23 ديسمبر، 2024 4:05 م

مجلس حسيني – اختلاف الألوان واللغات

مجلس حسيني – اختلاف الألوان واللغات

{ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ } (الروم:22)
الآية المباركة تبين موارد مهمة , بعضها تكويني يتعلق بالخلق , وقسم آخر من البحث يتعلق بموضوع ألوان البشر , واختلاف اللغات والألسن , كيف حدث ذلك , والأطروحة التي نعرفها وآمنا بها جاءت في القران والكتب السماوية , كلها متفقة إن أصل البشر يعود إلى ادم وحواء , خلق الله تعالى آدم أباً للبشر عليه السلام ، وخلق منه زوجه حواء ، ثم انتشر الناس منهما ، كما قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) الحجرات/13 ، وقال تعالى: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً ) النساء/1. الآن نعود للآية المباركة …

ابتدأت بكلمة : ومن آياته , ما معنى الآية .؟ الآيات  جمع آية, والآية  هي العلامة الدالة على وجود الخالق وإبداعه ,مرة تأتي بعنوان : قدرته..  فنقول سبحان الخالق المبدع  ومرة : للعبرة والمعجزة  .. أحيانا نصف شخصا معينا فنقول : فلان آية في الكمال في أخلاقه او جماله .. الحصيلة هو كلام يبين عن قدرة الله وعظمته وإبداعه … فالآية في اللغة تطلق على العلامة والعبرة  والعظمة والإبداع . العبرة تسمى آية : مثلا يذكر القران { لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ} أي أمور وعبر مختلفة،  اما في المعجزة : قال تعالى ( وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً) وبيانها في المفسدين قال تعالى: (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً)

 ما معنى قدس الله سره ؟ وكلمة آية الله  ..؟  الجواب

القُدْسُ: تَنْزِيْهُ اللَّهِ تعالى انه قُدُّوْسُ ، المُقَدَّسُ: المُطَهَّرُ..والقُدْسُ: البَرَكة التي تحصل من الله …والتَقْدِيس يعني التَّطْهِير والتَّبْريك ، وتَقَدَّس أَي تطهَّر ….أولياء الله تعالى إنما ينالون هذه الأسرار التي يمن الله بها عليهم من خلال عباداتهم ومجاهداتهم وسلوكهم وإخلاصهم   كما قال تعالى : {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } هذه العلوم و الأسرار هي هبة من  لعباده ,عندما تقول :{قدسره} يعني : {  باركها وطهرها وهو من باب الدعاء له } .

أما آية الله :.. ألقاب نستخدمها في مذهبنا الاثنا عشري قبل ذكر أسماء المراجع الدينية الذين نرجع أليهم في استنباط أحكام الشريعة ..أي أنهم دليل ومرجع للناس في أخذ الأحكام الإلهية ، ونسبة الآية إلى الله تعالى ، بمعنى حجة الله على عباده كي يحتج بها عليهم في التبليغ والإرشاد.

نعود الى  فكرة الاية :… موضوع انتشار الخلق من المواضيع التي لم تحسم بين العلماء لحد الآن, ذكر غير واحد منهم  أن الله تعالى شرع لآدم {ع} أن يزوج بناته من بنيه ، فكان يزوج أنثى هذا البطن لذكر البطن الآخر ، قال الله تعالى عن ابني آدم{ع} : ( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ) المائدة/ 27 ..

قال ابن كثير: ” وكان من خبرهما فيما ذكره علماء السلف ، أن الله تعالى قد شرع لآدم {ع}  أن يزوج بناته من بنيه ” لضرورة الحال ” فكان يُولَد له في كل بطن ذكر وأنثى ، فكان يزوج أنثى هذا البطن لذكر البطن الآخر ، وكانت أخت هابيل دَميمةً ، وأخت قابيل وضيئةً ، فأراد أن يستأثر بها على أخيه ، فأبى آدم ذلك إلا أن يقربا قربانًا ، فمن تقبل منه فهي له ، فقربا فَتُقُبِّل من هابيل ولم يتَقَبَّل من قابيل ، فكان من أمرهما ما قص الله في كتابه ” انتهى .

“تفسير ابن كثير” (3 /82) .

عن ابن عباس قال : ” نهي أن تنكح المرأة أخاها تَوْأمها ، وأمر أن ينكحها غيره من إخوتها ، وكان يولد له في كل بطن رجل وامرأة ، فبينما هم كذلك ولد له امرأة وضيئة ، وولد له أخرى قبيحة دميمة ، فقال أخو الدميمة : أنكحني أختك وأنكحك أختي .والقصة معروفة وكيف انتهت ..

أعود لأصل الخلق :.. تشير الكثير من الآيات القرآنية إلى قيمة التدبر في هذا الكون والتفكير فيه وتدعو إلى النظر والبحث والتنقيب عن أسرار الحياة وبداية الخلق، يقول تعالى: (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الله الخلق)  كمقدمة أسوق معنى مهم ..

