23 ديسمبر، 2024 10:07 ص

مجلس حسيني  – الصراع بين الحق والباطل عبر العصور

مجلس حسيني  – الصراع بين الحق والباطل عبر العصور

{ وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } (البقرة – 42)
 
   اللبس هو الخلط , , هذا الخلط  يكون أحيانا مقصود من جهة لمجموعة أو فرد  لذا يعطي صورة غير حقيقية فقوله تعالى :” ولا تلبسوا الحق بالباطل ” هنا  اللبس : خلط , التبس على إنسان أو جماعة.. الكلام أحيانا يؤدي دورا مهما , حيث يتم أقناع الجاهل  بعقائد فاسدة غير حقيقية , فيصدقها , أو يعطي قدسية لشخص معين أو فكرة , أو بسبب تفسير آية أو حديث بشكل مغاير بقصد ..يسمى ملبوس .
 قول الإمام علي {ع}:.. الإمامُ عليٌ (ع) في معرفة الحق مِن أروع ما تركه الإمام {ع} في الثقافة  والمعرفة البشرية .لان المعرفة إذا اهتزت في نفس الإنسان , أصبح كالخشبة تحركها التيارات المائية , أو الريشة تحركها الرياح , لا بد أن يكون له قدر من المعرفة .. أي إنسان بلا معرفة  يتعرض للالتباس في العمر كله .فيسمى ملبوس عليه :. اللبوس : كل ما يلبس من ثياب ودرع .. قال الله تعالى:”  وعلمناه صنعة لبوس لكم” ولابست فلانا حتى عرفت باطنه وظاهره  . أي خالطته ..
        إذن الآية المباركة تبين أن الحق حق , ويحذرنا أن لا يلتبس عندنا الحق بالباطل , وقد ثبتَ الخبرُ عن النبي (ص) أنه قال : عليٌ مع الحق والحقُ مع علي ، أللهم أدر الحق معه حيثما دار )..
من المواقف التي يذكرها التاريخ .. جاء رجل اسمه الحرث بن حوط.. بعد أن رأى في جيش أصحاب الجمل زوجة النبي عائشة وطلحة والزبير .. تصور أن فلان وفلا  أين ما يقف فلان يمثل الحق .. فقال للإمام {ع}: يا أبا الحسن أترى أنَّ طلحةَ والزبيرَ  وعائشةَ اجتمعوا على باطل ؟  فقال له الإمام {ع} : يا حارُ أنتَ ملبوسٌ عليك … إنَّ الحق والباطل لا يعرفان بأقدار الرجال ، وبإعمال الظن ، أعرف الحق تعرف أهله ، واعرف الباطل تعرف أهله)  قال الدكتور طه حسين عن هذا الموقف : (إنّها جملةٌ وأصلٌ لا يمكن لأيِّ لغةٍ من لغات البشر أنْ تأتي بمثلها ) ..وما أعرفُ  ولم اسمع جواباً أروعَ من هذا الجواب الذي لا يعصم من الخطأ أحداً مهما تكن منزلته و لا يحتكر الحقَ لأحدٍ مهما تكن مكانته بعد أنْ انتهت سلسلة النبوة, وانقطع وحي السماء )
 **** راي آخر : ولا تلبسوا الحق بالباطل ، يقول : لا تلبسوا اليهودية والنصرانية بالإسلام وقد علمتم أن دين الله – الذي لا يقبل غيره ولا يجزي إلا به هو الإسلام , وأن اليهودية والنصرانية , هما دينان مقدمان للبشرية ,ونسخا برسالة سيد الأنبياء  محمد {ص} .. إن الدين عند الله الإسلام ..
**** ثم تقول الآية : ” بالباطل ” الباطل في كلام العرب خلاف الحق ومعناه الزائل… أي شيء زائل يسمى باطل ..قال لبيد : ألا كل شيء ما خلا الله باطل .. ،،،وكل نعيم لا محالة زائل ..                    مجمل الآية المباركة  تبين الموقف الإسلامي  من  الصراع البشري والعقائدي بين الناس , في أي وقت واي مكان , لا بد ان يكون هناك صراع بين الحق وأهله , وبين الباطل وأهله ومن يتبعه ,  هذه حقيقة الحياة  شئنا ان أبينا … أبين لك موقف عقائدي جاءوا به من القران الكريم : صورة من لبس الحق بالباطل وكيف يصبح الباطل عقيدة ..!!!
**** القران بين عن اكبر صراع جرى بين موسى وفرعون , واسم فرعون حين نذكره يوحي عن الطغاة التعالي .. قام بعض المفسرين بشرح  قصة موسى وفرعون , وذيلوها بيوم انتصار موسى {ع} والمؤمنين على ذلك الطاغية .. قالوا :…. وأصبح ذلك اليوم الذي أنجى الله فيه موسى وقومه وأهلك فيه فرعون وقومه من أيام الله المشهودة التي نصر الله فيها الحق على الباطل، وأصبح ذلك اليوم الذي يوافق العاشر من  شهر محرم- يومًا يصومه المسلمون لله رب العالمين، ثم وضعوا أحاديث كاذبة على رسول الله {ص}  يقولون : ” وجاء في فضل صيامه عن النبي ..  لما سئل عن صيام يوم عاشوراء: “إنه يكفر السنة الماضية”. ثم يدعو خطيب الجمعة في الكعبة المشرفة الناس … احرصوا -رحمكم الله- على صيام يوم العاشر، وإن صمتم يومًا قبله فهو أولى؛ لأن النبي {ص}  قال: “لئن حييت إلى قابل لأصومن التاسع مع العاشر”، ومن صام العاشر مع الحادي عشر فلا حرج أيضًا؛ لأن الشهر كله محل للصوم، بل قد ذهب جماعة من أهل العلم المحققين إلى أن الأفضل صوم الأيام الثلاثة كلها.انتهى.!!!.
