بسم الله الرحمن الرحيم
(وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين (البقرة 248)
مقدمة الموضوع الذي أريد تناوله , إن كل مجتمع يعتقد بعقيدة, فلا بد وإن هناك عالم قائد يضمن مصلحته وهو عارف بمستواه ,هذا المجتمع يضمن نجاته ونجاحه في حالات الانكسار والأزمة, بل في حالات الفساد التي يقوم بها نفر انتهازي ..أنّه مادام هناك في كل مجتمع نفر من العلماء المسؤولين الملتزمين الذين يحاربون كل أشكال الفساد والانحراف، ويأخذون على عاتقهم قيادة المجتمع فكرياً وثقافياً ودينياً، فإِنّ هذا المجتمع سيكون مصوناً من الضياع والانحراف.
بالمقابل متى ما سكت ذلك المجتمع عن حقه , وبقي ساكتا دون موقف أمام عوامل الفساد، فإنّ انتشار الفساد ومن ورائه الهلاك أمر حتمي. وهذا بينه القران الكريم في السورة التي بين أيدينا ..
الآية الأُولى أشارت إلى الأمم المتقدمة الذين ابتلوا بأشد أنواع البلاء قائلة: (فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقيّة ينهون عن الفساد) ثمّ تستثني جماعة فتقول: (إِلاّ قليلا ممن أنجينا).
**تاريخ اليهود يبين هذه الجماعة القليلة التي كانت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، كحال لوط(ع) وأُسرته الصغيرة، ونوح والمعدودين ممن آمن به، كانوا قلّة لم توفق للإِصلاح العام في المجتمع. بينما المنحرفون عن الرسالة الموسوية كانوا يشكلون الأكثرية من المجتمع …
***+++ إن سبب إِهلاك وإفقار الأُمم ، إِنّما لعدم وجود المصلحين فيهم (وما كان ربُّك ليهلك القرى بظُلم وأهلها مصلحون) غالبا يسود الظلم والفساد في المجتمع الخامل الميت , المهم أنّ الناس يشعرون بالظلم والفساد في ابسط المسائل ولا يتقبلونها لأنها بغير رضا وقانون الله تعالى .. ويعملون للإِصلاح، وبهذا الإِحساس والتحرك بخطوات في طريق الإِصلاح يمهلهم الله، ويقرّ لهم قانون الخلق حق الحياة.( يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون )..
ولكن هذا الإِحساس متى ما انعدم وأصبح المجتمع صامتاً، ..أخذ الفساد والظلم في الانتشار بكل مكان فإنّ{قانون الخلق والوجود لا يعطيهم الحق في الحياة} فيصبح الشعب ذليلا ووقارهم هشا ..
هذه الحقيقة تتضح بمثال يسير … في البدن قوّة ومناعة كريّات الدم البيضاء التي تواجه المكروبات والجراثيم عند دخولها البدن عن طريق الهواء أو الغذاء أو الماء أو الجروح الجلدية الخ .تبدأ المقاومة والدفاع عن الجسم كله … فالكُريّات البيضاء بمثابة الجنود لما تقف بوجه المكروبات و الجراثيم فتبيدها، أو على الأقل تحدّ من انتشارها ونموّها. وبديهي هذه القوة الدفاعية في البدن ، لو سكتت يوماً عن العمل وبقي البدن دون مدافع، فسيكون ميداناً لهجوم الجراثيم الضارّة ..بحيث تسرع أنواع الأمراض الى البدن. ****وجميع المجتمعات البشرية لها مثل هذه الحالة، فلو ارتفعت نخب القوّة المدافعة عنها وهي ما عبّر عنه القرآن بـ(أولوا بقيّة) فإن جراثيم الأمراض الاجتماعية المتوفرة في كل زاوية من المجتمع سرعان ما تنمو وتتكاثر ويسقط المجتمع صريع الأمراض المختلفة. إِن أثر (أُولوا بقيّة) في بقاء المجتمع حساس للغاية، حتى يمكن القول: إنّ المجتمع من دون «أُولي بقية» يُسلب حق الحياة، ومن هنا فقد وردت الإِشارة إِليهم في الآية المتقدمة…..
***** من هم (أُولوا بقيّة)؟ … كلمة «أولوا» تعني الأصحاب، وكلمة «بقيّة» معناها واضح أي ما يبقى، ويستعمل هذا التعبير في لغة العرب بمعنى «أولو الفضل» لأنّ الإِنسان يدخر الأشياء النفيسة والجيّدة لتبقى عنده، فالمصطلح (أولوا بقيّة) يحمل في نفسه مفهوم الخير والفضل. ونظراً لأنّ الضعفاء ـ عادةً ـ يرجّحون الفرار على القرار في ميدان المواجهة الاجتماعية، أو يصيبهم الرعب الملازم لهم في حياتهم فلا يبقى في ميدان المواجهة إِلاّ من يتمتع بقوّة فكرية ورباطة جاش , وبذلك يبقي الأقوياء فقط، ومن هذا المنطلق أيضاً تقول العرب في أمثالها: في الزوايا خبايا … وفي الرجال بقايا.
