وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (13لقمان)
قبل الخوض في الاية المباركة لا بد ان نمر على بعض المصطلحات التي تفيد في معرفة موضوع الشرك , قد يكون الانسان مشركا او كافرا وهو لا يعلم بنفسه ..فما معنى الكفر , والالحاد, والذنب والشرك ..؟.
معنى كلمة كفر لغويا هو كل شيء غطى شيئا فقد كفره، ومنه الكافر بالله لأنه ستر نعمه عليه. وفي الاسلام يحتمل ان يكون المسلم كافرا لانه يغطي بعض القوانين ويترك اخرى .. مثلا في الحرمات هنك نصوص بمنع شرب الخمر , وترى بعض المسلمين يشربونها .. لانه غطاها وكفر بها … فلان تظهر زينتها وتخرج بدون حجاب … كفرت بقانون الحجاب والستر على البدن .. فلان لا يعطي الخمس .. وهكذا .. اذن الكفر شيء نسبي من الناحية اللغوية … وقد استخدمه القران يشير الى الذين ينكرون القوانين الاسلامية وبعضهم ينكر الدين برمته .. فيسمى كافرا , جاء في سورة الحديد :(كَمَثَلِ غَيْثٍ) أي مطر (أَعْجَبَ الْكُفَّار نباته ) قال الشوكاني في تفسيره: والمراد بالكفار هنا الزراع الفلاحون لأنهم يكفرون البذر:يغطونه بالتراب ،وكفر البلح يعني طلع النخيل واكمام الثمر الذي يغطي اللب فيه .. وتسمى بعض المدن { كفر مثل كفر قاسم } لانها تغطي الناس فيها ..
ما هو الالحاد ؟:…. كثير من المؤمنين لا يدركون ماهية الالحاد وماهو الالحاد وتتزاحم الافكار في عقولهم عن معنى كلمة الالحاد , وقد يعبر عنها البعض بصورة غير دقيقة … ومعنى كلمة الملحد هو المائل الميِّتَ لحدَه ؛ دفَنه في اللَّحْد ، واراه التراب . • ألحد إليه : مال :- { لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ} وهي بالاساس فكرة عدم الاعتراف بوجود اله في الكون .. ولو قلنا فلان ألحد في الدِّين : مال عنه وطعن فيه ، اي كفر وأشرك بالله :- ألحد الشَّخْصُ عن الحَقّ : عدَل عنه وأدخل فيه ما ليس منه ، – { إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي ءَايَاتِنَا لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا }
فالالحاد هو موقف من فكرة هل يوجد إله أو قوة ما تدير هذا الكون أم لا .. وهنا تختلف اجابات الناس من حيث أولا هل يوجد إله من عدمه فالذي لا يعتقد بوجود إله هذا هو ( الملحد ) .. أما الذي يعتقد بوجود إله تبع دين معين فهذا ( متدين ) فمن هو المتدين ..؟ المتدين هو من له عقيدة بدين سماوي , رغم ان الكتاب يقولون ان فكرة المتدين تختلف بين متدين واخر حسب عقيدة ذلك الدين الذي يعتنقه … مثلا رب المسلمين يختلف عن رب المسيحيين واليهود وغيرهم ..
. المتدين الملحد والمستلحد …يوجد ( المتدين الملحد ) وهو يعتقد بوجود إله ولكن هذا الإله غير كامل وقد يكون مات بالفعل لانه غير ابدي كالنصارى حيث يعتبرون عيسى هو الابن للرب وفيه مالات الاهية ولكنهم يقولون انه مات .. هذه الحالات التي يمر بها الانسان في طريقه من بعد ما كان متدين في طريقه إلى الالحاد .. واعتقد ان كل المتدينيين هم كذلك لان كل متدين يؤمن بإله واحد ودين واحد من عدة آلاف من الاديان والآلهه الاخرى فهو يكفر بهم جميعا إلا إله معين داخل دين معين إذن الملحد شخص لا يعتقد بوجود إله فقط
وليس بالضرورة من عدم اعتقاده بوجود إله أن يكون غير اخلاقي بل على العكس تماما لان كثير من الملحدين كان سبب وصولهم للالحاد هو اللااخلاقيه في الدين وفي تصرفات الإله الكامن في هذا الدين ومن عجب العجاب ان تجد المتدينيين دائما ما يسألون الملحد وما المانع ان تسرق او تقتل او تنكح امك او ابوك وهذا ان دل إنما يدل على مدى غباء وتخلف المتدينيين لانهم يربطون موقف تجاه سؤال محدد وهو وجود إله من عدمه وبين فلسفة الاخلاق وكلاهما موضوع مختلف عن الاخر تماما ولا يصح الربط بينهما…
.. المستلحدين :….. هناك فرقة سأتحدث عنها في هذا المقال و هم ( المستلحدين ) والمستلحد هو شخص كان متدين بالوراثة من ابوين مسلمين , نتيجة تلقين أهله له دينا سيئا منذ الصغر فنشأ كائن مشوه عقليا .. ولكنه بمجرد ان قرأ بعض مقالات وافكار الملحدين اعجبته الفكرة وصار يردد نفس الكلام الالحادي وقارنه بالدين الذي عند ابويه ..من دون ان يدرس أولا دينه بشكل محايد ,ودون ان يقرأ فكر الديانات الاخرى ..