اهتم القرآن الكريم بخلق الإنسان وهو في بطن أمه وهي بحق آية في الإعجاز بحيث ولج كثير من العلماء يستقون علومهم من القران في تحديد بداية الخلق , وهذا موضوع ليس بالهين .. كان وراءه هداية مجموعة من العلماء غير المسلمين , بل حتى  علماء المسلمين. …. ثم هناك ناحية أخرى , تقول الآية :  بأن بداية الحياة البشرية جاءت من أسرة . فقد شاء الله أن تبدأ هذه النبتة في الأرض بأسرة واحدة . فخلق ابتداء نفسا واحدة , وخلق منها زوجها . فكانت أسرة من زوجين . (وبث منهما رجالا كثيرا ونساء). . ولو شاء الله لخلق رجالا كثيرا ونساء , وزوجهم , فكانوا أسرا شتى من أول الطريق . لا رحم بينهم  من بداية الأمر لا رابطة تربطهم… غير إن إرادة الخالق الواحد هي الوشيجة الأولى , فأراد أمراً يعلمه ولحكمة يقصدها , أن يضاعف الوشائج . فبدأها من وشيجة الربوبية {وهي أصل التكوين}  ثم يثني بوشيجة الرحم , فتقوم الأسرة الأولى من ذكر وأنثى ,ومن نفس واحدة وطبيعة واحدة من هذه الأسرة يبث رجالا كثيرا ونساء , كلهم يرجعون ابتداء إلى الربوبية , ثم يرجعون بعدها إلى أصل  الأسرة . التي يقوم عليها نظام المجتمع الإنساني . بعد قيامه على أساس العقيدة .ـــــــ

لكن الذي استرعى انتباهي هو الاهتمام الكبير “بالمادة” التي هي أصل الإنسان التي خُلق منها آدم قبل نفخ الروح فيه..المواد الأولية لها أسماء متعددة  , هي :.

1- الأرض: يقول تعالى: ( إذ أنشأكم من الأرض) والإنشاء شدة الجمالية , وضرب لنا مثلا ونسي خلقه , قال من يحيي العظام وهي رميم , قل يحيها الذي أنشاها أول مرة ..والأرض لا تعني التراب فقط ..

2- التراب: يقول تعالى: (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) في كتب معاني اللغة : التراب: ما نعم من أديم الأرض:التربة: جزء الأرض السطحي الصالح  للنبات,,

3-  الطين:يقول تعالى:(ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين)الطين: التراب المختلط بالماء ..يسمى  الطين: الوحل، منه صنف يسمى طين لازب : هو اللزج أو اللاصق ..

4- الصلصال:قوله تعالى: (خلق الإنسان من صلصال كالفخار) والصلصال : هو الطين اليابس الذي يصنع منه خزفا ..قال الجوهري: الصلصال الطين الحر خلط برمل فصار يتصلصل إذا جف ..

5- الحمأ:(ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون)، جاء في مادة الحمأ يعني الطين الأسود المنتن، أما كلمة مسنون: يعني المصبوب على صورة معينة، وسننت الطين عملته وصببته..

ـــــــــــــــــــــــــ  كيف تعامل الباحثون والمفسرون مع هذا التعدد في المفردات:

اختلف المفسرون والباحثون الذين تطرقوا لآيات خلق الإنسان  في تعاملهم مع هذا التنوع والتعدد

أ ـ منهم من لم يستوقفه هذا التعدد فمر عليه مرور الكرام واكتفى بالإشارة فقط  في معاني الكلمات، مثل ابن كثير وغيره ..فحين يمر بالتصنيف يقول عن ابن عباس أنه قال: هو التراب الرطب…).

ب ـ ومنهم من اعتبر هذه الكلمات مترادفات تفيد نفس المعنى، فلا فرق بين علقة أو من نطفة وجميعها تؤدي نفس المعنى)

ج ـ وفريق ثالث أشار إلى أن هذه المصطلحات على إنها أسماء لعناصر مختلفة.. يقول وهبة الزحيلي ـ (تنوعت عبارات القرآن في مراتب الخلق)، (من تراب) و (من حمأ مسنون) أي طين متغير، أو (من طين لازب) و (من صلصال) خلق أولاً من التراب ثم تحول طيناً ثم حمأ مسنوناً، ثم لازباً ثم كالفخار.. هذه الاختلافات مهدت لتغير الأشكال بين الناس كما نراه اليوم , فهو ليس مخلوق من مادة بذاتها , بل خلق من مواد كلها تعود للأرض فتغير حسب المواد المتغيرة في الأرض …

أما قوله تعالى: (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكورا): هذه الآية تعني الهداية بأنه(أتى عليه حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكورا)، ويستنتج من هذا إن الإنسان حادث،خرج من حالة إلى حالة ثانية , والمادة التي حدث منها لا بد أن تكون حادثة لأنها قبلت (التغير)، والقديم لا يتغير).

{هنا يستوقفني حديث لرسول الله {ص} ” نحن لا يقاس بنا احد” وذلك كون النبي {ص} له امكانية الرد على السلام وهو في قبره ..

