23 ديسمبر، 2024 1:54 م

مجلس النواب بدورته الحالية .. التسارع في الحضور وأداء اليمين الدستوري للخدمة أو للتمتع بالامتيازات ؟

مجلس النواب بدورته الحالية .. التسارع في الحضور وأداء اليمين الدستوري للخدمة أو للتمتع بالامتيازات ؟

يلاحظ بان مجلس النواب الحالي يختلف عن المجلسين السابقين للدورتين الانتخابيتين السابقتين من حيث حرصه على عدم تفويت يوما واحدا للحصول على كامل امتيازاته التي نصت عليها التشريعات الصادرة بهذا الخصوص , فبعد أن أنهت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات من إعداد القوائم بأسماء الفائزين , قامت بإحالة الموضوع إلى المحكمة الاتحادية لغرض المصادقة النهائية على الأسماء , والمطلع على الدستور العراقي يعلم بأنه لايوجد وقت محدد للمحكمة الاتحادية في تدقيق أسماء الفائزين والبالغ عددهم 328 وقد توقع البعض بان هذا الموضوع سيستغرق أسابيع لأنه يتطلب مراجعة الدعاوى المقدمة ضد الأعضاء الفائزين ودراسة القيود الجنائية وتصنيفها وتحديد المراحل التي وصلت إليها , ولكن المحكمة الاتحادية لم تستغرق أسبوعا واحدا لتعلن بأنها دققت جميع الأسماء ولم تعترض إلا على أربعة أسماء لوجود دعاوى ضدهم وبضمنهم العضو سليم الجبوري والذي حسم موضوعه خلال يومين هو الأكثر حظا اليوم لان يكون رئيسا لمجلس النواب , ونظرا لانتهاء المحكمة من قرارها فقد أحالت الموضوع إلى رئاسة الجمهورية , وبموجب الدستور أيضا فان على رئيس الجمهورية إصدار مرسوما جمهوريا بدعوة أعضاء مجلس النواب للاجتماع خلال فترة 15 يوما , ويا سبحان الله لم يتأخر نائب رئيس الجمهورية ( الذي حل محل رئيس الجمهورية لغياب جلال الطالباني ) من تأخير ذلك ساعة واحدة حيث حدد يوم 1/ 7 / 2014 موعدا لانعقاد الجلسة الأولى لمجلس النواب , ورغم الخلافات الشاسعة بين الكتل في المجلس وصعوبة الوصول برا إلى بغداد بسبب الأوضاع السائدة في بعض المحافظات فقد انعقدت الجلسة الأولى بموعدها المحدد وبدون أية صعوبات بحضور 277 عضوا , وهذا العدد في الحضور ربما سوف لا نسمع عنه خلال الأربع سنوات القادمة من حيث كثافة حضور الأعضاء ولكنه حصل بالفعل , والسبب إن الجلسة الأولى تخصص بترديد القسم من قبل الأعضاء بحضور اكبر الأعضاء سنا , ومن فوائد ترديد القسم انه يعني بداية منح الامتيازات للأعضاء , فبعد أداء القسم يتم إصدار الأمر الديواني بالمباشرة واستحقاق الرواتب والمخصصات والمكافآت وأجور الحمايات , وبعد القسم يتم تسليم باجات الدخول للمنطقة الخضراء والهويات الخاصة بالأعضاء , وبعد القسم يتمتع العضو بالحصانة القانونية التي نص عليها الدستور, وبعد القسم يتم استلام المنحة المالية التي يقال إنها 100 مليون دينار , وبعد القسم يتم استلام السيارات والأسلحة والتجهيزات وتعيين الحمايات وجميع الامتيازات الأخرى التي نصت عليها التشريعات النافذة , ومن المفارقات التي حصلت بعد انعقاد الجلسة الأولى إن الرئيس منح استراحة لمدة نصف ساعة فذهب اغلب الأعضاء أما ( زعلانين ) أو لانجاز المعاملات والإجراءات التي تم عرضها عن الامتيازات , وبعد انتهاء مدة الاستراحة غاب النصاب القانوني فعدد الحضور في الجلسة اقل من 165 أي إن أكثر من 120 عضوا غادروا المجلس بعد أدائهم القسم وبداية تمتعهم بالامتيازات , وقد حصلت مشكلتين الأولى هي دستورية ووطنية وتتعلق بانتخاب رئيسا لمجلس النواب ونائبيه ليحل الرئيس المنتخب بدلا من الرئيس الأكبر سنا حيث إن المحكمة الاتحادية أصدرت فتوى بوجوب اختيار الرئيس في الجلسة الأولى من باب إحراج الأعضاء والتسريع بانتخاب الرئيس , أما المشكلة الثانية التي حصلت فهي حضور