17 نوفمبر، 2024 11:38 ص
Search
Close this search box.

مجلس حسيني تحرير القدس ونهاية اسرائيل في القران

مجلس حسيني تحرير القدس ونهاية اسرائيل في القران

بسم الله الرحمن الرحيم

{ وَقَضَيْنَا إلَى بَنِي إسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا * فَإذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا} الاسراء 5

هذه الاية الكريمة من ايات الغيبيات .. تحدثت عن وجود كيان وحدد الجهة هم بنو اسرائيل ..قبل الخوض في شرح الآية المباركة . التي تبين بشكل واضح نهاية دولة الكيان الصهيوني . اتطرق الى موضوع تحدث به احد الادباء العلمانيين المصريين . والتقطه بدون دراسة ولا علم شخص كان شيخا لفترة والان يعيش في لندن اسمه غيث التميمي . يدعي ان القران فيه أخطاء .. من اخطاءه عدم وجود المسجد الأقصى في وقت الإسراء والمعراج .وللتوضيح هذا الشيخ اللندني ترك مذهب اهل البيت{ع}وصار يمدح اليهود ودولة اسرائيل واعلن ان القران فيه اخطاء لان النبي بعث في مكة قبل بناء المساجد ومنها المسجد الأقصى.

**فما هو تاريخ المسجد الأقصى. ومن بناه ومتى؟ المعروف ان المسجد الأقصى هو أول القبلتين في الإسلام. يقع في البلدة القديمة بالقدس في فلسطين. وذكر القران وجوده في سورة الإسراء بالتحديد , القران يؤكده موجود.{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى }ويُقدّس اليهود المكان ويطلقون على ساحته اسمَ “جبل الهيكل” نسبة إلى هيكل سليمان (ع)وتُحاول العديد من المنظمات اليهودية بناء الهيكل حسب مُعتقدها. وهذا دليل وجود المسجد قبل نبوة محمد{ص}…. **ثانيا, هناك راي ان المسجد الاقصى بني في زمن عبد الملك بن مروان .. يبدو ان الشيخ اللندني لم يطلع على التاريخ .وللمسجد عدة أسماء، أهمّها ثلاثة: المسجد الأقصى: “وتعني الأبعد ،عن مكة . والاسم الثاني بيت المقدس. وتعني المبارك المقدس.الاسم الثالث ورد في معجم البلدان: “(إيليا)هناك مجموعة من الأسماء، أهمها: -يبوس .وأورشليم. الخ .

أصل كلمة (إيليا) من الناحيتين؛ اللغوية والتاريخية: كلمة (إيليا) من الناحية اللغوية: تعني بيت الله. ومن الناحية التاريخية: اسم أطلقه قائد روماني على مدينة بيت المقدس وهو اسم جد عائلة الإمبراطور (إيلياء كابيتولينا).{ في عام 64م ثار اليهود على النصارى، بعد 6 سنوات من الحصار هاجمها ايليا بجيش قوامه 60 ألف جندي، دخلها وأحرق الهيكل، ودمّر المدينة تدميرًا كاملاً وأباد معظم اليهود وبنا على أنقاض المدينة مستعمرة لجنوده سمَّاها (إيلياء الكبرى)وهو لقب عائلتة.

يعتقد البعض أن المسجد الأقصى هو الجامع الذي فيه قبة الصخرة ، ولكن الجامع يشمل مساحة كبيرة جدا فيها غرف ومشاتل واماكن استراحة وغيرها اما [الصخرة المشرفة كما يسمونها هي صخرة عادية ليس لها قيمة دينية . وهي غير منتظمة الشكل تقع في أعلى المسجد تتراوح أبعادها بين 13 و18 متراً، وارتفاعها بين متر ونصف الى مترين .

**من اللطائف في تاريخ بيت المقدس: ان عبد الملك حول الحج من مكة إلى بيت المقدس اكثر من سبع سنوات ذكر ذلك جميع المؤرخين، منهم مؤرخ بني أمية ابن كثير:[قال: ابتدأ عبد الملك بن مروان ببناء القبة على صخرة بيت المقدس ، وكملت عمارته في سنة ثلاث وسبعين، والسبب في ذلك أن عبد الله بن الزبير استولى على مكة وكان يخطب في أيام منى وعرفة امام الناس بمكة وينال من عبد الملك ويذكر مساوئ بني مروان ويقول: إن النبي (ص) لعن الحكم ونسله وأنه طريد رسول الله ولعينه.