فهو يحمل صفات المتدينيين الاغبياء الجهال , الذين يحملون الدين عن جهل وتخلف ولكن تحت اسم فقط وهو ملحد …. لكنه في الحقيقة ابعد ما يكون عن الالحاد لان الالحاد موقف ليس من السهل تطبيقه في مجتمعنا , لان مجتمعاتنا تحمل فكر الديانات السماوية , فلو تخلى المستلحد عن جزء من دينه فانه لا يمكنه ان ينسلخ من الدين برمته .. مثلا لو جاء خاطب لابنته او اخته , فانه يشترط ان يتم عليها العقد الشرعي .. ولو مات منه احد المقربين فانه يريد ان يغسله ويكفنه ويصلي عليه ثم يجلس للفاتحة ثلاثة ايام ويتمنى ان يقرئوا لروحه الفاتحة ..
في وقت هو يقول ان الميت اذا مات انتهى ولا فائدة من الاحياء لمده بما يفيده .. هذه الطبقة المستلحده دعمت فكرة إلله والدين من جانب , وتمسكت بالكثير من المغالطات المنطقية والنظريات الفاسدة وللخروج من هذه المغارة يكون صعب جدا ويحتاج الكثير والكثير من البحث والدراسة والتأمل والحيادية والمنطقية التي يفتقدها الكائن المستلحد وبعض من هذه الكائنات هم ناس فقط فهموا الدين بشكل خاطيء وقد يكون عن عمد في بعض الاحيان لرغبتهم في التحرر من قيود الدين وتعليماته ولكنهم ليس قضيتهم الاساسية حول فكرة وجود إله من عدمه .. فهم فقط يهتمون لأنفسهم وعلى سبيل المثال حينما تجد احد المستلحدين ليس له موقف أو رأي ثابت حول الكثير من القضايا الايمانية ولكنه يهتم مثلا بحقوق المرأة ليس لايمانه بالحق او الحرية ولكن فقط لرغبته في الوصول لبعض البنات للعلاقات غير المشروعة .. ويدعو للحرية والمدنية وغايته ان يتمكن ان يشرب الخمر ويسهر في النوادي بشكل قانوني وضمن شرع اللادينيين …
واغلبهم يكون محبا للادب والفن والكتب والمؤلفات , وكثيرا ما يقول كلاما جميلا ولكن فعله عكس كلامه .. فهؤلاء مجرد ظاهرة صوتيه وأكبر شكل لهؤلاء المستلحدين من تجده عدو لدين معين فهو لا يشغله اي قضايا فكرية او فلسفية لكن كل ما يكتبه او يقوله هي مجرد هجوم وسخرية من دين معين دون التطرق لأديان اخرى نظرا لانه يجهلها ولا يعرف عنها شيئا ,ولكنه فقط يحب ان يظهر كأنه شخص ملحد وكأنه قرأ وفكر وتأمل وبحث ولكنه بعيد كل البعد عن هذا .. لان المحايد الذي قرا وبحث بالفعل لن يحتاج للهجوم أو سب دين معين لانه يختلف مع جوهر الفكر الديني وليس لقلقة لسان فقط …من أهم مظاهر المستلحدين
الهوس الجنسي و اهتمامهم بالجنس و المخدرات و السب و السخرية من الأخرين والتعالي على الناس باسم الفن والادب والالحاد ..وأغلب المنتشرين اليوم هم كائنات مستلحدة بعيدة تماما كل البعد عن الإلحاد ……. اذن الكفر بمعنى الستر والتغطية كما ورد في الصحاح … والكفر له انواع منها ..
اولا: كفر عناد: بأن يعرف الله بقلبه ويعترف بلسانه ولكنه لا يدين بدين الله كما ذكرنا المستلحدين اعلاه .
ـ وكفر نفاق: بأن يُقرّ لسانا ويُنكر في قلبه ..وهذا النمط منافق يساير الناس ليس الا . .
لدين ابدا ….. ثانيا :.. كفر إنكار: بأن لا يعرف الله أصلاً ولا يقرب
ثالثا :.. كفر جحود: بأن يعرفه قلبًا وينكره لسانًا، ككفر إبليس .. { وجحدوا بها واستيقنتها انفسهم } وهذا اكبر عدوان على الدين وعلى الرموز الدينية .. قصة واقعية .. عن الجحود والنكران … هناك امراة درست التمريض ..حيث تخرجت ـعملت في أحد المستشفيات الخاصة في بغداد تزوجت من شاب تقدم لها .. عاشت سعيده معه ..
رزقهما الله ولدان .. وما أن أصبح عمر الولد الأكبر أربع سنوات.. والأصغر سنتان ..توفي الوالد في احدى الحروب .. فقامت الام برعاية الولدين .. وصارت تشتغل دوامين لكي تؤمن لهما الحياة الكريمة..ودخل ابناءها الجامعة وكانت منهكه جدا ولكنها سعيدة في تامين متطلبات ولديها ..تخرجا.. وعملا بعد ذلك .. بقيت الوالدة تعمل وتكد إلى أن بنت لكل واحد منهما بيتاً بالقرب من بيتها .. وزوّجتهما ..كل ذلك مــــن حسابها الخاص .. بالرغم من انهما يعملان ويكسبان .. وأصبح عندهما أولاد وبنات .. ولكن الام تعرضت للامراض السكري وارتفاع الضغط واحيلت للتقاعد , اصبحت طريحة الفراش تحتاج لمن يساعدها ويريحها بقية حياتها ..ولكنها شعرت انهما جاحدان لفضلها نرى الجحود والنكران من قبل أولادها .. بعدم الاهتمام بها في كبرها .. ونسيانها حتى في زيارتها لبيتها واعداد الطعام لها .. كانا لا يرغبان حسب رغبة زوجتهما ان لا تاتي معهم في البيت .. واهتمام كل
واحد منهما بزوجته وأولاده.. وبعدم السؤال عنها وعدم إرسال الأحفاد للسلام عليها.. وتحريض الزوجات عليها .. ووصلت الحال ان صارت تطلب صور احفادها فمنعت الزوجات ارسال صور الاحفاد اليها .. احيانا الجحود يحول الانسان الى قلب كالحجارة … ماتت ولم يكن احد بجوارها .. هذا هو الجحود رغم معرفتهم لانهم متخرجون من كلية ان راعية الابوين من افضل القربانت الى الله ..
