكم فيه يا أبا حنيفة، قال: ما عندنا فيه حديث عمر، إن الله أجرى في الشهادة كلمتين على العباد،!! قال: ليس كذلك يا أبا حنيفة ولكن الزنا فيه حدان، ولا يجوز أن يشهد رجلان على واحد، لأن الرجل والمرأة جميعا عليهما الحد، هنا يجب ان تقع العقوبة على طرفين فلا بد من وجود شاهدين على كل واحد . والقتل إنما يقام الحد على القاتل فقط .. ويثبت عليه ..تفسير الأمثل – ج ١١ .

.. في هذه الحدود ( القذف الاسلام يتشدد الى حد اكثر من القتل .. لان القتل تكون عقوبته قصاص ,, والقصاص تركها الله لذوي المجني عليه .. اما القذف فانه يشمل الفاعل والمفعول به والانساب والبيوت والابناء . وبهذا تسقط القيمة الاجتماعية لعوائل متعددة .. فيكون القاذف حكمه قثمانون جلده , ولا تقبل له شهادة .

عن أبي بصير، عن الباقر (ع) في امرأة قذفت رجلا، قال: تجلد ثمانين جلدة. .. ثم ما هي علة ضرب القاذف ..؟ عن الرضا (ع) قال عن علة ضرب القاذف وشارب الخمر ثمانين جلدة، لان في القذف نفي الولد والذرية أي قطع النسل، وذهاب النسب، وكذلك شارب الخمر، لأنه إذا شرب هذى، وإذا هذى، افترى، فوجب عليه حد المفتري..

*** فما هي حدود الله .. ولماذا جعلها مقرونة باسمه ..؟ وما علاقتها بالكوارث الكونية … وهل هناك عقوبات دنيوية بسبب ابتعاد الناس عن العبادة او الانحراف .. وكيف يكون جنس العقوبة ..

اختلف العلماء والمفسرون اختلافا كبيرا بينهم حول الكوارث والعقوبات الطبيعية وربطوها ربطا وثيقا بانحراف الناس ..

بداية : حدود الله هي مجموعة القوانين التي تضبط المجتمع من التجاوز بينهم .. والغاية من تشريع الحدود هو( لمكافحة الجريمة والرذيلة والظلم الاجتماعي) لان هذه القوانين لو طبقها اناس فيها مصلحة عامة كبيرة .. واليك بعضا منها .

** اولا : صيانة المجتمع من الفساد الأخلاقي والمالي …

** الثانية : الابتعاد عن المعاصي الخطيرة كالقتل والسرقة وإثارة النعرات , وهذه لو حدثت يرتفع الامن في المجتمع ويحل فيه القتل والارهاب والخوف.

** ثالثا : الاهداف من الحدود هي ضرورات خمسة يحافظ عليها الانسان , ولا يمكنه ان يحافظ عليها الا بقوانين السماء وهي :.

1- حماية مصالح الناس أعمالهم وأموالهم وعقاراتهم..

2- ” حفظ الدين” 3- حفظ النسل،4- حفظ النفس،5-وحفظ العقل. هذه هي الضروريات الخمس المعروفة التي شرع الله وامر في حفظها . …..!

، وسميت بالضروريات الخمسة لأنه لا قيام لحياة الناس إلا بتوفرها وتواجدها، وحفظها من الاعتداء من أي جهة كانت .. ولذا وضع العقاب الرادع لمن يحاول التعدي عليها. ..

مثلا :.. شرع حد الزنا صيانة للأنساب من التعرض للضياع، وحد السرقة، وقطع الطريق على المتاجرين بالاعراض .من خلال الاتصال بالانترنت .. تسال المراة المتزوجة تقول انا اشكو من نقص الرومانسية من زوجي .. وكذلك العكس صحيح .

ــــــــ *** ما هو الظلم ..؟ الظلم هو التعدي والجور وإيقاع الأذى بمن لا يستحق، ويفسر الظلم انه وضع الأشياء في غير موضعها الصحيح،لان هذا يؤدي الة ميل ميزان الباطل وتطاوله على ميزان الحق،.. ومن حالات الظلم المنتشرة في المجتمعات الاسلامية ..( وسلب الحقوق المالية والعقارية وسلب موقع الرزق والوظيفة من الضعفاء زوراً وبهتاناً او باستعمال القوة . ومن اسوء حالات الظلم . إعطاء من لا يستحق حقاً ليس له فيه أي حق،لان هذا هو الانحراف عن طريق الحق والعدل، ومن ثم الانحياز للباطل،

يبين القران نظرية ان الظالم ملعونٌ ومطرودٌ من رحمته تعالى، يقول تعالى: (ألا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) , يقول الرسول(ص) :(اتقوا الظلم؛ فإن الظلم ظلمات يوم القيامة)

*** نتائج الظلم على الفرد والاسرة والمجتمع ..!! حين يعرف الانسان انه مظلوم وصاحب قضية لن يهدأ..فيحل الخوف والانتقام بدلا من التراحم والالفة ..