خلاصة:… من خلال الآيات نقول أن المادة الترابية التي خلق منها الإنسان مرت بثلاث مراحل هي:

1 ـ المرحلة الطينية:المرحلة الأولى : في سورة  السجدة توضح بداية الخلق كانت من مادة الطين بدأ خلق الإنسان , وهذا الطين يتميز بخاصية اللزوجة (طين لازب) أي يمكن تصويره ..لأنه لين نوعا ما ..

2 ـ المرحلة الحمئية: حما مسنون ..  وهي ثاني المراحل حيث تحول الطين إلى { مادة أخرى } أي يتحول الى طين متغير متعفن { فيه نتونه } يقول أمير المؤمنين {ع} ( يابن آدم أوّلك نطفة مذرة، وآخرك جيفة قذرة، وأنت فيما بين ذلك تحمل العذرة ) معنى كلمة مذره (مَذِرَتِ مَعِدَتُه : خَبُثَت وفَسَدَت) .

3 ـ مرحلة الصلصال: وهي المرحلة الثالثة الأخيرة حيث انتقلت مادة الحمأ المسنون الى مرحلة  صلصال تشبه مادة الفخار وهو الطين الذي تم معالجته بالنار . لذلك الإنسان حين يموت يرجع الى هذه الحالات بصورة عكسية .. بعد أن يموت يتيبس لأنه يعود صلصال ..

ـــــــــــ   ما العلاقة بين عمليتي الخلق والتصوير وهل هي مراحل تطوير المادة الترابية: يقول تعالى: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة أسجدوا لآدم) يقول أيضاً: (إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشراً من طين * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين)ويقول تعالى : ( الذي خلقك فسواك فعدلك * في أي صورة ما شاء ركبك) ..  تشير هذه الآيات أن تكوين الإنسان ,  مر بعمليتين مختلفتين لغاية نفخ الروح فيه هما: عملية الخلق وعملية التصوير أي صوره .لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ترى في أي مرحلة من مراحل المادة الترابية الثلاث (الطين، الحما، الصلصال) كانت عملية التصوير؟ الإجابة على هذا السؤال ليست عملية يسيرة .. نورد ثلاثة احتمالات في بحثنا هذا وهي:

*الاحتمال الأول:الذي يمكن فهمه من قول الله تعالى :(خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ) نعتقد أن عملية الخلق تمت على مادة ترابية مختلفة , ولما استقرت على هيئتها الصلصالية، تمت عملية التصوير وهو الشكل الأخير قد تم نحته  في حالة المادة الصلصالية،..

*الاحتمال الثاني: أن عمليتي الخلق والتصوير، تمتا على المادة الترابية في مرحلة واحدة , خلق وتم تصويره وترك حتى يبس، خلق من خلاصة التراب مع الماء , صار طيناً ثم يبس فصار كالفخار بعد أن سواه الله تعالى على صورة الإنسان المعروفة ثم نفخ فيه الروح)، هذا الاستنساخ يقتضي أن كلمة (خلق) تعني البداية فقط , ولا تعني انها انتهى من خلقه ..

* الاحتمال الثالث:  أن عملية التصوير تمت على المادة الترابية في مرحلتها الثانية (المرحلة الحمئية) وإلى هذا المعنى تشير كلمة (مسنون) والتي تعنى  المصور أو المصبوب على صورة.

نقطة أخرى في خلق السماء : “وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ” (الروم:22)

من الدلالات العلمية للآية الكريمة:

أولا : في قوله –تعالى- :”وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتَِ” (الروم:22).

من أول ما أدرك علماء الفلك من مكونات السماء : مجموعتنا الشمسية , وهي تضم بالإضافة إلى الشمس أحد عشر كوكبا , وتسعة وثمانين قمراً , وآلاف الشهب والنيازك , وكميات من الدخان . وتبلغ المسافة بين الشمس وأقرب كواكبها إليها (هو عطارد) 58 مليون كيلو متراً , بينما يقع أبعد كواكبها وهو كوكب سيدنا (Sedna)على مسافة تقدر بحوالي 13.5 بليون كيلومتراً من الشمس .وشمسنا هي واحدة من مليون مليون نجم تكون مجرتنا المعروفة باسم ” سكة التبانة ” أو ” درب اللبانة ” على هيئة قرص يقدر قطره بحوالي مائة ألف سنة ضوئية..

وقد تخيل الفلكيون في وقت من الأوقات أن مجرتنا هي كل الكون ليفاجئوا باكتشاف ما بين مائتي ألف مليون مجرة وثلاثمائة ألف مليون مجرة في الجزء المدرك من الكون , وبعض هذه المجرات أكبر من مجرتنا كثيرا , وبعضها الآخر أصغر قليلا .ويعتقد الفلكيون ان في الجزء المدرك الذي تام كشفه  من الكون تجمعات أكبر من ذلك .
ــــــــــــــــ اختلاف اللغة :….
تتأثر اللغة – أي لغة – بطبيعة الحضارة السائدة والعرف الاجتماعي , وينعكس في اللغة النمط الحضاري السائد في المجتمع من المجتمعات،وبذلك تتأثر الحضارة باللغة: وتكون أنماطها التعبيرية وقدراتها الإبداعية مكتسبة عبر تاريخ طويل، ومن الميسور التدليل على تأثير الحضارة في اللغة، وحين تقرا اغلب الأسماء القديمة لا تعرف مكانها ولا ماذا تعني ….