***** للقران موقف عقائدي  لا يمكن أن ينتهي إلى يوم القيامة , هو الصراع بين الحق والباطل  . ويتحدد من خلاله المؤمن القوي والمسلم الضعيف ,  ومن خلال هذا الصراع يقول تعالى :” . قل جاء الحق وزهق الباطل , إن الباطل كان زهوقا “. لأبين قضية فكرية ..
   **** صراع الحق والباطل في القرآن الكريم :… حركة التاريخ  تبين بوضوح اختلاف وجهات النظر واختلافها بين فكرة وأخرى ,مثلا النظرية الماركسية  تقول إن حركة التاريخ-  صراع بين الطبقات الاجتماعية و رأس المال , وتم التركيز على العمال , بينما يرى المنظرون  في المنظومة الرأسمالية أنها صراع حضارات ..
ما هي صراع الحضارات …؟ : حول مفهوم صراع الحضارات  تحدث الدكتور هشام البستاني  مع صحيفة الراية القطرية: نستلهم ما يفيد بحثنا  الآن .. قال :  صراع الحضارات موضوع وهمي ولا حقيقة له يراد منه  التضليل على الدين .. لان هناك مشكلة بين الغرب والأديان بصورة عامة , ومع الإسلام خاصة . السبب إن في الإسلام عقيدة خطرة, هي أتباع  أسلوب المقاومة بصيغة دينية , فهي من أعظم القربات لله , ومن يموت يكون حيا عند الله .. والشهيد له امتيازات دينية كثيرة .. فلا بد أن يتوصل الغرب الأمريكي إلى طريقة بتم فيها الفك بين الدين والمقاومة ..{ هذا نراه واضحا من خلال موقف أمريكا  من الجمهورية الإسلامية , وحزب الله اللبناني , والحشد الشعبي في العراق } بينما صورة أخرى  للإسلام مقبولة بقوة عند الغرب وأمريكا ..فليس لأمريكا مشكلة مع الصلاة والصوم والحج  وغيرها …
لان  الإسلام المقاوم اليوم  هدف القوى العظمى مقابل الدول النامية والمتخلفة . خاصة التي تمتلك منابع الثروة ويمكن ان تؤثر سلبا بمواقف أبناءها على مستقبل اوربا التجاري والصناعي ..
أكد الباحث السياسي الأردني د. هشام البستاني أن صراع الحضارات مفهوم صاغه منظر اليمين الأمريكي صموئيل هنتنغتون لتضليل العالم , بما فيه الشعب الأمريكي. وقال: بعدالقضاء على المنظومة الاشتراكية، تخلت الرأسمالية عن تمويل تلك الدول التي تقودها ضمن المنظومة الرأسمالية ”  بالسنتو ” بل حتى الشعب الأمريكي ظهرت فيه أزمات اقتصادية إضافة للعديد من الدول الغربية تشهد حاليا صراعات داخلية بسبب ذلك. هنا جاء  صمانوئيل هلينتون  بنظرية قال فيها :  لا بد من مشروع يضمن لنا هيمنة على العالم , خاصة أصحاب الثروات  في الأرض .. من هنا يظهر  إن  حوار الأديان أو  صدام الحضارات موضوع  غير حقيقي بل مفبرك؟ وهو غطاء لصراع ذو طبيعة أخرى؟
**** الحقيقة  أن “صدام الحضارات” هو مفهوم صاغه أحد أهم منظري “المحافظين الجدد” في الولايات المتحدة بعد انهيار المعسكر الاشتراكي وانتهاء الحرب الباردة:في تلك اللحظة التاريخية، خرج منظران اثنان للتعبير عن الدعاية للرأسمالية لتلك المرحلة:الأول : تحدث عن “نهاية التاريخ”، أي الانتصار النهائي للرأسمالية واستتبابها كنظام اجتماعي/اقتصادي شمولي اوحد للبشرية منهياً بذلك الصراعات، وسماه عبر هذه الأطروحة حسم صراع الأضداد الماركسي في فهم حركة التاريخ والمجتمعات باتجاه انتصار الرأسمالية في مرحلتها “المعولمة” انتصارا نهائيا،والآن تخلى عنها.
 *****المنظر الثاني هو صامويل هنتنغتون، صاحب عبارة “صراع الحضارات”، الذي لم ير نهاية للتاريخ في انتصار الرأسمالية على المعسكر الاشتراكي، على العكس، وجد بداية لصراع آخر: سماه صراع “الحضارة” يعني (اليهودية المسيحية) في مواجهة الحضارات  الشرقية: الإسلام  وكلمته  الشهيرة ” ما زال تاريخ الصراع مفتوحا، وما زالت الرأسمالية “متوترة” ولم تنجز استقرارها الكامل. وبعيدا عن المثالية  إن رأس المال هدفه الأول هو تعظيم أرباحه بغض النظر عن أية اعتبارات أخرى.
