تكاد تحرص جميع دساتير الدول على النص على استقلال القضاء و إن اختلفت في أساليبها إدراكا منها بضرورة إيجاد هيئة قضائية مستقلة تكون لها كلمة الفصل في حل المنازعات التي تنشا بين الإفراد فيما بينهم أو مع السلطات في الدولة و بعد التغيير الحاصل في العراق بعد عام 2003 أعيد تشكيل مجلس القضاء الأعلى و استقل القضاء عن السلطة التنفيذية و أعيدت له مكانته و استقلاليته بإنهاء سيطرة وزارة العدل علية و رفع قيودها عنة و منحة الصلاحيات الكافية لينهض بشؤونه و ترسخ استقلال القضاء العراقي في الدستور العراقي النافذ لعام 2005 و الذي تناول استقلال القضاء في ثلاثة مواضع الأول حق التقاضي و باعتباره من الحقوق التي تم ذكرها في الفصل الأول من الباب الثاني المتعلق بالحقوق و الحريات ونصت المادة(19) على إن القضاء مستقل لا سلطان علية لغير القانون مما يعني إن القضاء مستقل وحق المواطن في مراجعة المحاكم بمقتضى الدستور و الثاني بوصفة جزءا من اليمين الدستورية في المادة (79) من الدستور المتعلقة بأداء كل من رئيس و أعضاء مجلس الوزراء اليمين إمام مجلس النواب مما يعني أي تدخل أو خرق لاستقلال السلطة القضائية يمكن إن يقع من أعضاء الحكومة بدءا برئيس الجمهورية و مرورا برئيس الوزراء و انتهاء بالوزراء يعد حنثا باليمين الدستورية و الثالث بوصف القضاء سلطة مستقلة قائمة بذاتها في الفصل الثالث تحت عنوان السلطة القضائية إذ نصت المادة (87) من الدستور العراقي على إن السلطة القضائية مستقلة والمادة(88) و الذي نصت على إن (القضاة مستقلون لاسلطان عليهم في قضائهم لغير القانون و لا يجوز لأية سلطة التدخل في الفضاء أو شؤون العدالة) و بهذا يكون دستور 2005 قد أكد الاستقلال الحقيقي للقضاء العراقي و بذلك أعيد للقضاء استقلاله في العراق بنزع ولاية الحكومة عنة و أسس مجلس القضاء الأعلى لمبادئ استقلال القضاء من خلال مبادا أساسية و في مقدمتها حياد القضاء العراقي و ابتعاد القضاء العراقي عن التسيس أو التدخل في العمل السياسي و الوقوف على مسافة واحدة من جميع الإطراف استنادا للدستور و القانون و لم تحدث حالات تدخل من الحكومة أو تدخل من الكتل السياسية أو الأحزاب في التأثير في القضاة أنفسهم في اتخاذ القرارات أو الإحكام القضائية عن طريق التدخل في القضايا المدنية أو الجزائية أو الامتناع عن تنفيذ الإحكام القضائية أو التدخل في العمل القضائي أو التأثير في الخصوم و في ظل الدستور العراقي النافذ فقد أناط رئاسة السلطة القضائية إلى رئاسة مجلس القضاء الأعلى و يرأس المجلس رئيس محكمة التمييز الاتحادية و قد ترأس القضاء العراقي شخصية قضائية ملمة بشؤون القانون و القضاء و أناط شؤون القضاة بالسلطة القضائية وعدم تغلغل أي طرف من الحكومة و عدم إناطتها برئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء و إن مجلس القضاء الأعلى لا يتدخل في حرية القاضي في اتخاذ القرار القضائي وفق القانون لان المشرع العراقي قد رسم طرقا للطعن في القرارات و الإحكام القضائية و دور الادعاء العام في مراقبة المشروعية و لايحق لأي جهة التدخل في القضاء أو في القرارات القضائية و إن الدستور العراقي قد منع القاضي و عضو الادعاء العام من الانتماء إلى الأحزاب السياسية أو المشاركة في العمل و النشاط السياسي أو الحزبي وذلك بموجب المادة (98 ) الدستور العراقي يحظر على القاضي و عضو الادعاء العام الجمع بين الوظيفة القضائية و الوظيفة التشريعية و التنفيذية أو أي عمل أخر أو الانتماء إلى أي حزب أو منظمة سياسية أو العمل في أي نشاط سياسي إن القضاء العراقي نهض بمسؤولية كبيرة في ظل ظروف الإرهاب الجريمة المنظمة و اصدر القضاء العراقي قراراته الشجاعة في قضايا الإرهاب و التي صادقت عليها محكمة التمييز الاتحادية و خصوصا في قضايا الإعدام و تحمل مجلس القضاء الأعلى المسؤولية التاريخية في محاربة الفساد الإداري و المالي من خلال محاكم التحقيق المختصة بنظر قضايا النزاهة و تحمل القضاة ملفات الفساد الضخمة و اصدر القرارات بعيدا عن الانحياز لهذا الطرف أو ذاك حيث وضع القضاة تحقيق العدالة نصب أعينهم و كان للمحكمة الاتحادية العليا باعتبارها المحكمة الدستورية الدور الفعال في ترسيخ احترام الدستور و سيادة القانون بعيدا عن التأثيرات السياسية فكانت قراراتها وفقا للدستور و إن القاضي ينظر في الدعوى بعيدا عن انتماء إطرافها إلى الأحزاب أو التيارات السياسية و إن القضاء العراقي هو جهة محايدة و تفصل في النزاعات و إن كانت السلطة التنفيذية احد إطرافها و إن القضاء العراقي أصبح سلطة قائمة بذاتها تقف على قدم المساواة مع السلطتين التشريعية و التنفيذية و إن القضاء العراقي كان و لايزال على قدر عال من القوة و المسؤولية في قيامة بدور الحكم بين السلطات لحل الأزمات و هو بعمل جاهدا على حماية حقوق الإفراد و حرياتهم ليكون ملاذا للمظلوم و معلما من معالم سيادة القانون .