****: بعد هذه الجولة في تعريف المصطلحات المتعلقه بالشرك , الان نعود الىاجواء الاية .. تقول : { وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (13لقمان) فمن هو لقمان …؟ هل هو نبي او رجل صالح عُرف بالنصيحة وسعة العقل والادراك …؟ لقمان كما في كتب التفاسير هو لقمان بن ياعور ابن اخت ايوب، أو ابن خالته، كان من سودان مصر من النوبة، وعاش، حتى أدرك نبي الله داود فأخذ منه العلم وآتاه الله الحكمة، ولم يكن نبياً عند الجمهور وقال ابن عمر : سمعت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: (لم يكن لقمان نبياً، ولكن كان عبداً كثير التفكير، وحسن اليقين، أحب الله فأحبه، فمنَّ عليه بالحكمة، وخيره في ان يجعله خليفة يحكم بالحق، فقال: رب إن خيرتني قبلت العافية وتركت البلاء، وإن عزمت علي فسمعاً وطاعة فإنك ستعصمني)، واخرج الترمذي ، قال، قال رسول الله(ص) : (إن لقمان كان عبداً كثير التفكر، حسن الظن، كثير الصمت، أحب الله فأحبه الله تعالى، فمن عليه بالحكمة. نودي بالخلافة قبل داود عليه السلام، فقيل له يا لقمان، هل لك ان يجعلك الله خليفة تحكم بين الناس بالحق؟ قال لقمان: إن أجبرني ربي عزَّ وجل قبلت، فإني أعلم أنه إن فعل ذلك أعانني وعلمني وعصمني، وإن خيرني ربي قبلت العافية ولا أسأل البلاء، فقالت الملائكة: يا لقمان لِمَ؟ قال: لأن الحاكم بأشد المنازل وأكدرها، يغشاه الظلم من كل مكان، فيخذل أو يعان، فإن أصاب فبالحري أن ينجو، وإن أخطأ أخطأ طريق الجنة، ومن يكون في الدنيا ذليلاً خير من أن يكون شريفاً ضائعاً، ومن يختار الدنيا على الآخرة فاتته الدنيا ولا يصير إلى ملك الآخرة. فعجبت الملائكة من حسن منطقه، فنام نومة فغط بالحكمة غطا، فانتبه فتكلم بها)، وكان لقمان قاضيا في بني إسرائيل، نوبيا أسود مشقق الرجلين ذا مشافر،.. قال له رجل كان رعى معه الغنم: ما بلغك يا لقمان ما أرى؟ قال: صدق الحديث والصمت عما لا يعنيني،ويقال انه كان نجاراً، وقيل: كان خياطاً، اضافة انه راعياً.ويقال بأن قبر لقمان الحكيم في فلسطين بمنطقة طبرية…
اختلف السلف في لقمان ،{ع} هل كان نبيا ، أو عبدا صالحا من غير نبوة ؟ على قولين ، الأكثرون على الثاني انه كان عبدا صالحا قال : جاء رجل أسود إلى سعيد بن المسيب يسأله ، فقال له سعيد بن المسيب : لا تحزن من أجل أنك أسود ، فإنه كان من أخير الناس ثلاثة من السودان : بلال ، ومهجع ، ولقمان الحكيم ، كان أسود نوبيا
كان لقمان ، عليه السلام ، عبدا أسود غليظ الشفتين ، أتاه رجل وهو في مجلس أناس يحدثهم ، فقال له : ألست الذي كنت ترعى معي الغنم في مكان كذا وكذا ، قال : نعم . فقال : فما بلغ بك ما أرى ؟ قال : صدق الحديث ، والصمت عما لا يعنيني..وفي قول انه قال : قدر الله ، وأداء الأمانة ، وصدق الحديث ، وتركي ما لا يعنيني .
قال عنه عبد الله بن وهب :وقف رجل على لقمان الحكيم فقال : أنت لقمان ، عبد بني الحسحاس ؟ قال : نعم . قال : أنت راعي الغنم ؟ قال : نعم . قال : أنت الأسود ؟ قال : أما سوادي فظاهر ، فما الذي يعجبك من أمري ؟ قال : وطء الناس بساطك ، وغشيهم بابك ، ورضاهم بقولك . قال : يا بن أخي إن صغيت إلى ما أقول لك كنت كذلك . ثم قال لقمان : غضي بصري ، وكفي لساني ، وعفة طعمتي ، وحفظي فرجي ، وقولي بصدق ، ووفائي بعهدي ، وتكرمتي ضيفي ، وحفظي جاري ، وتركي ما لا يعنيني ، فذاك الذي صيرني إلى ما ترى….
*****
يبدو ان القران اشار الى نقطتين في موضوع الشرك : وقد وردت في الايات القرآنية، والأحاديث المروية، والتحقيقات العلمية، أن الشرك ينقسم الى قسمين، وهما الشرك الجلي، أي: الظاهر، والآخر الشرك الخفي، أي المستتر وهناك فرق كبير بينهما …
الشرك الجلي :.. الشرك الظاهري، فهو عبارة عن: اتخاذ الإنسان شريكا لله عز وجل، في الذات أو الصفات أو الأفعال أو العبادات .. وهذا الشرك موجود الان ويمارس بشكل واسع .. منه الشرك في الذات، وهو أن يشرك مع الله سبحانه وتعالى في ذاته أو توحيده، كالوثنية وهم المجوس، اعتقدوا بمبدأين: النور والظلمة .هنا لا بد ان نقف وقفة علمية في تحديد الشرك الجلي لان التيار السلفي والحركات السياسية الدينية يعتبرون الشيعة مشركين بالله تعالى ولهم اراءهم اذكرها اليكم ..يقولون ان انواع الشرك تنقسم الى قسمين قوليه وفعليه ولذلك الوهابية اراء الشرك عندهم بسببها يقومون بقتل الشيعة ..!! أنواع الشرك القولية هي: : هو صرف العباده لغير الله ومن أنواع العبادة لغير الله عندهم الذبح لغير الله والنذر لغير الله والدعاء لغير الله والاستغاثة بغير الله كما يفعل عُبَّاد القبور اليوم عند الأضرحة من مناداة الأموات، وطلب قضاء الحاجات، وتفريج الكربات من الموتى، والطواف بأضرحتهم، وذبح القرابين عندها تقربًا إليهم، والنذور لهم وما أشبه ذلك، هذا هو الشرك الأكبر ؛ لأنه صرف العبادة لغير الله سبحانه ، والله جل وعلا يقول: (مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا } ويقول: { وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا } [سورة النساء: آية 36] …
والشرك أنواع: النوع الأول: الشرك الأكبر الذي يخرج من الملة وهو الذي ذكرنا أن يصرف شيئًا من أنواع العبادة لغير الله كأن يذبح لغير الله أو ينذر لغير الله أو يدعو غير الله أو يستغيث بغير الله فهذا شرك أكبر يخرج من الملة{ هنا نحن لسنا مسلمين عندهم } ، وفاعله خالد مخلد في نار جهنم إذا مات عليه ولم يتب إلى الله.كما قال الله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء } [سورة النساء: آية 48] .
****النوع الثاني: شرك أصغر لا يخرج من الملة لكن خطره عظيم، مثل الحلف بغير الله، ويعنون به من يحلف بالنبي {ص} وال بيته فانه مشرك ..!! او الاتكال على احد في قضاء الحوائج , فانه نوع من انواع الشرك .. او التكبر والرياء .. ويا ليت هذه المباديء تطبق على علماءهم وما يقولونه في الاعلام الان وفي فضائياتهم ..
ثم يذكرون رايا يحسبونه ثالثا ولكنهم لا يحسبونه رقما ..!! وهو الشرك الخفي ..كما عند الشيعة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لنتكلم الان عن الشرك الخفي عند الشيعة :.. ما هو الشرك الخفي ؟
الجواب : في بعض الأحاديث أنّ الرياء ، هو الشرك الخفي وهو حرام ويوجب بطلان العمل ، فقد ورد أن الله تعالى يقول : « أنا خير شريك من أشرك معي غيري في عمل عمله لم أقبله وهو لمن عمل له ولا أقبل الّا ما كان خالصاً لي وحدي…. ومن الشرك الخفيّ هو أن يقول الإنسان لولا فلان لهلكت , لانه ليس له قدرة ولكن لا يعتقد ان القدرة تاتي من الله .. البعض يقولون ان قول عمر بن الخطاب : « لولا علي لهلك عمر » ـ قالها في عدة مناسبات .. فهل نعتبر ذلك شركا عليهم ان عمر مشرك .. لا بل كان عمر يعرف ان علي بن ابي طالب {ع} هو تمام العلّة في نجاته من الهلكة في الدنيا والاخرة , ونحن نفسر قوله أي عمر : « لولا ان منّ الله عليّ بعلي لهلكت … فهل يمكن ان نعتبر ان عمر اعتبر الامام علي شريكا لله ..؟ »لا لم يكن شريكاً ولكنه يعرف انه علة العلل في النجاة كما صرح غيره في ذلك … ولاذكر لك رواية عن ابي عبد الله الصادق {ص} …
قال في شرح الآية ( وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ ) ساله رجل عن قوله تعالى هل هو « هو قول الرجل لولا فلان لهلكت ولولا فلان لأصبت بكذا ولولا فلان لضاع مالي ، ألا ترى انّه جعل لله شريكاً في ملكه يرزقه ويدفع عنه ؟ فقال له نعم : لولا انّ الله منّ عليّ بفلان لهلكت ؟ قال نعم لا بأس بهذا … فلولا الطبيب لما شفي اكثر الناس والشفاء من الله تعالى .. ولولا وجود الاشجار لما تم تصنيع الادوية والعقاقير .. وهذه علة من علل الله في الشفاء .. ولولا العقل لما توصل العلم للاكتشافات .. والعقل من علل الله .. فاين الشرك .. انه فرق بين الملحد وبين ان تقول , الهي اقسم عليك بمحمد وال محمد ان تقضي حوائجنا في الدنيا والاخرة .. هنا ملاحظة مهمة يجب الالتفات اليها وهي : النصارى… اعتقدوا بالأقانيم الثلاثة: الأب والابن وروح القدس، وقالوا: لكل واحد منهم قدرة وتأثيرا مستقلا عن القسمين الآخرين، ومع هذا فهم جميعا يشكلون المبدأ الأول والوجود الواجب، أي: الله، فتعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.. والله عز وجل رد هذه العقيدة الباطلة في سوره المائدة، الآية 37، بقوله: (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد) وبعبارة أخرى فالنصارى يعتقدون: أن الألوهية مشتركة بين الأقانيم الثلاثة، وهي: جمع اقنيم ـ بالسريانية ـ ومعناها بالعربية: الوجود وقد أثبت فلاسفة الإسلام بطلان هذه النظرية عقلا، وأن الاتحاد لا يمكن في ذات الله تعالى أو في غير ذاته..