 لماذا اعتبر الإسلام هدفا للغرب بعد انهيار الشيوعية؟
الإسلام ليس هدفا بحد ذاته، الهدف , بل الموارد , والأسواق,  والثروات، فهي هدف لأمريكا , وقضية الاستحواذ على هذه الأمور،تعتبر هدف من منظور أمريكا وأوربا , فالحزب الشيوعي الفليبيني والقوات  الكولومبية وكوبا وفنزويلا وبوليفيا ليست إسلامية، ولكنها أيضا مستهدفة من قبل الامبريالية لأنها عقبة في طريق تحقيق الهيمنة على الموارد والأسواق والثروات..! وهذا الحوار مؤداه ان  يرى أملا في بروز إسلام “ليبرالي” يتبنى الأفكار السياسية لأميركا ..إذاً المشكلة ليست مع الإسلام، وإنما مع الإسلام المقاوم، لأن أية صيغ أخرى للإسلام مقبولة ولا غبار عليها.
****** هناك قضية ظهرت واضحة بعد سقوط الدولة العثمانية , رغم إنها لم تحكم بالإسلام الحقيقي , ولكن  كان لها نزعة التوسع باسم الإسلام…  بعد الحرب العالمية الثانية سقطوا النظام الإسلامي العثماني  في تركيا , وبعد تسعين سنة أعادوا الإسلام في تركيا , ولكنه ليس الإسلام المقاوم , بل الإسلام المتوافق مع أفكار أمريكا وإسرائيل , أو ما يسمى الإسلام الليبرالي , ابتدأت القصة على يد  مصطفى كمال أتاتورك ,  هو طاغية العصر، وإمام العلمانيين، وقدوة الخائنين، وهو مثالاً لكل كاره ومبغض للإسلام، اخترق الصف المسلم وتغلغل  بداخلة من أجل تفريقه وتمزيقه، وكان نكبة على الإسلام , ، ولكن هذا لا ينفي أن الدول المحيطة بتركيا هي من ساعدت على ظهور أمثال أتاتورك .. ومعنى أتاتورك أبو الأتراك ..
وُلد مصطفى كمال أتاتورك في مدينة سلانيك «ضمت لليونان الآن» عام 1881م، من سفاح، أجداده من طائفة يهود الدونمة، وهم طائفة من اليهود أظهروا الإسلام وأبطنوا اليهودية من أجل العمل على إسقاط الدولة العثمانية، وإفساد عقائد المسلمين. التحق بالكلية الحربية وتخرج عام 1832برتبة ضابط , صار يبحث عن وسيلة للشهرة حتى يلمع نجمه في حزب ( الاتحاد والترقي) وانضم للجيش الذي توجه لإستانبول ليخلع السلطان عبد الحميد الثاني ..
 بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، حين  فرَّ معظم رجال الاتحاد والترقي بسبب هزيمة الدولة العثمانية وضياع أملاكها في الحرب، أصبح الطريق خاليًا أمامه ، كان له علاقة قوية بالخليفة الجديد “وحيد الدين” قبل أن يصبح خليفة ، فرقاه لرتبة مفتش عام للجيوش وزوده بصلاحيات واسعة، وعندها بدأ الإنجليز في الاتصال به والتنسيق معه للعمل على إسقاط الخلافة العثمانية، وبالأسلوب الإنجليزي المعروف بدأت عملية تلميع مصطفى كمال أتاتورك وإظهاره بصورة البطل القومي وأنه أشد الرجال خطورة على أوروبا والإنجليز، الذي يقلق مضاجع الاستعمار، فكان يلقي الخطب في المناسبات الدينية ويدافع عن الخلافة مع أنه غارق لأذنيه في الفواحش والخمر.وبعد أن انتصر الأتراك على اليونانيين  أصبح مصطفى كمال أتاتورك بطل الأمة القومي، والمتحكم الفعلي في البلاد، وأنصاره يسيطرون على مجلس النواب والمجالس المحلية، وبمساعدة قوية من الإنجليز تخلص من جميع معارضيه،هنا صار يشوه الخليفة وحيد الدين بأنه وقع على وثيقة { سيفر } التي سمحت باحتلال اسطنبول .. مما اضطر وحيد الدين للاستقالة، وحل مكانه عبد المجيد الثاني والذي لم يمكث سوى ثلاثة أيام وأعلن مصطفى كمال أتاتورك بعدها وفي رجب1341هـ إلغاء الخلافة العثمانية وقيام الجمهورية التركية.
فعمل على هدم الإسلام بكل قوة في تركيا، وبدأت عملية بشعة لسلخ الأتراك من هويتهم الإسلامية بإشراف كامل من الإنجليز، فألغى وزارة الأوقاف والمدارس الدينية وحول الجوامع إلى متاحف ومنع الحج والعمرة، وألغى الحجاب والحروف العربية، واعتبر يوم استراحة الدولة يوم الاحد بدلا من الجمعة .. وألزم الناس لبس القبعة الإفرنجية ، وألغى الأعياد والمناسبات الدينية .. وبعد موته أختلف الناس في الصلاة عليه فرأى رئيس الوزراء عدم الصلاة عليه وصمم قائد الجيش على الصلاة عليه، فصلى عليه مدير الأوقاف الذي كان أخبث وأسوء من أتاتورك نفسه.