*** وقد جاءت كلمة «بقيّة» في القرآن الكريم في ثلاثة موارد وهي تحمل هذا المفهوم، حيث نقرأ في قصّة طالوت وجالوت (إِنَّ آية ملكة أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربّكم وبقية ممّا ترك آل موسى)..وفي قصّة شعيب , مخاطباً قومه: (بقية الله خير لكم إِن كنتم مؤمنين).. من هنا يطلق البعض على تعبير (بقية الله) على «الإمام المهدي عج ” فهي إِشارة إلى هذا الموضوع ، لأنّ وجوده فيض وذخيرة إِلهية كبرى، وهو مُعَدّ ليرفع لواء العدل في العالم كله.
*** من هنا نفهم بنص القران إن لهؤلاء المجاهدين الرجال الأجلاّء المكافحين للفساد، والمصطلح عليهم بـ(أولوا بقيّة) على المجتمعات البشرية لأنّهم رمز لبقاء الأمم وحياتها ونجاتها من الهلاك. { أليك مثالا } المعروف ان البرلمان يسن قوانين دائما لمصلحة الأحزاب فقط .. الآن أخيرا في وقت يتم استقطاع رواتب الموظفين وأصحاب العقود والشرطة .. قام بمنح سجناء رفحاء رواتب خيالية تزيد على رواتب رؤساء دول أوربا كافة .. والشعب ساكت السبب ليس راضيا ..! لكنهم عرفوا ان الشعب لن ينتخبهم فقاموا بإصدار هذا القانون لكسبهم للانتخابات … من هنا نفهم صراحة القران التي تستجلب النظر في الآية أنّها تقول: (وما كان ربّك ليُهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون).
((**** بملاحظة التفاوت بين كلمتي «مصلح» و«صالح» تتجلى هذه المسألة الدقيقة، وهي أنّ الصلاح وحده لا يضمنُ البقاء، بل اذا كان المجتمع فاسداً ولكن أفراده يسيرون باتجاه إصلاح الأُمور فالمجتمع يكون له حق البقاء والحياة أيضاً. فلو انعدم الصالح والمصلح في المجتمع فإنّ من سنةِ الخلقِ أن يحرم ذلك المجتمع حق الحياة فحي على الصلاة ما فائدتها والمصلي فاسدا . وبتعبير آخر: متى كان قادة المجتمع ظالمين والمجتمع مهتم بالعبادة فقط هذا المجتمع لن يبقى على تدينه , عاجلا أو آجلا سيتغير أبناءهم , لأنهم لم يجدوا من الدين أي فائدة فيبحثون عن مخرج حتى عند الكافرين ..)).
ــــــ***** المسألة الدقيقة الأُخرى: إنّ واحداً من أسس الظلم ـ كما تشير الآيات المتقدمة ـ هو { إتباع الهوى وعبادة اللّذة وحبّ الدنيا} وقد عبّر القرآن عن كل ذلك بـ«الترف».فهذا التنعم والتلذذ والترف وحب الراحة غير المقيدة وغير المشروطة أساس الانحرافات في المجتمعات الخاملة التي تميل للترف والسكوت} فيكون سكرها من شهواتها يصدها عن القّيم الإِنسانية الأصيلة حقّها } ويغرقها في العصيان والآثام. فيكون الداعي إلى الإصلاح في عرفهم مجنونا مشاغبا..
في القران قصص الماضين: تقول الآيات أوّلا: (وكلاًّ نقصُّ عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك). وكلمة «كُلاَّ» إِشارة الى تنوع القصص، كل نوع يشير إلى جبهة «مقابل الأنبياء» ونوع الانحراف ونوع العقاب، وهذا التنوّع يبين حياة الامم الماضية الذين سبقونا بالمعاصي ..
** «تثبيت قلب النّبي»(ص) التي يشار إِليها في هذه الآية ـ أمر طبيعي، لأنّ معارضة الأعداء اللجوجين قاسية ـ رضينا أم أبينا ـ تؤثر على قلب النّبي(ص) لأنّه بشر ً. ولكن لأجل أن لا ينفذ اليأس إلى قلبه وتضعف إِرادته بسبب هذه المعارضة والمخالفات فإنّ الله يقص عليه قصص الأنبياء وما واجهوه، ومقاومتهم للمعاندين، وانتصارهم عليهم ليقوي قلب النّبي والمؤمنين الذي يلتّفون حوله يوماً بعد يوم… يقول تعالى …: (موعظة وذكرى للمؤمنين) .
***** بعد هذه الجولة في المفهوم العام للآية نعود لأسباب النزول :…قال الإمام الباقر {ع}: أن بني إسرائيل بعد موت موسى عملوا بالمعاصي، فغيروا دين الله،وأذنبوا كثيرا …كان فيهم نبي يأمرهم و ينهاهم فلم يطيعوه،اسم النبي ارميا {ع} وطبيعة كل مجتمع لا يلتزم بدينه يسلط الله عليه حاكما ظالما يذيقه العذاب والموت .. فسلط الله عليهم حاكما اسمه { جالوت } فأذلهم و قتل رجالهم و أخرجهم من ديارهم وصادر أموالهم، و استعبد نساءه.. ففزعوا إلى نبيهم ارميا الذي تركوه فترة .. وقالوا: سل الله أن يبعث لنا ملكا نقاتل معه في سبيل الله ..