وكان (ابن الزبير) فصيحا فمال بعض أهل الشام إليه، بلغ ذلك عبد الملك فمنع الناس من الحج فضجوا، فبنى القبة على الصخرة والمسجد الأقصى ليشغلهم عن الحج! وفعلا كانوا يطوفون حول الصخرة كما يطوفون حول الكعبة وينحرون يوم العيد ويحلقون رؤوسهم. ولما قضي على ابن الزبير منع عبد الملك حج من يتبعهم الى بيت المقدس. وانتهت الفترة. وفي تلك الفترة شارك وعاظ السلاطين بفتاوى واحاديث كاذبة عن النبي[ص]: كالحديث المشهور كذبا : وهو حديث لم يروه إلاّ أبو هريرة عن النبي (ص) ، وهو حديث لم يرو في المصادر الشيعية وهو عندهم غير مقبول .اما كبار علماء أهل السنة كالسبكي ,والامام الحصني الدمشقي تمسكوا بالرواية لأنها من ابي هريرة. وافتتن الناس بالمسجد لما عملوا فيه اسماء وشعارات فترك اهل الشام الحج الى مكة وأتوه يحجون , جعلوا احد ابوابه باسم باب الجنة, وادعوا معرفة مكان قدم رسول الله (ص) على الصخرة فاغتر الناس بذلك وإلى زماننا)..!

ـــ متى بني المسجد الأقصى ..؟: لا يُعرف بشكل دقيق متى بُني المسجد الأقصى لأول مرة، ولكن ورد حديث عن النبي {ص} أن بناءه كان بعد بناء الكعبة بأربعين عامًا، عن أبي ذر أنه قال: « يا رسول الله! أي مسجد وضع في الأرض أولا؟ قال: المسجد الحرام. قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى. قلت: كم بينهما؟ قال: أربعون سنة) . اما من بناه اول مرة :

الراي الأول : أنهم الملائكة، أو النبي آدم (ع) أو ابنه شيث، أو سام بن نوح، أو النبي إبراهيم، ويرجع الاختلاف في ذلك كما ورد الاختلاف في الباني الأول للكعبة، وقد رجّح احد الباحثين أن آدم هو من بنى المسجد الأقصى لأول مرة ،رواية ابن عباس، قال يرجيح أن يكون آدم هو الباني للكعبة وهو اول من بنى المسجد الأقصى وكان بناءه مقتصرا على وضع حدوده الاربعة ومساحته تتراوح 144 دونماً .ذلك الوقت.

مدينة القدس ومن بناها: يعتبر «اليبوسيون» البناة الأوائل للقدس، وكانت في عهدهم تدعى: (يبوس)،هم من بطون العرب الأوائل، نشأوا في الجزيرة العربية،، ثم نزحوا مع نزوح القبائل الكنعانية، ولكنهم أول من استوطن تلك الأرض وأول من وضع لبنة في مدينة القدس ،سنة 3000 ق,م. وسميت باسمهم يبوس ..كانت في ذلك العهد لها أهمية تجارية اضافة لما فيها من الخيرات الوفيرة….

.عندما خرج بنو إسرائيل من مصر جاءوا إلى أرض كنعان وجدوا يبوس , رأوا خيراتها وبركاتها، فغاروا عليها بقصد امتلاكها، مدعين أنها الأرض التي وعدهم الله فيها ،فهزموهم اليبوسيون .استمرت الحرب بينهم حتى تمكن بنو اسرائيل السيطرة على القدس عام 1049 ق.م)، لكنهم لم يتمكنوا من طرد اليبوسيين منها ,ظلوا فيها رغم صعوبة العيش. وتعترف التوراة صراحة، بأن بني إسرائيل لم يستطيعوا طرد الاهالي من بلادهم .. [وتذكر التوراة] أن القدس مرّت عليها أقوام كثيرة اولهم اليبوسيون، ثم الفراعنة، ثم الآشوريون والبابليون، الفرس، اليونان، الرومان، بعدها جاءت مرحلة الإسلام ،في عهد عمر بن الخطاب اول مرة.

تاريخ مدينة القدس في الكتب المقدسة وروايات اهل البيت[ع] :