**الظالم لن يهنأ ولا يمكن ان تقع عنه العقوبة في الدنيا .. فدعوات المظلومين له بالمرصاد ترفع للسماء كالشرارة ليس بينها وبين الله حجاب يقول النبي(ص) : «اتَّقوا دعوةَ المظلومِ فإنَّها تصعدُ إلى السَّماءِ كأنَّها شرارةٌ» ويقول :«اتقوا دعوة المظلوم، وإن كان كافرًا، فإنه ليس دونها حجاب» وكثيرا ما شدد الرسول(ص) “على أن دعوة المظلوم مستجابة ولو بعد حين فقال: «اتَّقُوا دَعْوَةَ المَظْلومِ فإنَّها تُحْمَلُ على الغَمامِ. يقولُ تعالى : وعزَّتي وجَلالِي لَأنْصُرَنَّكِ ولَوْ بعدَ حِينٍ».

قال (ص) : «أتدرون من المفلِسُ؟» قالوا: المفلِسُ فينا من لا درهمَ له ولا متاعَ. فقال: «إنَّ المفلسَ من أمَّتي، يأتي يومَ القيامةِ بصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مالَ هذا، وسفك دمَ هذا، وضرب هذا. فيُعطَى هذا من حسناتِه وهذا من حسناتِه. فإن فَنِيَتْ حسناته، قبل أن يقضيَ ما عليه، أخذ من خطاياهم فطُرِحت عليه. ثمَّ طُرِح في النَّارِ» ..!

*** يقول تعالى : «ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ » الله تعالى يريد أن يقول من هذه الآية، أن الظلم إنما يأتي من دوافع الإنسان وتصرفاته وغروره، ومن ثم تكون نتائجه كوارث اجتماعية بينهم الدوافع والغرور، أن يظهر الفساد في الأرض وتعم الفوضى، ليذيق الله عباده بعض أعمالهم.. هذه الاية واضحة وهي في موضع التهديد . يقول ليذيقهم.

ما معنى َّالذوْقُ : الحاسَّة التي تُميّز بها الذَّوْقُ خواص الأجسام الطَّعْمِيَّة بواسطة الجهاز الحِسِّي والفم، ومركزه اللسان …. ومعنى الذَّوْقُ : آدابُ السلوك بما هو لائق ومناسب في موقف معيّن … ولما نقول قليل الذَّوْق: يعني خشن المعاملة .. اما الذَّوق العامّ: مجموعة تجارب الناس التي تسمى العرف العام .. وهو كل يُحسّنه المجتمع .. او يرفضه المجتمع .يسمى ذوق.

من حالات الذوق هو ( زيادة العذاب ومضاعفته ) يقول تعالى . ( يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون” “فذوقوا لفظة «بعض الذي عملوا»، أي جزء من أعمالنا التي لا ترضي الله .. ولو قال «كل الذي عملوا»، لأصبحنا في مهب الريح، لكن رحمته سبقت غضبه ” وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّةٍ َ﴾..

**** خلق الله الكون،وجعل فيه كل ما يساعد الانسان في عيشه .. وارسل له انبياء للهداية .. فيكون الواجب على الله .. انه يسر أمور الحياة، وبين لهم الأنظمة والقوانين (اقتضتها حكمته ومشيئته)، فكلّ حركة في الكون تجري وفق نظام وسنة إلهية، لها غاية وغرضً مرسومً، فلا توجد حركة عبثية، أو عفوية، أو ارتجالية، وإنّما هي أنظمة وقوانين تحكم حركة الحياة في الكون، لكن الإنسان يجهل طبيعة سير الكون والحياة، وحين يرى ظواهر غيرطبيعة، يحاول تفسيرها بوحي من معرفته المحدودة، وفي كثير من الأحيان كان يبتدع لها تفسيرات خرافية وأسطورية بسبب جهله، فجاء الدين الإلهي ليوجه الإنسان كي يتأمل حركة الحياة، ويكتشف أسرارها، على هذا الأساس العلمي، وهو وجود القانون والنظام، وكأنه يخاطبه:

أيّها الإنسان، أنت تملك عقلًا، ولديك قابلية للمعرفة، وهذا الكون الفسيح أمامك يحكمه نظام وقانون،استعمل عقلك، واستثمر قابليتك حتى تتعرف على أسرار الكون، لتستفيد من خيراته في تطوير حياتك…. وبمقدار استجابة الإنسان للأمر الإلهي، وتفاعله مع غريزة حبّ الاطلاع، أمكنه التعرف على أسرار الكون والحياة.