ب ـ الشرك في الصفات… وهو: أن يعتقد بأن صفات الباري عز وجل ، كعلمه وحكمته وقدرته وحياته هي أشياء زائدة على ذاته سبحانه، القائلون بهذا هم الأشاعرة أصحاب أبي الحسن الأشعري البصري، وكثير من علماءهم اعتقدوا به وكتبوه في كتبهم، مثل: ابن حزم وابن رشد وغيرهما، وهذا هو شرك الصفات … لأنهم جعلوا لذات الباري جل وعلا قرناء في القدم والأزلية وجعلوا الذات الالهية مركبا.اي فيها شيء هي صفاته ..
مثال تقريبي للأذهان ـ هل حلاوة السكر شيء غير السكر؟ او هي ذات السكر …؟ وهل دهنية السمن شيء غير السمن؟ او هي من ذات السمن ..؟ في حين السكر ذاته حلو، أي: كله ..والسمن ذاته دهن، أي: كله.. وحيث لا يمكن التفريق بين السكر وحلاوته، وبين السمن ودهنه، كذلك صفات الله سبحانه، فإنها عين ذاته، بحيث لا يمكن التفريق بينها وبين ذاته عز وجل، فكلمة: ” الله ” التي تطلق على ذات الربوبية مستجمعة لجميع صفاته، فالله يعني: عالم، حي، قادر، حكيم… إلى آخر صفاته الجلالية والجمالية والكمالية ……
**** الشرك في الأفعال… وهو الاعتقاد بأن لبعض الأشخاص أثرا استقلاليا في الأفعال الربوبية والتدابير الإلهية كالخلق والرزق أو يعتقدون أن لبعض الأشياء أثرا استقلاليا في الكون، كالنجوم، أو يعتقدون بأن الله عز وجل بعدما خلق الخلائق بقدرته، فوض تدبير الأمور وإدارة الكون إلى بعض الأشخاص،{ كالسحرة الذين يدعون قدرتهم لجلب الحبيب .. او قدرتهم على الرزق وغيرها من افعالهم } هذا كله شرك .. لذلك مباشرة الساحر نوع من انواع الشرك , وهو من الذنوب الكبيرة … كاعتقاد المفوضة..!! وروايات أئمة الشيعة في لعنهم وتكفيرهم، كاليهود الذين قال الله في ذمهم: (وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا )…
****** من اين جاءت الافكار بتكفير الشيعة ..؟ اليك قراءة بالافكار في تاريخ الحركات السياسية للشيعة .
ــــ يعد القرن الثاني الهجري انتشرت أفكار الغلاة الشيعة بصورة عامة والمفوضة بصورة خاصة. حيث بدأت سلسلة من الأفكار المغالية والمتطرفة بالترعرع، وقد ورثوا هؤلاء كثيراً من نظرات الغلاة، وكانت مواردها من الأفكار التي تبناها الكيسانيين والقائلين بالطبيعة الإلهية للأئمة…!! وظهرت هذه الفرقة زمن الإمام الصادق علية السلام، وشكلت امتدادا لأفكار الغلاة ولاسيما في النظر إلى آل محمد على أنهم موجودات فوق البشر،وهم ذو علم مطلق يشمل علم الغيب، ولهم القدرة على التصرف في الكائنات …ومن صلب افكارهم انهم لا يعتبرون النبي أو الأئمة آلهة، ولكنهم يعتقدون أن الله تعالى قد فوض إليهم أمور الكائنات في الخلق والرزق، وبالتالي فإنهم في الناحية العملية يقومون بجميع الأعمال التي يفعلها الخالق … إن الجانب الذي بني عليه عقيدة المفوضة استلزم تعطيل القدرة الإلهية، لان اطروحاتهم هذه مرادفة لكلام اليهود حينما قالوا: (وَقَالَتْ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ) . الأمر الذي يفترض لأوليائه نمطاً من القدرات الخالقية والفاعلية بمعزل عن إرادة الله، ولهذا فرضوا لهم مقامات غير مقاماتهم، وأنزلوهم منازل تبرؤوا هم اهل البيت {ع} من ادعائها. في حين كانت الآيات القرآنية قد فندت هذه الآراء التي أثيرت من قبل، وأكدت على بشرية الرسل كما في قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ)، وكذا قوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ )، وكذلك أكدت الآيات القرآنية على القدرة المحدودة للعلم البشري فقال تعالى (قُلْ لاَ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ)، وأمثال ذلك مما تفيض به آيات الكتاب العزيز***** هذه عقيدة القران في الانبياء والاولياء …
**** في نفس الوقت أكد فيه القرآن على بشرية الرسل،و قام بتأكيد مفهوم التفويض الممنوح للأنبياء ولكن من خلال وضعه تحت إطار{ إذن الله كما في حديثه عن آيات عيسى-ع-} كقوله تعالى: ( أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنْ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ…. وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ) كما في قوله تعالى: ( إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنْ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي) نرى أن عملية التفويض المشار إليها في حديث المفوضة والغلاة جاءت مناقضة للمفهوم القرآني، فلا القرآن يعطي للرسول استثناءات خالقية، ولا هو يجعل إرادته الإعجازية بمعزل عن إرادة الله بل يجعلها مرهونة بإرادة الله ….سرعان ما أطلق معتدلو الشيعة على هذه الفكرة اسم التفويض، وعرفت الفرقة القائلة بها بـ المفوضة، وعرف هؤلاء الذين ألهوا الأئمة بـ الغلاة أو اختصارا بـ الطيارة بالرغم من ذلك فإن اصطلاح الغلاة في الاستعمال العام والمتداول يطلق على القسمين معاً .. ولا زالت لافكارهم عند بعض الشيعة الذين يسمون انفسهم معتدلين نوعا من المغالات .. ونجح المفوّضة في تنظيم أنفسهم داخل الوسط الشيعي الى الان .. رغم ان الغالبية من غير المفوضين لا يعترفون ان الائمة يحيون الموتى ولا يرزقون الا بامر الله لو جاءت المنحة الالهية على ايديهم … وهو ما يسمى الشفاعة ..
*****وشعر الإمامية المعتدلين بفداحة التهديد الذي واجهوه من قبل المفوضة، وفرضوا تدابير عاجلة من أجل احتواء هذا الخطر المتنامي. لكن جبهة المفوّضة، عبّرت عن نفسها بوصفها الممثل الحقيقي للتشيع، وأن عقائدها كانت في منتصف الطريق بين الغلاة والمقصّرة ـ المعتدلين ـ. وعليه فإن مثل هذا الزعم قاد إلى فشل جهود خصومهم، بمعنى أن المفوّضة لم يعودوا بعد ذلك مصنّفين كغلاة من قبل الشيعة الإمامية أم التشيع عموما. وقد شن المفوّضة حرباً لا هوادة فيها ضد خصومهم المعتدلين متهمين إياهم بضعف العقيدة، نتيجة لنظرتهم للأئمة على كونهم بشروقد اتخذوا من الشعائر الحسينية ساحة لطرح افكارهم .. .
**** هناك جماعة كانوا ولا زالوا يُحسبون على الشيعة .. وظهروا في في الوسط الشيعي المعتدل من منتصف القرن الاول .. وانصهر كثير من الشيعة في النضريتين .. وهي الكيسانية ( المفوضة والتشيع المعتدل ) ولا زال البعض يعتقد بالحلول .. ونظرية الحلول تعني حلول روح الله أو نوره في جسم النبي {ص} والأئمة، لأن غلاة القرن الأول كانوا يعدون أن النبي(ص) والأئمة(ع) هم الله والتجسيد الكامل للهويه الإلهية، ثم تطورت الفكرة بعد ذلك إلى عد الإمام مظهرا لجانب من روح الله، أو موضعا لحلول قبس من نوره، الذي انتقل من آدم عن طريق سلسلة من الأنبياء حتى وصل إليهم … وأول من طرحها بيان بن سمعان النهدي وهي تمثل تفسيرا جديدا للآية: (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ) فهذه الآية بزعم بيان تتحدث عن إلهين: واحد في السماء وهو الإله الأكبر، والآخر في الأرض وهو أصغر من إله السماء وهو مطيع له… وقد زعم ابا الخطاب زعيم الغلاة الخطابية في القرن الثاني زعم أن الإمام الصادق هو الإله في زمانه وليس هو المحسوس الذي يرونه ولكن لما نزل إلى هذا العالم لبس تلك الصورة فرآه الناس فيها ، ثم ناد بعد ذلك إلى عقيدة التفويض، أي أن الله خلق محمداً وعلياً وفوّض إليهما مهمة خلق بقية العالم . وخلاصة الأمر، أن الفكرة التي تسربت واندمجت في البنية العقيدية للغلاة وأصبحت مرتبطة بغلاة الشيعة وما لبثت أن حظيت الفكرة بدعم المفوضة فيما بعد.
وبمجرد أن ظهرت هذه العقائد الجديدة في الغلو بين صفوف الشيعة الإمامية حتى أخذت بالانتشار، فما كان من الإمام الصادق إلا أن اتخذ موقفا صلباً وحازماً من هذه العقائد الدخيلة والمنحرفة الغالية، ويبدو من بعض الروايات التي وصلت إلينا تشير أن بعض من تبنى مثل هذه العقائد كان لهم حضور سابق في الأفكار الغالية في المجتمع الإمامي فقد نقل زرارة بن أعين للإمام الصادق أن رجلا كان يقول بعقيدة التفويض فيرد الإمام عليه عن معنى التفويض، فيجيب زرارة بأن هذا الرجل يرى أن الله خلق محمداً(ص) وعلياً ثم فوض الأمر إليهما فخلقا ورزقا وأحييا وأماتا. فقال عليه الصلاة والسلام كذب عدو الله فقال الإمام: إذا رجعت إليه فاقرأ عليه الآية التي في سورة الرعد: (أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ )… ).
هنا الإمام الصادق علية السلام يوضح لأصحابه الالتباسات الواقعة في عملية فهم مصطلح التفويض، ومن المحتمل كان منشأ هذه الشبهة التي أخذ بها المفوضة هو بعض الروايات التي قد يفهم منها هذا المعنى فيقول الإمام: (أبى الله أن يجري الأشياء إلا بأسباب، فجعل لكل شيء سببا وجعل لكل سبب شرحا وجعل لكل شرح علماً، وجعل لكل علم باباً ناطقاً، عرفه من عرفه، وجهله من جهله، ذاك رسول الله(ص) ونحن) . ومع هذا الاعتراف فليس النبي والإمام من أسباب الخلق والتدبير، وإنما هم وسائط بين الخالق والخلق في إبلاغ الأحكام وإرشاد العباد، وهذا ما أشار إليه الإمام الصادق لأحد أصحابه بقوله: (إن الله عز وجل أدب نبيه فأحسن أدبه فلما أكمل له الأدب قال: (إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، ثم فوض إليه أمر الدين والأمة ليسوس عباده، فقال عز وجل: (مَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) وإن رسول الله(ص) كان مسدداً موفقاً مؤيداً بروح القدس، لا يزل ولا يخطئ في شيء مما يسوس به الخلق، فتأدب بآداب الله…..).