بعد عهد آدم، انقطعت أخبار المسجد لانعدام التأريخ في تلك الفترة ،وسُجلت معلومات عن أول مجموعة بشرية وصلت إلى مدينة القدس وسكنتها، وهم اليبوسيون ب(3000ق.م) وهي قبيلة كنعانية، من هم الكنعانيون وما هي اصولهم..؟ هناك رايان لأصل الكنعانيين. الاول انهم من وادي الرافدين ..من العراق.. بما ان جميع العرب وقتذاك يرجعون الى الديانة اليهودية ..الراي الثاني في اصل الكنعانيين: يقول المؤرخون ان الكنعانيين الذين سكنوا بلاد ما بين النهرين .. يرجعون الى نسل حام بن نوح، وكان اليهود يعتبرون ابناء حام من اشد اعداءهم. لان التعاليم اليهودية اعتبرت ارض اليبوسيين { مدينة القدس} ملكا لهم وهم يعترفون انهم قاموا باحتلالها{ عام 1049 ق م]بعد معارك لمدة 151 سنة ولشدة حقدهم على ابناء حام قالوا ان التوراة اوعدتهم بان ارضهم تمتد من الفرات الى النيل. رغم ان مدينة القدس التي بناها اليبوسيون أسموها “اور سليم”التي يسميها [اليهود اورشليم]حتى أن بقايا الآثار اليبوسية ما تزال باقية في سور المسجد الأقصى لحد فترة قليلة وازيلت.

**في تلك الفترة، هاجر النبي إبراهيم إلى مدينة القدس، وعمّر المسجد وصلّى فيه، وكذلك ابنه إسحق وحفيده يعقوب من بعده ابو الإسرائيليين ثم استولى عليها الفراعنة ثم العمالقة،ــ ـثم فتحها النبي داود معه بنو إسرائيل عام 995 ق.م ،فوّسع المدينة وعمّر المسجد الأقصى. ولما مات داود جاء ابنه النبي سليمان وعمّر المسجد تانية.

راي اليهود بهيكل سليمان :يزعم الكتاب المقدس، وحده؛ دون دليل أثري. أن داود هو صاحب فكرة بناء هيكل ثابت للرب بدل خيمة الشهادة والهيكل هو بيت ضَخْم مقدّس عند اليهود لإقامة الشَّعائر الدينيّة تقول التوراة «قَالَ الرَّبُّ: أَأَنْتَ تَبْنِي لِي بَيْتًا ؟ لأَنِّي لَمْ أَسْكُنْ فِي بَيْتٍ مُنْذُ يَوْمَ أَصْعَدْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ، بَلْ كُنْتُ أَسِيرُ فِي خَيْمَةٍ ومَسْكَنٍ» ــ سفر صَموئيلَ الثَّاني (7: 5-6).,وقد وعد الرب داود بأن يكون البناء في عهد ابنه سليمان، «هُوَ يَبْنِي لِي بَيْتًا وَأَنَا أُثَبِّتُ كُرْسِيَّهُ إِلَى الأَبَدِ» أما موضع الهيكل وهندسته فقد عينه داود قبل موته، «فَقَالَ دَاوُدُ: «هذَا هُوَ بَيْتُ الرَّبِّ هذَا هُوَ مَذْبَحُ الْمُحْرَقَةِ».معنى مذبح المحرقة(الإنسان لو اراد أن يتقدم إلى الله باعتباره خاطئا يقترب في دم ذبيحة).مدخل رئيسي لخيمة الشهادة. ثم كثرت الهياكل خارج بيت المقدس. كل طائفة بنت هيكلا.

وبعد وفاة سليمان، انقسمت دولة بني إسرائيل إلى “مملكة إسرائيل” في الشمال، و”مملكة يهوذا” في الجنوب وفيها القدس، ثم هاجمها البابليون وأحرقوا الهيكل،وسبوا اليهود إلى بابل فيما عٌرف بالسبي البابلي. ولما هزم الفرس البابليين، سمح الملك الفارسي قورش الكبير عام 538 ق.م لمن أراد من أسرى اليهود في بابل بالعودة إلى القدس فعاد اغلب اليهود إلى واعادوا بناء الهيكل مرة ثانية، سنة 516 ق.م،

*** ولما احتلّ الروم البيزنطيين كل فلسطين، وخضعت للإسكندر المقدوني ثم لخلفائه السلاجقة، ثم احتلها الرومان .قاموا بتجديد بناء المسجد( 37 ق.م) وبنوا قلعة كبيرة في الخليل (يطلق عليها اسم “قلعة داود”).وفي تلك الفترة بعث النبي عيسى{ع}، وزكريا ويحيى بن زكريا إلى بني إسرائيل ، حيث كان يحيى يعِظُهم داخل المسجد الأقصى: «فجمع يحيى بن زكريا الناس في بيت المقدس حتى امتلأ المسجد. يذكر الإنجيل الذي عند النصارى أن عيسى بن مريم أنكر على بني إسرائيل انحرافهم عن عبادة الله داخل المسجد الأقصى، وتحويلهم إياه إلى مكان للبيع والشراء.