******* ــــــــــــــــــــــ : كتمان الحق
معنى الكتم : هو نبات شبيه الياس ، ينبت في الجبال ، ثمرته تشبه الفُلْفُل ، بها  حبه  واحدة ، تستعمل لتخضيب الشَّعر  فيغطي البياض بالسواد ,ومنه يصنع منه المداد للكتابة .. فأطلق الاسم على كل معنى يراد اختفاءه .. مثلا  الناقة  إذا جف لبنها تسمى أمسكت وكتمت , والصوت المرتفع لو حاول إخفاءه يسمى كتمه .. المهم كتَّمَ الشيءَ يعني بالغ في كِتمانه , بعكس السر الذي يجب أن لا يظهر لأحد .. وحين نظهره نقول : لا أكتمك سرا ..الآية تقول ولا تكتموا الحق .. ما هي أسباب كتمان الحق ..؟   أسباب الكتمان كثيرة منها ..
1- يكون  كتمان الحق خشية البطش مرة وأخرى ….رغبة في رضا الكبراء أحد أبرز أسباب الضلالة عند البشر  لذلك  أخذ الله ميثاق العلماء بألاّ يداهنوا أحداً في نشر الحق وألاّ يكتموه ولا يشتروا به ثمناً قليلاً ، وأوصانا رسول الله {ص}لبدعة  انه قبل الخوض في الموضوع  خاصة إذا كان حسّاساً أو موضع جدال واختلاف ـ لابدّ أن يكون هنالك وضوح في ذلك الموضوع من حيث مفهومها اللغويّ والاصطلاحيّ؛ رفعاً للَّبس وإزالةً للشبهة والاشتباه.
 ونحن الان ابتلينا بالبدع  فما هي البدعة …؟ :.. • قال الخليل بن أحمد الفراهيديّ: البَدْع: ـ إحداث شيءٍ لم يكن له من قبلُ خَلْقٌ ولا ذِكْر ولا معرفة ولا أصل .. قال الله:  “قُلْ ما كنتُ بِدْعاً من الرُّسُل” أي لستُ بأوّل مُرسَل.
والبِدعة تطلق عادة على من ابتُدع من الدِّين وغيره، وهي ما استُحدث بعد رسول الله من الأهواء والأعمال .. وأخطرها في الدين هي البدعة في المذهب, وضع فكرة , أو قولٍ لم يتبين  قائلُها وفاعلها بالشريعة ..
***  البدعة في الاصطلاح :… المعنى الاصطلاحيّ للبدعة من خلال اراء المتخصّصين،:  قالوا : لبدعة هي ما أُحدِث ممّا لا أصلَ له في الشريعة يدلّ عليه، أمّا ما كان له أصل من الشرع يدلّ عليه فليس ببدعة شرعاً.. وأفضل من قرب الصورة هو الشيخ المجلسيّ, قال :.. البدعة هي ما حَدَث بعد الرسول {ص} ..والحَدَث في الدِّين، ما ليس له أصل في كتاب ولا سُنّة. وإنّما سُمّيت بدعةً؛ لأنّ قائلها ابتدعها هو نفسه ..كما نصف الفنان مبدع.
البدعة في القرآن والحديث:.. : القرآن الكريم،  قول الله تعالى: ” ورَهْبانيةً آبتدَعُوها، ما كتَبْناها علَيهِم إلاّ آبتِغاءَ رِضوانِ اللهِ فما رَعَوْها حَقَّ رِعايتها” عبّرت الآية الكريمة عن الرَّهبانيّة بأنّها كانت من مُبتدَعات الرُّهبان، ولم تكن مفروضة عليهم مِن قبل، وإنّما من عند أنفسهم ثمّ نسبوها إلى شريعة السيّد المسيح {ع} .
روى الثعلبيّ عن عَدِيّ بن حاتِم الطائيّ أنّه أتى النبيَّ {ص} وهو يقرأ هذه الآية:  اتَّخَذوا أحبارَهم ورُهبانَهم أرباباً.*  حتّى فرغ منها، قال عديّ: فقلت له: إنّا لسنا نَعبُدهم، قال: أليس يُحرّمون ما أحلّ الله فتحرّمونه، ويُحلّون ما حرّم الله فتستحلّونه ؟! قلت: بلى، قال: فتلك عبادتهم .. عن أبي بصير قال: سألت الصادق {ع} عن قوله تعالىّ:  اتَّخَذوا أحبارَهم ورُهْبانَهم أرباباً مِن دونِ الله  ، فقال: أما واللهِ ما دَعَوهم إلى عبادة أنفسهم، ولو دَعَوهم إلى عبادة أنفسهم لما أجابوهم، ولكن أحلّوا لهم حراماً وحرّموا عليهم حلالاً، فعبدوهم من حيث لا يشعرون ..
**** أخطار المُبدِع.. من جهةٍ يواجه جبّار السماوات والأرض , بالافتراء ونسبة أمور إليه لم يُنزِل بها حكماً ً، ومن جهة ثانية:..  يتصرّف بدين الله حسب أهوائه ونزواته، فيزيد فيه ما ليس منه، ويُنقص منه ما هو منه، ويُحرّم حلال الله ويُحلّل حرامه، ويقول من عنديّاته ..هنا جاءت العبارة القرآنيّة شديدة اللهجة تشير إلى الظلم تقول :” ومَن أظلَمُ ممّنِ آفترى على اللهِ كذِباً أو كذّب بآياته ” وقوله:(انّ الذين يَفْتَرونَ على اللهِ الكذِبَ لا يُفلحون).