 والإتيان بالشواهد الكثيرة تعززه، مثلاً اللغة العربية تزخر بألفاظ تصف الصحراء وحيواناتها ومظاهرها بصفات تختلف عن بلد أخر يرون الصحراء وما فيه من مفردات , تسامحوا أن يسموه بأسماء أخرى , ولكنها تقصد نفس الهدف من الكلمة … اللغة لها تأثيراً خفيًّا في طريقة تفكير الناس وتصوراتهم .. رغم أن اللغة هي من ابتداعهم. { لذلك يتفاعل الناس مع الكلمة ومع نفس الشاعر ومع الحكمة .. رغم إنهم يعرفون الكلمة والمصطلح ولكنهم يتأثرون حين تسبك في جمل تحرك مشاعرهم ..

لذلك يقاس تقدم الأمم وتحضر الشعوب بمقدار اعتزازهم بقدرتهم بالتعبير والتعامل مع نمط الحياة السائد؟ …. ونحن اليوم أدخلنا بموجب الانفتاح كلمات جديدة تختلف من مدينة ومدينة مصطلحات أجنبية في لغتنا العربية .. وهناك عشرات بل مئات الكلمات المتشابهة أو تراثية من المعنى .. ولذلك الآن اللغة العربية في أزمة , حيث أصبح من نسميهم مثقفين , يتكلمون بكلمات انجليزية تماما معبرا عنها عن معنى عربي .. اوك , سوري وعشرات أمثالها ..

قديماً عندما كان العرب هم أصحاب السيادة في العالم القديم، اختلفت طبيعة تأثرهم بتراث الحضارات المعاصرة لهم، الفارسية واليونانية والهندية،فأخذوا منهم بعض أفكارهم، وطرق بحثهم، وبعض أساليبهم في الحياة، وفي تدبير شئون الدولة، وترجموا كثيراً من كتبهم، لكنهم خرّجوا كل هذا بالروح الإسلامية؛ ليخرج نتاجاً آخر فيه من سمات الحضارات الأخرى بقدر ما فيه من الطابع الإسلامي العربي، وحتى لغات هذه الحضارات أثّرت بعض الشيء في اللغة العربية، لكن الدخيل والمعرب من هذه اللغات انصهر في العربية، ودخل في نسيجها، وتأثر بروحها العامة، كما كان تأثير العربية في اللغات المحلية المحيطة بها قويًّا، فهي إما قضت عليها بعد صراع طويل دام قروناً مثلما حدث مع اللغة القبطية في مصر، أو دخلت بألفاظها وتراكيبها في نسيج هذه اللغة مثلما حدث مع اللغة الفارسية، فبرغم أن اللغة الفارسية من عائلة لغوية تختلف عن العائلة التي تنتمي إليها اللغة العربية، فإن أكثر من نصف كلمات اللغة الفارسية ترجع أصولها إلى العربية.

في الوقت نفسه ظهرت صناعات غير معروفة عند العرب , وهذه عرفوها بعد الحملة الفرنسية على مصر كان أول احتكاك حقيقي بين أوروبا والعرب , كانت موازين القوى لصالح أوروبا فظهرت عندنا كلمات جديدة مثل كهرباء , او مولدات او أسلاك … الخ .. ثم جاءت الصناعات ثلاجة وتلفزيون وسيارة  وتالفون , وألان موبايل ومكيف , بل جميع أجهزة التبريد والتدفئة … هذا يعني ان اللغة تغيرت كثيرا بسبب حضارات وتلاقح أفكار … لذلك العرب فشلوا حتى الآن أن يكونوا عنصراً فعَّالاً ومؤثراً في حضارة الآخرين , نعم عرفوا عنا كلمة إرهاب …

تغير اللغات :…. هناك لهجات لقبائل في جزيرة العرب وحولها :وهي أصل العرب … يذكر الأستاذ احمد تيمور باشا في كتابه لهجات العرب عشرون لهجة شرح منها ثماني عشرة لهجة أي قطع الكلام , وهو مشهور في بلاد اليمن كان يقال (يا أبا  الحكا ) ويراد بها ( الحكم ). أو يقال (مكا) ويراد بها ( مكان). العجعجة -وهي أبدال الجيم مكان الياء مثل (راعج ) بدلا من (راعي). العنعنة-أي أبدال العين بهمزة – عن ستصيرها ( إن ستصيرها) وهناك عشرات التغييرات بالحروف زيادة ونقصان , والاستنطاء-وهي جعل العين الساكنة نونا- مثل أنطي بدلا من ( أعطي… وقلب السين تاء فنقول -(النات) بدلا من (الناس).