وقد ألقى الإمام الصادق علية السلام الضوء على طبيعة علوم الأئمة، إذ كان يثير دهشة أصحابه عندما يقول لهم أنه يعلم ما في السماوات وما في الأرض، ويعلم ما في الجنة ويعلم ما في النار، ويعلم ما كان وما يكون، ثم يبين أن مصدر تعاليمهم هي القران الكريم ، والمصدر الثاني لعلوم الإمام السنة النبوية، وقد سئل مرة عن موارد الإمام في استنباط الأحكام، فكان رده أن المورد الأساسي لذلك هو الكتاب الكريم ، وإن لم يكن فيه فبالسنة. وإن لم يجد قال: (يوفق ويسدد وليس كما تظن)وكان لمواقف الإمام المتشددة تجاه هذه الظاهرة المتنامية داخل البنية العقيدية الإمامية حتى بادر معه كثير من أصحابه إلى الوقوف أمام هذا التيار الجديد وبقوة ، ورفضوا إعطاء أي صفة فوق بشرية للأئمة وأكدوا على أنهم خلفاء الحق للرسول(ص) ففي الوقت الذي كانوا يعارضون بقوة إعطاء الأئمة أية صفة غير طبيعية كالعلم بالغيب الذي يضاهي علم الله تعالى فإنهم كانوا يسلمون تماما للأئمة يعتبرونهم القيادة الشرعية للإسلام……).
وإن أبرز شخصية تمثل هذا الاتجاه هو أبو محمد عبد الله بن أبي يعفور العبدي ويعد من أوثق أصحاب الإمام الصادق. فضلا عن ذلك ما ورد عن الإمام الصادق من الثناء والمدح والتزكية بحقه إذ كان يقول أنه ما وجد أحدا اخذ بقوله وأطاع أمره وحذا حذو أصحاب آبائه غير رجلين هما: عبد الله ابن أبي يعفور وحمران بن أعين، ويعدهما الإمام مؤمنان خالصان من شيعتنا ، ويؤكد الإمام مرة ثانية هذا المدح والإطراء عليه من ناحية التزامه وطاعته لأوامر الإمام التي انفرد والتزم بها دون صحابته الآخرين ..).
يمكن النظر لهذا الإطراء الممنوح من قبل الإمام الصادق في حق عبد الله بن أبي يعفور على أنه دلالة واضحة على مسيرة هذه الشخصية التي لم يتخللها أي تعثر عقيدي، وكانت تنطلق أولاً وآخراً بالتزاماته بتعاليم الإمام وعدم الخروج عليها والتأثر بالهزات العقيدية التي عانى منها المجتمع الإمامي، لأنه قد استوعب مرتكزات العقيدة الإمامية وكان على علم واطلاع بتحركات بعض العناصر الغالية ذات العقائد والآراء المختلفة والمتناقضة، إضافة إلى التعليمات والوصايا الواردة عن الإمام الصادق والتي استوضح منها كثير من المسائل التي كانت مثار أخذ ورد بين المجتمع الشيعي حول طبيعة الإمام، فما أن ظهرت هذه الفرق الجديدة على الساحة حتى رفض بشدة جميع الأفكار التي ترفع الأئمة فوق بشريتهم، وقد جرى مرة بينه وبين المعلى بن خنيس أحد أصحاب الإمام الصادق حوار حول هذا الموضوع إذ قال ابن أبي يعفور أن: الأوصياء علماء أبرار أتقياء، وقال ابن خنيس: الأوصياء أنبياء، قال: فدخلا على أبي عبد الله عليه السلام قال: فلما استقر مجلسهما، قال: فبدأهما أبو عبد الله علية السلام فقال المعلى بن خنيس : يا أبا عبد الله أبرأ ممن قال إنّا أنبياء. الذي يرى أن الأئمة هم في منزلة الأنبياء فما كان من الأمام إلا أن دعم وجهة نظر ابن أبي يعفور وخطأ المعلى بن خنيس بقوة.
نالت آراء عبد الله بن أبي يعفور الصريحة والشديدة تأييد واسع من قبل المجتمع الإمامي في ذلك العصر، وتجلى ذلك في موكب تشييع جنازته الذي شاركت فيه جموع غفيرة من الشيعة ، وشن الغلاة والمفوضة هجوماً شديداً على عبد الله بن أبي يعفور وأنصاره في حياته وبعد وفاته، وكانوا يهاجمونه أحيانا أمام الإمام الذي كان باستمرار يؤيده ويشجب مخالفيه ، وألقى هؤلاء على الجماهير الحاشدة التي اشتركت في تشييع جنازته لقب مرجئة الشيعة، في محاولة لاتهامهم بضعف العقيدة ؛ لأنهم يعتقدون أن الأئمة من جنس البشر وليس من جنس الإله كما يطلق هذه الايام المغالون بالشعائر الحسينية كاهل القامة والتمرغ بالطين حين تهجموا على سماحة الشيخ احمد الوائلي رحمه الله لانه عنوانا للاعتدال الذي دعا له الائمة عليهم السلام … وظهرت خلال عصر المهدي العباسي فرقة شيعية تسمى اليعفورية تمتاز بآرائها المعتدلة لاسيما في المسائل الخلافية، إذ لا تعد منكر الإمامة كافراً… اذن مقابل التيار السلفي الوهابي هناك تيار شيعي يكفر الان حتى الشيعة اضافة عن السنة ..)