 ثانياً:  جاء في الحديث الشريف.. عن رسول الله{ص} ” إيّاك أن تَسُنّ سُنّة بدعة؛ فإنّ العبد إذا سنّ سنّة لحِقَه وِزرُها ووِزرُ مَن عَمِل بها ..وخطب يوما فقال: أُوصيكم بتقوى الله.وإيّاكم ومُحدَثاتِ الأُمور؛ فإنّ كلّ مُحدَثة بدعة، وإنّ كلّ بدعة ضلالة . • وعنه أيضاً أنّه قال: مَن سَنَّ في الإسلام سُنّةً حسنة فعُمِل بها مدّة، كُتب له مِثْل أجر مَن عمل بها، ولا يُنقَص من أُجورهم شيء. ومَن سَنَّ في الإسلام سُنّةً سيّئة فعُمل بها بعده كُتب عليه مِثْل وِزر مَن عمل بها، ولا يُنقص من أوزارهم شيء …
• وروي عنه (ص) قال: أبى اللهُ لصاحب البدعة بالتوبة. قيل: يا رسول الله، وكيف ذلك ؟ قال: إنّه قد أُشرِب قلبُه حبَّها …• وقال(ص) : إذا ظهرت البِدَع في أُمّتي، فلْيُظهِر العالم علمه، فمَن لم يفعل فعليه لعنة الله ..
*****  أنّ البدعة تحمل آثاراً هدّامة في المسلمين. لذا تعيّن على العلماء الواعين أن ينهضوا بالتكليف الموجَّه إليهم من قبل الشرع الحنيف، بأن يُظهروا علمهم، وإلاّ لاحقتهمُ اللعنات؛ لأنّ سكوتهم يُوهم العوامَّ بالرضا عن البِدَع أو أنّها من أصل الدين، وتترك الناس يخوضون فيها.. حتّى لا تميّزَها عن السنّة، فضلاً عن اعتبار البدعة سُنّة.روى المتّقي الهندي عن رسول الله(ص) قال: لا يَذهبُ من السنّة شيء حتّى يظهر من البدعة مِثلُه، حتّى تذهبَ السنّة وتظهر البدعة… فمن أحيا ميتاً من سنّتي قد أُميتت كان له أجرُها وأجرُ مَن عَمِل بها، من غير أن يُنقص من أجورهم شيئاً، ومَن أبدَعَ بدعة كان عليه وِزرُها ووِزُر مَن عَمِل بها، لا ينقص من أوزارهم شيئاً . روى  عن النبيّ (ص) أنّه قال: يأتي على الناس زمان.. وجوههم وجوه الآدميّين، وقلوبهم قلوب الشياطين، السنّة فيهم بدعة، والبدعة فيهم سنّة! .
**** قال الإمام علي (ع) : قال الله عز وجل في صفة الكاتمين لفضلنا أهل البيت ” ان الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ” المشتمل على ذكر فضل محمد (ص) على جميع النبيين وفضل علي (ع) على جميع الوصيين ” ويشترون به ” بالكتمـان ” ثمناً قليلاً ” يكتمونه ليأخذوا عليه عرضاً من الدنيا يسيراً وينالوا به في الدنيا عند جهال عباد الله رياسة . جاء في الحديث عن جابر ، عن الباقر(ع) قال : قال رسول الله ( ص ) : من كتم شهادة, أو شهد بها ليهدر بها دم امرئ مسلم او ليتوى بها مال امرئ مسلم ، اتى يوم القيامة ولوجهه ظلمة مد البصر..تعرفه الخلائق باسمه ونسبه ، ومن شهد شهادة حق ليحيي بها حق امرئ مسلم أتى يوم القيامة ولوجهه نور مد البصر يعرفه الخلائق باسمه ونسبه ، ثم قال ابو جعفر (ع) : الا ترى الله عز وجل يقول : ” وأقيموا الشهادة لله ” .
****  ما هي عواقب ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..؟
أولاً: ظهور الذنوب والمعاصي وانتشار جميع أنواع المنكرات: سبب انتشار المنكر هو ترك الحق من قبل المجتمع وعن قول كلمة الحق والتخلي عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يُتجَرِّأ ُ أهل الباطل على نشر باطلهم، ويشجع أهل الفجور على التمادي في فجورهم، ولذلك “فإن الساكت عن الحق شيطان أخرس” فهو بسكوته يعين على نشر المنكرات والمعاصي، بل ويشاركهم في وزرهم إن كان قادراً على التغيير ولم يقم بذلك، وما ظهرت هذه الذنوب والمعاصي في أي أمة إلا بسبب سكوت أهل الحق وتخليهم عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
**** ثانياً: استعلاء الشر والفساد وسيطرته على مقاليد الأُمور: من عواقب التخلي عن أداء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ازدياد عدد المنحرفين وأهل الشر والفساد في الأرض، وانحسار عدد الصالحين وأهل الخير والتقى، , تصبح  الأجواء مهيأة  لهم في انحرافهم وشرّهم وإفسادهم لعباد الله، وغياب من يردعهم، ومن يقف في وجوههم ليصدهم عن فسادهم، يأمنون من عدم الاعتراض وعدم الملاحقة، فتنطلق إرادتهم الضعيفة أمام الشهوات، من عقالها، فيعملون ما يحلو لهم، ثم يكون الأمر لهم ليسيطروا على مقاليد الأمور، ويوجهون الناس حسبما يرون ويشاءون،ويسمى من يقوم بالمعروف رجعي .. وأعظم من ذلك تخلي الرعاية الإلهية عنهم، وعدم استجابة الله تعالى لدعائهم. وإذا علا الفجار والأشرار في المجتمع كان ذلك بداية للدمار والخراب { ” ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ‏” ‏
ماذا تعني الآية بظهور الفساد في البر والبحر ..   