وجعل الكاف شينا مطلقة -(لبيش )يراد بها ( لبيك).وكلمة ( مشاالله ) ويقصد بها ( ما شاء الله كان).

 مثلا في جنوب البصرة وشمال الخليج لهجة  لا يعرفها وسط وشمال العراق .. حين يتحول الجيم الى راء , مثلا كلمة رجال تنطق . ريال .. والشرجي جوس , بل هناك لهجة يتكلم بها الصيادون صعبة جدا. كل هذه اللهجات التي أوردناها تعتبر من لهجات العرب )) …

المتتبع لهذه اللهجات العربية يدرك تماما مصدر لهجات كل اللغات في العالم ويستطيع بعدها إدراك العديد من الكلمات التي تعود بالأصول إلى العربية أوالى لهجة من لهجاتها ( فتسقط عن هذه اللغة صفة الفصاحة ) وتصبح من أصول عربية غير فصيحة .

ونرى أيضا كيف أن اليهود في المغرب العربي  كانوا يرجعون إلى المعنى العربي في معرض تفسيرهم للتوراة ، لعلمهم سعتها وشموليتها وارتباط العبرية بها بشكل متين . ونرى أيضا التلاحم اللساني بين الفارسية والأردية والعربية ، فلا توجد جملة في هذه الألسن ألا وفيها أكثر من كلمة مشتركة بينها وبين العربية ، ناهيك عن هذا التلاحم موجود بشكل واسع حتى في لغات أوروبا وكذلك التشابه في اللغات اليابانية والكورية .,…. أمثلة :.. كلمة ما النافية ، تلفظ مو في اليابان وكوريا لتعني المعنى المتداول حتى في القران كلمة مكة تحولت فيها الميم إلى باء :مثال مكة – بكه .

    المهم اللغة هي تعبير عن العقل الباطني ألذي استنتج المصطلحات وتتابع عليه الناس وأصبح مألوفا بينهم .. وتداخلت به مصطلحات من لغات أخرى ولا توجد في العالم الآن عائلة لغوية خالصة ..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

{ اخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ } مقدمة للكلام , جاء الإسلام بمبدأ عظيم حيث لم يفرق بين ألوان الناس لأنهم من خلق الله تعالى .. عكس النظريات الشوفينية والديمقراطية المزيفة ..يقول الرسول {ص} “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق” جاء يريح المظلومين من شبح العنصرية المبنية على اختلاف الأديان والأوطان والألوان والألسنة، فيعلن النبي{ص} انه للبشرية جمعاء “إن ربكم واحد ، وإن أباكم واحد ، فلا فضل لعربي على أعجمي ولا أحمر على أسود إلا بالتقوى”  , ويبين  لهم خبر من  السماء “إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ” ثم يعرفهم الأصل الذي ينتمون جميعا “الناس ولد آدم وآدم من تراب”

أعود للآية :.. قال تعالى” وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ” َاخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ” يعني اللغات فهؤلاء بلغة العرب وهؤلاء تتر لهم لغة أخرى وهؤلاء روم  …. الخ ..

اختلاف ألوانهم , جميع أهل الأرض منذ خلق الله آدم{ع} إلى قيام الساعة كل له عينان وحاجبان وأنف وجبين وفم وخدان ولا يشبه واحد منهم الآخر, لا بد أن يفارقه بشيء من السمت أو الهيئة أو الكلام ظاهرا كان أو خفيا ….  يظهر عند التأمل كل وجه منهم أسلوب وهيئة لا تشبه الأخرى ,  ولو توافق جماعة في صفة من جمال أو قبح لابد من فارق بين كل واحد منهم والآخر” إِنّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِلْعَالِمِينَ” . قال القرطبي”وَاخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ” اللسان في الفم؛ وفيه اختلاف اللغات: واختلاف الألوان في الصور: من البياض والسواد والحمرة؛ فلا ترى أحدا إلا تفرق بينه وبين الآخر. ” هذه ليست من فعل النطفة ولا من فعل الأبوين”  فلا بد من فاعل،والفاعل هو الله تعالى؛ فهذا دليل على المدبر الخالق”إِنّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لّلْعَالَمِينَ” العالمين سواء البر والفاجر…

ـــــــــــــ > اختلف علماء اللغة في سبب تعدد اللغات, منهم من قال أن اللغة وضعية (أي: إن كل قوم اتفقوا على وضع لفظ معين ليدل على مدلول معين ) ….. وقال آخرون إن اللغة ربانية ليست وضعية أي أن الله قد ألهم كلَ قوم لغتهم.______ القول الراجح قول من قال (( إن الله قد علم كل قوم لغتهم بطريق الإلهام )) ويشهد لذلك ما يلي:

أولاً: قوله تعالى”وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا” هل كان التعليم هنا باللقاء المباشر ..؟ كما لو جلس التلميذ مع الأستاذ ،الجواب :لا..  وإنما كان {مركوزا بالفطرة } بإذن الله يكون في النفس , بحيث يستطيع ادم أن يطلق الأسماء على المسميات بما أتاه الله من استعداد عقلي ونفسي , ثم انتقل هذا الاستعداد موروثاً من ادم لبنيه ، وذلك ليسهل عليهم كيفية الاستخلاف في الأرض .لان هذا يتطلب كلام وحوار ….