**** (كانت النبوة في بني إسرائيل في بيت،) (والملك و السلطان في بيت آخر)، لم يجمع الله النبوة و الملك في بيت واحد، لذلك قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل معه في سبيل الله، فقال نبيهم: هل عسيتم إن كتب عليكم القتال أن لا تقاتلوا؟ فقالوا: و ما لنا أن لا نقاتل في سبيل الله و قد أخرجنا من ديارنا وقتلوا أبناءنا ا، فكان كما قال نبيهم : فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم ..
*** هؤلاء شعب بلا قرار ولا إرادة عندهم ولا موقف .. قال لهم نبيهم: إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا، فغضبوا من ذلك و قالوا: أنى يكون له الملك علينا؟ و نحن أحق بالملك منه و لم يؤت سعة من المال، و كانت النبوة في بيت لاوي، و الملك في بيت يوسف، و كان طالوت من ولد بنيامين أخي يوسف المعروف بقصة يوسف .. فكان هذا جالوت من أبناءه ، فهو ليس من بيت النبوة و لا من بيت المملكة ..
اعترضوا جميعا على نبيهم ، فقال لهم نبيهم: إن الله اصطفاه عليكم و زاده بسطة في العلم و الجسم و الله يؤتي ملكه من يشاء ، و كان أعظمهم جسما قويا وأعلمهم، إلا أنه كان فقيرا فعابوه بالفقر، فقالوا لم يؤت سعة من المال، فقال لهم نبيهم: إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم و بقية مما ترك آل موسى و آل هارون تحمله الملائكة….. كان عدد من بقي مع نبيهم 60 الفا ……
**تاريخ التابوت الذي أنزل الله على أم موسى فوضعت فيه موسى وألقته في اليم فكان بنو إسرائيل يتبركون به، فلما حضر موسى الوفاة وضع فيه الألواح و درعه و ما عنده من آيات النبوة، وأودعه عند يوشع وصيه، و لم يزل التابوت بينهم حتى استخفوا به، و كان الصبيان يلعبون به في الطرقات، فلم يزل بنو إسرائيل في عز و شرف ما دام التابوت عندهم.. وهم يعرفون ذلك .. ، فلما عملوا بالمعاصي و استخفوا بالتابوت رفعه الله عنهم، فلما سألوا النبي بعث الله عليهم طالوت ملكا فقاتل معهم فرد الله عليهم التابوت كما قال: إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت – فيه سكينة من ربكم و بقية مما ترك آل موسى و آل هرون – تحمله الملائكة، قال: ( بقية مما ترك هم ذرية الأنبياء) عن الصادق (ع): أنه سئل عن قول الله: و بقية مما ترك آل موسى و آل هرون تحمله الملائكة، فقال: ذرية الأنبياء.
جاء في كتاب الكافي،: عن الباقر (ع) قال نبيهم كما في الاية المباركة : إن الله مبتليكم بنهر – فمن شرب منه فليس مني و من لم يطعمه فإنه مني فشربوا منه إلا ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا، منهم من اغترف، و منهم من لم يشرب، فلما برزوا لجالوت قال الذين اغترفوا: لا طاقة لنا اليوم بجالوت و جنوده، و قال الذين لم يغترفوا: كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله و الله مع الصابرين. الباقين مع طالوت ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا بعدد أهل بدر , وهم بعدد قادة الامام المهدي (ع) أما القائلين: لا طاقة لنا، هم المغترفين، و كون القائلين كم من فئة “إلخ”، هم الذين لم يشربوا أصلا ..
*** أرسل الحق تعالى مع الملك طالوت آية تبرهن على أنه ملك من اختيار الله فقال لهم نبيهم: “إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت” أي إن العلامة الدالة على ملكه هي “أن يأتيكم التابوت” وهذا القول نستدل منه على أن التابوت كان غائبا ومفقودا، وأنه أمر معروف لديهم وهناك تلهف منهم على مجيئه. وما هو التابوت؟ إن التابوت قد ورد في القرآن في موضعين: أحدهما في الآية التي نحن بصددها والموضوع الآخر في قوله تعالى: {إذ أوحينا إلى أمك ما يوحي أن اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم ..
إذن التابوت نعرفه من أيام ولادة موسى ,عندما خافت عليه أمه؛ فأوحى لها الله: “فإذا خفت عليه فألقيه في اليم” فهل هو التابوت نفسه الذي تتحدث عنه الآيات التي نحن بصددها؟ غالب الظن أنه هو؛ لأنه مادام جاء به على إطلاقه فهو التابوت المعروف، وكأن المسألة التي نجا بها موسى لها تاريخ مع موسى وفرعون ومع نبيهم ومع طالوت وهذه عملية نأخذ منها أن ( الآثار التي ترتبط بالأحداث الجسيمة)في تاريخ العقيدة يجب أن نعني بها، ولا نقول إنها كفريات ووثنيات؛ لأن لها ارتباطا بأمر عقدي، وبمسائل تاريخية، وارتباطا بالمقدسات. انظر إلى التابوت الذي فيه بقية مما ترك آل موسى وآل هارون وتحمله الملائكة. إن هذا دليل على أنه شيء كبير ومهم.