الشرك في العبادات… وهو أن الإنسان أثناء عبوديته يتوجه إلى غير الله سبحانه، أو لم تكن نيته خالصة لله تعالى، كأن يرائي أو يريد جلب انتباه الآخرين إلى نفسه أو ينذر لغير الله عز وجل.. فكل عمل تلزم فيه نية القربة إلى الله سبحانه، ولكن العامل حين العمل إذا نواه لغير الله أو أشرك فيه مع الله غيره، فهو شرك… والله عز وجل يمنع من ذلك في القرآن الكريم إذ يقول: (فمن كان يرجو لقار ربه فليعمل صالحا ولا يشرك بعبادة ربه حدا) .. استنادا إلى هذا الكلام يعتبر البعض اننا مشركون كوننا ننذر نذرا لغير الله فهو .شرك، والشيعة ينذرون لأئمتهم وأبناء أئمتهم .. فما هو راي الشيعة في النذور …؟ .
…”” النذر عند الشيعة والراي الصحيح في نذورهم “” العقل السليم والمنطق يقضيان بأن أحدا لو أراد أن يعرف عقائد قوم، فيجب أن لا ينظر إلى أقوال وأفعال جهالهم، وإنما ينظر إلى مقال وأفعال علماء القوم وما يدونونه في كتب العقائد لانها مصدر الافكار الدينية عندهم .. ومن اراد التحقيق عن الشيعة ومعتقداتهم، فعليكم أن تنظروا إلى كتب علمائهم ومحققيهم، فتعرفوا الشيعة من خلال أقوال فقهائهم وأعمالهم… فإذا شاهدتم بعض العوام منا قد نذر لأحد الأئمة (ع) أو لأحد أبناء الأئمة (ع) أو أحد الصالحين، عن جهل بالمسألة، فلا تحسبوه من معتقدات الشيعة، فإن كل مذهب وملة يوجد هناك عوام يجهلون مسائل دينهم، وهذا ليس عندنا فحسب .. وأنتم إذا لم تكونوا مغرضين، ولم تكونا بصدد خلق المعائب والأباطيل على الشيعة، فراجعوا كتب فقهائهم وانظروا إلى سيرة المؤمنين منهم العارفين للمسائل الدينية.. فان التوحيد الخاص والمصفى من كل شائبة لا يكون إلا عند الشيعة الإمامية.. ويمكن أن تراجعوا كتابي: شرح اللمعة، وشرائع الإسلام، وأي كتاب آخر يضم المسائل الفقهية، وحتى الرسائل العلمية لفقهائنا المعاصرين والماضين , هؤلاء بينوا عقيدة الشيعة وطلبوا من تابعيهم العمل بتلك الرسالة , بالمقابل هم مراجع الشيعة في مسائل دينهم … راجعوا في هذه الكتب ” باب النذر ” فتجدون إجماع فقهائنا: أن النذر بهذا الشكل ” لله علي أن: أفعل كذا وكذا، أو: أترك كذا وكذا ” فيذكر بدل الجملة الأخيرة، نذره إيجابا كان أو سلبا فإذا تعذر عليه إجراء الصيغة باللغة العربية أو صعب عليه ذلك، فيترجم مفهومه إلى لغته ويجريه بلسانه… وأما إذا نوى النذر لغير الله سبحانه أو أشرك معه آخر، سواء كان نبيا أو إماما أو غيره، فالنذر باطل.. وإذا نذر على الصورة الأخيرة عالما بالمسألة، فإن عمله حرام وشرك بالله عز وجل، فقد قال تعالى: ( ولا يشرك بعبادة ربه أحدا).. فعلى السائل ان يكون عارفا بالمسالة قبل ان يلقيها على الشيعة بانها نوع من الشرك ..كما انه على الخطباء والعلماء أن يعلموا الجاهلين ويبينوا لهم كل مسائل الدين، ومنها مسائل النذر، فالنذر يكون لله وحده لا شريك له، ولكن الناذر يكون مخيرا في تعيين مصرف النذر،…
مثلا أن يقول: لله علي نذر أن أذبح شاة عند مرقد النبي (ص) أو عند مرقد الإمام علي (ع) أو غيرهما أو يقول: لله علي نذر أن أذبح شاة وأطعم لحمها السادة الشرفاء، أو الفقراء، أو العلماء… إلى آخرهأو يقول: لله علي نذر أن أعطي ثوبا لفلان بالتعيين، أو لفقير ، على غير تعيين فكل هذه الصيغ في النذر صحيحة، ولكن إذا لم يذكر الله كأن يقول : نذرت للنبي أو الإمام أو الفقيه أو الفقير أو اليتيم… إلى آخره، كل هذه الصيغ باطلة غير صحيحة.. وبطلانها انها لو اراد عدم الوفاء بها فهي غير ملزمة لانها باطلة …..عن سعد بن عبادة قال : يا رسول الله إن أم سعد ماتت ، فأي الصدقة أفضل ؟ قال : ” الماء ” فحفر بئرا وقال : هذه لأم سعد . ولم يعترض رسول الله لكلامه ذكرها النسائي وابو داود عن سعد بن عبادة قال : يا رسول الله إن أم سعد ) أراد به نفسه ( ماتت ، فأي الصدقة أفضل ؟ ) أي لروحها ( قال : الماء ) إنما كان الماء أفضل لأنه أعم نفعا في الأمور الدينية والدنيوية خصوصا في تلك البلاد الحارة ،وثانيا اغلب الناس لا يتمكنون ان يبذلوا مالا لامواتهم من طعام وثياب ولكن يتمكنون ان يسقوا الماء .. من هنا كان عطش الحسين مؤثرا في نفوس شيعته ومحبيه …
حتى الشعراء يتغنون بالماء والدموع … واصبح خدام الحسين(ع) يتشرفون بتوزيع الماء .. وهناك رواية ان الامام زين العابدين لما رجع الى خربة الكوفة استقبلته العقيلة وسالته عن سبب غيابه قال الان رجعت من دفن ابي الحسين …
الحمد لله رب العالمين