بعد تشكيل الحكومه في عام 2010 , وبعد ان عقد البرلمان
جلساته الأولى , وجهت لي الدعوة بصفتي مديراً عاماً لشبكة الاعلام العراقي ,
ولم يكن لدي فكره عن طبيعه هذا المؤتمر, ولكني فوجئت و انا في قاعه المؤتمر ان المطلوب مني القاء محاضره عن كيفيه تعامل البرلماني مع وسائل الاعلام .
كان عدد الحضور كبير جداً وقد شمل جميع البرلمانيين الجدد في ذلك الوقت, وقد طلبتُ من مدير الجلسه ان اكون اخر المتحدثيين اذ شاركني في هذهِ الجلسه الزميلين عماد الخفاجي والدكتوره اراده الجبوري , اللذان استعرضا الجانب الاكاديمي من الموضوع بشكل رائع .. وسرعان ما اكتشفت السؤال الذي يودون طرحه وهو الذي جاء بهم الى القاعه وجعلهم ينتظرون كل هذا الوقت, الامر الذي دعاني الى تحفيزهم الى طرحه بعد ان عجز البعض عن صياغته بالشكل الواضح , ولكن اخيرا استطاعت احدى النائبات طرح السؤال بشكل واضح جدا دون لف ودوران .
قالت النائبه : مضى علينا اكثر من شهر ولم نظهر من اي شاشة فضائيه.. مازالت الفضائيات تتعامل مع النواب السابقين ..مالسبب ؟كيف ومتى نظهر؟
ارتفعت اصوات الحاضرين بالتأييد؛وقلت مع نفسي الحمد لله اخيراً افصحوا عما لديهم …وسرعان ما افصحت عن رأيي بهذا الموضوع واكدت امام الحاضرين ان النائب الفاعل هو ليس الاكثر ظهوراً في الفضائيات ؛وان الظهور في وسائل الاعلام وخاص القنوات الفضائية سلاح ذو حدين ؛وان الفضائيات بشكل عام والفضائيات العراقية بشكل خاص تعطي لمن يظهر فيها طابعاُ خاصاً قد يتقاطع مع توجهاته الحقيقية ..وان الوضع السياسي في العراق يتأثربكلمة واحدة تصدر من اي نائب وليس بجملة…وان النائب الذي يسعى للظهور من الفضائيات سيكون طرفاُ مباشراً في الأزمات …وتساءلت ايضاً لماذا يسعى بعض النواب الى الظهور من شاشات الفضائيات وبشكل يكاد ان يكون يومياً؟
واجبت عن السؤال بسؤال اخر؛هل ان نجاح البرلماني يقاس بحجم ظهوره الاعلامي؟وهل يحسب اي نجاح لمجلس النواب لهولاء الذين يسعون للظهور؟
ان نجاح البرلماني انما يكمن في عمله داخل اللجان اولاً اذ تشكل المطبخ الحقيقي للقوانين ؛وفي جلسات البرلمان ثانياً .وان اي نجاح لمجلس النواب انما يعني نجاح لجميع الاعضاء.
شعرت ان كلامي هذا لم يلق صدىً مناسباً لدى اغلب الحاضرين في القاعة؛وعندها قلت مع ذلك فأنني اوجه قناة العراقية وهي حاضرة الان في القاعة ان تجري لقاءات مع من يرغب من الأعضاء الجدد.
والان وبعد ظهور نتائج الانتخابات ما اكثر الاعضاء اللذين لم ينجحوا فيها رغم انهم كانوا يسكنون الفضائيات ليلاً ونهارا؟وماهي الصورة الاخيرة التي تركوها في ذهن المواطن؟لماذا تصاعدت المطالبة بتغيير الوجوه قبل الانتخابات؟
واذا استطاع البعض من هؤلاء النواب الذي كان همهم الاول والاخير الظهور الاعلامي فقط ان ينجح في الانتخابات ويكون عضواً في البرلمان الجديد فأنا ادعو البرلمانيين الجدد لمراجعة عدد الاصوات التي حصل عليها كل من هؤلاء؟
فمن من هؤلاء استطاع ان يتخطى باصواته العتبة الانتخابية وكم منهم من لم يصعد بلاعتماد على اصوات وليش الكتلة؟
اسئلة وحقائق كثيرة اتمنى على النواب الجدد ان يضعوها نصب اعينهم؛وان يكون عملهم الحقيقي ومطالباتهم بحقوق جماهيرهم داخل قبة البرلمان وليس خارجها ومن هنا يبدأ النجاح الحقيقي….