*** إذن الآثار التي لها مساس وارتباط بأحداث العقيدة وأحداث النبوة، هذه الآثار مهمة للإيمان، وكأن القرآن يقول: اتركوها كما هي، وخذوا منها عظة وعبرة؛ لأنها تذكركم بأشياء مقدسة. لقد كان التابوت مفقودا، وذلك دليل على أن عدوا غلب على البلاد التي سكنوها، والعدو عندما يغير على بلاد يحاول أولا طمس المقدسات التي تربط البلاد بالعقيدة. فإذا كان التابوت مقدسا عندهم بهذا الشكل، كان لابد أن يأخذه الأعداء. هؤلاء الأعداء هم الذين أخرجوهم من ديارهم وهم ألوف حذر الموت. وإذا كانوا قد أخرجوهم من ديارهم فمن باب أولى أنهم أجبروهم على ترك التابوت.
والله سبحانه وتعالى يطمئنهم بأن آية الملك لطالوت هي مجيء التابوت الذي تتلهفون عليه، وترتبط به مقدساتكم. “أن يأتيكم التابوت في سكينة من ربكم” والسكينة هي الاستقرار النفسي سيأتيكم مع التابوت؛ لأن الإنسان حين يجد التابوت الذي نجا به نبي، ولان الإنسان يستروح بصلته مع السماء، وهي صلة مادية تجعل النفس تستريح. وعلى سبيل المثال تأمل مشاعرك عندما يقال لك: “هذا هو المصحف الذي كان يقرأ فيه الإمام علي {ع} “. إنه مصحف مثل أي مصحف آخر، ولكن ميزته أنه كان يقرأ فيه أمير المؤمنين (ع) أنت تستريح نفسيا عندما تراه. وأيضا حين تذهب إلى دار الخلافة في تركيا، ويقال لك: “هذا هو السيف الذي كان يحارب به الإمام علي”. فتنظر إلى السيف، وتجد أن وزنه وثقله يساوي عشرة سيوف، وتتعجب كيف كان يحمله سيدنا علي كرم الله وجهه وكيف كان يحارب به.
وكذلك عندما يقال لك: “هذه شعرة من شعر رسول الله{ص} أو المكحلة التي كان يكتحل بها”، لاشك أن مثل هذه المشاهد ستترك إشراقا وطمأنينة في نفسك. وعندما يراها إنسان به بعض الشكوك والمخاوف فإن العقيدة تستقر في نفسه.وكذلك تربة الحسين (ع) …
*** بعكس بعض المتاسلمين الذين يعتبروا مقدسات المسلمين نوعا من الشرك ويكفرونهم , في وقت يجب أن يولوها عناية ورعاية ويبرزوها للناس؛ لتكون مصدر سكينة وأمن نفس للناس، وعليهم أن ينصحوا الناس بألا يفتنوا بها، ولكن عليهم أن يتركوها لتذكرنا بأمر يتصل بعقيدتنا وبنبينا. ففي وقت تحرص السعودية على غار حراء وتسمح للمسلمين زيارته , تمنع الناس من زيارة قبر النبي(ص) .. انظر إلى حديث القرآن عن التابوت. لم يقل: إن التابوت كاملا، ولم يقل إنه التابوت الذي وضع فيه موسى، وإنما قال: “فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون” كأن آل موسى وهارون قد حافظوا على آثار أنبيائهم، وأيضا قوله تعالى: “تحمله الملائكة” يؤكد لنا أنه لا شك أن الأثر الذي تحمله الملائكة لابد أن يكون شيئا عظيما يوجب العناية الفائقة “إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت”.
ملاحظة مهمة :.. قوله “أن يأتيكم التابوت” ( نسب الإتيان إلى التابوت) ، فهل كان من ضمن العلامة أن يأتيهم التابوت وهم جالسون ينظرون ولأن التابوت تحمله الملائكة فلن يراهم القوم لأنهم كائنات غير مرئية، إنما سيرون التابوت آتياً إليهم، هذا المشهد يخلع القلوب سيخرون سجدا ويقولون “طالوت أنت الملك، لن نختلف عليك”.{{ لنرى كيف تمكن آل موسى أن يحافظوا عليها بما فيها من آثار }}.
قال بعض الناس إنها عصا موسى، وهي الأثر الذي بقى من آل موسى، لأنها أداة من أدوات معجزة موسى(ع) ة لا يمكن أن يهملها موسى، ولا المؤمنون به بعد ما حدث منها. وليس من المعقول أن يفرط آل موسى في عصا تكلم الله فيها وقال: {وما تلك بيمينك يا موسى قال هي عصاي أتوكأ عليها }
وهناك قصة طويلة عن هذه العصا، فكيف يفرط فيها موسى وقومه بسهولة؟ لاشك أنهم حافظوا عليها، وقدسوها، وجعلوها من أمجادهم. ويرينا الحق سبحانه أن هؤلاء القوم أهل لجاج وأهل جدل ، فهم لا يؤمنون بالأمور إلا إذا كانت حسية كالتابوت الذي يأتيهم وحدهم، صحيحا تحمله الملائكة، لكنهم لا يرون الملائكة؛ وإنما رأوا التابوت يسير إليهم، “أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين” وليس هناك آيات أعجب من مجيء التابوت حتى يثبت صدق النبي{ع} في أن الله قد بعث طالوت ملكا، فإن لم يؤمنوا بهذه المسألة فعليهم أن يراجعوا إيمانهم. والسياق القرآني يدل على أن الله بهتهم بالحجة، وبهتهم بالآية، وبهتهم بالقرآن، بدليل أنه حذف ما كان يجب أن يقال وهو: فقبلوا طالوت ملكا. ونظم طالوت الحرب فقام وقسم الجنود ورتبهم، وكل هذه التفاصيل لم تذكرها الآيات. … ما هو تابوت العهد المفقود((تابوت السُكَينة))… وما الأدلة على وجودِهِ مع الإمام المهدي (عجل الله فرجهُ الشريف):ــ
**** لم يحدث أن حَظيَ أثرٌ تأريخي بهذا القدر من نظريات المؤامرة وأساطير الكنوز كالذي حَظيَ به ذلك الصندوق العظيم , تقول الأساطير إنَّ تابوت العهد قد دُمِّر… أو استولت عليه القوات المصرية …أسطورة أخرى تقول بأن البابليين في الغزو البابلي لأورشليم القدس حملوه مع الأسرى..
