صحيح ان العراق ينتمي الى حواضن الدول النامية التي تحكمها مجموعة الاعراف القبلية وحزمة الانظمة المجتمعية ،لكنه يمتلك ارثا قيميا واخلاقيا يستمده من نواميس الحياة المنبثقة من جوهر الاسلام المحمدي ليكون لها قاموس في التعاطي مع الواقع بروح العدل والمساواة والدفع باتجاه ان يكون العدل اساس الملك ،والتي يكون الانسان في اسوارها غاية تهون دونه الغايات لما يمتلكه من موجبات الاهمية مثلما يمتلك الى خزين من الموروث القضائي الوضعي المتجلي بمسلة حمورابي التي تعتبر اليوم واحدة من اهم ركائز حضارته كونها وضعت حدود المشتركات بين المجتمع وحدود الحقوق الفاصلة بينهم على اساس المساواة التي من خلالها تتعايش الشعوب بثوابت الحياة المتجلية بطرائق العيش وادوات السلوك والذي تفتقده الكثير من مجموعة الدول التي تنتسب الى مايسمى بعصرنة الحداثة والتي تكونت بظروف قدرية اجتمع في حدودها الناس من شتات الارض ومن حواضن المجهول لايلتقون ببعضهم باي مشترك مجتمعي ولاروبط اخلاقي ،ومادفعني الى البحث في هذا المجال ان العراق اليوم تطوى صفحاته المشرقة من ارثه الثقافي وخزينه القضائي لينحدر الى متاهة الضياع التي او جدها ساسة (آخر وكت) الذين استبدلوا مواثيق العهد المقدس بالتوافقات السياسية ونظرية الدين بالطائفة ونظرية المواطنة بحدودها التامة بالمناطقية المقيتة ونظرية الموروث القيمي بالتحزب ،المؤسف في الامر ان السجالات التي تشهدها الساحة السياسية العراقية تنسحب الى تازيم الشارع العراقي وتخرجا من اطارها الرسمي والاداري الى الفضاء الاثني والعرقي والطائفي والذي سيجر الشعب الى متاهة الضياع وسيعيده الى تلك السنين العجاف التي لاتزال احزانها شاخصة في اذهاننا جميعا والتي نحر على اعتابها آلاف الشهداء والجرحى والمعاقين وسيكون الجميع في مرماها الاهؤلاء الساسة الذين تطربهم صرخات الاطفال وتنتشيهم مشاهد الخراب والدمار التي حلّت بنا جميعا ،كانت القلوب تخفق فرحا لقرب اعياد الميلاد التي ستكون لها نشوة النصر بخروج القوات المحتلة الى اعقابها لتتطهر ارض الانبياء والاولياء من جديد ولتنتصر كرامة العراق بعد ان كانت حبيسة الذل والهوان ولكن الرياح سارت بما لاتشتهي سفننا المرابطة حتى تفجرت ازمة تنذر باحراق الاخضر باليابس وآفاقها يهلك الحرث بالنسل ،ولذلك ادعوا من نامت ضمائرهم في دفيء السحت الحرام وشاعرية ليالي السمر ان يستفيقوا من تلك الغفلة التي ستحصد الجميع وستلقي بعباد الله الى درك الحظيظ وان يتركوا القضاء يقول كلمته الفصل كيف لا وهو السلطة الوحيدة المتبقية التي نعول عليها جميعا في دفع الضر عنا بعد ان بانت تخبطات السلطات الاخرى وان نترك مالله لله ومالقيصر لقيصر وان يترفع الجميع عن الدفع باتجاه تازيم الشارع كون المشهد معقدا للغاية ولايحتمل التاويل وان يسترشد الجميع ببلاغة القانون السماوي في فض النزاعات وان نقتدي بولاة امرنا في درء الشر عن وطننا الحبيب ولنجعل القضاء يعمل بما يمتلكه من موروث يرتقى الى ماتتطلبه نواميس الحياة البعيدة عن نرجسية السياسيين والدخلاء على متاريسها
مثلما ندعوا ابناء شعبنا الى اليقضة والحذرمن دعوات الساسة التي تدفع باتجاه الاحتراب الطائفي وجر البلد الى التقسيم واملنا كبير بشعبنا ان يتعاطى مع الموضوع بما تقتضية الحكمة (المؤمن لايلدغ من جحر مرتين) لان اللدغة الاولى لاتزال آثارها في اجسادنا بعد والله من وراء القصد