أولا :….. فساد العبادات‏:‏ المفهوم اللغوي للعبادة هو الخضوع الكامل لله تعالي بالطاعة لأوامره واجتناب نواهيه والإنسان مجبول بفطرته علي الإيمان بالله وعبادته بما أمر وإذا لم يهتد الإنسان إلي العبادة الصحيحة لله سول له الشيطان أنماطا من العبادة المصطنعة يملأ بها  رغباته … يتصور إمكانية أن يصطنع لنفسه نمطا من العبادة ويتخيل قبول الله سبحانه وتعالي لتلك العبادة الموضوعة‏.‏ وغالبية أهل الأرض واقعون اليوم في هذا الشرك من شراك الشيطان التي إذا وقع الإنسان فيها فقد صلته بالله وبفقدها يفقد الإنسان إنسانيته ويتحول إلي كيان فاسد مفسد مدمر لذاته ولأهله ولمجتمعه يعبد ذاته أو أهواءه وشهواته ورغباته .. أحيانا يعبد غيره من البشر أو يعبد شهواته , بقناع ديني هذه الحالات لا يمكن له أن يحيا حياة سوية علي الأرض ولا مستخلفا صالحا فيها‏.‏
‏3‏ _ فساد الأخلاق والمعاملات‏:‏
إذا فسدت العقائد والعبادات فسدت الأخلاق والمعاملات , ويتبين هذا من خلال حب استغلال السلطة   فيتم من خلالها التعدي علي المال العام … وهذه تسمى فساد الذمم .. وتتم بالكذب ونقض العهود والعقود والمواثيق وأكل أموال الناس بالباطل وتطفيف الموازين والمكاييل والغش في الصنعة والتهرب من العمل المكلف به ..  وانتشار السرقات والنهب والسلب والرشوة والمحسوبية والربا وإشاعة كل من الاستبداد والمظالم والفواحش والفتن والاعتداء علي الأعراض والأموال والممتلكات واختلاط الأنساب ونصرة الباطل وأهله ومحاربة الحق وجنده وفساد القيم والعقول وضياع القدوة الحسنة..وغير ذلك من صور الفساد المعنوي والأخلاقي ..ومن أعظم درجات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الجهاد في سبيل الله تعالى، الذي تخلى عنه كثير من المسلمين، ولم يحصدوا من وراء ذلك إلا حياة الذل والهزيمة، والاستسلام لأعداء الأمة.{ والمنطقة الغربية خير شاهد}.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ      ما هي النتائج عن ذلك …؟
   ما سبب  نزول العقوبات العامة ..؟.  المعروف أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يدفع العقوبات والمصائب عن العباد، ويكون سبباً في نجاتهم، وبالعكس التخلي عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبباً في جلب المصائب والعقوبات، وقد يكون سبباً في هلاكهم، ولو شاء الله أن يحاسب الناس على أفعالهم في الدنيا لما نجا أحد من عذاب الله كما قال سبحانه: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ). هذه السنن جارية في العباد أفراداً ومجتمعات، فلا تنزل مصيبة بعبد إلا بسبب ذنب اقترفه أو معصية وقع فيها قال رسول الله {ص}: «لا يصيب عبداً نكبة فما فوقها أو دونها إلا بذنب وما يعفو الله عنه أكثر»، قال: وقرأ: ﴿وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ﴾ ..
هذا إذا كانت العقوبة متعلقة بالعبد بسبب بعده عن الله والوقوع ببعض الذنوب ، فكيف إذا ظهرت الذنوب والمعاصي أمام الملأ، ومارسها بعض الناس جهاراً نهاراً، كما نراه اليوم ونسمعه في بعض المجتمعات، التي أصبحت فيها المنكرات تنتشر بطرق رسمية، وتهيأ لها الأجواء المناسبة، ويحاط أهلها بالقوة والسلاح .. ليكون لهم الحرية الكاملة في قتل الناس وسرقة المال بالخطف والتسقيط ، تحت غطاء الحرية والديمقراطية ..أو التعبير عن الرأي، يستغلها الفاسدون أخلاقيا تحت شعارات فنية وأدبية وإعلامية وغير ذلك من الشعارات المغلوطة .