وسرقوه في عام 586 ق.م , وقولٌ آخر بأنَّ إحدى الجماعات اليهودية التي كتبت مخطوطات البحر الميت قامت بدفن تابوت العهد في الصحراء الأردنية قبل أن يهربوا منها..وقيل بأن مجموعة مسيحية رُبما أخفت تابوت العهد في كنيسة قديمة في فرنسا قبل أن يتم القضاء عليهم من قِبَل الكنيسة الكاثوليكية… وحتى الملك آرثر نال قسطا من أساطير تابوت العهد ..في حين يدعي كثير من الباحثين بأن { فرسان هيكل سليمان وهم الماسونية } أخذوا تابوت العهد من الأراضي المقدسة واخفوه في جزيرة أو في كنيسة الاسكتلندية في روسلين وتشير بعض نظريات المؤامرة إلى أن الماسونيين أحفاد فرسان الهيكل) يمتلكون تابوت العهد وهو تحت سيطرتهم الآن …
ما هو تابوت العهد((تابوت السُكينة)).1ـ تابوت العهد في الإنجيل:ـ================
ذكر في الكتاب المقدس بأن الله تعالى قد نقش الوصايا العشر على لوحين حجريين وأعطاهما للنبي موسى (ع) ولحماية اللوحين تم صنع صندوق مصنوع من خشب بزخارف ذهبية رائعة وكان طولهُ 3 أقدام ونصف وعرضهُ قدمين , ولهُ حلقتين من الذهب على جانبيه , ونَقشٌ (حملة العرش) فوق قمته , أما غطاءه يُسمى غطاء التكفير , وقد رافق الصندوق موسى (ع) وبني إسرائيل بسعيهم إلى أرض الميعاد وكان يجلب لهم النصر أينما ذهبوا..
اما ـ تابوت العهد في القران الكريم :ــ ====================
قال تعالى {وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }البقرة248.
هذه الآية ذكرها أهل البيت(ع) بأنها تحوي كل العلم ,يقول الإمام الباقر (ع) كونه بقر العلم بقراَ،يعني أن التابوت يمثل العلم والحكمة التي انزلها الله تبارك وتعالى في الواح نبي الله موسى(ع). هناك رواية عن الصادق {ع} قال الإمام يعرف بثلاث خصال انه أولى بالذي قبله وعنده سلاح رسول الله(ص)وعنده الوصية وهو الذي قال الله تعالى ان الله يأمركم ان تؤدوا الأمانات إلى أهلها) وقال السلاح فينا بمنزلة التابوت في بني إسرائيل يدور الملك حيث دار السلاح كما كان يدور حيث كان يدور التابوت).
هنا تدل هذه الرواية على ان السلاح يمثل العلم وكما هو التابوت الذي يحوي الواح موسى ومواريث النبي فقد ورد في بحار الأنوار ج13 ..ان التابوت الذي انزله الله على موسى فوضعته فيه أمه وألقته في اليم فكان بنو إسرائيل يتبركون به فلما حضر موسى الوفاة وضع فيه الالواح ودرعه وما كان عنده من آيات النبوة وأودعه يوشع بن نون وصيه فلم يزل التابوت بينهم حتى استخفوا به وكان الصبيان يلعبون به في الطرقات فلم يزل بنو إسرائيل عز وشرف مادام التابوت عندهم فلما عملوا بالمعاصي واستخفوا بالتابوت رفعه الله عنهم فلما سألوا النبي وبعث الله إليهم طالوت ملكا يقاتل معهم رد الله عليهم التابوت كما قال الله تعالى { إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ} قال البقية ذرية الانبياء وقوله فيه سكينة من ربكم فأن التابوت كان يوضع بين يدي العدو وبين المسلمين فتخرج منه ريح طيبة لها وجه كوجه الإنسان ، هذا وورد عن الإمام الرضا (ع) قال السكينة ريح من الجنة لها وجه كوجه الإنسان.