ثانياً: قوله تعالى “وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ” الدلالة في الآية أن الله قرن اختلاف الألسنة واختلاف الألوان , في هذه إشارة إلى القدرة التي  يحكم بها على التغيير والألوان والألسن، فيكون  لون البشرة كامن في الجينات الوراثية , كذلك الاستعداد للنطق والتعبير ..

ثالثاً: قوله تعالى:”إِنّ فِي ذَلِكَ لآيات لّلْعَالَمِينَ”، أي: في خلق السموات والأرض واختلاف الألوان واللغات دلالة على قدرة الله وتفرده بالخلق والإيجاد، ولا يدرك سر تلك الدلالة الباهرة إلا العلماء العالمون بأسرار الخلق، ولو أن اختلاف اللغات راجعاً إلى البيئة أو الاتفاق لما كان ذلك من آيات الله ولما خص سبحانه العلماء بتلك المعرفة .

 ـــــــــ تنقسم لغات العالم في الوقت الحالي إلى عائلات لغوية، كاللغات الأفريقية الآسيوية واللغات الهندية الأوروبية، حيث تحوي كل منها عددًا من اللغات ذوات الأصول المتشابهة. يأتي في مقدمة لغات العالم من حيث عدد المتحدثين اللغة الصينية ,ثم بقية اللغات , العربية والأسبانية والإنجليزية والبنغالية والهندية والبرتغالية والروسية واليابانية على الترتيب، حيث يزيد عدد المتحدثين بهذه اللغات عن المائة مليون نسمة. نظرية علمية قيلت في سبب تعدد اللغات وقبل ذلك …

اختُلف الناس أي  اللغات اقدم او اية اللغات كانت منذ بزوغ فجر البشرية ؟ تثبت الدراسات التاريخية إلى ان اللغة البابلية هي أقدم لغة تكلم بها البشر تعود إلى 3500 قبل الميلاد أي: ما يقرب من خمسة آلاف وخمسمائة سنة في عام 2015وتلك أقدم لغة تكلم بها البشر.

اللغات في العالم كما ذُكر تقارب ال3000 لغة منها ما يزيد عن 100 لغة من اللغات التي يتكلم بها اكثر من مليون شخص والرئيسة منها 17 لغة تقريبا التي يتكلم بها اكثر من 50 مليون شخص ومنها العربية طبعا لا أخوض في تفاصيل أكثر.. 

شاهد الكلام : كانت اللغة واحدة , ثم تعددت وأضحت ثقافة وعرف اجتماعي و سنة ذكرها القران ” ومن آياته اختلاف ألسنتكم وألوانكم”فالآية تشير الى تعدد اللغات ..

ذكر العلماء بأن اللغات نشأت وتنوعت بين البشر.. لأنهم يجوبون في الأرض من اجل العيش , بعد الطوفان فبدأت الهجرات إلى وادي النيل , والى الصين فكان مما حدث إن كان البشر في أماكنهم المتعددة أن يواجهوا أشياء كثيرة تحتاج إلى تسميات , تختلف هذه الأشياء من مكان إلى آخر فاخترعوا بعض الألفاظ ليدلوا بها على تلك الأشياء , فكانت مصطلحا ثم أصبحت لغة ..!  فكانت كثير من اللغات اجتهادا لفئات من البشر اتفقوا على تواضعها وألفوا استعمالها فيما بينهم وكانت لغة التواصل بينهم وهكذا يختلف الحال من مكان إلى آخر بحسب احتياجهم إلى التعبير عن الأشياء , ثم تنوعت , وزادت الهجرات ,ومع تقادم الزمن أضحت اللغات كثيرة متنوعة لهذا السبب , هو السبب لتعدد اللغات ونشأتها..

الحوادث التي غيرت وجه التاريخ البشري :لها سبب في اختلاف الأجناس والألوان ….

من اكبر الحوادث التي غيرت التاريخ البشري , هو الطوفان ..{ ذكرت الكتب السماوية ,القرآن والتوراة حادثة طوفان عظيم حدث لقوم سيدنا نوح {ع} وأدى إلى إغراق جميع البشر عدا القليل منهم ممن نجا على ظهر السفينة التي بناها قبل الطوفان ,لم يقتصر الطوفان في الكتب السماوية , بل هناك آثار مكتوبة والمرسومة للحضارات القديمة, الآشوريون في بلاد الرافدين ذكروا حدوث طوفان عظيم أغرق معظم البشر قديماً, هناك كتابات منقوشة عن ملحمة جلجامش, كما ذكرها الإغريق والرومان والهنود الحمر.

ــــ > مؤخرا ظهرت بدائل للتصنيف(العرقي)، حين تحدث العلماء عن نموذج من الناس من كل جنس. يقولون هناك صنف في جنس معين  لم تظهر فيهم جميع الخصائص التي كانت تُنسب إلى أصولهم .. فجاء منهم جنس هجين اصفر أو اسود .. أو ابيض , أو احمر ..

مثالاً كي نفهَّم الموضوع بتعريفنا للأجناس ..كل صنف وخاصيته ,الخاصية هي  المسؤول عن  لون بشرة الجسم, تسمى  صبغة ” الملانين” ، فالبشرة السوداء تحوي من الملانين مقدارًا يفوق ما تحويه البشرة الفاتحة. وهكذا تختلف الصفراء عن الحمراء والبيضاء … هذه الملانين هي المسؤولة عن صبغة البشرة …هنا بعض البشر لا يفرز جسمه نسبة الملانين بالشكل الكامل مما يؤدي إلى تغييرها في أبناءه ,لذلك يختلف أبناء العائلة الواحدة بسبب مادة الملانين ..{{كل هذا مجرد اجتهاد }}…

 الألوان في الطبيعة : الألوان حالة تكوينية غير مختصة بالناس فقط , كل الخلقة السماوات والأرض والحيوان والشجر له ألوان كما للإنسان ..وهناك ألوان ذكرها القران الكريم …وهي معجزة بحد ذاتها .

معجزة اختلاف الألوان :من المعجزات التي سخرها لنا الله تعالى هي الألوان في الطبيعة , ما هو اللون؟

كل الألوان التي نراها أصلها واحد، { هي عبارة عن ضوء تتأثر به أعيننا، ولكل لون تردد محدد في العين , ورحمته بنا أنه خلق لنا أعيناً لا ترى كل الترددات من حولنا! فقط نرى جزءاً صغيراً منها يسمى {الطيف المرئي}.. وله أطوال يقاس بالنانو … مثلا عندما يسقط الشعاع الضوئي على مادة  معينة تبدو بيضاء، فهذا دليل على أنها تعكس كل الألوان ولا تمتص شيئاً منها،ولكن لو سقطت على مادة سوداء فهذا يعني أنها تمتص كل الألوان ولا تعكس شيئاً منها. أما المادة الحمراء فهي تمتص كل الألوان عدا الأحمر فتعكسه لنا فنراها حمراء وهكذا.

قوله تعالى : حين يتحدث عن المطر : { ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا} كلمة (مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ),الله يريد أن يعطينا إشارة إلى أهمية التفكر في عالم الألوان واختلافها،

كيف ينتج اختلاف الألوان؟ … كل إنسان لديه لون مفضل في نفسه  يتناسب مع اهتزاز خلايا جسده (الرنين الطبيعي للجسد). فقد خلق الله الكون بشكل يتألف فيه أجزاء الذرة تتألف من جسيمات أصغر منها، وجميع هذه المخلوقات الصغيرة تهتز بنظام محكم وعجيب. وقد درس العلماء ظاهرة اختلاف الألوان ودهشوا عندما رأوا هذا التنوع اللا منتهي في عالم النبات والحشرات والحيوان.

نقول إنها قدرة الله تعالى القائل: (وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ) ومن خلال مراقبة العلماء للغطاء النباتي تبين أن النبات لا يمتص الأشعة تحت الحمراء، بل يعكسها، وهذا يساهم في تنظيم درجة حرارة الغلاف الجوي، ولا يزال هذا الأمر لغزاً محيراً لهم.

اللون والأثر النفسي :… مما لاشك فيه أن للألوان تأثيراً نفسياً واضحاً، فكل لون له تردد خاص به، ومن خلال تردده يؤثر على العين، ولذلك عندما نرى لوناً محدداً فإن ترددات هذا اللون تنتقل عبر العين إلى الدماغ وتؤثر على خلايا الدماغ بشكل مختلف عن لون آخر. والألوان لها تأثير على شخصية الإنسان، ويمكن أن تحلل شخصية المرأة أو الرجل من خلال حبه لألوان محددة ومدى تفاعله معها . والحقيقة لا توجد دراسات علمية موثقة حتى الآن حول التأثير النفسي المؤكد على جميع البشر، ولكن هناك ملاحظات يراها الباحثون، ويعتبر التفاعل مع الألوان عملية معقدة جداً لم يتم تفسيرها حتى الآن، ولذلك تعتبر الألوان آية محيرة من آيات الخالق تبارك وتعالى أمرنا أن نتفكر فيها لندرك ونتذكر أن هذا الكون لم يأت عن طريق المصادفة…

ـــــــــــــ   :اللون الأحمر :.. هناك تأثير للون الأحمر حيث يؤدي التعرض لهذا اللون لفترة طويلة إلى زيادة ضغط الدم وأحيانا يؤدي إلى إغماء . وهو يملك تأثيراً على غدد الجسم، وبالتالي ينشط خلايا الجسم ويرفع طاقتها. وإذا قمنا بتخفيف اللون الأحمر ليصبح زهرياً فإن تأثيره سيقل. والذي يتأمل الطبيعة يلاحظ أن الله تعالى اختار ألواناً محددة لنباتات محددة بما يتناسب مع خصائص هذه النباتات.