قال ابن عباس : “أمر الله المؤمنين ألا يقروا المنكر بين أظهرهم فيعمهم العذاب” .. التحقيق في معناها أن المراد بذلك المنكر فياتي العذاب على الظالم وغيره .. هي أن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه عمهم الله بالعذاب، صالحهم وطالحهم وبه فسرها جماعة من أهل العلم والأحاديث الصحيحة شاهدة لذلك”
وقد يقال: كيف يعم العذاب الصالح والطالح والله تعالى يقول: ﴿وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ فكيف يؤاخذون بجريرة غيرهم؟؟.الجواب: أن ظهور هذه المعاصي والمجاهرة بها كان بسبب سكوت الصالحين عن إنكارها مع كونهم قادرين على تغييرها والحيلولة دون وقوعها، فيعتبر ذلك السكوت -الذي لا مبرر له- من علامات الرضا والإقرار بالمنكر. مثلهم كمثل المجموعة الذين أرادوا خرق السفينة في نصيبهم وليس في نصيب الآخرين، ويبدو قصدهم حسناً، وهو عدم إيذاء جيرانهم، ولكن الهلاك لم يقتصر على من باشر الخرق، وإنما هو عام لكل ركاب السفينة، وهكذا فاعلو المنكر قد يظن من لم يفعل المنكر مثلهم، أنه سينجو من العقاب الذي ينزله الله بهم، ولو سكت عن منكرهم فلم ينكره، ولكن العقاب النازل بسبب فعلهم لا يخصهم، وإنما يعم معهم غيرهم، لعدم قيام المجتمع بتغيير ذلك المنكر…قال احد العلماء :.. “الجماعة التي تسمح لفريق منهم بالظلم في أي  صوره -وأظلم الظلم نبذ شريعة الله ومنهجه للحياة- ولا تقف في وجه الظالمين، ولا تأخذ الطريق على المفسدين، فأنها تؤخذ بجريرة الظالمين المفسدين.. فالإسلام منهج تكافلي إيجابي لا يسمح أن يقعد القاعدون عن الظلم والفساد والمنكر يشيع (فضلا على أن يروا دين الله لا يتبع؛ بل أن يروا إلوهية الله تنكر وتقوم ألوهية العبيد مقامها!) وهم ساكتون، ثم هم بعد ذلك يرجون أن يخرجهم الله من الفتنة لأنهم هم في ذاتهم صالحون طيبون!” قال الإمام الحسين {ع} :.. ” قال الحسين (ع): «أيّها الناس إنّ رسول الله، (ص) قال: (من رأى سلطاناً جائرًا مستحلاً لحرم الله ناكثاً لعهد الله مخالفًا لسنة رسول الله(ص) يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يغيّر ما عليه بفعل ولا قول كان حقّاً على الله أن يدخله مدخله) ألا وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن وأظهروا الفساد وعطلوا الحدود واستأثروا بالفيء وأحلّوا حرام الله وحرّموا حلاله، وأنا أحَقّ من غيّري … والعقاب الإلهي له ألوان مختلفة، مرة بنزع البركات والخيرات، ومرة بنزول الآفات السماوية، أو إذاقة البعض بأس البعض الآخر، أو الزلازل والبراكين، وما يعلم جنود ربك إلا هو…
 
هناك صراع بين موسى {ع} وفرعون المتكبر، المدعي الإلوهية.. ” إني أنا ربكم الأعلى ” هنا اصطدمت الإرادتان , صراع الحق والباطل، صراع الكفر والإيمان، ولئن كان فرعون قد كسب بعض الجولات في هذا الصراع إلا أن النصر كان في النهاية للحق على الباطل، وقد عبر القرآن عن هذه النتيجة في أكثر من آية، مقرراً حتمية انتصار موسى في ذلك الصراع الطويل قوله تعالى:{ونصرناهم فكانوا هم الغالبين} ….
الثاني: الصراع بين رسول الإسلام {ص} وبين قادة قريش , كل الدلائل المادية تحتم انتصار الأقوياء  الذين يملكون وسائل إدامة الحرب , ولكن في أول لقاء ,في غزوة بدر الكبرى كان النصر  للإسلام على الكفر، وللحق على الباطل. وقد أخبر القرآن الكريم عن هذه المعركة ونتيجتها . قوله تعالى:{ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة} قوله تعالى:( ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين** ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون) وقد سمى سبحانه هذه المعركة ( يوم الفرقان) لأن تلك معركة كانت فرقاناً بين الحق والباطل بهذا المدلول الشامل ، كانت فرقاناً بين الحق والباطل على مستوى الأفراد وعلى مستوى الأمة؛ أما على مستوى الأفراد، فقد تميز الخبيث من الطيب، والمۆمن من الكافر، وطالبُ الحق من طالب الباطل. وأما على مستوى الأمة، فقد ظهرت دولة الحق، وهُزمت دولة الباطل، ورُفعت راية الإيمان، ونُكِّست راية الكفر …
وقوله تعالى: “وأنتم تعلمون” أي أنهم يفعلون ذلك عن عمد وليس عن جهل. فقد يكتم الإنسان حقا وهو لا يعلم أنه الحق. ولكن إذا كنت تعلمه فتلك هي النكبة لأنك تخفيه عامدا متعمدا. وأنتم تعلمون.  ان فلان باطل وانتم ساكتون , …. في مثل هذه المواقف يظهر المجاهدون .. قصة ابي ذر الغفاري معروفة في التاريخ , حين تصدى للفساد ….
ينقل ابو رافع مولى أبي ذر قال: صعد أبو ذر رضي الله عنه على درجة الكعبة حتَّى أخذ بحلقة الباب، ثُمَّ أسند ظهره ثُمَّ قال:  أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن أنكرني فأنا أبو ذر سمعت رسول الله (ص َ) يقول: إنما مَثَل أهل بيتي في هذه الأمة كمَثَل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها هلك… وسمعت رسول الله (صَ) يقول: اجعلوا أهل بيتي منكم مكان الرأس من الجسد، ومكان العينين من الرأس، فإن الجسد لا يهتدي إلا بالرأس، ولا يهتدي الرأس إلا بالعينين….