وبذلك يتبين لنا ان الامام المهدي(ع) يستخرج تابوت السكينة ليس فقط من الناحية الزمانية والمكانية بل هو إخراجه لسلاح رسول الله(ص) وإخراجه للعلم الذي يحمله (ع) وبذلك نستطيع القول ان التابوت يعني السلاح والعلم، وبهذا لا يستطيع أي احد ان يدعي مقام الإمام المهدي (ع) إلا بإخراجه لسلاح رسول الله(ص) واستخراجه للعلم الوفير الذي يحويه الإمام (صلوات الله وسلامه عليه)…
***** معنى السَّكِينَة والفرق بينها وبين الوقار …ًا
معنى السَّكِينَة لغةً: معنى السكون خلاف الاضطراب والحركة القوية السريعة هو هدوء بعد اضطراب فلو سَكَنَ الشَّيء ,حركة جسمانية او سُكونًا، بعد كلام .. كل شيء ذهبت حركته، فقد سَكَن، كالرِّيح والحَرِّ والبرد ونحو ذلك،فالسكينة: لاستقرار والوقار الصِّحاح للجوهري والمعجم الوسيط…
*** اما معنى السَّكِينَة اصطلاحًا: هي الطُّمَأنِينة والوَقَار الذي ينزِّله الله في قلب عبده عند اضطرابه من شدَّة المخاوف، فلا يهتم لما يرد عليه، تتحقق الثبات وزيادة الإيمان،فالسَّكِينَة: ما يجده القلب من الطُّمَأنِينة تأتيه من الغيب، هي نور وبصيرة وعدم اكتراث لما سياتي من حوادث .. وهذا قمة الايمان في قضية ما ..!!
الفرق بين السَّكِينَة والوَقَار: السَّكِينَة والوَقَار كلمتان مترادفتان، إلَّا أنَّ هناك فرقًا طفيفًا بينهما، هو إنَّ السَّكِينَة تعني مُفَارَقة الاضطراب عند الغضب والخوف، وأكثر ما جاء عنها في الخوف؛ كقوله تعالى: {فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ}وقال: {فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ} فيعطي هيبة للإنسان ويبين قوته وصلابته لا تهزه الأعاصير .. لان السكينة تكون في القلب .. من الداخل .. فيكسب الإنسان قوة عظيمة من داخله .. أما الوَقَار: هيئةٌ بدنيَّةٌ .. تظهر على الإنسان من خارجه .. فلان وقور يعرفه الناس وقورا من ملامحه وشكله … رغم أنَّ السَّكِينَة هيئةٌ بدنيَّةٌ تنشأ من اطمئنان الأعضاء. والوَقَار: هيئةٌ نفسانيَّةٌ تنشأ من ثبات القلب عند الوقورين ولكنها تحتاج بالأساس إلى سكينة من الداخل , وألا لو كان مدعي الوقار من دون سكون فانه يظهر عليه من خلال كلامه وتصرفاته .. { مثلا تلاحظ رجل وقور ولكن لو تكلم يظهر حجمه ووقاره مزيف }…
***** ألواح موسى {ع} وما كان فيها …؟ ……… بعد أن أتم سيدنا موسى {ع} ميقات ربه أربعين ليلة جاء إلى مكان الميقات حيث كلمه ربه في حوار بين فرد من أهل الأرض وخالق الأرض والسماء وطلب سيدنا موسى من الله أن ينظر إليه لكنه لم يستطع فقال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين . وقد جاء في القران ان مضمون الألواح هي : (وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّة) (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي) ثم تقول الاية{ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ ۚ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ ۖ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ) ( وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء فخذها بقوة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها سأريكم دار الفاسقين ) …
** جاء في التفاسير… روايات عن الألواح , منها تفسير البغوي عن ابن عباس : ” كانت من سدر الجنة طول اللوح اثنا عشر ذراعا : ” وكتب موسى التوراة بيده وغرس شجرة طوبى بيده ” . وقال الحسن البصري : كانت الألواح من خشب زبرجدة خضراء . وقيل من ياقوت أحمر ، أمر الله جبريل جاء بها من عدن ، وكتبها بالقلم الذي كتب به الذكر وقال وهب بن منبه : وهو يهودي وممن كتب التاريخ الإسلامي .. إن الألواح من صخرة صماء لينها الله له فقطعها بيده ثم شققها بأصبعه ، وسمع موسى صرير القلم بالكلمات العشرة …يسمي البعض بسبب حجمها الألواح عشرة أذرع على طول موسى . . وقال مقاتل ووهب : ( وكتبنا له في الألواح ) كنقش الخاتم …. رأي آخر فيه مبالغة واضحة يقول : نزلت التوراة وعددها سبعون حمل بعير يقرأ الجزء في سنة ، لم يقرأه إلا أربعة :موسى ، ويوشع ، وعزير وعيسى .{ هذه النقطة تحتاج وقفات لان علوم الكتب السماوية تحتاج عقلية واسعة . وقضية قراها أربعة موسى وعيسى ويوشع والعزير .صحيح لان الكتب السماوية لا يدركها الا أهلها المصطفون من الله ,قالوا : سلوني قبل ان تفقدوني .. وقال رسول الله {ص}” أنا مدينة العلم وعلي بابها”..