ــــــــــــــ  اللون الأخضر ..هناك بعض الآراء تؤكد على أن اللون الأخضر مفيد للقلب. ويساعد على التنفس بعمق. وهو لون يساعد على إعادة التوازن لخلايا الجسم. وهذا اللون يدخل على الإنسان السرور والبهجة، ولذلك نجد الأطباء في العمليات الجراحية يرتدون هذا اللون لتخفيف الألم عن مرضاهم، ولمنحهم الإحساس بالبهجة والسرور.

اللون الأسود :..   الأسود  لون سلبي وغير مفيد في العلاج ويقلل النمو. واللون الأسود هو رمز للوقار عند بعض الناس، وهو رمز للحزن عند آخرين، ولكن الإسلام لا يقر بذلك، لأن هذه الألوان هي نعمة من نعم الخالق عز وجل، وجميعها يكمل بعضها بعضاً. ولا يمكن الاستغناء عن أي واحد منها. ولكن الناس تعارفوا على لبس السواد أيام الحزن .. فالذي يفقد عزيز . تتضاءل عنده الألوان , ويكون اللون الأسود مقربا إلى قلبه يدلل فيه انه في حالة حزن وهم …

عن الصدوق {قدسره} قال: ورد البريد بأشخاص الامام  الرضا {ع} إلى خراسان، فدخل المسجد ليودّع جده رسول الله {ص} فودّعه مراراً، يذهب ويرجع إلى القبر ويعلو صوته بالبكاء والنحيب، فتقدّمت إليه وسلّمت عليه فردّ السلام وهنّأته، فقال: «زرني، فإنّي أخرج من جوار جدّي{ص} فأموت في غربة وأدفن في جنب هارون».. وجمع عياله فأمرهم بالبكاء عليه فانه لن يعود إليهم فأقاموا المأتم عليه قبل سفره إلى خراسان…كان ذلك عام 200 هـ وشهادته سنة 203 هـ ،…

أما أخته معصومة{ع} خروجها كان خلف الإمام{ع} خرج معها موكب وقافلة اثنان وعشرون شخصاً من الأخوة وأبنائهم والغلمان , فلما وصل الركب إلى ساوه حوصر من قبل أزلام المأمون فقتلوا من قدروا عليه وشرّد الباقون  وجرحوا هارون أخا الإمام الرضا, ولم يبق مع فاطمة المعصومة غير أخيها هارون وهو جريح فهجموا عليه وقتلوه.. أمامها وهي تستغيث من اجله …

   جرت عليها تلك المصائب وكان ذلك كله بمرأى منها . شاهدت مقتل أخوتها وأبنائهم، ورأت تشرّد من بقي منهم، فماذا سيكون حالها ؟ ولذا مرضت , فسألت عن المسافة بينها وبين قم فقيل لها عشرة فراسخ، فأمرت خادماً لها أن يحملها إلى قم فلما سمع أهل قم بما جرى عليها وعلى أخوتها وعلموا بمقدمها خرجوا لاستقبالها يتقدمهم موسى بن خزرج الأشعري فتشرف بضيافتها، فمكثت في منزله سبعة عشر يوماً ثم ماتت عليها السلام,  في اليوم العاشر من شهر ربيع الثاني.

  يبدو من الروايات التي تتعلق بوفاة السيدة معصومة عليها السلام إنها تعرضت  لهجمة عسكرية شرسة من قبل السلطة العباسية  أثناء قدومها إلى إيران .تقول الرواية إن الإمام الرضا {ع} هو الذي أرسل رسالة يخبرها باشتياقه لرؤيتها , وحنينه أليها , فجاءت إلى إيران بقافلة سفر,معها أخوتها وأبناءهم .. لما وصلت إلى قم , وبعد ما جرى عليها في الطريق .. شاهدت آثار الحزن والسواد على بيوت قم ,والأسواق معطله , فسالت عن السبب ..؟ فتردد المقربون أن يخبروها  بوفاة الإمام الرضا {ع} لأنه تم قتله بالسم من قبل المأمون العباسي .في نفس الوقت الذي هجم فيه الجند على قافلة السيدة معصومة . ففكر موسى بن خزرج الأشعري أن يعزي السيدة المعصومة بموكب عزاء ..  فجاء شيعة قم يلطمون بموكب كما يقوم المعزون هذه الأيام بمواكب حسينية .. وقعت مغشيا عليها .. فارتفعت الأصوات من داخل بيت موسى بن خزرج  .. نساء وأطفال يصرخون .. سكت المعزون ليعرفوا السبب … جاءت النساء لمولاتنا حركوها وإذا بها ميتة  فارقت روحها جسدها الطاهر ….