القسم الثامن
قرأت في صفحة موقع مجلس النواب ، التصريح المؤرخ في 30/9/2018 للسيد ( النائب الاول لرئيس مجلس النواب : على اللجنة القانونية تقديم ملاحظاتها بشأن النظام الداخلي للمجلس خلال 15 يوم ) ، وعليه ولاحقا لما عرضته بشأن الإستفادة مما أنشره على صفحات كتابات الغراء ، أود عطف نظر السيد النائب لذلك الموضوع وغيره ، خدمة للصالح العام .
*- نصت المادة (1/أولا/6) من قانون الإستبدال رقم (6) لسنة 2006 المعدل ، بأن تنتهي العضوية في مجلس النواب عند ( الإصابة بمرض عضال أو عوق أو عجز يمنعه من أداء مهامه في المجلس ، مشفوعا ذلك بقرار من لجنة طبية مختصة ، على أن لا تتجاوز مجموع إجازاته المرضية ( ثلاثة أشهر ) خلال فصلين تشريعيين متتاليين ، وفي حالة تجاوزه يحال على التقاعد ، وللمجلس الحق في إستئناف قرارات اللجنة الطبية ) . ولغرض الإيضاح فإن عضو مجلس النواب ، يخضع إلى قواعد وأنظمة الخدمة الخاصة فيما يتعلق بمنحه الإجازة المرضية ، فهو ليس من الموظفين بعد إنتخابه ، لقطع علاقته بالدائرة بالإستقالة أو بالتفرغ ، وبذلك فإنه لا يكتسب الإجازة عن مدة خدمته في عضوية مجلس النواب ، وإنما يمنح الإجازة المرضية بموجب تقرير طبي صادر من جهة صحية مختصة ، وتأكيدا لذلك فقد نص البند (ثانيا) من المادة (17) من النظام الداخلي لمجلس النواب ، على أن ( للعضو التمتع بالإجازة المرضية الممنوحة له أصوليا ، وتقدر هيأة الرئاسة حالات الولادة ) ، وعليه فإن لعضو مجلس النواب التمتع بالإجازة المرضية الممنوحة له بموجب تقرير طبي مستوف للشروط القانونية المطلوبة ، إلا إنه لم يحدد المدة التي يجوز له التمتع بها في كل مرة كحد أعلى ، أو على مجموع مدد الإجازات المرضية التي يمكن له التمتع بها خلال مدة الدورة الإنتخابية البالغة أربع سنوات ، كما إن عبارة ( وتقدر هيأة الرئاسة حالات الولادة ) ، يقصد بها منح الإجازة الخاصة بالحمل والولادة لعضوات المجلس ، وهي ليست من إختصاص هيأة رئاسة السلطة التشريعية ولا تخضع لتقديرها ، وإنما هي من إختصاص جهات صحية رسمية مختصة ومسؤولة عن تحديد مدة الإجازة وتأريخ بدء التمتع بها ، مما يستوجب إعادة النظر في صياغة النص بما يتلاءم ومتطلبات تلك الحالة .
وعليه نجد وجوب الفصل بين منح الإجازة المرضية للحالات المرضية الشائعة ، وتلك الممنوحة بسبب الإصابة بمرض عضال أو عوق أو عجز مانع من أداء مهام وواجبات السلطة التشريعية ، لأن عدم الفصل بينهما هو السبب في عدم وضوح تمتع النواب بمدد إجازات مرضية مفتوحة وغير مقيدة بحدود الحاجة المرضية الفعلية ، وما نراه من عدم حضور بعض النواب لعديد الجلسات ناتج عن ذلك النقص التشريعي المطلوب توفره ؟!، لأن عدم تجاوز ( مجموع إجازاته المرضية – ثلاثة أشهر- خلال فصلين تشريعيين متتاليين ) ، تعني عدم تجاوز مجموع الإجازات المرضية التي يتمتع بها العضو على (90) يوما خلال السنة الواحدة ، بسبب الإصابة بمرض عضال أو عوق أو عجز يمنعه من أداء مهامه في المجلس ، بإستثناء الإجازات المرضية الممنوحة عن الإصابة بالأمراض البسيطة التي تحتاج إلى الراحة والنقاهة خلال مدة المعالجة .
*- ونصت المادة (1/أولا/7) من القانون المذكور ، على ( إقالة العضو لتجاوز غياباته بدون عذر مشروع ، لأكثر من ثلث جلسات المجلس من الفصل التشريعي الواحد ) . ولغرض تحديد عدد جلسات المجلس خلال الفصل التشريعي الواحد ، ثم تحديد عدد ثلث تلك الجلسات ، لا بد من الإستناد إلى نص المادة (22/ثالثا) من النظام ، حيث ( تنعقد جلسات المجلس على الأقل يومين في الأسبوع ، ولهيأة الرئاسة تمديدها أو تحديدها حسب الضرورة ) ، مما يعني وبالقياس العام ، إنعقاد المجلس بمقدار (32) جلسة في الفصل التشريعي البالغة مدته (4) أربعة أشهر ، وإن غياب العضو بدون عذر مشروع عن حضور (11) أحد عشر جلسة كحد أدنى ، سيكون سببا كافيا لإقالته من عضوية مجلس النواب ، ولكن هل ستتم الإقالة بقرار هيأة الرئاسة المباشر ، أم إن القرار سيخضع لتصويت الأغلبية المطلقة من عدد النواب ؟، وهل تم تطبيق أحكام المادة (18) من النظام ، بأن ( أولا- ينشر الحضور والغياب في نشرة المجلس الإعتيادية وإحدى الصحف ) ، و ( ثانيا- لهيأة الرئاسة في حالة تكرار الغياب من دون عذر مشروع خمس مرات متتالية أو عشر مرات غير متتالية خلال الدورة السنوية ، أن توجه تنبيها خطيا إلى العضو الغائب تدعوه إلى الإلتزام بالحضور ، وفي حالة عدم إمتثاله لهيأة الرئاسة ، يعرض الموضوع على المجلس بناء على طلب الهيأة ) ، وذلك ما يستلزم تصحيح مسار الآليات المذكورة ، بما ينسجم وتحديد مدة الغياب في المرات الخمس المتتالية أو العشر مرات غير المتتالية خلال الدورة السنوية البالغة مدتها ثمانية أشهر ، مع تحديد المقصود من معنى المرات المتتالية وغير المتتالية وكيفية احتسابها أو الفصل بينها ، فيما لو غاب العضو لثلاث مرات متتالية وسبعة مرات غير متتالية ، إذا لم يكن المقصود بالمرة معنى الجلسة الواحدة ، بالإضافة إلى تحديد الحد الأعلى المسموح به لمدة الغياب بالعذر وبدونه لغرض إقالة عضو المجلس ، لعدم جواز التعامل مع عضو السلطة التشريعية بصيغ المرونة والتراخي وبما لا يتلائم ولا يتناسب ولا ينسجم مع حجم ونوعية مسؤوليته العليا في الدولة ، ولربما يكون الإطلاع مثلا على قرار المحكمة الإتحادية المرقم (69/اتحادية /اعلام /2017 ) في 26/2/2018 ، القاضي بإلغاء قرار مجلس النواب الخاص بإلغاء عضوية النائب ( م . م .ج . ط ) لتجاوز غياباته بدون عذر مشروع للحد المقرر ، للتعرف على تفاصيل التعامل مع هذه الحالة ، كونه جاء مخالفا لأحكام الدستور والقانون حسب قرار المحكمة . و ( ثالثا- تستقطع من مكافأة عضو مجلس النواب في حالة غيابه نسبة معينة يحددها المجلس ) ، وذلك ما لم يعلن عن تنفيذه ، مما يتوجب تحديد تلك النسبة بما لا يقل عن ضعف ناتج قسمة ما يتقاضاه النائب شهريا على الحد الأدنى لعدد الجلسات الشهرية البالغة (8) ثمان جلسات ، لما قد يترتب على غياب العضو من تعطيل عمل مجلس النواب ، بسبب عدم إكتمال النصاب لإنعقاد الجلسة ، أو التأثير على إتخاذ القرار بالسلب أو بالإيجاب عند التصويت ، ولعل من غريب النصوص أن ( لا تعتبر فترة الإيفاد من قبل مجلس النواب غيابا للعضو ) ، حسبما جاء بالمادة (17/ثالثا) من النظام ، التي لا ينبغي الإشارة إليها بذلك الوصف غير المهني ولا الإداري الصحيح أو السليم ؟!، لأن مدة الإيفاد الرسمي داخل أو خارج العراق من الحالات المرافقة لحركة مدة الخدمة الفعلية ، وتعلقها بأداء المهام والواجبات الرسمية للتشكيل الإداري على مستوى سلطات الدولة الثلاث أو الدوائر الحكومية .
إن الإجازات الإعتيادية والمرضية والغياب والعطلات من الحالات المستنفدة لمدة الدورة الإنتخابية البالغة (4) أربع سنوات تقويمية حسب نص المادة (56/أولا) من الدستور ، كما نصت المادة (58/ثانيا) منه ، على أن ( يتم تمديد الفصل التشريعي لدورة إنعقاد مجلس النواب بما لا يزيد على ثلاثين يوما ، لإنجاز المهمات التي تستدعي ذلك ، بناء على طلب من رئيس الجمهورية ، أو رئيس مجلس الوزراء ، أو رئيس مجلس النواب ، أو خمسين عضوا من أعضاء المجلس ) ، وعليه نصت المادة (22) من النظام ، على أن ( أولا- لمجلس النواب دورة إنعقاد سنوية ، بفصلين تشريعيين أمدهما ثمانية أشهر ، يبدأ أولهما في (1) آذار وينتهي في (30) حزيران من كل سنة ، ويبدأ ثانيهما في (1) أيلول وينتهي في (31) كانون الأول ) و ( ثانيا- لا ينتهي الفصل التشريعي الذي عرضت فيه الموازنة العامة للدولة ، إلا بعد الموافقة عليها ) و ( ثالثا- تنعقد جلسات المجلس على الأقل يومين في الأسبوع ، ولهيأة الرئاسة تمديدها أو تحديدها حسب الضرورة) . وعليه يتضح بأن هنالك عطلتان نيابيتان أمدهما أربعة أشهر في السنة ، وبمعدل شهران بعد نهاية كل فصل تشريعي ، تبدأ الأولى منهما في 1/1 وتنتهي في 28 أو 29/ 2 من كل سنة ، وتبدأ الثانية منهما في 1/7 وتنتهي في 31/8 من كل سنة ، وبما يشكل مجموع مددهما (16) ستة عشر شهرا خلال مدة الدورة الإنتخابية البالغة (4) أربع سنوات ، بمعنى أن (1/3) ثلث مدة الدورة الإنتخابية هو عطلة نيابية ؟!، ناهيك عن عدد أيام العطل الرسمية التي تستنزف أكثر من شهرين على الأقل في كل سنة من دوام النواب ، وتلك (8) ثمانية أشهر إضافية ، لتصبح مدة الدورة الإنتخابية سنتان فقط ( عدا التمتع بمدد الإجازات الإعتيادية والمرضية ) ، التي تجعل مدة العمل للملتزم من النواب بما يزيد على السنة والنصف بقليل ، وإنعدامها بالنسبة لرؤساء الكتل حسب الإتفاق المبرم فيما بينهم من غير سند قانوني . وعليه لم تجد لعلاوي وللمالكي وأمثالهما حضورا في أهم جلسات المجلس ؟!، ولعل مما تجدر الإشارة إليه ، هو تغيير تأريخ بدء التمتع بمدد العطل النيابية ، مع إن النصوص وطبيعة العمل لا تجيزان ذلك ، وإن حصل ذلك بسبب إضافة المدد المقابلة لمدد الإشتغال خارج مدة الفصل التشريعي ، مع إن ذلك مما يبذل في سبيل إنجاز المهمات التي تستدعي ذلك ، نتيجة عدم القيام بأداء الواجبات المطلوبة بشكل صحيح وسليم في حينه ؟!.
إن طبيعة العمل في مجلس النواب ، تتطلب تفرغ العضو للعمل فيه بشكل كامل ، حيث ( لا يجوز الجمع بين عضوية مجلس النواب وأي عمل أو منصب رسمي آخر ) ، وبذلك فإن النائب يتمتع بالإجازات الإعتيادية على وفق ما نصت عليه المادة (17/أولا) من النظام الداخلي ، في أن ( للرئيس منح العضو ، إجازة إعتيادية مدة لا تزيد على (15) يوما خلال كل دورة سنوية للمجلس ) ، أي تمتعه بتلك المدة في كل سنة ، وبما مجموعه (60) يوما خلال مدة الدورة الإنتخابية ، وهي خاضعة لأحكام نظام خاص ، تختلف أحكامه كليا عن تلك التي تنظم تمتع منتسبو دوائر الدولة بها ، وبذلك لا تدور الإجازات الممنوحة لعضو مجلس النواب عن مدة خدمته فيه ، لعدم وجود النص القانوني الخاص بإكتسابها ، ولاختلاف الأحكام المنظمة للتمتع بها . وأزاء كل ما تقدم من مدة عمل أعضاء المجلس البالغة أقل من نصف مدة الدورة الإنتخابية نتسائل ؟، هل تتناسب كل تلك الحقوق المبالغ فيها من مقادير المكافآت والمخصصات الشهرية والإمتيازات المادية والمعنوية الممنوحة خلال مدة الخدمة النيابية تلك وما بعدها ؟!. أوليس بعد الحق إلا الضلال وبعد الحلال إلا السحت الحرام ؟!.