23 ديسمبر، 2024 4:20 م

مجلس حسيني – أحكام الوقف والأدلة عليها

مجلس حسيني – أحكام الوقف والأدلة عليها

بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ (12يس)
في هذا المجلس المبارك سأتحدث عن أملاك الوقف في الشريعة الإسلامية …….. مقدمة ً ” القران الكريم خطاب مباشر للناس , بمفردات تحتاج إلى دراسة ومعرفة , مرة يخاطب رب العزة الناس بصيغة المفرد . { إني أنا الله } ومرة بصفة الجمع .. ما الفرق بين المفردتين ؟.يقول تعالى :{ولَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ من الذي كتب مع الله؟..ويقول : { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } من هم الذين نزلوا الذكر مع الله ..؟   وفي قول آخر يقول: ” وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون “وحين يتحدث عن الجمع في المفردة : يقول : ووَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَ فِصالُهُ في عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لي وَ لِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصيرُ فرد يقول تعالى هنا جمع ومفرد وفي المفرد القطع : { قل هو الله احد الله الصمد الخ … ويقول :  وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى * إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي* فما الفرق بين  المنطقين …؟  الجواب .. هو حين يذكر الله ذاته المقدسة فيعني انه يتكلم عن ذاته { إني أنا الله – الله نور السماوات والأرض – الله العزيز الحكيم } فكل ذكر مفرد يتحدث الله عن ذاته المقدسة … وحين يتحدث بالجمع عن صفاته في الحكم والتشريع, والإنسان يشترك في تحقيق بعض المواقف مع الله لأنه هو من يقوم بالعمل هنا تأتي المفردة بصيغة الجمع … مثلا : واصنع الفلك بأعيننا * وقوله تعالى : وأوحينا أليهم فعل الخيرات * هنا جاء الإيحاء للائمة والمؤمنين بفعل الخيرات فجاءت الكلمة جمعا , أحيانا الله يضع اسمه المقدس بدلا من الإنسان¸كقوله تعالى : ” إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا ” وقوله ” واعلموا انما غنمتم من شيء فان لله خمسه الخ ” : ****  لعد هذه المقدمة اعود للاية المباركة:{ إنا نحن نحي الموتى} ما معنى الموت ..؟ الجواب .
الموت هو مرحلة  زَوَالُ الْحَيَاةِ عَنْ كُلِّ كَائِنٍ حَيٍّ ، {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} فزَوَالُ الْحَيَاةِ عَنِ الكَائِنِ بشكل طَبِيعِيّا هو المسمى  الْمَوْتُ الطَّبِيعِيُّ,وهذا الموت يختلف عن الموت قَتْلاً ,أو خَنْقاً او من موت الفَجْأَةً ، بسبب الخَوْفُ ، الذُّعْرُ ، الْحُزْنُ,ومرة تطلق كلمة الموت على الجهل والتخلف : يقول الإمام علي {ع}, ” الناس موتى وأهل العلم أحياء ” … ويطلق الموت على من يتعمد الجهل مقابل الإيمان : “أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشىِ بهِ في النَّاسِ” وموت النار بردت وتحولت إلى رماد …
لنقف متأملين هذه الآية الشريفة, ففيها معارف قرآنية عظيمة. { إنا نحن نحي الموتى و نكتب ما قدموا و آثارهم }..  تشير هذه الآية إلى جانبين : الجانب الأول : حين يموت الناس تبعث الحياة فيهم من جديد لينال كل جزاءه…..الجانب الثاني : تشير الآية  لأعمال الخلائق .. كل عمل مسجل , وهذه الأعمال التي يعملها الإنسان في حياته تنقسم إلى قسمين :****القسم الأول : الأعمال التي يقدمها في حياته قبل الموت, وهذا ما أشار إليه المقطع القرآني   { ونكتب ما قدموا }أي تلك الأعمال التي تقدمت قبل موت الإنسان, ما نعمله في حياتنا من خير وشر.
القسم الثاني :….. عبر عنه القرآن بـ{ وأثارهم }فسره علماؤنا – كصاحب الميزان – بالآثار التي يتركها الإنسان بعد حياته, وهذه تنقسم إلى قسمين : الأولى : الأعمال الصالحة كالخير العلم النافع, وبناء المساجد والمشاريع الخيرية , والآثار العلمية التي يستفاد منها بعد موته..والثانية :.. الآثار السيئة كالبدع في الدين التي يخلفها وراءه, ويستمر عليها آخرون بعد وفاته, , أو يؤلف كتب ضلال للصد عن الحق, أو بناء دور للفسق والمعاصي وما شابه ذلك, من أماكن اتخذت لمعصية الله والتطاول على حرماته.{ من سن سنة حسنة فله أجرها واجر من عمل بها الى يوم القيامة , ومن سن سنة سيئة عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة } ….هذه الآية تحذر الإنسان بأن يكون على حذر, ويكون على علم أنه سيبعث مرة أخرى , ليجازى ليس على ما عمله في حياته – من خير أو شر – فحسب, بل الجزاء الإلهي يمتد إلى ما بعد موته في الجانبين خلال ما يتركه من أثار. من هنا حرص البعض أن تكون له آثار دنيوية تمده بالأعمال الصالحة بعد مماته ..***** سبب نزول الآية :.. ورد في جميع كتب التفسير أن بني سلمه كانوا في ناحية من المدينة, فشكوا إلى رسول الله (ص) بعد منازلهم من المسجد والصلاة معه, فنزلت الآية ( وكل شيء أحصيناه في إمام مبين )…ما هو الإمام المبين .؟. رأي الأول : إن الإمام المبين ..هو اللوح المحفوظ, والقمي يعني في كتاب مبين . ينقل عنه الفيض الكاشاني, أن الإمام المبين هو اللوح المحفوظ .يقول الفيض ..وورد في تفسير الميزان ج17  للسيد الطباطبائي ما نصه : المراد بكتابة ما قدموا وآثارهم, ثبتها في صحائف أعمالهم وضبطها فيها, بواسطة الملائكة الكتبة … هذه الكتابة غير كتابة الأعمال وإحصائها في الإمام المبين, الذي هو اللوح المحفوظ .
فيرى السيد الطباطبائي, أن الإمام المبين هو اللوح المحفوظ…
رأي الثاني : هناك اية تقول : ( إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون ) والمطهرين من عباد الله هم يمسّون القرآن الكريم الذي في الكتاب المكنون والمحفوظ من التغير…رأي ثالث : ان الكتاب المكنون هو أم الكتاب وهو قوله : ( يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ) وهو المذكور في قوله : ( وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم ) .فيرى السيد الطباطبائي أن الكتاب المكنون هو أم الكتاب .الرأي الرابع :  الإمام أمير المؤمنين (ع) والأئمة من ولده :ذكر ابن عباس عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال : أنا والله الإمام المبين, أبين الحق من الباطل, ورثته من رسول الله (ص)(تفسير القمي 2 / 212)فعلي (ع) إمام مبين, والإمام المبين هو أم الكتاب .. المبين يعني الواضح بين . بعد هذه التوضيحات نعود للاية المباركة :.  ما معنى كلمة نحيي ..؟ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى إِحْيَاءِ الْمَوْتَى  هو من يقدر عَلَى إِعَادَةِ بَعْثِ الحَيَاةِ فِيهَا .. مثلا إحياء الناس يبعث فيهم الحياة .. وإِحْيَاءُ الأَرْضِ : إِخْصَابُهَا ، جَعْلُهَا صَالِحَةً للزِّرَاعَةِ بعد موتها, وتطلق على اعادة الذكريات الكبيرة لشعب معين  .. مثلا نقول : ” قَامَ الشّعْبُ بإحْيَاءِ ذِكْرَى عِيدِ الاسْتِقْلاَلِ الاحْتِفَاءُ بِذِكْرَى الاسْتِقْلاَلِ.. او ذكرى النصر ..
*********وردت  كلمة وآثارهم :. ما هي الآثار ..؟ التي تكون مكتوبة في الكتاب المبين ..؟ معنى الأثر ينقسم إلى قسمين . .. الأول :.ما موجود على الأرض .. سواء الأقدام على الأرض بالوقوف أو المشي ..  أو البيوت والقصور والأسواق والمزارع والمدن ,  بعد زوال أهلها .وعمل الإنسان قبل موته هذه كلها تسمى آثار .بما فيها الحروب ومخلفاتها ونتائجها …الثاني : الأفكار التي تبقى بعد موت صاحبها كقوله تعالى { إنا فتحنا لك فتحا مبينا } وهناك كلمة للحسين {ع} في رسالته لأخيه محمد بن الحنفية ” من لحق بي استشهد ومن لم يلحقني لم يدرك الفتح”.. والفتح هو بقاء الفكرة وخلودها , الفاتح ليس شرطا ان يكون منتصرا , ولكن خلود فكرته تبقى حية ..
هناك حديث لرسول الله {ص} يقول ” إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا بثلاث .. علم ينتفع به , وصدقة جارية . وولد صالح يدعو له ”  واثنان من هذه الثلاثة تسمى وقف  .. العلم والصدقة الجارية …
ـــ****ـــ** : ما هو الوقف ..؟: كلمة وقف كلمة إسلامية بحته , تحدث بها النبي {ص} في الحديث الشريف المذكور يقول الشافعي عن الوقف: “لم يحبس أهل الجاهليَّة -فيما عَلِمْتُه- دارًا ولا أرضًا، وإنما حبس أهل الإسلام”واستدلَّ الشافعيَّة على مشروعيَّة الوقف بقوله تعالى {لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}ومن السُّنَّة المطهَّرة ما رواه البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنه قال: كان أبو طلحة أكثرُ أنصاريٍّ بالمدينة مالاً من نخل، أحبُّ ماله إليه براحة مستقبلةَ المسجد، وكان النبي{ص} يدخلها ويشرب من ماء فيها طَيِّب، قال أنس: فلمَّا نزلتْ: {لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} قام أبو طلحة، فقال: يا رسول الله، إن الله يقول: {لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وإن هذه الأرض أحبَّ أموالي إليَّ وإنها صدقة لله أرجو بِرَّهَا ذخراً عند الله، فضعها حيث أراك الله. فقال{ص} “بَخْ! ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ”. قال أبو طلحة: أفعلُ ذلك يا رسول الله. فقسَّمها أبو طلحة في أقاربه وفي بني عمه وهذه تعتبر صدقة جارية …..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ*******  مشروعية الوقف عند المسلمين  وأهميته  ..!
تاريخ الوقف وأهميته في الواقع الإسلامي:…., يبدو إن الوقف نهض بوظائف حضارية شملت مختلف جوانب الحياة في المجتمع، كنشر العلم وتركيز المعرفة في المجتمعات الإسلامية بما خصصه من أموال ضخمة لإنشاء المكتبات العامة …، كما أن الوقف تكفل بنفقات طلاب العلم، وأجور الأساتذة  الشيوخ  ..كما ان فكرة الوقف نفسها تقوم على تنمية قطاع  ثالث متميز عن كل من القطاع الخاص، والقطاع الحكومي ، وتحمل هذا القطاع مسؤولية النهوض بمجموعة من الأنشطة هي العلمية التي لا يلتفت إليها التعليم الأكاديمي وبقي على ارتباط مع العلم والتقدم في شتى العلوم … يضاف ما للوقف من مسؤولية إنسانية في رفد العوائل الفقيرة بالمال والمواد العينية … إلى درجة أن بعض الميسورين والأغنياء كانوا يوقفون  أموالهم أوقافًا لوجه الله كي تبقى تلك الأموال موصولة لهم بعد انتقالهم إلى عالم البرزخ ..****** أما  مشروعية الوقف :… ما هو الدليل عليه ..؟ . الجواب أجمع المسلمون على مشروعية الوقف واستحبابه؛ مستدلين على ذلك بما يلي :أـ سيرة المسلمين التي استمرت منذ زمن رسول الله{ص}  إل يومنا هذا، وهي قائمة على وقف الأملاك من العقارات والبساتين والأبنية وغيرها، وقد روي أن أول صدقة موقوفة في الإسلام هي أراضي مخيرق  اليهودي الذي قتل في معركة احد , فعادت أراضيه إلى النبي’، فوقفها النبي’{ص} بأعمال العامة لأنها تدار من قبل الدولة الإسلامية … *****  رواية يذكرها أكثر من خمسين مصدر عن سعد بن عبادة أنه قال: «يا رسول الله٬ إن أُمي ماتت وأريد  ان ابرها بعد موتها , فقال احفر بئرا واسقي الماء ..فحفر بئراً٬ وقال: هذه لأم سعد».. وفي القصة انه سال رسول الله {ص} فأي الصدقة أفضل؟ قال{ص} : ”الماء ” لتنال به الأجر والمثوبة من الله تعالى بعد موتها؛ براً بها وحرصاً على جريان حسناتها٬ فقول النبي{ص} «الماء».لأنه أكثر نفعاً لكثرة حاجة الناس له , بسبب قلة الماء في الصحراء , وشدة الحرارة في البلدان  التي يشح فيها الماء. فحفر سعد رضي الله عنه بئراً٬ وقال سعد: إن هذه البئر صدقة لأم سعد٬ أي سبّلها وأعلنها للملأ٬  وقفا لها لينتفعوا بها٬ ويدعوا  لواقفها وأمه. وكانت سقاية أم سعد معروفة في المدينة٬ وقد انتفع بها خلق كثير. … يقول الشيخ عبد المحسن العباد في شرحه لسنن أبي داود: «سقي الماء من خير أنواع الإحسان؛ وذلك لشدة حاجة الناس إلى الماء٬ وعدم  استغنائهم عنه٬ وهذا الحديث يدل على عظم شأن إنفاق الماء لمن يحتاجه٬ وبذله  في سبيل الله٬ وتسبيله للناس حتى يستفيدوا منه٬..
 **** هناك مسالة في قوله تعالى :{ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون }  الإنفاق هنا يعتبر أمرا نسبيا , فقد يكون في البلد الفلاني شحه ماء  فيكون الماء مما يحبه الناس , ولكن في بلدان أخرى قد يكون طعام  تمرا ودقيقا , فيكون أفضل في صرفها لمن  يستحقها٬…
**** هناك ما هو مستمر لاستمرار الصدقة٬ كبناء المساجد٬ فالناس يستفيدون  من المسجد باستمرار٬ ومثل حفر الآبار ومد الماء منها إلى الناس كي يشربوا  منه٬ فما دام النفع حاصلاً فإن الأجر مستمر ودائم».. وهنا لا بد ان نذكر حقيقة :بعض الميسورين يعملون عزائم وطبخ اللحوم ورمي الرز واللحم في المزابل  دون ان يكون للميت صدقة جارية في وقف معين , يختصرونها بإخراج بعض الأطعمة توزع على الجيران … هذه مهمة جدا … ولا يتذكره احد بعد سنة  إلا نادرا , بينما نرى ممثلات  ومطربات من أوربا ولبنان يبنون مستشفى ومراكز إيواء للأيتام وبناء مدارس للفقراء وهناك منظمات مجتمع مدني تتبرع ببناء دار لإيواء المشردين والعجزة او جريدة يومية تجمع بعض الميسورين وتقدم مقدمات على أهمية بناء مؤسسات خدمية للفقراء …**** في قضية عمل الفواتح والتصدق بعد الفاتحة لمدة أربعين يوما وأكثر ما يمكن ان يعمله بعضنا ان يوزع طعاما لجيرانه ليالي الجمع , ويقيم عزاء لميته في راس سنته وينتهي كل شيْ … هذا صحيح لان التصدق للوالدين باب من أبواب برهما حتى بعد موتهما٬ وهو  من الأعمال التي يصل ثوابها للميت٬ وفيه أن الصدقة من أعمال الأحياء المالية , التي ينتفع بها الميت٬ وفيه الخير والتوسعة للميت٬ خاصة إن كان أباً أو أماً فهما أولى الناس بالبر والإحسان…. وهناك ادلة كثيرة على أن الصدقة تلحق  الوالدين بعد موتهما إذا كانا مسلمين٬ بدون وصية منهما. وفيه دلالة على أن سقي الماء من أعظم القربات عند الله تعالى. وقد قال  بعض التابعين: من كثرت ذنوبه فعليه بسقي الماء. وقد غفر الله ذنوب الذي سقى كلبا ,  فكيف بمن سقى رجلا مؤمنا موحدا وأحياه؟! روي  أن رسول الله{ص} قال: «بينا رجل بطريق٬ اشتد عليه العطش٬ فوجد بئرا فنزل فيها٬ فشرب ثم خرج٬ فإذا كلب يلهث من العطش٬ فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ  مني٬ فنزل البئر فملأ خفه ماء٬ فسقى الكلب٬ فشكر الله له فغفر له. قالوا: يا  رسول الله٬ وإن لنا في البهائم لأجرا؟ فقال: في كل ذات كبد رطبة أجر»*****  وقف الأغوات :… من هم الأغوات, وكيف أصبحت هذه الأوقاف والأموال عائدة لهم ..؟بداية لا بد ان نعرف الأغوات .. أصل كلمة اغا  أعجمية مستعملة في اللغات التركية والكردية والفارسية تطلق على شيوخهم وكبارهم ورؤساءهم وفي الفارسية على رئيس الأسرة . لذلك كثير  من الشيوخ وأصحاب الأراضي يحبون ان تطلق عليهم الكلمة { أغا } ….أما أصل الأغوات الموجودين في مكة الذين تساق الأوقاف أليهم من العراق ومصر والشام واليمن وشمال أفريقيا .. هؤلاء عبيد وخدام , ولكن أطلقت التسمية عليهم للتغطية على موضوع قام به صلاح الدين الأيوبي .. لان كلمة الأغوات أصبحت بديلا عن كلمة { خصيان } الذين يتم خصيهم للخدمة في بيوت الأمراء والحكام والتجار الكبار , وأول من استخدمهم في قصره كما يقول تاريخ الأغوات الى عهد معاوية بن ابي سفيان , فهو أول من وضع نظام الخدمة لهؤلاء الأحباش { كانوا يباعون او يقعون في الأسر وهم أصلا أحباش ..فيستخدمونهم للخدمة وحراثة الأرض وغيرها من أعمال العبيد الشاقة وبدون أجور ..وانتشر هذا الأمر في العهد الأموي ..ثم استخدمهم  معاوية خداما للكعبة المشرفة  .ويقال إن أول من استخدمهم في الكعبة هو يزيد من معاوية , بعد ان وصله خبر اعتداء وقع من خدام الكعبة على الحجاج بسبب امرأة جميلة اعترضها احد الخدم .. فأبدلهم بالخصيان ….يرى الكاتب والمؤرخ رفعت باشا  إن أول من رتب الأغوات بالمسجد الحرام هو ابو جعفر المنصور . وكانوا يسمون الخصيان ولا علاقة لهم بالوقف والأموال والأراضي الإسلامية .وحين يموت احدهم يستبدل بآخر ..أما كلمة أغوات يعود تاريخها الى  زمن الملك صلاح الدين الأيوبي الكردي  فهو أول من اصدر أمرا رئاسيا بتحويل اسمهم من خصيان إلى أغوات ,, وقصة هذا التغيير ان الخصيان كان فيهم قسما من الكبار يقومون بخدمة كبار الشخصيات في الكعبة وفي المسجد النبوي الشريف .وحين زار صلاح الدين الكعبة المشرفة والمدينة المنورة , سال كبيرهم ان يقدم لهم أمرا يحتاجونه فقالوا له : نريد أن تبدل اسمنا , لان العرب تأنف من اسم الخصيان .. والثانية لا يوجد لدينا موردا ثابتا بل نعيش على صدقات وهبات  الحجاج .. فقرر صلاح الدين أمرا أصبح مستحدثا في الإسلام اليوم أن أطلق عليهم اسم الأغوات واعتبر كل ارض لا رب لها عائدة أليهم وحين تظهر أي ارض جديدة تكون بدون رب  فهي لهم ..
ولما جاءت الحركة الوهابية نظمت الأغوات بقانون  وألبستهم زيا موحدا , ومنعت اخصاءهم لأنهم كانوا يتزوجون من أرامل وممن عندها أبناء ليقوموا بخدمتهم , وهكذا بقي منهم عدد قليل الآن ..رغم إنهم لهم زي معين ولكنه ليس كالزي الآن .. فهم  يتميزون بزي معين فقد وصفهم ابن بطوطة في رحلته قائلا ان الأغوات” على هيئات حسان وصور نظافة وملابسهم  .. وكبيرهم يعرف بشيخ الحرم وهو في هيئة الأمراء الكبار ”  وللأغوات مراتب أعلاها رتبة شيخ الأغوات وهو ناظر أوقافهم و المسؤول عن سير أعمالهم ..المهم انتهت تلك الفترة , ولكن بقي القانون الآن تستوفي خزينة المملكة العربية السعودية  جميع الأموال الموقوفة بدون سند ولا دليل شرعي , فيقول وكلاءهم إن هذه الأراضي مملوكة للأغوات  في الكعبة بينما هي جاءت بقرار من صلاح الدين  الأيوبي الذي لا يحق له التشريع والتصرف بأراضي وأموال الناس .. أما في الوقت الحاضر فلا يقبل استقدام أغوات جدد بناء على أوامر سامية وأخر أغا تعين بهذا المنصب كان سنة 1399هـ وعدد الأغوات في الوقت الحاضر أربعة عشر أغا في الحرم المكي واثنا عشر اغا في الحرم المدني الشريف …
الأغوات في ظل العهد السعودي …  في العهد السعودي تم تنظيمهم بقانون لأنهم يقومون بخدمة جليلة في الحرمين الشريفين .في  سنة 1346هـ فلا 90 سنة  صدر مرسوم ملكي “بخصوص أغوات الحرم المكي فهم بأمورهم الخاصة ولا يحق لأحد أن يتدخل في شئونهم “. لأنهم يستجلبون أموالا للخزينة السعودية باسمهم .. ولو تغير اسمهم او تم إقصاءهم يعني ستنتبه الدول لذلك …ــ****ـــــــــــــوفي العصر الأموي حدث تطور كبير في إدارة الأوقاف، فبعد أن كان الواقفون يقومون بأنفسهم على أوقافهم ويشرفون على رعايتها وإدارتها، قامت الدولة الأموية بإنشاء هيئات خاصة للإشراف عليها، وأحدث ديوان مستقل لتسجيلها. وضمها للدولة بعد ان كانت تدار من قبل أهلها ..
ـــــــ وفي عهد العباسيين أصبحت للأوقاف إدارة خاصة مستقلة عن القضاء، يقوم عليها رئيس يسمى “صدر الوقف” فأصبحت الأوقاف تدار من قبل الدولتين الأموية والعباسية , وبهذا تم فرض رأي الدولة على التصرف بأموال الفقراء وهي التي تضعها حيث تشاء … وهذا  له مقدمات سار عليها الأمويون والعباسيون , حيث أول من وضع يده على الأموال لو سلمنا إنها موقوفة هو أبو بكر الخليفة الأول , لان فدك ما كانت تدار من قبل النبي {ص} بل سلمت لفاطمة الزهراء وهي أراضي موقوفة للمسلمين , روى عن أبي سعيد الخدري وغيره أنه لما نزلت على النبي (ص) أعطى فاطمة فدكاً وسلّمه إليها، وهو المروي عن الإمام الباقر والإمام الصادق (عليهما السلام) وهو المشهور بين جميع علماء الشيعة.
وقد ذكر ذلك من علماء السنة عدد كثير بطرق عديدة، فمنها: ما صرَّح في (كنز العمال) والهامش من كتاب (المسند) لأحمد بن حنبل في مسألة صلة الرحم من كتاب (الأخلاق) عن أبي سعيد الخدري قال: لما نزلت: (وآت ذا القربى حقه) قال النبي (ص): يا فاطمة لك فدك…. ومن العلماء الآخرين : رواه الحاكم في تاريخه ورواه السيوطي في الدر المنثور عن عن فلان قال: لما نزلت هذه الآية: (وآت ذا القربى حقه) أقطع رسول الله (ص) فاطمة فدكاً. وذكرها ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح النهج: رواها من طرق مختلفة غير طريق أبي سعيد الذي ذكره صاحب الكتاب: أنه لما نزل قوله تعالى: (وآت ذا القربى حقه) دعا النبي (ص) فاطمة فأعطاها فدك… فيكون أول من غير نظام الأوقاف من الناس يتصرفون به الى الدولة هو أبو بكر ثم الأمويون والعباسيون إلى يومنا هذا …..من هم النخاولة ..؟ وما هي الأراضي التي تدار عندهم ..؟ النخاولة هم مجموعة عشائر في المدينة المنورة يمثلون مجموعة من المجتمع المدني .. “ونخاولة” المدينة المنورة هم مجموعة من سكان المدينة حاملي لقب النخلي … اختلف المحللون في تحديد أصولهم , البعض يرى أنهم ينتمون إلى الأنصار وأنهم شيعة لأن أهل المدينة وما جاورها كانوا في الأصل شيعة , ولكن المماليك والأتراك فرضوا عليهم المذاهب السنية , ولكن النخاولة حافظوا على تشيعهم .. رغم ما تعرضت المدينة من حملات دينية وسياسية ..وقد حكم المدينة حكومات شيعية عبر التاريخ ..منه الأخيضريين الشيعة (من 335 هـ إلى 350 هـ)،خمسة عشر سنة ..والقرامطة (بين 350 هـ و359 هـ) ثم حكم الفاطميون   (من 359 هـ إلى 463 هـ)، لذلك تحمل شيعة المدينة الهجمات المرتدة بعد زوال الدولة الشيعية , كما حدث في العراق بعد زوال حكم الصفويين  وخروجهم من بغداد , جاء على أنقاضهم الدولة العثمانية , التي وضعت يدها على جميع اولاقاف الشيعية ولم تسلم الا بعض المدارس الدينية في النجف وكربلاء والكاظمية وسامراء , وبمرور الزمن تم بناء خانات لاستقبال الزوار .. وكانت تلك الأوقاف غير خاضعة للحكومات , مما يعني ان الاقاف ليس خاضعة  للدولة …وللدليل على ذلك ما ورد عن أمير المؤمنين {ع} : عن الصادق {ع} قال : تصدّق أمير المؤمنين{ع} بدار له في المدينة في بني زُريق وكتب : بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما تصدّق عليّ بن أبي طالب وهو حيّ سويّ ، تصدّق بداره التي في بني زَريق صدقة { لا تباع ولا توهب ولا تورث حتّى يرثها الله الذي يرث السماوات والأرض}  ، وأسكن هذه الدار الصدقة خالاته ما عشن وأعقابهنّ ما عاش أعقابهنّ ، فإذا انقرضوا فهي لذي الحاجة من المسلمين شهد الله … انظر لذي الحاجة من المسلمين ولا تعود للحكومات , وسائل الشيعة 13تهذيب الأحكام 9 من لا يحضره الفقيه 4 الاستبصار 4 : ص98 .
……… السيرة النبوية توجب على المتصدق ان يسلم الوقف لأولي الأمر او وكيله :… فالآيات النازلة توجب ذلك حين اعتراض المنافقون على النبي{ص} ولمزهم في تقسيم الصدقات، (بيَّن تعالى أنه هو الذي قسمها وبين حكمها وتولى أمرها بنفسه، ولم يكل قسمها إلى أحد غيره، فجزأها للمذكورين، وقد اختلف العلماء في الأصناف الثمانية، هل يجب استيعاب الدفع لهم كلهم ان امكن ؟ على قولين: أحدهما أنه يجب ذلك، وهو الشافعي وجماعة، والثاني : أنه لا يجب استيعابها بل يجزي الدفع إلى واحد منها، وهو قول مالك وسعيد بن جبير وغيرهم ……اذكر لك نموذج  لنشأة الوقف مع قيام «دولة المدينة» عقب هجرة الرسول (ص) وإنشاء مسجد قباء، وأقيمت فيه الصلاة صار وقفًا لله تعالى مؤبدًا…. ولذلك الحكام والأمراء والخلفاء شاركوا منذ البدايات في إنشاء الأوقاف , ولكنه من أموال بيت المال، هنا تحولت القضية ان أصبح الوقف تحت ولاية الخليفة , يتم فيه تعيين الفقيه والإمام .. بعدها أصبحت الأمور تتطلب حبس الأموال بكثرة خاصة في زمن الحرب الصليبية , باعتبار البلاد معرضة للخطر , فتبرع الناس بالمال والسلاح والأراضي والبيوت للوقف , وكان يقود تلك الحروب الولاة والخلفاء فأصبح المال والوقف تحت تصرفهم ..تحت عنوان «حبس أرض تابعة لبيت المال لنفع العام»،  ثم توسع لولاة – في ما بعد – في تخصيص ريع الأراضي للفقهاء والخطباء , بعنوان النفع العام لأغراضِ متعددة بعضها للفقراء وأخرى لغاية في نفس يعقوب ..ولكن المذهب الشيعي لم يربط أوقافه التي يتم الدراسة فيها بالحكومات ..ـــــــــ تاريخ سيطرة الدولة على الأوقاف:النظام السياسي في الإسلام اسري هي الحاكمة في الأمة,ولم تعرف الحضارة الإسلامية معنى الدولة الحديثة المسيطرة بقانون للحركة الإعلامية والاقتصادية والأمنية والسياسية كل شيء في المجتمع، ولكن غالبا كانوا يهتمون بالجانب الأمني  … وهناك من  كتبوا عن  تطور الدولة الإسلامية منذ أبي يوسف تلميذ أبي حنيفة في القرن 2 هـ  مرورًا بالماوردي والغزالي ونهاية بابن خلدون وغيرهم  في القرن 9هـ ، إلى الحقبة العثمانية قرن 10هـ إلى قرن 13 هـ ,كانت الأطروحة الحكومية  كل الفترة حماية الدين”بيضة الإسلام ”  الفترة امتدت لاثنتي عشرة قرناً! كلها خوف على الدين من قبل الحكام .في وقت هم قتلوا من المسلمين  أكثر مما قتل أعداء الإسلام …كثيرا ما أَعطى زمام القيادة إلى رجال الدين لحماية الأوقاف والأموال , ولكن بعض العلماء تحولوا الى السلطة السياسية .وشيئًا فشيئًا تمكن العلماء إيجاد مكان مناسب بين المجتمع والقيادة السياسية , هنا وصلت الأمة إلى تداخل في الواجبات فكان السلطان الأيوبي والمملوكي يبتّان في الأمور السياسية والفقهية , وأصبح الفقيه والسياسي حاكمان , هذا شكل فوضى بالدولة حيث انتشرت المحاكم في البلاد وظهر وظيفة “الحاكم” أو “نائب الحكم” أُطلِق في تلك الحقبة على القاضي ونائبه..****** سيطرة الدولة على الأوقاف :..  في موقعة الأهرام سنة 1798م بين المماليك والفرنسيين بقيادة نابليون بونابرت ظهر فكرا سياسيا جديدا في مصر ,حين أطلّ العالم الحديث في قلب العالم الإسلامي , رغم أن الثورة المصرية التي ظلّت متّقدة طيلة الاحتلال الفرنسي لمصر، وأرغمتهم على الرحيل… ثم جاءت فترة محمد علي باشا واليا على مصر 17سنة 1805م .هذا الرجل امتدت فترة حكمه إلى سنة 1848م، فقضى على جميع القوانين الشرعية واحتكر السلطة، فقد سحب السلاح من عامة الناس، وسيطرة على الأزهر، وقضى على طبقة العلماء المؤثّرين، وتحكم في المجتمع بكل مفاصله . وغيره  تغيّرًا جذريًا! وعمل على إحاطة  نفسه بزمرة من المستشارين الغربيين والفرنسيين ..فكانت فترة أدت إلى تضعضع قيمة العلماء من وجهة نظر السُلطة بل وقيمة المجتمع المدني ذاته،والناس دائما مع السُلطة التي احتكرت السلاح،وجنّدت لأول مصر المصريين بصورة نظامية في خدمة السلطة، !**** بحجة التنظيم، أنشأ الباشا في عام 1835م “ديوان للأوقاف” ثم أبطل الديوان وألغاه وسيطر على الأوقاف بصورة رسمية سنة 1837م وذلك بحسب ما تذكره “هيئة الأوقاف المصرية” ..ولما كانت الدولة العثمانية دولة عائلية , فقد سار أولاد محمد علي وأحفاده على سياسته في التعامل مع الأوقاف، حتى إن الشيخ محمد عبده يقرر بعد ذلك بسنوات قليلة، أن ما أبقاه محمد علي من أوقاف الأزهر والأوقاف الأخرى لا يساوي جزءًا من الألف من إيرادها،….النجف الاشرف :.. أشارت بعض المصادر ان نبي الله إبراهيم الخليل (ع) اشترى بانقيا وهي ارض كانت جاء في  في علل الشرائع للشيخ الصدوق 2/585 قال : إن إبراهيم{ع} مر ببانقيا فكان يزلزل بها فبات فأصبح القوم ولم يزلزل بهم، فقالوا : ما هذا وليس حدث، قالوا : نزل هاهنا شيخ ومعه غلام له قال : فأتوه، فقالوا له : يا هذا انه كان يزلزل بنا كل ليلة ولم يزلزل بنا هذه الليلة فبت عندنا، فبات فلم يزلزل بهم، فقالوا : أقم عندنا ونحن نجري عليك ما أحببت قال : لا، ولكن تبيعوني هذا الظهر، ولا يزلزل بكم، فقالوا : فهو لك، قال : لا آخذه إلا بالشراء فقالوا : فخذه ما شئت فاشتراه بسبع نعاج وأربعة أحمرة فلذلك سمي بانقيا لان النعاج بالنبطية نقيا قال : فقال له غلامه : يا خليل الرحمن ما تصنع بهذا الظهر ليس فيه زرع ولا ضرع فقال له اسكت فان الله تعالى يحشر من هذا الظهر سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب يشفع الرجل منهم لكذا وكذا .  ثانياً: روى ان الإمام {ع} اشترى ما بين الخورنق الى الحيرة الى الكوفة ففي فرحة الغري للسيد بن طاووس قال :في فضل الكوفة ..  قال : اشترى أمير المؤمنين {ع} ما بين الخورنق إلى الحيرة إلى الكوفة، وفي حديث آخر بين النجف إلى الحيرة إلى الكوفة، من الدهاقين بأربعين ألف درهم وأشهد على شرائه، قال : فقيل له : يا أمير المؤمنين تشتري بهذا المال وليس ينبت قط ؟ فقال : سمعت من رسول الله (ص) يقول : كوفان يرد أولها على أخرها، يحشر من ظهرها سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب، فاشتهيت أن يحشروا في ملكي …فما دام الملك يرجع إلى إبراهيم والإمام علي (ع) فهم عندما يشترون هذه الأملاك فان المقصود بذلها للمسلمين لذلك عنون الحر العاملي في وسائل الشيعة (استحباب بذل الأرض المملوكة ليدفن فيها المؤمن).أما كربلاء :.. ورد إن الإمام الحسين (ع) اشترى ارض كربلاء بعد وصوله أليها بقيمة ستين ألف درهم من أصحابها سكان الغاضرية ونينوى وكانت مساحتها أربعة أميال في أربعة أميال وتصدق عليهم وقد أكد الإمام الصادق (ع) : حرم الحسين (ع) الذي اشترى أربعة أميال في أربعة أميال فهو حلال لولده ومواليه وحرام على غيرهم ممن خالفهم وفيه البركة .وأقدم مصدر لهذه الرواية هو الكشكول للشيخ البهائي نقلا عن ابن طاووس ومصادر اخرى كثيرة , تؤيد شراء الحسين {ع} لكربلاء ..ـــــــــــ جاءَ في المصادر أن الإمام الحسين (ع) عند نزوله أرض كربلاء نصب خيامه وخيام أنصاره الكرام اجتمع مع أنصاره ثم بعث إلى أهالي القرى المحيطة هي (نينوى – الغاضريات) وهاتان القريتان من اكبر قرى المنطقة ,كانت تسكنها أفخاذ قبيلة بني اسد وبعد مجيء هؤلاء اشترى منهم تلك النواحي المحيطة بقبره الشريف بمبلغ (60) ألف درهم ثم تصدق الإمام (ع) بهذه الأراضي للقبيلة المذكورة وأشترط عليهم ان يرشدوا الى قبره المطهر بعد استشهاده وان يضيفوا زواره الكرام لمدة ثلاثة أيام وبهذا يكون الإمام الحسين (ع) قد أشترى أربعة في أربعة  أميال من ارض كربلاء المقدسة .النووايس كانت مقابر للنصارى الذين سكنوا (كربلاء) قبل الا سلام ، وتقع هذه المقابر شمال غرب (كربلاء) في منطقة الحر الان .. وقد ذكرها الإمام{ع} في خطبته بمكّة حيث قال : (.. كأنّي بأوصالي تقطّعها عسلان الفلوات بين النواويس ‍ وكربلاء..).أما الغاضرية :.. قال ياقوت الحموي : (الغاضريّة .. منسوبة إلى غاضرة من بني أسد، وهي قرية من نواحي الكوفة قريبة من كربلاء.)، وهذا الوصف يدلّ على أنّ الغاضرية أُنشئت بعد انتقال قبيلة بني أسد إلى العراق في صدر الإسلام ، فليست الغاضرية قديمة التأريخ جاهلية . وهي تمتد من شمال كربلاء إلى شمالها الشرقي ،.وكان الإمام الحسين (ع) بعد نزوله كربلاء في أوائل العشرة الأولى من المحرّم سنة 61 ه‍ـ قد اشترى من أهل الغاضريّة ونينوى مساحة كبيرة من الأراضي  في المنطقة الواقعة أطراف مرقده المقدّس ، كانت تبلغ مساحتها من حيث المجموع أربعة أميال في أربعة أميال ، بستين ألف درهم ، ثمّ تصدّق على أهل المنطقة بتلك الأراضي الواسعة بشرط أن يقوم أهلها بإرشاد الزائرين إلى قبره الشريف وأن يقوموا بضيافتهم ثلاثة أيّام ، غير أنهم لم يفوا بهذا الشرط فسقط حقّهم فيها، وبقيت تلك الأراضي المشتراة منهم ملكاً للإمام (ع ) ولولده من بعده كما كان الحال قبل التصدق عليهم بذلك الشرط.وقد ورد ذكر الغاضرية في أدب الطفّ كثيراً، من ذلك هذه الأبيات : أصبحت مستشفى الإسلام وادي كربله …الطبيب احسين شبل عقد الوله … و الطبيب اللي يداوي الناس لو عارض عرض …لابد اينشده اعله علته و لا بد ايجس النبض….وتربة احسين أبو اليمه مرهم الكل المرض…. الدوه مجان عنده و يربح اليقصد إله …. الله خص احسين بثلاثة خصال و شرفه …. جعل من نسله الأيمه و تربته بيها الشفه ويستجاب الدعا الداعي لو كصد كبته ولفه … ويفرج المهموم همه ويحل دوم المشكلة ….الله خص حسين بثلاثة خصال وشرفه …جعل من نسله الائمة وتربته بيها شفه … ويستجاب الدعا الداعي لو كصد كبته ولفه … ويفرج المهموم همه ويحل دوم المشكلة … ولجل ابو اليمة تهلها يا الموالي دمعتك …. ما تروح تياه والرب قدر عليها ملك … يحفظوها للقيامة بوسط قاروره الك .. هاي من الله كرامه لبن حماي الحمه …والملائك يحضروها لدمعتك يوم الحشر … يم علي وحامي الحمية والحسن وامه الطهر … قدروا لهاذه الدمعة اشكثر يترتب اجر … ولعد صاحبها وكرامة اشكثر عد رب السما …مالها يكولون قيمه  ولا ثمنها نقدره …. خذوها لبو اليمه الكطع بجدل خنصرهيحضروها لبو اليمة وحين لدموعك يره …. يكول الجنة وكرامة الك والمغفرة