قال الحسن البصري :” وكتبنا له في الألواح ( من كل شيء ) مما أمروا به ونهوا عنه ، ” المواعظ” حقيقة الموعظة ( وتفصيلا لكل شيء ) أي : بينا كل شيءالحلال والحرام ، والحدود والأحكام )) …
**** هذه عينة من تفسير ومحاولة توضيح ماهية هذه الألواح يتضح فيها أن مجهودابذل لتخيل حجم ونوع ألواح يمكن ان تتسع لكتابة مواعظ كل شيء ويمكن لسيدنا موسى أن يحملها ويعود بها بمفرده ثم يلقيها حينما غضب وهو يعرف انها لن تتكسر أثم يعود تارة أخرى ويحملها دليلا على سهولة التعامل معها لحد يجعلها محل تناقض مع ما يفترض ان يكون عليه حجمها !!الذي يبالغ به البعض كثيرا …
{{ لكن مخيلة المفسرين والفقهاء في ذلك الزمن لم تكن تتخيل أن الألواح يمكن أن تكون كما اتتجت عبقرية الإنسان اليوم وقدمتها شركات مثل” شركة ابل الالكترونية ” في إنتاج الآيباد وسامسونج في لوح جالاكسي التي برغم صغر حجمها وخفة وزنها ولكنها قادرة على حمل ملايين المعلومات..
***** رغم أن قصة سيدنا موسى حملت العديد من المعجزات التي يقف البشر عاجزين عن تصورها مما كان بعيدا عن إمكانيات الخيال العلمي لعقول ذلك الزمن المتواضعة والمحدودة جدا رغم اجتهادها.
ولكنه التطور والتكنولوجيا حول جزء من هذه الخوارق والمعجزات إلى واقع, وقدرة العقل الإنساني على التخيل والتفكر . .الإنسان الآن في استطاعته أن يفطر في المسجد الحرام ثم يتناول الغداء في المسجد الأقصى ويعود ليأكل طعام العشاء في المسجد النبوي . . وهاهي الألواح الصغيرة الخفيفة اليوم باستطاعتها أن تحمل كما هائلاً من المعلومات لذلك أصبح لزاما بل واجباً على المسلمين أن يشكروا رجال فقه الأمس على ما بذلوه من جهود ..(أبناء هذا الجيل بحاجة إلى إنتاج فقه جديد معاصر يخاطب عقل الإنسان اليوم ويجيب على أسئلته في ضوء ما استجد من حقائق ومعلومات) ..
***** تاريخ التابوت :..المعلوم أن هذا التابوت كان في بني إسرائيل و رفع منهم بسبب عصيانهم. قال القرطبي في تفسيره : ( ذكر أن الله انزله على آدم{ع}،بقي عنده إلى أن وصل إلى يعقوب {ع} ، فكان في بني إسرائيل يَغلبون به في قتالهم ,ثم عَصَوْا ربهم فغلبهم العمالقة: حتى جاء جالوت وأصحابه كما ذكرت الآية المباركة وانتصروا وسلبوا التابوت منهم ). *** بعد وفاة هارون وموسى {ع} تولى أمر بني إسرائيل نبيٌّ من أنبيائهم يُدعى يوشع بن نون {ع} ، فدخل بهم بلاد فلسطين التي وعدوا بها على لسان موسى{ع} في التوراة، إلى وفاته عند جبل يسمى بجبل نيبو، ويعتقد أنّه قد ووري جثمانه عنده ولا نستطيع التأكيد على انه دفن في مكان معين، فالنبي الوحيد من الأنبياء الذين أرسلهم الله تعالى الذي يمكن أن نؤكد موقع دفنه بالضبط هو نبينا محمد {ص} . أمّا باقي الرسل فإمّا أنّنا نجهل موقع دفنهم وربما يخفون قبورهم خوفا من أعداءهم …ولكن نعرف مكان دفنهم بالتقريب، والنبي موسى من الذين نعرف مكان دفنهم بالعموم، وهي منطقة جبل نيبو، ولعلّ ما تثبت ذلك ما صدر عن رسول الله{ص} هو يسرد قصة الإسراء به من مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى، حيث قال:(مررت على موسى ليلة أسرى بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره – والكثيب الأحمر هي منطقة تدعى بهذا الاسم ..وكان موسى قد توجه إلى الله بالدعاء قبل أن موته، بأن يدفن قريبا من المسجد الأقصى…
لما توفي موسى تولى أمرهم حكام منهم مدة طويلة ,فدَبَّ بهم الوَهَن والضعف وفشت المعاصي والمنكرات،وعادت الوثنية وعبادة الأوثان فسلّط الله عليهم الأمم فغزاهم العمالقة والآراميون والفلسطينيون وغيرهم، وخسروا اغلب حروبهم وكان بنو إسرائيل قد قتلوا كثيرًا من الأنبياء فسلط الله عليهم ملوكًا جبارين يسفكون دماءهم وسلط عليهم الأعداء وكانوا إذا قاتلوا أحدًا من الأعداء يكون معهم “تابوت الميثاق” وفيه ألواح موسى وعصاه وهو ما أشارت إليه الآية الكريمة:{وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ}سورة البقرة.