الأعضاء الذين تخلفوا عن الحضور في بداية الجلسة حيث ابدوا رغبتهم في أداء القسم ولكن الدستور نص على أن يكون أداء القسم بجلسة رسمية أي عندما يتحقق النصاب وهو النصف زائد واحد , ولم يستطع الأعضاء من أداء القسم مما سبب امتعاضهم لأنهم سوف لا يتمتعون بأية امتيازات إلا من تاريخ أداء القسم , وقد أصيب رئيس المجلس المؤقت بحرج من هذا الموضوع أيضا حيث حاول إيجاد مخرجا لأداء القسم من قبل الذين حضروا لاحقا ولكنه لم يجد مخرجا , ولغرض التوفيق بين الموضوع الأول والثاني فقد قرر تأجيل الجلسة لمدة أسبوع واحد , وخلال فترة الأسبوع دارت سجالات عديدة حول كفاية أو عدم كفاية الأسبوع في التأجيل ومدى شرعية التأجيل , وكان الرئيس يحاول التوازن بين أمرين الأول هو انعقاد الجلسة لانتخاب رئيسا للمجلس لكي يتخلص من هذه المهمة الثقيلة والثاني هو ضمان تحقق النصاب لغرض تأدية ما تبقى من الأعضاء لليمين الدستورية , فرغم إن الجلسة الأولى حضرها 277 إلا إن عدد أعضاء المجلس هو 328 مما يعني أن 51 عضوا لم يرددوا القسم , ولكن إرادة الكتل ذهبت إلى خارج إرادة الدكتور مهدي الحافظ وهو رئيس المجلس الأكبر سنا حيث وجدت تلك الكتل بان مدة الأسبوع غير كافية للاتفاق على ما يجب الاتفاق عليه وسط الخلافات , مما اضطره لإصدار بيانا لاحقا بان يكون موعد الجلسة القادمة بعد عطلة عيد الفطر بتاريخ 12 / 8 /2014 , ولكن بعض الأعضاء اعترضوا على هذا التاريخ ووجوده بعيدا وانه يضر بمصلحة البلد وهددوا برفع الأمر إلى المحكمة الاتحادية , وبناءا على مشاورات لاحقة أجريت بهذا الخصوص مع قادة الكتل الفائزة فقد تم الاتفاق على أن يكون موعد انعقاد الجلسة الثانية في يوم الأحد المصادف 13/ 7 , وكان الجميع يعتقد بان هذه الجلسة ستكون حاسمة لاختيار الرئاسات الثلاثة ( مجلس النواب , رئاسة الجمهورية , رئاسة مجلس الوزراء ) أو لاختيار رئيس مجلس النواب ونائبيه على الأقل , ولكن الجلسة انعقدت وحضرها 255 عضوا وتم فيها انجاز ما يتعلق بأداء القسم لمن لم يؤدوه في الجلسة الأولى وخرجت الجلسة خالية الوفاق من خلال الاتفاق على أن يكون موعد الجلسة القادمة يوم الثلاثاء 15/7 , ويتضح من خلال انعقاد الجلستين بان الغرض الأكثر أهمية من انعقادهما ربما كان لأداء القسم لغرض أن يبدأ الأعضاء التمتع بامتيازاتهم , أما المصالح الوطنية وحسم الملفات المهمة ومنها تحديد الرئاسات الثلاث ونوابهم ومعالجة وضع البلد الذي يتواجد فيه مئات الآلاف من النازحين , وبعض المحافظات غير معروفة المصير وبغداد مهددة باعتداءات الدواعش ومن يتحالف معهم فإنها مؤجلة فهناك أربع سنوات من عمر البرلمان لحلها , أما كيف عرف بعض أعضاء مجلس النواب الطريقة للالتزام بالمواعيد والحصول على الامتيازات الدستورية بتوقيتاتها دون أي تأخير فان هذا ما يسمونه ( حرفنة ) لان البعض من هؤلاء النواب قد استمروا في أكثر من دورة وتراكمت لديهم الخبرات في حسم الأمور سريعا فيما يتعلق بالامتيازات , ونذكر بالمادة 50 من الدستور التي تنص على القسم الذي يؤديه كل عضو في مجلس النواب والذي يمثل التزاما شرعيا ووطنيا وأخلاقيا للقيام بالمهمات المنوطة بعضو مجلس النواب والذي يجب أن تسمو على أي امتياز مادي أو معنوي )اُقسم بالله العلي العظيم ، أن أؤدي مهماتي ومسؤولياتي القانونية، بتفانٍ وإخلاص ، وان أحافظ على استقلال العراق وسيادته ، وأرعى مصالح شعبه ، وأسهر على سلامة أرضه وسمائه ومياهه وثرواته ونظامه الديمقراطي الاتحادي ، وان أعمل على صيانة الحريات العامة والخاصة ، واستقلال القضاء ، والتزم بتطبيق التشريعات بأمانة وحياد، والله على ما أقول شهيد ( .