****في آية أخرى يقول الله تعالى:( إنا كل شيء خلقناه بقدر) اضافة الى الخلقة جعل له صيرورة أي نظام .. فقال تعالى :﴿قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾،

**** يقول تعالى: ﴿سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا﴾.لكنّ معرفة الإنسان بأنظمة الكون وقوانين الحياة معرفة تدريجية، فكلّما اجتهد وبحث وجرّب ازدادت معرفته بأسرار الكون وقوانين الحياة، وعلى أساسها يستطيع أن يطور حياته، وقد قطع شوطًا كبيرًا في العلم والمعرفة قياسًا إلى الماضي، لكن ذلك ضئيل جدًّا قياسًا إلى علم الله وواقع الكون، يقول الله تعالى: ﴿وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾، فالبشرية في بداية الطريق، وأمامها مستقبل أكثر إشراقًا على صعيد العلم والمعرفة.الكوارث جزء من قوانين الطبيعةــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من الأمور التي عرف الإنسان شيئًا من أسرارها الظواهر الكونية المؤثرة على حياة الإنسان، التي تنتج عنها الكوارث الطبيعية، كالزلازل والفيضانات والأعاصير، حيث كان الإنسان في العصور الماضية يفسّر هذه الكوارث بتفسيرات خرافية، بسبب جهله وقلة معرفته، لكنّ هذه الظواهر الكونية إنّما تحصل ضمن نظام وقانون، وليست حوادث انفعالية أو ارتجالية، فالزلازل والفيضانات والأعاصير يمكن للإنسان أن يتنبأ بمواعيد حصول بعضها، ويعرف مناطق وقوعها؛ لأنّها ترتبط بعلم طبقات الأرض، ويتحدث العلماء عن خطوط في الكرة الأرضية، معروفة بحزام الزلازل، أو منطقة الحزام الناري، هذا الخط مرشّح لوقوع الهزات والزلازل، وعبر القوانين العلمية أيضًا، أصبح بإمكان الإنسان أن يتنبأ بالأعاصير والفيضانات، لكن معرفة النظام لا تعني بالضرورة تلافي كلّ الآثار والخسائر.

الكوارث والسلوك البشري :.. لا يزال بعض الناس يربطون بين الظواهر الطبيعية وبين السلوك الديني أو الأخلاقي أو الاجتماعي، ويحاولون تفسير هذه الكوارث بمعتقدات دينية، وارتكابه للذنوب والمعاصي، لكنّ هذا التفسير ـ في الغالب ـ تفسير وعظي، فالوعّاظ في كلّ ديانة يحاولون استثمار هذه الأحداث لتوجيه الناس نحو دينهم، وفي بعض الأحيان للتعبئة ضدّ الديانات الأخرى، فيقال: إنّ الكارثة التي حلت بهذه المدينة أو هذا الشعب إنّما هي بسبب كفرهم، أو أنزل الله بهم العذاب؛ لأنهم عصاة مذنبون، لكننا نرى أنّ هذه الكوارث تصيب المؤمنين كما تصيب الكافرين، ويتضرّر منها الأخيار كما يتضرّر منها الأشرار!! من الذي يستطيع الادّعاء والجزم أنّ هذه الكارثة أو تلك، هي عقاب وعذاب إلهي؟!

هذه التفسيرات الوعظية يمكن أن تؤثر في نفوس بعض الناس، لكنّ البعض الآخر ينفرون منها؛ لأنّهم يدركون أنّ هذا الكلام ليس علميًّا، بل يخالف الواقع والقوانين العلمية،نعم تحدث حالات ولكن بسبب تغير اخلاق الناس مثل كثرة القتل , لان المجتمع لا يخاف عواقب القتل .. وما عند الله لا يهمه .. وسبب هذا ليس من الله بل من سبب ابتعاد الناس عن الدين والاخلاق والخوف من الله . لكن هذا ما درج عليه بعض الوعّاظ في مختلف الديانات.