وقد كان بنو إسرائيل يُنصرون ببركته ولوجود التوراة بينهم وكان ذلك موروثًا لخلفهم عن سلفهم، فلم يزل بهم في حربهم مع أهل غزة وعسقلان غلبهم الأعداء على أخذ التابوت فانتزعوه من بين أيديهم وأُخِذت التوراة من أيديهم ولم يبقَ من يحفظها فيهم إلا القليل…. وفي هذه الحروب ماتَ ملكهم الذي كان يقودهم كمدًا وبقي بنو إسرائيل كالغنم بلا راع، حتى هيأ الله تبارك وتعالى لهم غلامًا يقال له “شمويل” نشأ فيهم وتولاه الله بعنايته وجعله نبيًا وبعثه إلى بني إسرائيل، وأمره بالتوحيد، فلما دعا بني إسرائيل طلبوا منه أن يُقيم عليهم ملكًا يُقاتلون معه أعداءهم فقصّ الله تعالى أمرهم:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلًا مِّنْهُمْ ..
**** أوحى الله تعالى إلى نبيه يقال إنه شمويل أن يجعل عليهم “طالوت” مَلِكًا وهو لم يكن من بيت المُلك فيهم، فملَّكه الله تعالى عليهم لقوته الجسمية والعلمية، ولكن بني إسرائيل تمردوا على توليه المُلك وقالوا لنبيهم:{قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ }هذا فقير لا مال له ويقال انه كان سقّاءً، فأجابهم نبيهم قائلًا:{إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء } فأصبح “طالوت” مَلكًا على بني إسرائيل وأيّده الله تعالى على المُلك بعودة التابوت ..
واختار مَلكهم “طالوت” جنودا أقوياء لقتال عدوهم، وفي الطريق اشتد بهم الظمأ في رحلة برية شاقة كانوا ثمانين ألفًا، ومروا في طريقهم بنهر بين الأردن وفلسطين، فأراد ملكهم أن يختبرهم فأمرهم ألا يشربوا منه إلا من أخذ جرعة من الماء ليبل ظمأه، كان ذلك اختبارًا لهم ليرى قوة بأسهم فشرب أغلبية الجيش إلا عدد قُدِّر بثلاثمائة وبضعة عشر رجلًا على عدد أصحاب الرسول{ص} في غزوة “بدر”، وتابع بهم“طالوت” لقتال المشركين، وبقية الجنود رجعوا لذلك لم يصحبهم طالوت للقتال..
ولما التقى الجيشان بعد حادثة النهر وشربهم الماء اهتزت قلوبهم من كثرة عدد أعداءهم إلا قليلاً منهم ثبّت الله قلوبهم عزيمتهم، وكان فيهم العلماء العاملون، لذلك أخذوا يثبتون إخوانهم المؤمنين ويقوون عزائمهم ويذكرونهم بنصر الله وأن النصر من عند الله } ولمّا تقدم طالوت ومن معه من بني إسرائيل إلى جالوت والمشركين وتصافوا للقتال، طلب ملكهم جالوت قبل بدء المعركة المبارزة فتقدم إليه فتى شجاع اسمه من أسباط يهوذا بن يعقوب كان هو وأبوه في جيش طالوت. فلما أقبل داود على جالوت احتقره وقال له:”ارجع فإني أكره قتلك”فقال له داود بكل جُرأة: ولكني أحبُّ قتلك، ثم حصلت مبارزة بينهما فقتل داودُ جالوتَ والتحم القتال، وانهزم جيش جالوت شر هزيمة، يقول تعالى:{وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} كان طالوت قد وعد داود إن قتل جالوت أن يزوجه ابنته ويشاطره نعمته ويشركه في أمره، فوفى له وعده. منذ ذلك الحين لمع اسم داود في بني إسرائيل وتتابعت الانتصارات على يديه، وأعز الله تعالى بني إسرائيل بعد أن كانوا في ذل وهوان، وكان بنو إسرائيل قد اجتمعوا بعد وفاة ملكهم طالوت على مبايعة داود{ع}على المُلك وأصبح ملكهم وعمره ثلاثين سنة حكم بالعدل، وطبّق أحكام شريعة التوراة.
******* هذه الاية فيها تشابه بين مجتمع بني اسرائيل , والمجتمع المسلم زمن النبي {ص} وكيف نصب عليا {ع} عليهم ولم يقبلوا منه تنصيبه … ومنها ان بعضهم كان يهرب ويترك النبي في كل حروبه ينهزمون , اما ان نبيهم وقائدهم يامرهم ان لا يشربوا ماءً وهم يشربون عنادا له او عدم مقدرتهم على الصبر , هذا نص القران …………..
عندنا في كربلاء , رجل ملك المشرعة وكان عطشانا ولم يشرب الماء …صار يزجر نفسه .. يا نفس من بعد الحسين هوني .. وبعده ما كنت او تكوني .. هذا حسين وارد المنون ….
شلون اشرب واخوي حسين عطشان …. سكنه والحرم واطفال رضعان ……
الحوار بين زينب وسكينة يوم 11 محرم وتوجه زينب للعلقمي .. اخي عباس نور عيني ابا الفضل .. انت الذي اخرجتني من منزلي .. وانت الذي أركبتني في محملي .. قم الآن وركب أختك..
يعباس منت اللي جبتني …. وبيدك يخويه ركبتني … بس ما غبت عني وعفتني .. عكبك بني مية ولتني … واسياط زجر ورمتني …. جاوبها يا زينب شبيدي … اخوج الحرب تدرين عيدي … لوني تنوش السيف ايدي … ما جان ضل وحده عضيدي ….