بعد عيسى{ع}انقسمت الإمبراطورية الرومانية إلى الإمبراطورية غربية وشرقية التي سيطرت على القدس، فأصبحت القدس مدينة نصرانية، {وبنوا فيها كنيسة القيامة]. أما المسجد الأقصى بقي متروكًا دون بناء. الى ان احتل الفرس مدينة القدس بمعاونة اليهود، بعد حرب طويلة ضد الروم النصارى وكان ذلك في الفترة التي بُعث فيها النبي محمد{ص} في مكة، يذكر القرآن قصة الحروب في سورة الروم: “غُلِبَتِ الرُّومُ في أدنى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ” هذا تاريخ موجز للقدس.

*** تفسير الاية : اليوم تعاني القدس من الاحتلال الصهيوني الجاثم فوق ترابها ، وازال كلّ المقدّسات غير اليهودية، ويدّعي بأنّ القدس عاصمة دويلة إسرائيل ,وأنّ المسجد الأقصى مبنيٌّ على أنقاض هيكل سليمان لذلك أقاموا الحفريات تحت المسجد ولم يعثروا إلى على أيّ دليلٍ يثبت مزاعمهم وادعاءاتهم الكاذبة والباطلة.

**اما زوال دولتهم يقول تعالى{وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا * فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا * ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا} **تشير الآيات الكريمة إلى حقائق قرآنية لا بدّ من التسليم بها لأنّ القرآن لا يأتيه الباطل لا من بين يديه ولا من خلفه.

الحقيقة الأولى- “الإفساد الأول”: وقيل أنّه قتل اليهود لنبي الله “أشعيا” (ع)،وقيل قتلهم لزكريا[ع]لا شكّ أنّ أيّ واحدٍ من هذه الإحتمالات هو جريمة منكرة وفساد كبير، لأنّ تاريخ اليهود مليء بقتل الأنبياء (ع)، حتّى ورد أنّ النبي يحيى[ع] قُتل وأهدي رأسه إلى بغيٍّ من بُغاة إسرائيل، **ويشمل الإفساد الأول أيضاً جريمة تحريف التوراة ووضع نصوص فيها تخدم مصالح اليهود وأهدافهم الفاسدة مُضافاً إلى الفساد العام عندهم مثل أكل الربا وفعل المنكرات كما قالت الآية الكريمة:﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ ومن جرائمهم وفسادهم المعروف نقضهم لكل عهد مع انبياءهم حتى ان الله عاقبهم بالتيه اربعين سنة .. يقول تعالى:{ فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ}وقساوة القلب تأتي بسبب الاستهانة بأحكام الله وعدم الاكتراث بكل فساد وجريمة.

المستفاد من مجموع الآيات أنّ الإفساد الأول كان مُشتملاً على كلّ الجرائم التي ذكرناها ولذا كان لا بدّ من وضع حدٍّ لإفسادهم وتدميرهم للحياة الدينية والدنيوية للبشر، لأنّ تركهم الله دون عقاب رادع سوف يجعلهم أكثر إفساداً في الأرض، وهذا يُخالف الهدف من خلق الإنسان وجعله خليفة في الأرض ينشر فيها العدل والإعمار بما ينسجم مع ما أراده الله .

الحقيقة الثانية-” العقاب الأول”: العباد الذين سلّطهم الله على بني إسرائيل وأنزلوا فيهم العذاب الأول، قيل هم الكلدانيون في زمن نبوخذ نصر، وقيل “جالوت و”جنوده”، وقيل “العمالقة”، وقيل غير ذلك أيضاً ممّا نجده في التفاسير المختلفة لهذه الآية، لكن الذي يبدو من الآية الكريمة حيث تقول :﴿بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا﴾بأنّ المبعوثين هم من العباد المؤمنين لأنّ الله تعالى قد نسبهم إليه ، ولا يُعقل أن ينسب اليه غير المؤمنين الملتزمين بنهجه وهذا يفيد بأنّ الذين بعثهم الله لعقاب بني إسرائيل هم عبادٌ مؤمنون، هذا لم يتحقّق إلاّ في زمن رسول الله[ص]عندما حارب اليهود بسبب نكثهم العهود وتحالفهم مع قريش ضدّ الإسلام ..ومواصفات العباد المؤمنين لا تطبّق على نبوخذ نصر أو العمالقة أو “جالوت” وجنوده، بينما تنطبق على النبي محمد[ص] ومن معه من الرعيل الأول من المسلمين الذين حاربوا اليهود وانتصروا عليهم في معارك عديدة كما في غزوات بني قريظة والقينقاع والنضير وخيبر، حيث جاس المسلمون خلالها ديار اليهود فأذلّوهم وقتلوهم وسبوهم وفرضوا عليهم الجزية، وأنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر بإخراج من تبقّى من اليهود من الجزيرة العربية، ولعلّ آية﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا﴾ وهم من صبر وثبت فكان شديدا عليهم, وهذا التفسير والاحتمال وارد لانّ اليهود كان لهم مجتمعٌ ومؤسسات في المدينة المنوّرة ولم يكونوا شرذمة أو مجموعة صغيرة، وكانت لهم كلمتهم ودورهم في استمرار ديدنهم في الإفساد،

** وسعى اليهود إلى امتلاك القوّة و”المال”كانوا يتعاملون بالربا كي يملكوا زمام الأمور في العالم، وقد حقّقوا الهدف بنسبةٍ كبيرة، خصوصاً في الدول الكبرى كفرنسا وبريطانيا والنمسا وروسيا وألمانيا، وأمريكا فأسّسوا لأنفسهم مكاناً ونشروا الفلسفات المادية والعلمانية لإبعاد الناس عن الدين ودخولهم في الفساد الأخلاقي والجنسي، وهذا حصل فعلاً في كلّ دول العالم الغربي والان ينشرون الجندرة.

** القدس في نظر المسلمين ليست مكاناً جغرافياً بل هي محفورة في القلوب وهي أهم الأماكن قدسية في الإسلام، لا تقلّ عن مكّة والمدينة لذا ورد في الحديث عن الإمام علي[ع](أربع من قصور الجنة في الدنيا: المسجد الحرام ومسجد الرسول{ص}ومسجد بيت المقدس ومسجد الكوفة)‌ ولا تقتصر مكانة القدس على المسلمين فقط، بل كذلك عند المسيحيين واليهود أيضاً، وذكر القران الكريم﴿ يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ)، وورد في الحديث أنّ “بيت المقدس” بيتٌ بنته الأنبياء وسكنته الأنبياء، وليس فيه من موضع شبر إلاّ وقد صلّى فيه نبي وأقام فيه ملك ..

** لذلك حافظ الامام الحسين{ع} على حرمة الكعبة ان تدنس بالدم والقتال .كما فعل ابن الزبير لانه عرف انهم استغلوا موسم الحج و دسوا عددا كبيرا من اجهزتهم لقتله لما عرف بذلك أحل من احرامه و خرج من مكة في الثامن من ذي الحجة مخافة ان يقتل في الحرم فيضيع دمه و لا يعطي ما اعطاه قتله بالنحو الذي تم عليه في كربلاء ولا يتوانون من قتله كما قتلوا اباه في محراب جامع الكوفة .جاء في المرويات التي وصفت خروجه من مكة ووداعه لأخيه محمد ابن الحنفية قال:يا اخي لقد خفت ان يغتالني يزيد بن معاوية في الحرم فأكون الذي يستباح به حرمة هذا البيت.فاحرم للحج وطاف بالبيت سبعا و سعي بين الصفا و المروة و قصر من شعره واحل احرامه و خرج بمن معه من اخوته لو تمكنت اجهزة يزيد من اغتياله في الحرم كما قتلوا اباه (ع) و هو يصلي في بيت اللّه.

يصف احد الشعراء حوار الامام مع ابن عمه عبد الله بن جعفر الطيار حجي مهو بالحج حجي يوم عاشور/ جسمي الكعبة والحجر نحري الـمنحور/وحجر النّبي اِسماعيل الأكـبر المبرور/ أما مبـيتي في منى الغاضرية / عندي ضحايا ما أحد ضحى مـثلهم/ عنـدي ضحايا بكربلا شبان كُلهم/الأرض ترجف والسما تبكي لاجاهم /هلي تعاينهم ضحايا الغاضـريّه /فـيها بـهرول يـوم حـجي سـبعة أشواط / اُوفـيها المروّة المعركة والصفى الفسطاط/وانـــا الـكـعـبة والـحـجـر وانــا الـمـحتاط /وانا زمزم والصفا في الغاضرية//والحاج تـنـزع بالحرم اُوتلبس امخيط/ وانا اتعرى وينكلب جسمي دم خـبيط/ مالي مخيط غيـر فيض المم لـعبيط / وظهري مكسر مـن طـراد الأعوجيّه /وأما مفيض الحاج شيل الحرم للشام / اما الدعا والتلبية ضجة الأيتام /فوق الهزل تـنعى ودمع العين سجّام/ ضعـتني يـحسين بارض الغاضريّه/ابوذية //سفح دمعي على الخدّين و انزال/رماني الدّهر بين ارجاس وانذال/وخلاّني ابيسر وبقيد وانذال/جدّي المصطفى خير البريّه

الشيخ عبد الحافظ البغدادي

11/10/2023

 

أحدث المقالات