عن حنش بن المعتمر قال: رأيت أبا ذر الغفاري (رحمه الله) آخذاً بحلقة باب الكعبة وهو يقول: ألا من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا أبو ذر جندب بن السكن، سمعت رسول الله (صَ) يقول: إني خلَّفتُ فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتَّى يردا عليَّ الحوض، ألا وإنَّ مثَلهما فيكم كسفينة نوح، من ركب فيها نجا، ومن تخلَّف عنها غرق.
وقال حديث قوي جدا يذكره ابن عباس قال: رأيت أبا ذر الغفاري متعلقاً بحلقة بيت الله الحرام وهو يقول:  يا أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني أنبأته باسمي، أنا جندب الربذي الغفاري إني رأيت رسول الله (صَ) في العام الماضي وهو آخذ بهذه الحلقة وهو يقول: أيها الناس لو صمتم حتَّى تكونوا كالأوتار وصليتم حتَّى تكونوا كالحنايا ودعوتم حتَّى تقطَّعوا إرباً إرباً ثُمَّ بغضتم عليَّ بن أبي طالب (عليهِ السَّلام) أكبَّكم الله في النار.
ثم قال : قم يا أبا الحسن فضع خمسك في خمسي (يعني: كفك في كفي) فإنَّ الله اختارني وإياك من شجرة أنا أصلها وأنت فرعها فمن قطع فرعها، أكبَّه الله على وجهه في النار. ثم قال :  يا علي انا ٌّ سيد المرسلين  وأنت إمام المتقين تقتل الناكثين والمارقين والجاحدين. ..عليٌّ مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنَّه لا نبيَّ بعدي. لما اختلف الناس بعد رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) قال أبو ذر:أهل بيت نبيكم هم أهل بيت النُّبوَّة وموضع الرسالة ومختلف الملائكة وبيت الرحمة ومعدن العلم…
 روى الشيخ الطوسي  في كتاب الأمالي  عن منصور بن بزرج أنه قال: قلت لأبي قال الإمام الصادق {ع} : ما أكثر ما أسمع منك ذكر سلمان الفارسي فقال: لا تقل سلمان الفارسي ولكن قل: سلمان المحمدي، أتدري ما كثرة ذكري له؟  قلت: لا، قال: لثلاث خلال: أحدها إيثاره هوى أمير المؤمنين{ع}  على هوى نفسه والثانية حبه للفقراء واختيارهم على أهل الثروة والقوة, والثالثة حبّه للعلم والعلماء، إنَّ سلمان كان عبداً صالحاً حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين.
 
التفاخر بالأنساب: روي عن الامام الباقر {ع} كان سلمان جالساً مع نفر من قريش في المسجد فأقبلوا ينتسبون ويرفعون بأنسابهم حتى بلغوا سلمان فقال له عمر بن الخطاب: أخبرني من أنت؟ ومن أبوك؟ وما أوصلك؟ فقال: أنا سلمان بن عبد الله كنت ضالاً فهداني الله بمحمد {ص} وكنت عائلاً فأغناني الله بمحمد {ص} وكنت مملوكاً فأعتقني الله بمحمد{ص} هذا نسبي وهذا حسبي يا عمر.فسكت عمر..
كرامته:…  خرج أبوذر من عند سلمان اذ لقي أمير المؤمنين{ع} فقصّ عليه القصّة ، فقال أمير المؤمنين{ع} يا ابا ذر انّ سلمان لو حدثك بما يعلم لقلت: رحم الله قاتل سلمان، يا اباذر إنَّ سلمان باب الله في الأرض من عرفه كان مؤمناً ومن أنكره كان كافراً وإن سلمان منا أهل البيت.
 توفي سلمان رضي الله عنه في سنة 36هـ في المدائن وحضر أمير المؤمنين {ع} فغسّله وكفّنه وصلى عليه ثم دفنه. وفي رواية أنه: دخل وكشف الرداء عن وجهه وقال له إذا لقيت رسول الله فقل له ما مرّ على أخيك من قومك، ثم أخذ في تجهيزه فلما صلى عليه كنا نسمع من أمير المؤمنين عليه السلام تكبيراً شديداً وكنت رأيت معه رجلين فقال أحدهما جعفر أخي والآخر الخضر{ع} ، ومع كل واحد عدد من الملائكة ..
لسلمان من أقصى المداين ليه تعنيت … وجبت الكفن لدفنه ورديت … سيدي ليش لكربلا لحسين ما جيت …. ليت ترابا حال دونك لم يحل … لتنظر ما لاقى الحسين وما جنت … عليه العدى من مفضحات الجرائم  … جنت نايم يجفن العين شبلاك  …. وبنار وجر الكلب شبلاك .. نادت على الصاحت طاح شبلاك … من ظهر المهر فوك الوطية …  هاك اخذ يحسين واشرب من مدامعنه التهل  … واروي كلبك يبو اليمه من مدامعنه التهل  …  والله مو هين علينه ضام وحدك تنجتل ..
 والحمد لله رب العالمين