القسم التاسع
*- نصت المادة (63/ ثانيا/أ) من الدستور ، على أن ( يتمتع عضو مجلس النواب بالحصانة عما يدلي به من آراء في أثناء دورة الإنعقاد ، ولا يتعرض للمقاضاة أمام المحاكم بشأن ذلك ) . ونصت المادة (3) من النظام الداخلي لمجلس النواب لسنة 2007 ، على أن ( تكفل أحكام هذا النظام حرية التعبير عن الرأي والفكر لجميع أعضاء مجلس النواب ، أيا كانت إتجاهاتهم أو إنتماءاتهم السياسية أو الحزبية ، بما لا يتعارض وأحكام الدستور ، وتضمن حرية المعارضة الموضوعية والنقد البناء ، وتحقيق التعاون بين مجلس النواب والمؤسسات الدستورية الأخرى ) . كما نصت المادة (4) من النظام ، على أن ( يلتزم أعضاء مجلس النواب في مناقشاتهم وما يتخذونه من قرارات ، بأحكام الدستور وهذا النظام ) . ونصت المادة (20/أولا) من النظام أيضا ، على أن ( لا يسأل العضو عما يبديه من آراء أو مايورده من وقائع أثناء ممارسة عمله في المجلس ) ، وعليه فإن الحصانة البرلمانية نوع من الحماية السياسية والقانونية التي يمنحها الدستور لنواب الشعب في البرلمان ، حتى يستطيع النائب تأدية مهام منصبه الدستوري ( عضو سلطة تشريعية ) بشكل كامل وبعيد عن تأثير السلطة التنفيذية بالترغيب أو بالترهيب ، وتتحدد حصانة النائب فيما يدلي به من رأي لمصلحة سلطة الشعب ، وليست حصانة رأي النائب بصفته الشخصية ولمصلحته ، وهو ما يطلق عليه ( عدم المسؤولية البرلمانية ) ، التي طغت على آراء النواب وتصرفاتهم وسلوكياتهم ، لوقوعها خارج أطر التمثيل الحقيقي لسطة الشعب بالإنابة ، وتكون الحصانة واجبة وصحيحة ، عندما يكون الرأي في دائرة المناقشات الجارية في الجلسات البرلمانية أثناء دورة الإنعقاد ، ولا تكون كذلك عندما ينبري كل عضو بإفراغ ما بجعبته من آراء خارج جلسات البرلمان أو لجانه ، بحيث أصبح جميع أعضاء مجلس النواب ناطقين ومتحدثين رسميين وغير رسميين ، لجهات معروفة وأخرى مجهولة داخل العراق وخارجه ، فيما لا يمكن قبوله من التصريحات التي يتسارع حماة الأدوار المتبادلة ، إلى إعتبارها من الآراء الشخصية التي لا تمثل رأي الكيان السياسي الذي ينتمي إليه هذا النائب أو ذاك ؟!، وبدون إتخاذ أي إجراء بسيط ضد من يثير في تصريحاته أي من المنغصات ، أو ما يسببه من إثارة غير حميدة في الأوساط الإجتماعية دون التحسب لردود الأفعال السلبية ، وما يجنب الشعب أو يبعده عما لا يصب في مصلحته ولا يسره ولا يعنيه سماعه ، وذلك بالإبتعاد عن لغو الكلام وكثرته وبؤس تكراره وقبح مضمونه ومنهجه ، عندما يفتري ( النائب ) ما لا يصدقه عقل ولا يقبله منطق ، بتأييده جرائم القتل المنظم وغير المنظم للحكومة والميليشيات والدفاع عنهما ، وتجاهل حقوق المقتولين وتحميلهم مسؤولية قتل أنفسهم ؟!، مع إتباع عناصر الفصل والتمييز بين المقتولين على أساس طائفي ومذهبي وإن كانت الأسباب والنتائج متماثلة ، والأبشع من ذلك وعيد المتظاهرين والمعتصمين بالقتل واتهامهم بالإرهاب إن لم يعدلوا عن موقفهم المعارض للسلطة ؟!، وتلك هي الأحداث والمواقف ظاهرة للعيان ، ولا تحتاج إلى دليل أو برهان على صحة خرقها وتجاوزها لكل عرف وأخلاق ، وفي بعضها حقوق الحيوان لا الإنسان ؟!.
*- ونصت المادة (63/ ثانيا/ب) من الدستور ، على أن ( لا يجوز إلقاء القبض على العضو خلال مدة الفصل التشريعي ، إلا إذا كان متهما بجناية ، وبموافقة الأعضاء بالأغلبية المطلقة على رفع الحصانة عنه ، أو إذا ضبط متلبسا بالجرم المشهود في جناية ) . كما جاءت المادة (20/ثانيا) من النظام بالنص الحرفي للنص الدستوري على ذلك .
يبدو أن الجنحة في أدبيات الدستور والنظام غير كافية أو موجبة لإلقاء القبض على النائب ( قدس سره ) ، وبذلك نطالب بأن يكون الإتهام أو التلبس بالجرم المشهود في جنحة أو جناية وليس في جناية فقط ، وكذلك فيما يتعلق بالحالة الواقعة خارج مدة الفصل التشريعي ، حسب نص المادة (63/ثانيا/ج) من الدستور ، القاضية بأن ( لا يجوز إلقاء القبض على العضو خارج مدة الفصل التشريعي ، إلا إذا كان متهما بجناية ، وبموافقة رئيس مجلس النواب على رفع الحصانة عنه ، أو إذا ضبط متلبسا بالجرم المشهود في جناية ) . وكذلك نص المادة (20/ ثالثا) من النظام ، ذات النص المتطابق حرفيا مع نص الدستور ، وأعرف أن تطبيق ذلك يتوقف على تعديل الدستور ، إلا أن موجبات تشخيص مواضع الخلل التشريعي تستلزم ذلك ، لعدم إمكانية إستمرار دوام النائب في المجلس ، وهو سجين أو حبيس بموجب قرار قضائي لمدة تقل عن خمس سنوات ؟!، ولوجوب تحلي عضو مجلس النواب بأعلى درجات الإنضباط والإلتزام الأخلاقي والسلوكي ، الذي تفرضه عليه هيبة عضويته النيابية في السلطة التشريعية ومركزه في الوسط السياسي والإجتماعي العام ، وعلى أن لا يكون الإتهام عن طريق المخبر السري أو عن طرق الإتهامات والوشايات الكيدية الأخرى ، أو أن يكون التلبس بالجرم المشهود بسبب مصطنع مستند إلى ردة الفعل المقابل لإجراءات المداهمة الأمنية الموجبة للدفاع عن النفس ، أما موضوع رفع الحصانة عن النائب المتهم وليس المتلبس ، فلم نرى تنفيذها إلا في صفوف صنف المعارضين للحكومة فقط ؟!. ثم لماذا تكون موافقة الأعضاء بالأغلبية المطلقة سبيلا للتنفيذ ، ولا تكون لحكم القانون الأعلى مرتبة من تصويت النواب ، بمعنى لماذا لا يكون رفع الحصانة بموجب القانون إن إكتملت عناصر الإتهام ، بقرار من محكمة قضائية رسمية مختصة وأمر نيابي كاشف من رئيس مجلس النواب ، ينشر في الجريدة الرسمية وفي وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقرؤة .