تناقلت مواقع التواصل الأجتماعي صورة شاب ألقى بنفسه في دجلة, بسبب الظروف المعيشية الصعبة, وعدم القدرة على توفير لقمة العيش لأسرته, فخلع نعليه المهترئة التي ترك الفقر آثاره عليها, وألقى بنفسه في الماء, بينما يسعى مجموعة شباب لعرض أعضاء من أجسامهم, للبيع وفق أسعار محددة, تلائم أسعار التعيينات في العراق, من أجل الحصول على تعيين, لأن فرص العمل في العراق متاحة للحزب الحاكم فقط.
مراكب الموت تغص بالمهاجرين, والطاقات العراقية تتزاحم على الهجرة, بحثا عن أمان ولقمة عيش, بعيداً عن المحاصصة والصراع السياسي, ويوميات الموت وديناصورات الفساد, التي مازالت تعبث بمقدرات البلاد, وتأكل الاخضر واليابس.
واقع صحي بائس, وخدمات طبية معدومة, واقع تعليمي متردي, ومدارس طينية تملأ البلاد في القرن الواحد والعشرين, وبوادر هجرة جماعية, وحرب مستعرة على السواتر, وقضاء معوج , أغتيالات ومفخخات, 3 ملايين أرملة, 6 ملايين أمي لا يعرف القراءة والكتابة, 4 ملايين يتيم.
جرحى الحشد الشعبي يفتقرون لأبسط المستلزمات الطبية, والبطالة تفتك بالخريجين وجوع دفع الأيتام لترك المدارس, وأفتراش الأرصفة, والتقاطعات بحثا عن رغيف الخبز, ومظاهرات حبيسة التحرير, لم تجد آذانا صاغية من قبل أصنام السلطة, وسنين عجاف تعصف بالبلاد والعباد, تلك صورة تختصر الوجع العراقي, بسطور قليلة, رغم هذا كله يعكف مجلس النواب العراقي على تشريع قرارات, تكشف عن حجم الهوة بين الشعب والنواب والحكومة.
أبرز منجزات البرلمان لهذا الأسبوع قانون يتعلق بالحيوانات الفطرية المهاجرة!! وآخر يتعلق بالضوضاء!
تلك القرارات تبدو للوهلة كأنها تخص البرلمان السويسري, أو الأمريكي أو أي من الدول الأوروبية المترفة, لو لا أن وسائل الأعلام أشارت ألى أن البرلمان العراقي هو من شرع هذه القوانين,( ما عرف مشاكل العراق خلصت بقت بس الضوضاء والحيوانات مهاجرة؟ )
بعد أن أفاق الشارع العراقي من صدمة أستيعاب التشريعات الجديدة, غصت مواقع التواصل الأجتماعي والفضائيات بمواضيع ساخرة, تتعلق بتلك القوانين الغريبة, التي ربما لم يطلع على فحواها معظم أعضاء مجلس النواب!
تلك القوانين وصفت بأنها أغرب تشريعات صدرت من البرلمان, منذ تأسيسه حتى الآن, فبينما يناقش البرلمان قانون الحيوانات الفطرية المهاجرة, وحمايتها ينسى أو
يتناسى الآف المهاجرين من العراقيين, الذين أصبح جزء كبير منهم طعاما للأسماك بينما يواجه من نجا منهم لعنة هنغاريا, والمصير المجهول في أرض الغربة.
لم يخصص مجلس النواب جلسته تلك لمناقشة أوضاع جرحى الحشد الشعبي, أو قانون يتعلق بحماية الأيتام ,ومعالجة أسباب هجرة الشباب, أو أنصاف الخريجين, أو أنصاف ذوي شهداء سبايكر, أو محاربة الفساد, بل أرتأى أن يخصصها للحيوانات المهاجرة! ربما لأن قضايا الشعب العراقي من أختصاص مجلس العموم الكندي!
بعد أن تمكن البرلمان الموقر من حماية الحيوانات المهاجرة, من المؤمل أن يصدر قانونا لتهجير الشعب, حتى يتسنى للمجلس, توفير الأجواء الملائمة الحيوانات, في جو خال من الضوضاء, بعد أن يتحول العراق لمحمية طبيعية للحيوانات!