مثلا حدثت كارثة في منطقة (كيرلا) في الهند كارثة كبرى سببها أمطار غزيرة، ورياح موسمية، تركت الولاية في حالة دمار كامل تسببت في انهيارات أرضية، وسيول عارمة، نتج عنها أكثر من أربعمائة قتيل، وآلاف الجرحى، وعشرات الآلاف من المشردين.سكان المنطقة من الهندوس، فعزا بعض مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي داخل الهند وخارجها أنّ «غضب السماء» حلّ على تلك المناطق بسبب اكل لحم البقر.. اخرون قالوا ان سبب الكارثة بسبب حكم المحكمة الذي سمح للنساء بدخول المعبد، فالمتديّنون المتشددون الهندوس يرفضون دخول المرأة المعبد؛ لأنّ بيتها أفضل لها! اذن الموضوع بحاجة لاخضاعه الى العقل واتباع العلم وليس تفسير الامور الوبائية التي اصابت العالم انها عقوبة من الله ..

في سنة 2016م أصيبت مدينة (سلا) في الريف المغربي بهزّات أرضية، اعتبرها أحد أئمة الجمعة نتيجةً لغضب الله على من يشتغلون في الموبقات، وعقابًا لهم على ما يقترفونه من معاصي، وتخويفًا لهم من الله، ونفى أن يكون الزلزال ظاهرة جيلوجية، «بل عقاب من الله على المعاصي التي تحدث في المنطقة التي وقع فيها الزلزال» .

** وهكذا الأمراض التي تتفشى في الأرض بسبب الإنسان وليس غضبا من الله .. حاشا لله ان يعاقب من لا يعبده في الدنيا . وغالبا ما نتصور اننا مؤمنون ولا يعاقبنا الله لأننا نصلي ونصوم , الجواب هناك قصص تبين ان بعض الذين لا يصلون عندهم إنسانية أكثر من المصلين , بل وجدت بعض المجاهدين يدافعون بالروح والدم في ساحات الوغى , والمصلون يسبحون ويصومون.. والله تعالى يقول فضل الله المجاهدين على القاعدين اجرا عظيما .

, فلا يصيب احد الغرور انه أفضل من الآخرين ( لا تزكوا أنفسكم هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} وهذا يبين إن الله سبحانه وتعالى نهى الإنسان عن تزكية نفسه بالخير، لأن الإنسان لا يعلم مصيره ولا يعلم ما يقبل من أعماله، والمؤمن يقدم العمل الصالح وهو يخاف أن يرده الله عليه وأن لا يتقبله منه،فنقول” ربنا اغفر لنا ذنوبنا وتقبل اعمالنا ” وتوفنا مع الابرار.. ــــ

هذا ليس عند المسلمين فقط .. في سنة 2010م ضرب زلزال جزيرة هاييتي، أطلق قسّ الأمريكي تصريحا بأنّ ذلك عقاب إلهي للامريكان الشعب الذي باع نفسه للشيطان. وقال قسّ اخر في برنامج «نادي الـ 700 بعد تصريحات له أنّ هجمات 11 أيلول 2001 هي نتيجة لانتشار المثلية بين الرجال والنساء.

وهناك قسّ الأمريكي يحظى بشعبيّة بين العامة في أمريكا، له برنامج تلفزيوني أسبوعي يقدم فيه مواعظ، ويعالج أناس أصابهم مسّ الشيطان .. المضحك انه كان يختم برنامجه بمطالبة المشاهدين الاقتراب من الشاشة ؛ لأنه سيشفي المرضى مجرد التمسّح بالقسّ عن طريق الشاشة، والمشكلة من يريد ان يزيد ذكاءه او يزيد رزقهم ويجعلهم يكسبون الأموال إذا آمنوا بدعائه وصدّقوه!!.

** بين الموعظة ومخالفة الحقيقة :.من واجب الدعاة والمصلحين أن يحذّروا الناس من المعاصي والذنوب، وينذرونهم من غضب الله، لكن لا يصح أن نقدم تفسيرات غير علمية للظواهر الكونية، فإنها تسبب ردود فعلٍ، خاصة ونحن نعيش في عصر الانفتاح على العلم والمعرفة، ومثل هذه التفسيرات تعكس نظرة سيئة عن الدين.

صحيح أنّ المواعظ بهذه الطريقة قد تؤثر في بعض الناس، لكنها تسبب نفورًا عند آخرين. ويمكننا أن نقرأ موقف النبي في الردّ الفوري على من فسّر كسوف الشمس بموت ولده إبراهيم، حيث ورد :«إِنَّهُ لَمَّا قُبِضَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ رَسُولِ اللهِ جَرَتْ ثَلَاثُ سُنَنٍ: أوَاحِدَةٌ منها انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ النَّاسُ: انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ لِفَقْدِ ابْنِ رَسُولِ اللهِ ، فَصَعِدَ رَسُولُ اللهِ الْمِنْبَرَ،وخطب فقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ الله، يَجْرِيَانِ بِأَمْرِهِ، مُطِيعَانِ لَهُ، لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا انْكَسَفَتَا، أَوْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا، فَصَلُّوا، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْكُسُوفِ».

كما أنّ القرآن الكريم يؤكّد أن عذاب الله تعالى وحسابه لخلقه على كفرهم ومعاصيهم مؤجّل إلى الآخرة، أما هذه الدنيا فهي دار ابتلاء وامتحان لإرادتهم واختيارهم، وقد فسح الله تعالى المجال لخلقه ليمارسوا حريتهم واختيارهم، يقول الله تعالى: ﴿وَقُلْ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾.وتأكيدًا لهذه الحقيقة يقول تعالى: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ﴾[سورة النحل، الآية: 61].

بل نـجد في آيات القرآن ما يفيد أنّ الله تعالى يتيح للكافرين والعاصين فرصة التمتع بهذه الحياة، ويمدهم بخيراتها، وإذا ما تمادوا في كفرهم وعصيانهم فإنّ الحساب والعذاب في انتظارهم يوم القيامة، وكم خرّب بسبب الظلم عمارًا كثيرًا، وزالت ممالك، وسقطت دول وحضارات، وأهلكت قرى كانت عامرة، قال تعالى: «وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ»..

ودعوة المظلوم لها واقع في الدنيا .. حين زحف عليه الجيش رفع يديه بالدعاء وقال ” اللَهُمَّ أَنْتَ ثِقَتِي‌ فِي‌ كُلِّ كَرْبٍ ؛ وَأَنْتَ رَجَائِي‌ فِي‌كُلِّ شِدَّةٍ ؛ وَأَنْتَ لِي‌ فِي‌ كُلِّ أَمْرٍ نَزَلَ بِـي‌ ثِقَةٌ وَعُدَّةٌ .كَمْ مِنْ هَمٍّ يَضْعُفُ فِيهِ الْفُؤَادُ ، وَتَقِلُّ فِيهِ الْحِيلَةُ ، وَيَخْذُلُ فِيهِ الصَّدِيقُ ، وَيَشْمَتُ فِيهِ الْعَدُوُّ ؛ أَنْزَلْتُهُ بِكَ ، وَشَكَوْتُهُ إلَيْكَ ، رَغْبَةً مِنِّي‌ إلَيْكَ عَمَّنْ سِوَاكَ ؛ فَفَرَّجْتَهُ

فَأَنْتَ وَلِي‌ كُلِّ نِعْمَةٍ ، وَمُنْتَهَي‌ كُلِّ رَغْبَةٍ . ثم صفهم للحرب ..

هناك نص عن الإمام الرضا (ع) يبين عمق فاجعة كربلاء يقول: لا يدرك مأساتها إلا هم أهل البيت ومحبيهم..وادراك الناس لهذه الواقعة وفهمهم لها نسبيا لذلك نرى الواقعة حاضرة أمام كل إمام في زمانه وهي نصب عينه دائما ، لأنهم (ع) يفهمون عمق ما جرى في كربلاء كما ينبغي.. ( قصته مع دعبل الخزاعي )..

دومج يزهره وبس بالماتم تنوحين .. ما ينكضي نوحج وتعدادج على حسين .. وانتي مدى الايام ما يبطل نواحج .. بس في انين في مساج وفي صباحج ..

الجواب من محبيها : يا ريت كل اولادنا فدوه لرضيعه … واحنا فدايا اللي انذبح جنب الشريعة.. والله انفجعتي فاطمة الزهرة فجيعة ..في يوم واحد فاكده سبعين واثنين .

والله يزهره ما ذبح بالطف ولدج .. ومشى بناتج بالسبا واحجركه الجبدج .. الا الذيهم امروا كنفذ بضربك .. وانتي الوديعة من النبي وسيد الكونين .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب