23 ديسمبر، 2024 3:36 ص

مجلس النواب ليس جسرا لتحقيق مصالح حزبية وشخصية ؟!

مجلس النواب ليس جسرا لتحقيق مصالح حزبية وشخصية ؟!

القسم الثاني
صدر قانون إنتخابات مجلس النواب رقم (45) في 25/11/2013 ، من غير أن يتضمن الإشارة إلى إلغاء أو تعديل أي نص تشريعي يختص بإستبدال أعضاء مجلس النواب ، لمعالجة بعض حالات الخلل المستجدة ، مما يعني بقاء الحال على ما هو عليه دون تعديل ، وذلك جل ما يسعى إليه أعضاء مجلس النواب الدائميون ، وإن جرت الإنتخابات وتكررت وتعددت ، لأن المهم والأهم أن تبقى العملية السياسية بعد الإحتلال ، بنفس ذات الوجوه الكالحة التي تزداد عددا في كل دورة ، أعضاء ورؤساء للسلطات الثلاث بالتناوب ، على وفق مبدأ دوام التبادل السلمي للكراسي ، وذلك أسوء ما في الدستور من مساوئ ، حين جعل ترشيح وتنصيب رؤساء السلطتين التشريعية والتنفيذية وذو مراكز ومواقع السلطة وإتخاذ القرار ، من إختصاص الأحزاب بذريعة خضوع العراق لنظام الحكم البرلماني ؟!، والشعب ينظر لتدوير نفايات عناصر الفشل والفساد في كل دورة إنتخابية مشكوك بنزاهتها من غير خجل أو حياء ؟!. وفي فرية أخرى وتحقيقا لمصالح شخصية أو نكاية حزبية أو إجراءات كيدية سياسية ، يتنكر بعض النواب لقوائمهم الإنتخابية الأصلية التي فازوا بالمقعد الإنتخابي في ظلها ، بالإنتقال إلى كيانات أخرى لتشكيل الكتلة النيابية الأكثر عددا ، للحصول على ما لم يستطيعوا الظفر به من خلال قوائمهم الإنتخابية الأصلية ، مثلما تم في موضوع إنتخاب رئيس مجلس النواب للدورة الإنتخابية 2018-2020 ، وبدلا من سحب عضويته وطرده من مجلس النواب ، لتلاعبه بالنتائج الإنتخابية المعتمدة بنية عدم تحقيق أهدافها المبتغاة بأصوات الناخبين ؟!. الذين لم ينتخبوه لو كان منذ الترشيح مع القائمة التي إنتقل أو إنضم إليها بعد فوزه بالإنتخابات السليمة أو المزورة ، بدواعي مصلحية شخصية وسياسية ، لا تمت بصلة إلى مصالح الشعب والوطن ؟!. بسبب القصور التشريعي الذي أصاب الدستور في عدم النص على مساءلة ومحاسبة النائب في حالة الحنث باليمين الدستوري أو إنتهاك الدستور أو الخيانة العظمى ، مثلما نص على ذلك في المادة (61/سادسا) منه فيما يخص رئيس الجمهورية ، أما النظام الداخلي لمجلس النواب ، فقد أحاط أعضاءه بعناية وعصمة إلهية وحصانة لا سابق لها ، بإعتبارهم مصانين غير مسؤولين ، لضعف الإجراءات المتخذة بحق المخالف منهم ، والتي لا ترقى إلى توجيه وردع طفل في رياض الأطفال ، حيث نصت المادة (51) من الدستور ، على أن ( يضع مجلس النواب نظاما داخليا له ، لتنظيم سير العمل فيه ) . وخلافا لكل القواعد والصيغ والآليات المعتمدة في إصدار التشريعات ، صدر النظام الداخلي لمجلس النواب من غير رقم وبدون تأريخ إصدار(1) ، ولا منطوق سند إلى أحكام المادة موضوعة البحث ، هكذا كانت البداية إنطلاقا من الفصل الأول / أحكام عامة / المادة (1) … ، وإنتهاء بالمادة (152) التي حددت البدء بالعمل به من تأريخ إقراره ( المجهول ) من قبل مجلس النواب ، وبدون تثبيت إسم رئيس المجلس الذي صدر النظام الداخلي في عهده ، بإعتبار أن ذلك من إختصاصات مجلس النواب .

ولعل أغرب ما نص عليه النظام هو أن ( يعاد النظر بهذا النظام ، وتغير المواد التي تتعارض مع الدستور ، بعد إجراء التعديلات والمصادقة عليها ) حسب نص المادة (150) منه ، ولا ندري كيف يمكن للمشرع أن يدون في النظام الداخلي للسلطة التشريعية ، موادا تتعارض أحكامها مع الدستور؟!، قبل إعادة النظر فيها وتغييرها بالتعديل أو بالتبديل المطلوب قبل الإصدار والنشر في الجريدة الرسمية ، كما إن التعديل أو التبديل بعد صدور أي تشريع من موجبات الضرورات التشريعية اللازمة والمنسجمة مع وقائع المستجدات ، ليس لأن مواد النظام تتعارض أو تخالف أحكام الدستور فقط ؟!، وإنما لمواكبة التشريع لما ينبغي إتخاذه من إجراءات صحيحة وسليمة ، مع كل ما يعنيه النص الوارد في المادة المذكورة من مخالفة دستورية وقانونية ، تستوجب إستدعاء تطبيق نص المادة (148) منه بأسرع ما يمكن من الوقت ، ولكن على غير هدى ما جاء فيها من أن ( يجوز إجراء تعديلات على هذا النظام بناء على إقتراح هيأة الرئاسة أو خمسين عضوا من أعضاء المجلس وبموافقة أغلبية عدد الأعضاء ) ، لما في نص المادة (150) من إقرار لا مثيل له في تأريخ المخالفات الدستورية ، من قبل سلطة تشريعية لا تدرك مدى خطورة الإستخفاف بالتشريعات ، ولا تقيم وزنا لإنتهاك الحرمات الدستورية ، حين تشرع نظاما داخليا تتعارض أحكام مواده مع الدستور ، وتتماهل في تعديله ، بل وتعرقل تعديله بشروط إجراء التعديلات بناء على إقتراح هيأة الرئاسة أو خمسين عضوا من أعضاء المجلس وبموافقة أغلبية عدد الأعضاء ، التي لم نلمس منها شيئا على مدى أحد عشر سنة عدة وعددا ولحد الآن ؟!.

لقد سبق لنا التعرض لبعض ما تضمنه هذا النظام من مخالفات إدارية في كتابينا الإجازات المرضية والإجازات الاعتيادية الصادرين سنة 2009 ، فيما يخص إستحقاقات عضو المجلس الوطني من كل منهما ، وكانت إشارتنا تنبيها إلى ضرورة تعديله في حينه وقد مضى على صدوره سنتان ، ولكثرة ما فيه من الأخطاء التي تقتضي الإسراع في الإصلاح ، ولا تتحمل البطء أو التأخير في إجراء التعديل ، إلا أن ذلك لم يلق الآذان الصاغية ، حين لا رأي لمن لا يطاع ، وفي أدناه بعض أمثلة نصوص مواده ، لتأكيد ضعف الدستور والقانون والنظام الداخلي في ردع المتجاوزين على ( وجوب المحافظة على إحترام المؤسسات الدستورية للدولة وهيبتها وإحترام مجلس النواب ورئاسته وأعضائه ، ولا يأتي بأمر مخل بالنظام والوقار الواجب في الجلسة ) حسب نص المادة (43) من النظام ، وإن خلا النص من إحترام إرادة الشعب الذي هو مصدر السلطات وكما يأتي :-

المادة-3- تكفل أحكام هذا النظام حرية التعبير عن الرأي والفكر لجميع أعضاء مجلس النواب ، أيا كانت إتجاهاتهم أو إنتماءاتهم السياسية أو الحزبية بما لا يتعارض وأحكام الدستور ، وتضمن حرية المعارضة الموضوعية والنقد البناء ، وتحقيق التعاون بين مجلس النواب والمؤسسات الدستورية الأخرى .

*- لا أعتقد وغيري ، أن حرية التعبير عن الرأي والفكر لجميع أعضاء مجلس النواب ، تعني التجاوز على تأريخ العراق والإساءة إليه بأسلوب مذهبي وطائفي خبيث ، مثلما أدلى به ( النائب عمار طعمة ) في أولى جلسات المجلس الجديد دون مساءلة وعقاب ؟!.

المادة-4- يلتزم أعضاء مجلس النواب في مناقشاتهم وما يتخذونه من قرارات ، بأحكام الدستور وهذا النظام .

*- الإلتزام هو وجوب الوقوف عند حدود معينة ، ومنه التعهد بعدم تجاوز المبادئ والدفاع عنها في ظل صراع الأفكار ، والوفاء بأداء الواجبات والتعهدات ، والإمتناع عن القيام بأي عمل لا يتفق مع تلك الإلتزامات التي حددتها التقاليد والأعراف الإجتماعية وكريم الأخلاق وعظيمها ، قبل الدستور وهذا النظام الذي يحتكم إليه النواب في تنفيذ رؤيتهم الإصلاحية ، التي شابها الكثير من الشك والتشكيك في النوايا والمقاصد السياسية ، ومنها ما إتخذه أعضاء المجلس ( المعتصمين ) داخل مبنى مجلس النواب بتارخ 12/4/2016 ، احتجاجا على تأخر إجراءات التغيير الواهن والوهمي وللأسف الشديد ؟!.